حجز المنقول:

كان القانون القديم يحدد حالات الحجز التحفظي على المنقول بخمس حالات (مادة 601 من قانون المرافعات القديم) أما القانون الجديد فقد أتى ببعض الحالات على سبيل المثال:

أولهما: حالة الكمبيالات والسندات الإذنية المتعلقة بدين تجارى (مادة 316/1):

فإذا كان الدائن بدين تجارى حاملاً لكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو سند أذني وكان المدين تاجراً وله توقيع على الكمبيالة أو السند الأذني يلزمه بالوفاء بقيمة الكمبيالة أو السند الأذني كأن يكون هو محرر الكمبيالة أو المسحوب عليه القابل فإن يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من المنقولات المملوكة له لوفاء تلك القيمة. ويلاحظ أنه إذا كان المراد الحجز عليه هو أحد الضمان أو المظهرين وجب تحرير البروتستو في الميعاد.

والثانية: حالة خشية فقدان الضمان:

كما لو كان المدين قد أضعف التأمينات التي قدمها سواء كانت تأمينات شخصية ام عينية أو كما لو هبطت قيمة الشيء المرهون – ففي هذه الحالة نجد أن التأمينات مهددة بالضياع وأن الدائن يخشى فقدان الضمان المقدم إليه والذى يكفل له وفاء دينه بالكامل ويصدق ذلك غالباً على مديني بنك التسليف الزراعي وأمثالهم من مديني البنوك ففي هذه الحالة يجوز استصدار امر بالحجز التحفظي على أي منقول من منقولات المدين ويوقع الحجز هنا على المنقول المادي بصفة عامة ولو كان طائرة أو سفينة (كذا على حملة السفينة) وكذلك الأسهم والسندات والأوراق التجارية على اعتبار أن الحق قد تجسد في الورقة فأصبحت بمثابة منقول مادى. (وإنما يراعى في هذا المقام أن حجز الطائرات قد تقرر بشأنه أحكام خاصة بموجب قانون خاص بحجز الطائرات فيرجع إليه في هذا الصدد).

وإلى جانب هاتين الحالتين الواردتين في القانون الجديد يمكن الاسترشاد بالحالات الثلاث الأخرى (التي كانت واردة في القانون القديم بالإضافة إلى هاتين الحالتين وهى: (1) إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في مصر. وكما هو الشأن بالنسبة للسائحين وركاب السفن (2) إذا خشى الدائن فرار مدينه وأبدى أسبابا جدية لخشيته يقتنع بها القاضي الوقتي (3) إذا كان المدين تاجراً وكانت أسباب جدية يتوقع معها تهرب أو اخفاء الأموال. ففي جميع هذه الحالات وغيرها من الحالات المماثلة يجوز للدائن أن يحجز تحفظياً على منقولات مدينه أيا كانت دون تحديد لمنقولات خاصة أو معينة.

وإلى جانب هذه الحالات التي يكون فيها حجز المنقول عاماً أي شاملاً لجميع المنقولات توجد حالات للحجز التحفظي على منقولات خاصة (معينة) وهى:

(1) حالة المستأجر والمستأجر من الباطن:

وفى هذه الحالة يحق للمؤجر (مؤجر العقار) الحجز على المنقولات المملوكة للمستأجر أو للمستأجر من الباطن: لاستيفاء الأجرة والديون الناشئة عن عقد الايجار ولو كانت تعويضات. ولكن يشترط هنا أن تكون العين المؤجرة عقاراً كمنزل أو أطيان. ويتم الحجز هنا على أثاث المنزل وعلى محصولات الحقل وثماره. ويحجز على هذه المنقولات متى كانت موجودة بالعين المؤجرة وكذلك يحجز عليها حتى لو نقلت بدون رضاء المؤجر إلى أي مكان آخر خارج العين المؤجرة شريطة أن يتم الحجز خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النقل ويرجع ذلك إلى أن للدائن (المؤجر) حق امتياز على منقولات المستأجر الموضوعة في العين ضماناً للأجرة. ومن ثم فإن الدائن (المؤجر) يكون له حق تتبع هذه المنقولات لو نقلت إلى خارج العين فضلاً عن حقه في استيفاء دين الأجرة بالأولوية من قيمة هذه المنقولات. ويرى بعض الشراح أن الحجز على هذه المنقولات بعد نقلها من العين يعتبر صورة من صور الحجز التحفظي الاستحقاقي.

(2) حالة الحجز الاستحقاقي:

وصورته البارزة هى صورة الزوجة التي تحجز على المنقولات المملوكة لها والموجودة في منزل الزوجية بعد أن تغادر ذلك المنزل وتنفصل عن زوجها. ففي هذه الحالة يحق لها الحجز على هذه المنقولات مع أنها مملوكة لها وذلك لمنع الزوج من تبديدها. كذلك لو كانت لك منقولات عند نجاراً أو تاجراً للموبيليا اشتريتها منه وتركتها عنده كوديعة – أو سلمتها إليه لإصلاحها وتخشى أن يتصرف فيها أو يخفيها – فمن حقك أن تحجز عليها عنده حجزاً تحفظياً لمنعه من تهريبها. كذلك لو كانت لك سيارة مودعة في جراج أو ملابس عند ترزي أو مكوجي أو حقائب أو منقولات مودعة عند أحد الأقارب أو الأصدقاء وخشيت تبديدها – فإن لك الحق في أن تحجز عليها تحفظياً لضبطها والتحفظ عليها – إلى أن تثبت أمام القضاء انها مملوكة لك فتتسلمها.

ومن ثم فإن هذا النوع من الحجز يسمى بالحجز التحفظي الاستحقاقي لأنه حجز يوقعه مالك المنقول على المنقول المملوك له تحت يد الشخص الملتزم بتسليمه. ويتم ذلك عن طريق استصدار امر على عريضة بإذن أو يصرح بإيقاع الحجز الاستحقاقي (التحفظي) ويعقبه خلال (8) أيام رفع دعوى بالأحقية إلى المنقولات وبصحة الحجز: فإذا حكم في الدعوى بأحقية الحاجز إلى ملكية المنقولات المحجوزة فإن الحجز يتحول من تحفظي إلى تنفيذ ولكن لا يعقبه بيع وانما يعقبه رد الأموال إلى صاحبها أي تسليمها بعينها إلى الحاجز لأنها مملوكة له: فالتسليم أثر من آثار الحكم له بملكية المنقول ويعتبر هذا هو التنفيذ (العيني) بمعناه الصحيح. وقد نصت على الحجز التحفظي الاستحقاقي المادة 318 من قانون المرافعات.

وما يحق للمالك يحق أيضاً لكل صاحب حق عيني تقتضى ممارسته حيازة الشيء إذا ما اقتضى الأمر تسليم المنقول أو إذا خرج المنقول من حيازة صاحب الحق العيني: ومثال ذلك صاحب حق الانتفاع وصاحب حق الحبس (وان كان وصف حق الحبس بأنه حق عيني محل خلاف في القانون المدني الجديد) وصاحب حق الرهن الحيازي وصاحب حق الامتياز على المنقول إذا ما خرج المنقول من حيازته بغير رضاه. وفى رأيي أنه يمكن ايقاع الحجز التحفظي الاستحقاقي تحت يد الغير وتكون هذه صورة خاصة من حجز ما للمدين لدى الغير يكون محل الحجز فيها منقولاً مادياً مملوكا للحجز وموجودا في حيازة الغير كما لو كان الزوج قد قام بنقل المنقولات (المملوكة لزوجته) من منزل الزوجية أودعها عند أحد التجار أو في أحد المخازن فيحجز عليها تحت يد التاجر أو صاحب المخزن حجز ما للمدين لدى الغير. ولكنه يكون حجزاً استحقاقياً. ويمكن أن يطلق على هذا النوع من الحجز اسم “حجز ما للمدين لدى الغير” (استحقاقياً).

ويتحول الحجز من تحفظي إلى تنفيذي متى صدر الحكم بصحة الحجز: ولا يحتاج الدائن إلى اتخاذ اجراءات حجز جديدة لكى يتوصل عن طريقها إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة التنفيذ الحقيقي أي مرحلة البيع في حالة الحجز لاستيفاء دين – أو مرحلة التسليم في حالة الحجز استحقاقاً لعين الحجز الاستحقاقي). وتجدر الاشارة إلى أن ثمة صورا اخرى من الحجز التحفظي منها صورة حجز البضائع المقلدة والحجز على المصنفات التي تعرض بدون اذن كتابي من المؤلف – وقد نص عليها في قانون حماية حق المؤلف (م43) وفى قانون براءات الاختراع (م49) وفى قانون العلامات والبيانات التجارية (يراجع الوسيط للدكتور السنهوري جزء ثامن صحيفة 425 و 460 و 474) – وحسبنا الاشارة هنا إلى هذه الصور.

وقد ينبغي أخيراً أن نشير إلى صورة خاصة من صور حجز ما للمدين لدى الغير وهى الحجز تحت يد النفس حيث يكون الدائن مديناً في الوقت نفسه لمدينه فيجوز له أن يوقع الحجز تحت يد نفسه على ما هو مدين به لمدينه ويتم الحجز بإعلان إلى المدين يشتمل على البيانات الواجب ذكرها في ورقة ابلاغ الحجز مع رفع دعوى صحة الحجز خلال ثمانية أيام من إعلان المدين بالحجز في الحالات التي يكون الحجز فيها واقعاً بأمر من القاضي (المادة 349 مرافعات). وقد يكون من المفيد في ختام هذا الفصل أن نشير إلى أن الصورة الغالبة للحجز التحفظي تتمثل في حجز ما للمدين لدى الغير الذى يقرر البعض أنه دائماً يبدأ تحفظياً – وينتهى تنفيذيا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .