ماهية الضمان الاحتياطي في الكمبيالة :

يعتبر الضمان الاحتياطي من الضمانات الخاصة للوفاء بقيمة الكمبيالة يضاف إلى مقابل الوفاء والقبول والتضامن، فقد يقدم أحد الملتزمين بالكمبيالة كفيلاً يضمنه في الوفاء بقيمتها، وقد يطلب المستفيد الأول أو أحد المظهرين أو الحامل الأخير ممن تلقى منه الكمبيالة تقديم ضماناً شخصياً – كفيلاً – للوفاء بقيمتها، وسبب طلب أحد من هؤلاء هو عدم الثقة في قدرة من يتلقى منه الكمبيالة على الوفاء، فيطلب منه تقديم كفيل. وعلى ذلك يعتبر الضمان الاحتياطي كفالة لالتزام ثابت في الكمبيالة يقدمها شخص يضمن بمقتضاها دفع مبلغ الكمبيالة كله أو بعضه وقد نصت المادة ٤١٨/١ نم قانون التجارة على أنه ” يجوز ضمان وفاء مبلغ الكمبيالة كله أو بعضه من ضامن احتياطي “، يتضح من ذلك أنه يجوز ان يكون الضمان الاحتياطي مشروطاً. ويعتبر الضمان الاحتياطي نظاماً صرفياً خالصاً لا يقع إلا إذا كان هناك التزاماً صرفياً)1) لذلك لا يرد الضمان الاحتياطي إلا على ورقة تجارية، فإذا ورد على ورقة أو سند لا يعدا من قبيل الأوراق التجارية، فإنه يعتبر كفالة عادية تخضع لأحكام القانون المدني.

______________

1-محمود سمير الشرقاوي – الأوراق التجارية – طبعة ١٩٩٣ م، دار النهضة العربية. ١٨٧ ، وأيضاً د/ محسن شفيق : المطول في الأوراق التجارية بند رقم 280.

شروط الضمان الاحتياطي في الكمبيالة :

هناك شروط موضوعية تتعلق بأشخاص الضمان الاحتياطي، وشروط شكلية تتعلق بكيفية إجرائه.

أولاً: الشروط الموضوعية :

١- الملتزمون الذين يجوز ضمانهم احتياطياً :

يجوز أن يكون الضمان الاحتياطي عن أي ملتزم بالكمبيالة كالساحب أو المظهر أو المسحوب عليه القابل أو ضامن احتياطي آخر – طبقاً لما هو مستقر عليه – كما يجوز الضمان الاحتياطي للمسحوب عليه الذي لم يقبل الكمبيالة وذلك توقعاً لقبوله لأن المادة ٧٧٨ مدني مصري تجيز الكفالة في الدين المستقبل بشرط تحديد المبلغ المكفول ومدة الضمان(1) ويعتبر الضامن الاحتياطي في مركز المضمون، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٠/1 من قانون التجارة المصري على أن “يلتزم الضامن الاحتياطي بالكيفية التي التزم بها المضمون” ، وإذا أوفى الضامن الاحتياطي بقيمة الكمبيالة فليس له الرجوع إلا على المضمون وعلى من يضمنوه من الملتزمين السابقين وهم الموقعين السابقين عليه، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٠/٣ على أنه “إذا أوفى الضامن الاحتياطي الكمبيالة آلت إليه الحقوق الناشئة عنها قبل كل ملتزم بمقتضى الكمبيالة تجاه المضمون”. لذلك يجب أن يحدد الضامن الاحتياطي شخص من يضمنه على وجه الدقة فإذا لم يقم بهذا التحديد اعتبر الضمان حاصلاً للساحب، وفي ذلك تنص المادة ٤١٩/4من قانون التجارةالمصري على أن ” يذكر في الضمان اسم المضمون، وإلا اعتبر الضمان حاصلاً للساحب”.

٢- شخص الضامن الاحتياطي :

يشترط فيمن يتدخل كضامن احتياطي أن يكون أهلاً للالتزام الصرفي، طالما أن الضمان لكمبيالة، لذلك تطبق أحكام المادة ٣٨٥ تجاري مصري الخاصة بالتزام ناقصي وعديمي الأهلية. والضمان الاحتياطي جائز من أي شخص حتى ول كان ممن وقعوا الكمبيالة وأصبح ملتزماً بها. حيث تنص المادة ٤١٨/٢ تجاري مصري على ان” يكون هذا الضمان من أي شخص ولو كان ممن وقعوا الكمبيالة”.وكان الأصل في ظل المجموعة التجارية الملغاة أن يكون الضمان الاحتياطي من غير الملتزمين بدفع قيمة الكمبيالة حتى يعتبر إضافة جديدة لضمانات الحامل، ولا يجوز صدور الضمان الاحتياطي من شخص ملتزم في الكمبيالة إلا إذا كان هذا الضمان يوفر ميزة جديدة للحامل ويحسن من مركزه وقد اعتبر المشرع في قانون التجارة المصري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ الضمان الاحتياطي الصادر ممن وقعوا الكمبيالة ضمانة جديدة للحامل، كما لو وقع أحد المظهرين كضامن احتياطي لصالح الساحب أو المسحوب عليه القابل، لأن الحامل المهمل الذي يسقط حقه في الرجوع على المظهرين يحتفظ بحقه في الرجوع على المدين الأصلي وهو الساحب أو المسحوب عليه القابل، وبالتالي يحتفظ الحامل المهمل بحقه في الرجوع على هذا المظهر باعتباره ضامناً احتياطياً للمدين الأصلي.

ثانياً: الشروط الشكلية :

الضمان الاحتياطي يجب أن يتم كتابة على ذات الكمبيالة أو وصلة متصلة بها، وفي ذلك تنص المادة ٤١٩/١ من قانون التجارة المصري على أن “يكتب الضمان الاحتياطي على الكمبيالة أو على وصلة”، وبذلك لا يجوز الضمان الاحتياطي بمخاطبة أو على ورقة مستقلة عن الكمبيالة وإلا خضع إلى الأحكام العامة في الضمان دون الأحكام المميزة لقانون الصرف، وذلك على خلاف ما كان متبع في ظل أحكام المجموعة التجارية الملغاة التي كانت تجيز الضمان الاحتياطي على ورقة مستقلة أو بخطاب عادي وكان ذلك يجد مبرره في دفع الحرج الذي قد يقع فيه الملتزم من ظهور الضمان الاحتياطي على الكمبيالة ذاتها وما يتبع ذلك من إلقاء الشك على يساره. ولم يتطلب قانون الصرف صيغة معينة للضمان الاحتياطي، فكل عبارة تدل على حصوله تكفي كعبارة للضمان الاحتياطي أو أضمن فلان في الوفاء أو قابل للضمان الاحتياطي أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى ويوقعه الضامن، وفي ذلك تنص المادة ٤١٩/٢ من قانون التجارة المصري على أن “يؤدي الضمان بعبارة الضمان الاحتياطي أو بأية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى ويوقعه الضامن”. وقد يكتفي الضامن بمجرد التوقيع بجانب توقيع الملتزم الذي يريد أن يضمنه(2)، والتوقيع قد يكون على صدر الكمبيالة أو على ظهرها، فإذا كان على صدرها فإنه يكفي مجرد توقيع الضامن، أما إذا كان التوقيع بالضمان الاحتياطي صادراً من الساحب أو المسحوب عليه فإنه يجب أن يكون على ظهرها وأن يؤدي بعبارة للضمان الاحتياطي حتى لا يقع ليس في توقيع الساحب أو المسحوب عليه. وفي ذلك تنص المادة ٤١٩/٣ من قانون التجارةالمصري على أن ” يستفاد هذا الضمان من مجرد توقيع الضامن على صدر الكمبيالة ما لم يكن هذا التوقيع صادراً من المسحوب عليه أو من الساحب”.

آثار الضمان الاحتياطي :

الضامن الاحتياطي يعتبر كفيلاً متضامناً عن الملتزم المضمون، حيث يلتزم الضامن الاحتياطي بالكيفية التي التزم بها المضمون. ويتضح أثار الضمان الاحتياطي بناء على علاقة الضامن الاحتياطي بالمضمون، وعلاقته بالحامل، وعلاقته بالملتزمين الآخرين.

١- العلاقة بين الضامن الاحتياطي والملتزم المضمون:

أ- للضامن الاحتياطي ذات الحقوق المقررة للملتزم المضمون وعليه التزاماته، وإذا أوفى الضامن الاحتياطي بقيمة الكمبيالة كان من حقه الرجوع على المضمون بإحدى دعويين، إما بالدعوى الشخصية الناشئة عن الكفالة، وإما بدعوى الحلول وهي دعوى صرفية يحل فيها الضامن الاحتياطي محل الحامل الذي تلقى منه قيمة الكمبيالة، وقد نصت المادة ٤٢٠/٣ من قانون التجارة على أنه “إذا أوفى الضامن الاحتياطي الكمبيالة آلت إليه الحقوق الناشئ عنها قبل كل ملتزم بمقتضى الكمبيالة تجاه المضمون”.

ب- من المفروض أن يكون التزام الضامن الاحتياطي التزاماً تابعاً لالتزام المضمون في الصحة والبطلان لأن الضامن كفيل، فلا يكون التزام الكفيل صحيحاً إلا إذا كان التزام المكفول صحيحاً )المادة ٧٧٦ مدني مصري (ومع ذلك فإن التزام الضامن الاحتياطي يكون صحيحاً ولو كان التزام المضمون باطلاً لنقص أهليته أو انعدام إرادته أو غير ذلك ما عدا البطلان لعيب في الشكل تطبيقاً لمبدأ استغلال التوقيعات، وفي ذلك تنص المادة ٤٢٠/٢ من قانون التجارة على أنه “يكون التزام الضامن الاحتياطي صحيحاً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلاً لأي سبب آخر غير عيب في الشكل”. يتضح من ذلك أن التزام الضامن الاحتياطي يعتبر التزاماً صرفياً مستقلاً عن العلاقة بين المضمون والضامن الاحتياطي، وبالتالي يكون التزام هذا الأخير صحيحاً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلاً لأي سبب، ولا يستثني من ذلك إلا إذا كان العيب شكلياً أي ظاهراً في الكمبيالة.

٢- العلاقة بين الضامن الاحتياطي والحامل :

أ – لا يجوز للضامن الاحتياطي أن يحتج على الحامل إلا بالدفوع التي يجوز للمضمون توجيهها إليه.

ب- الضامن الاحتياطي للمظهر يستطيع أن يتمسك بإهمال الحامل إذا لم يخطره بالاحتجاج شخصياً، حتى ولو كان قد أخطر المظهر المضمون، وفي ذلك تقول المادة ٤٤٠/٢ من قانون التجارة أنه “متى أخطر أحد الموقعين على الكمبيالة طبقاً للفقرة السابقة وجب أيضاً إخطار ضامنه الاحتياطي في الميعاد ذاته”.

ج- لا يجوز للضامن الاحتياطي أن يتمسك في مواجهة الحامل بالدفع بالتجريد، أي بوجوب الرجوع على المضمون قبل الرجوع عليه، كما يمتنع عليه التمسك بالدفع بالتقسيم أي تقسيم الدين بينه وبين المضمون، لأنه متضامن بالوفاء.

٣- العلاقة بين الضامن الاحتياطي والملتزمين الآخرين :

إذا أوفى الضامن الاحتياطي بقيمة الكمبيالة للحامل، كان له الرجوع على الموقعين على الكمبيالة على النحو التالي(3):

– إذا كان ضامناً للساحب فلا رجوع للضامن الاحتياطي إلا على الساحب أو المسحوب عليه الذي تلقى مقابل الوفاء.

– إذا كان ضامناً لأحد المظهرين كان له الرجوع على هذا المظهر وغيره من المظهرين السابقين الضامنين لهذا المظهر دون المظهرين اللاحقين، ويرجع على الساحب والمسحوب عليه القابل.

– إذا كان ضامناً للمسحوب عليه القابل فليس له الرجوع إلا على الساحب في حالة عدم إثبات الساحب وجود مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه.

_______________________

1- د مصطفى كمال طه، القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، طبعة ١٩٨٣ ، ص ١٣٩.

2- محسن شفيق، المطول في الاوراق التجارية ،ص.245

3- راجع نص المادة ٤٢٠/3 من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .