لم نجد في نصوص قانون الجمعيات 1922 اية اشارة الى نظام وقف الحزب بالطريق الاداري، اما حل الحزب (الالغاء) فقد اشار اليه هذا القانون، ومنح حق ايقاعه لوزير الداخلية وذلك بمقتضى م (10) التي نصت على ان ((لوزير الداخلية …. وله ان يبطل الرخصة اذا تعاطت الجمعية احد الامور الممنوعة في المادة الرابعة على ان يكون للجمعية حق الاعتراض على ذلك ورفعه الى مجلس الوزراء)). وقد شهدت فترة نفاذ هذا القانون صدور مرسوم الادارة العرفية رقم (18) لسنة 1935 الذي منح الادارة سلطات واسعة في حل الاحزاب السياسية ، حيث اجاز القانون لقائد القوات العسكرية منع اية جمعية وحلها بالقوة(1). وعلى الرغم مما تستوجبه الظروف الاستثنائية من تدابير واجراءات للمحافظة على كيان الدولة وسلامتها الا ان ذلك لا يعني منح الادارة الحق في حل جميع الاحزاب السياسية، ونرى ان تطال اجراءات الحل الاحزاب السياسية التي تنطوي فعالياتها على تهديد حقيقي للنظام العام في الدولة. اما مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954(2). فقد اشار الى حل الاحزاب السياسية دون وقفها وذلك في الباب الثالث منه الذي حمل عنوان ((في حل الجمعية)) حيث نصت م (17) على ان ((لوزير الداخلية ان يحل الجمعية في احدى الحالات الآتية:

أ. إذا مضى على انشائها سنة واحدة ولم تباشر اعمالها المنصوص عليها في نظامها.

ب. إذا خالفت الغرض المؤسسة من اجله في اعمالها او في مقرراتها.

ج. إذا قامت بعمل يؤدي الى الاخلال بالأمن العام او الآداب او قاومت تنفيذ احكام القوانين او استعملت الاكراه او العنف ضد الاخرين لحملهم على تأييدها او اتت أي عمل من شأنه تحقيق أي من الأغراض المنصوص عليها في م (3) من هذا المرسوم.

د. اذا خزنت الاسلحة النارية او الجارحة او المواد المتفجرة او المفرقعة (عدا ما كان منها للتسلية) في مركزها او في مركز احد فروعها ….))

وقضت م (19) بالزام وزير الداخلية باعلان قرار الحل في الصحف المحلية فور صدوره. فيما منحت م (20) ف (أ) الجمعية حق تمييز قرار وزير الداخلية بحلها لدى مجلس الوزراء خلال (15) يوما من تاريخ الاعلان ويكون قرار المجلس قطعيا. وتبنى قانون الجمعيات رقم (63) لسنة 1955 ذات الاحكام الواردة في مرسوم الجمعيات رقم (19) لسنة 1954(3). اما قانون الجمعيات رقم (1) لسنة 1960 فلم يشر الى نظام وقف الحزب، ومنع وزير الداخلية من حل الاحزاب بالطريق الاداري وحصر ممارسة هذا الاجراء بالقضاء في حالات محددة تضمنتها م (26) التي نصت على ان ((يجوز حل الجمعية بقرار من محكمة بداءة المحل بناء على طلب يقدم من وزير الداخلية او من يخوله بتقديم الطلب وذلك في الحالات الآتية:

1. إذا مضى على تأسيس الجمعية سنة واحدة ولم تباشر اعمالها المنصوص عليها في نظامها او انقطعت عن ممارسة اعمالها المدة المذكورة بدون اسباب تبرر ذلك.

2. اذا خالفت في فعالياتها الأغراض المدرجة في المادة الرابعة من هذا القانون او الوسائل المدرجة في المادة السابعة منه(4).

3. اذا اصبحت الجمعية عاجزة عن الوفاء بتعهداتها او خصصت اموالها او ارباح اموالها لأغراض غير التي انشئت من اجلها.

4. اذا خزنت الاسلحة النارية او الجارحة او المواد القابلة للانفجار او المفرقعة في مركزها او مركز احد فروعها وتستثنى من ذلك الجمعيات الرياضية ….))

واشترطت م (27) ف (1) ان يستند طلب الحل الى وقائع مادية تكوِّن احدى المخالفات المشار اليها في م (26) على ان تنظر المحكمة في الطلب بصفة مستعجلة مع اعلان القرار في الصحف المحلية فضلا عن اجازتها للطعن تمييزا لدى الهيئة العامة لمحكمة التمييز خلال اسبوع واحد من تاريخ اعلانه وعلى الهيئة العامة ان تبت به خلال (15) يوما. ولا شك في ان الاحكام التي تقدم ذكرها تمثل ضمانات اكيدة للاحزاب السياسية على مستوى النصوص القانونية بالمقارنة مع ما سبقها من احكام . وشهدت فترة نفاذ هذا القانون صدور قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965 الذي منح رئيس الجمهورية حق حل الجمعيات والنوادي والنقابات اذا ثبت انها تمارس نشاطا من شأنه الاخلال بالأمن العام، او انها تعمل لصالح دولة اجنبية او تعتمد ماليا عليها ، او تقوم ببث التفرقة بين صفوف الشعب واثارة الفتن والعصيان في البلاد(5). ومثل قانون الاحزاب السياسية رقم (30) لسنة 1991 تراجعاً في مستوى الضمانات الممنوحة للاحزاب السياسية في مواجهة الادارة بالمقارنة مع الاحكام التي تضمنها القانون رقم (1) لسنة 1960 . فقد منح قانون الاحزاب السياسية النافذ للادارة ممثلة بمجلس الوزراء صلاحية حل الاحزاب السياسية حيث نصت م(27) على ان (( لمجلس الوزراء ان يقرر حل الحزب السياسي في احدى الحالات الآتية :

اولاً : اذا لم يبلغ عدد منتميه خلال سنتين من تاريخ تاسيسه الفي منتم مسجلين في سجل المنتمين للحزب .

ثانياً : اذا ثبت قيامه باي نشاط يهدد امن الدولة ووحدة اراضيها وسيادتها واستقلالها ووحدتها الوطنية .

ثالثاً : اذا ثبت قيامه بتشكيل تنظيمات عسكرية او شبه عسكرية .

رابعاً : اذا ثبت قيامه بعمل من شأنه الاعتداء على حقوق وحريات الاحزاب الاخرى والتنظيمات المهنية والشعبية.

خامساً : اذا ثبت تدخله في الشؤون الداخلية لاي دولة عربية او اجنبية بما يضر المصلحة العليا للعراق .

سادساً : اذا ثبت قيامه بخزن الاسلحة الحربية او النارية او المواد القابلة للانفجار والمفرقعة في مقره او احد مراكز فروعه او أي محل اخر .

سابعاً : اذا لجأ الى استخدام العنف في ممارساته السياسية .

ثامناً : اذا كرر الحزب بعد تنبيهه مخالفته لاحكام البند (ثانياً) من المادة (17) (6). او البند (ثانياً) من المادة (18) من هذا القانون )) .

والملاحظ على هذا النص ان حالات حل الحزب السياسي الواردة فيه يرتبط بعضها بنواحٍ تنظيمية في حين يتصل البعض الآخر منها بالمبادئ الديمقراطية التي تقضي بتبني الوسائل السلمية ونبذ العنف في الميدان السياسي . وعلى الرغم من ان م(30) من القانون قد نظمت حق الطعن في قرارات مجلس الوزراء لدى الهيئة العامة لمحكمة التمييز خلال (30) يوماً من تاريخ التبليغ بالقرار ، الا ان ضمان وجود الاحزاب السياسية وحريتها في ممارسة نشاطها يتحقق بشكل كامل اذا ما منح القضاء صلاحية حلها بعيداً عن الادارة . ومن الجدير بالملاحظة ان القانون لم يتضمن الاشارة الى الاحكام المنظمة لاوضاع الحزب السياسي في الفترة الواقعة بين صدور قرار الحل من مجلس الوزراء وبين البت بالطعن من قبل الهيئة العامة لمحكمة التمييز .

____________________________________________

1- م (14) ف (8) من المرسوم ، وقد شهد عام 1935 الغاء جميع الاحزاب أبان وزارة ياسين الهاشمي ولم يسمح بتشكيلها بشكل رسمي حتى عام 1946.

وعلى اثر اعلان الاحكام العرفية في عام 1953 وقيام قائد القوات العسكرية بحل الاحزاب حسب الصلاحية الممنوحة له بموجب م (14) ف (8) قدم حزب الاستقلال مذكرة الى رئيس واعضاء ديوان التفسير الخاص في 28/9/1953 تضمنت الطعن بعدم قانونية قرار الحل، وعادت الاحزاب على اثر ذلك الى ممارسة نشاطها في 30/9/1953، وقد جاء في هذا القرار ما يأتي ((ان المراد في عبارة (منع أي ناد او جمعية) هو اصدار الامر بايقاف اعمال النادي او الجمعية لضمان عدم قيام ذلك النادي او تلك الجمعية بنشاط قد يخل بالأمن العام أما (الحل بالقوة) فهو عمل مادي يراد به استخدام القوة تنفيذا لأمر المنع ويشمل تفريق الاجتماعات الخاصة او العامة التي ينظمها النادي او الجمعية واخراج المجتمعين من محل الاجتماع، اما الحل بمعنى انهاء الشخصية المعنوية للنادي او الجمعية وتصفية ممتلكاتها فلا يدخل ضمن نطاق هذه النصوص التي تهدف الى اتخاذ تدابير احتياطية لصيانة الامن العام فقط …))

لمزيد من التفصيل ينظر: د. عبد الامير هادي العكام، المصدر السابق، ص283-284.

كذلك : د. فاروق صالح العمر ، المصدر السابق، ص8-9.

2- صدر هذا المرسوم مع جملة من المراسيم المقيدة للحريات العامة أبان تولي ((نوري السعيد)) رئاسة الوزارة عام 1954، وقد ادى ذلك الى احتجاج كل من حزب الاستقلال والحزب الوطني الديمقراطي والمطالبة بإلغائها ، وعلى اثر احتجاج الحزب الوطني الديمقراطي الشديد اللهجة قررت وزارة الداخلية حله وسحب اجازته بتاريخ 2/9/1954.

ينظر: د. عبد الامير هادي العكام، المصدر السابق، ص299-302.

3- م (18) و م (20) و م (21) ف (أ) من قانون الجمعيات رقم (63) لسنة 1955.

4- نصت م (7) على ان ((على الجمعية ان تتوسل لتحقيق اغراضها بالوسائل السلمية الديمقراطية وفق احكام الدستور والقوانين المرعية)).

5- م (4) ف (6) من قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965.

6- ينص البند (ثانيا) من م(17) على ان (( يحظر الحزب السياسي اقامة علاقة مباشرة او غير مباشرة مع اية جهة حكومية في دولة اخرى ويعاقب المخالف بالسجن المؤبد)) .

المؤلف : ميثم حنظل شريف
الكتاب أو المصدر : التنظيم الدستوري والقانوني للاحزاب السياسية في العراق

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .