مقال يشرح شروط امتداد عقد الايجار في ضوء أحكام القانون المصري رقم 121 لسنة 1947 .

أ‌. بالنسبة للأماكن المؤجرة لغرض السكني:

· المقصود بالمساكن:

المقصود بالمساكن، الأماكن المؤجرة للسكنى. والأصل أن “الشقة” تستأجر كمسكن ما لم ينص في العقد على غير ذلك، أو كانت ظروف الحال تخالف هذا الأصل. ويكون إثبات عكس ذلك على من يدعيه. والأصل أن يلتزم المستأجر بأن يستعمل العين المؤجرة على النحو المتفق عليه، فإن لم يكن هناك اتفاق التزام بأن يستعمل العين بحسب ما أعدت له (م 579 مدني).([21])

· حكم القانون 121 لسنة 1947 في الامتداد:

لم يرد في القانون رقم 121 لسنة 1947 حكم خاص بانتقال حق المستأجر في الإيجار خلال فترة الامتداد القانوني للإيجار – سواء عند الوفاة أو الترك – إلا أن الحكمة التي حفزت هذا القانون إلى تقرير مبدأ الامتداد القانوني، وهي حماية شاغل العين من عنت المؤجر في ظل أزمة الإسكان، تقتضي بامتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين إلى الأشخاص المُقيمين معه إقامة دائمة قبل الوفاة أو الترك المُساكنين له ولو كانوا من غير الورثة([22]). وهذا ما قال به الفقه وقضت به محكمة النقض، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه:

1- “وإن لم يرد في القانون رقم 121 لسنة 1947 – المُنطبق على واقعة الدعوى – حكم خاص بانتقال حق المستأجر خلال فترة الامتداد القانوني، فإن الحكمة التي حفزت التشريع الاستثنائي إلى تقرير هذا الامتداد والذي استهدف حماية شاغل العين من عسف المؤجر وتمكينه من السكنى في ظل أزمة الإسكان القائمة، تقضي بأن الانتفاع بالامتداد القانوني لعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يقتصر على الأشخاص الذين كانوا يقيمون إقامة مستديمة مع المستأجر قبل وفاته، بمعنى أن غير المقيمين مع المستأجر لا شأن لهم بهذا الامتداد ولو كانوا ورثته، والمقيمون يستفيدون ولو كانوا من غير الورثة”.([23])

2- “… ذلك أن وفاة المستأجرة الأصلية قد وقعت في يناير سنة 1963 أي في ظل سريان أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين، والذي لم ينظم حالة امتداد العقد لمن كان يقيم مع المستأجر عند وفاته، ومن ثم يتعين الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني عند خلو قانون إيجار الأماكن من تنظيم لتلك الحالة، ولو كان عقد الإيجار ممتداً بقوة القانون، ولما كان نص المادة 601/1 من القانون المدني قد جرى على أن عقد الإيجار لا ينتهي بوفاة المستأجر، وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه يشترط للانتفاع بالامتداد القانوني للعقد بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون المستفيدون من هذا الامتداد – سواء من الورثة أو غيرهم – أن يكونوا مقيمين عادة مع المستأجر الأصلي عند وفاته، فإنه يشترط لإعمال هذا الحكم المتقدم ثبوت إقامة المستفيد إقامة مستقرة بالمكان المؤجر قبل وفاة المستأجر، وألا يتعارض الحكم باستمرار عقد الإيجار للمستفيد مع أي نص آخر آمر يتعلق بالنظام العام …”.[24]))

3- “وفاة المستأجر قبل انقضاء المدة المتفق عليها في العقد، يترتب عليه انتقال الإجارة إلى الورثة الشرعيين وفقاً للمادة 601 مدني. أما إذا توفي بعد انتهاء مدة العقد وخلال فترة الامتداد القانوني للعقد في ظل القانون رقم 121 لسنة 1947 فيقتصر الانتفاع بالإجارة من بعده على المُقيمين معه إقامة دائمة قبل وفاته”.([25])

4- “الانتفاع بالامتداد القانوني لعقد الإيجار بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون 121 لسنة 1947 – قصره على من كانوا يقيمون إقامة مستقرة مع المستأجر ولو كانوا من غير ورثته”.([26])

5- “يُشترط للانتفاع بالامتداد بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون 121 لسنة 1947 أن يكون المُستفيدون من هذا الامتداد – سواء من الورثة أو من غيرهم – مُقيمين عادة مع المستأجر الأصلي عند وفاته”.([27])

على أنه يُشترط أن تكون إقامتهم معه قد استمرت إلى حين وفاته، وإلا فإن انقطاع إقامتهم معه في وقت من الأوقات واستقلالهم بسكن آخر يعتبر إسقاطا لحقهم في الإجارة، والساقط لا يعود.([28])

علماً بأن الإقامة هي واقعة مادية، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة (شهادة الشهود) وقرائن الأحوال، ومن أهم تلك القرائن أن الأصل في الزوجة أنها مع زوجها (المستأجر)[29]))، والأصل في الأولاد غير المتزوجين أنهم يُقيمون مع والديهم (المستأجر)، فإن ادعى المؤجر العكس كان عليه إثبات ذلك.([30])

وقد اعتبرت محكمة النقض تمسك الابنة المتزوجة باستمرار إقامتها بمنزل أسرتها قبل الزواج وبعده وبعدم تخليها عن الإقامة فيه، تمسكاً منها بالثابت أصلاً، فلا تكلف بإثباته.([31])

ولمحكمة الموضوع مطلق السلطة في التحقق من توافر شروط الإقامة من عدمه، دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت محكمة الموضوع قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.([32])

ب‌. بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى:

خلا القانون رقم 121 لسنة 1947 من النص على امتداد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، ومن ثم يتعين الاحتكام إلى نص المادتين 601 و 602 من القانون المدني (الشريعة العامة)؛ حيث أنه من المُقرر قانوناً (فقه وقضاءً) أنه إذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية والشريعة العامة حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد مُمتداً (للمستأجر الأصلي) بقوة القانون الاستثنائي.([33])

· حكم القانون المدني:

تقضي القاعدة العامة في القانون المدني أن الإيجار لا ينتهي بموت المؤجر ولا بموت المستأجر (م 601/1 مدني)، فيحل ورثة المستأجر (الشرعيين- بصفر النظر عن إقامتهم معه في العين قبل وفاته) في حقوقه وكذا في التزاماته الناشئة عن العقد طوال الفترة الباقية من العقد وذلك في حدود تركته؛ فيكون لهؤلاء الورثة حق الاستمرار في الانتفاع بالعين المؤجرة أصلاً لمورثهم في مقابل الوفاء بالتزاماته إلى أن تنتهي مدة العقد، ولو لم يكونوا مقيمين معه قبل الوفاة، أما إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه، جاز لورثة المستأجر في الحالة الأولى وللمؤجر ولورثة المستأجر في الحالة الثانية طلب إنهاء العقد.([34])

ولا يكفي لاعتبار أن العقد لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبار شخصي فيه، مجرد النص فيه على الحرفة أو الغرض من الإيجار إذ لا يعدو ذلك أن يكون بياناً واقعياً لا يدل بذاته على تلاقي نية الطرفين على اعتبار الإيجار منعقداً بسبب الحرفة أو لاعتبارات شخصية.

أما حالة ترك المستأجر للعين، فلم يتعرض لها القانون المدني.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “مؤدى نص المادتين 601 و 602 من القانون المدني أن القاعدة العامة أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار (المؤجر أو المستأجر) لا ينهي العقد، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة (الشرعيين) أخذاً بأن الأصل في العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، واستثنت من ذلك عقد الإيجار المعقود بسبب حرفة المستأجر أو مهنته فإنه لا ينتهي بمجرد وفاة المستأجر وإنما يجوز لورثته (الشرعيين) وحدهم طلب إنهاء العقد إذا كانت ممارسة المستأجر لمهنته أو حرفته بالعين المؤجرة تعود منفعتها عليه وحده، كما يجوز لهم وللمؤجر طلب إنهائه إذا كانت المنفعة الناتجة عن ممارسة المستأجر لمهنته أو حرفته بالعين المؤجرة تعود عليه وعلى المؤجر معاً”.([35])

ولا يختلف الحل في حالة تأجير العين لغرض السكنى ولغير غرض السكنى معاً، فإذا كانت الواقعة ينطبق عليها القانون 121 لسنة 1947 وكانت العين مؤجر سكناً وعيادة مثلاً فإن القواعد العامة المنصوص عليها بالمادتين 601 و 602 من القانون المدني تكون هي واجبة التطبيق، عند وفاة المستأجر، طالما ثبت أنه استمر فعلاً في مزاولة النشاط حتى وفاته ولم يحدث تعديلاً في استعمال العين ويقصره على السكنى وحدها.([36])

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .