إن القاعدة في القانون أن كل خطأ يلحق ضرراً بالغير ، يلزم فاعله بالتعويض(1). وأن القاضي بشر قد يرتكب خطأ نتيجة عمله في القضاء يستلزم تعويضاً للخصم الذي لحقه ضرر من عمله ، والحقيقة أنه لا يمكن تطبيق هذه القاعدة في مجال عمل القاضي ، لأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى أن يكون القاضي عرضة لكثير من دعاوى المتقاضين الذين يعتقدون بأنه – أي القاضي – أهمل في أداء واجبه أو ارتكب خطأ ، ما دام أن حكمه في غير صالحهم(2).

ولو ترك القاضي تحت تهديد دعاوى الخصوم فإن ذلك سوف يكون ماساً باستقلاله ، عند إصدار أحكامه ، فضلاً عن شغل وقت وجهد القاضي في الدفاع عن نفسه في هذه الدعاوى مما يؤدي إلى تعطيل عمله(3). لذلك لم يرد المشرع أن يترك القاضي ، مسؤولاً مسؤولية مدنية عن أي خطأ يرتكبه في أثناء أداء وظيفته ، شأن سائر موظفي الدولة(4).

غير أن ذلك لا يعني عدم مسؤولية القاضي ، وحصانته مطلقاً ، لأن إعفاءه من المسؤولية ، حتى لو حلت مسؤولية الدولة بدلاً عنها ، يؤدي إلى إهمال القاضي في أداء عمله بصورة صحيحة لعدم مسؤوليته الشخصية(5).

وقد عملت التشريعات على إيجاد موازنة ، تقوم على أساسين مفادهما :

أولاً . تقرير نظام خاص يكفل حماية القاضي من دعاوى الخصوم من خلال التحديد في تشريعاتها للحالات التي يمكن مخاصمة القاضي فيها .

ثانياً. السماح بمساءلة القاضي مدنياً بتقرير القواعد التي يجب على الخصوم اتباعها لمقاضاة القاضي ، وهذه القواعد هي ما يطلق عليها اصطلاحاً بنظام المخاصمة(6).

________________________

– د. فتحي والي ، المصدر السابق ، ص166 .

2- د. إبراهيم نجيب سعد ، القانون القضائي الخاص ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، ج1 ، ص290 .

3- د. فتحي والي ، المصدر السابق ، ص166-167 .

4- د. أحمد أبو الوفا ، المصدر السابق ، ص105 .

5- سوليس وبيرو ، ج1 ، ص702 ، عن محمود محمد هاشم ، المصدر السابق ، ص254 .

6- سوليس وبيرو ، ج1 ، ص702 . عن محمود محمد هاشم ، المصدر السابق ، ص255 . وعن إبراهيم نجيب ، المصدر السابق ، ص291 ، وفتحي والي ، المصدر السابق ، ص167 .

المؤلف : حامد ابراهيم عبد الكريم الجبوري

الكتاب أو المصدر : ضمانات القاضي في الشريعة الاسلامية

الجزء والصفحة : ص115-116.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .