الآثار الفردية المترتبة على اكتساب الاجنبية الجنسية العراقية في قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990

اولى الآثار المهمة التي تترتب على اكتساب الاجنبية جنسية زوجها العراقي هي تمتعها بالصفة الوطنية ، فمن تأريخ موافقة السيد وزير الداخلية تدخل الاجنبية في صفوف الوطنيين وتصبح عراقية حينئذ كسائر العراقيين (1). وتسجل واقعة اكتسابها للجنسية العراقية في سجل الواقعات لدى مديرية الاحوال المدنية بموجب الفقرة (2) من المادة (14) من نظام الاحوال المدنية رقم (22) لسنة 1974 (2). وتكون الجنسية المكتسبة عندئذ مبنية على الطلب والموافقة ، فهي تجنس تنطبق عليه الآثار المترتبة على التجنس العادي(3). وذلك حسبما جاء في قرار لديوان التفسير القانوني المرقم (4/1933) في 31 ك1 لسنة1933 والقرار المتخذ بتأريخ 6/9/1933 وجاء في حيثيات القرار الاول “ان الفقرة ( أ ) من المادة (17) من قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924 الملغي تنص على ان الاجنبية التي تتزوج من عراقي تكتسب الجنسية العراقية أي ان جنسيتها ليست اصلية بل جنسية مكتسبة ، ولذلك فلابد من مضي خمس سنوات لجواز توظيفها”(4). وعلى ذلك فان الجنسية التي اكتسبتها الزوجة بالزواج من عراقي تجنس تنطبق على جميع الاحكام القانونية التي تترتب على التجنس (5). ، وبالرجوع الى قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990 فان المادة (10) منه تقضي بما يلي:

اولا : يتمتع الاجنبي الذي يحصل على الجنسية العراقية بطريق التجنس بالحقوق التي يتمتع بها العراقي بعد مضي خمس سنوات من تأريخ حصوله على الجنسية العراقية عدا حق التوظف في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي فيتمتع به من تأريخ اكتسابه الجنسية العراقية .

ثانيا : لا يحق للاجنبي الذي تجنس بالجنسية العراقية وفقا للمواد ( 5 ، 6، 8 ، 12 ، 13 ، 14 ) التمتع بحق انتخابه او تعيينه عضوا في هيئة نيابية قبل عشر سنوات من تأريخ اكتساب الجنسية العراقية ويستثنى من ذلك أفراد الطوائف الدينية غير الاسلامية فيما يخص انتخابات المجالس والمحاكم الطائفية وفقا لأحكام القوانين المختصة“.

يلاحظ من نص المادة (10) بفقرتيها ( اولا ، ثانيا ) ان المشرع العراقي خول الاجنبية التي اكتسبت الجنسية العراقية على وفق المادة (12) حق التمتع بالحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي، واشترط في ذلك ان تمضي خمس سنوات على اكتسابها الجنسية العراقية ، وقد استحدث هذا القيد لأول مرة في قانون الجنسية العراقي رقم 43 لسنة 1963 المعدل ، وهذا الحكم قصد منه ان لا يكون من وراء كسب الاجنبي للجنسية العراقية غايات عاجلة يخشى معها ما يهدد صالح اهالي البلاد في النواحي المختلفة لنشاط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فقرر ان يكون كسب الزوجة للجنسية العراقية مقيدا بعدم اهليتها للتمتع بالحقوق الخاصة بالعراقيين او مباشرة حقوقهم السياسية (6). ويراد بالحقوق الخاصة بالعراقيين في اطار قانون الجنسية الحقوق التي تنص القوانين المختلفة على اشتراط الجنسية العراقية لا مكان التمتع بها (7).كالعمل القضائي حيث يشترط فيمن يعين قاضيا ان يكون عراقيا او متجنسا مضى على تجنسه خمس سنوات . وعلى ذلك فانه يشترط بالنسبة للوطنية الطارئة حتى تتمتع بالحقوق المقررة للوطنيين الاصلاء توافر الشروط الآتية :

اولا: اكتساب الجنسية العراقية طبقا لقانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990.

ثانيا: مضي خمس سنوات على اكتساب الجنسية العراقية بالزواج من عراقي.

ثالثا: ان تنقضي هذه المدة قبل تقديم الزوجة طب التمتع باحدى هذه الحقوق.

على انه يستثنى من ذلك حق التوظف في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي، فيجوز للوطنية الطارئة الحصول على احدى الوظائف العامة في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي من تأريخ اكتسابها للجنسية العراقية ، دون اشتراط مرور خمس سنوات على تجنس الزوجة بالجنسية العراقية وهذا الحكم مستحدث وجديد في قانون الجنسية رقم 43 لسنة 1963 المعدل حيث ان الوطنية الطارئة لم يكن لها الحق في التوظف في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي الا بعد مرور خمس سنوات على تجنسها بالجنسية العراقية حسب ما قضى به قانون الجنسية رقم 43 لسنة 1963،ولكن نظرا للانتقادات التي تعرض لها المشرع العراقي في مسلكه وتوجهه هذا قام المشرع العراقي في قانون رقم 46 لسنة 1990 بالعدول عن اتجاهه ، إذ عد بعض (8). الفقهاء ان اشتراط المشرع العراقي مرور هذه المدة فيه نوع من المغالاة مما سوف يؤدي الى منع اقدام العناصر العربية والاجنبية الكفؤة لاكتساب الجنسية العراقية ، وكان من المستحسن ان يقتصر المنع على الحقوق السياسية فقط دون الحقوق والوظائف العامة . ونتيجة لهذه الانتقادات فان المشرع العراقي الغى نص الفقرة (1) من المادة (10) من قانون الجنسية (43) لسنة 1963 الملغي واحل محلها نص الفقرة (1) من المادة (10) من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990، ومن ثم فان المشرع العراقي خول الوطنية الطارئة التمتع بالحقوق والوظائف العامة دون اشتراط مرور مدة ( خمس سنوات ) على اكتسابها للجنسية العراقية (9) . الا انه يلاحظ بالرغم من صدور قانون الجنسية رقم (46) لسنة 1990 فان بعض الوظائف العامة ما زالت متمسكة بقوانينها الداخلية بشرط مضي خمس سنوات على اكتسابها للجنسية العراقية .

ومن هذه القوانين على سبيل المثال نظام الخدمة في الشركة العامة للمقاولات الانشائية رقم 49 لسنة 1979 حيث نصت المادة (3) من النظام : ” لا يعين في الشركة موظفا او مستخدما الا من كان عراقي الجنسية او متجنسا مضى على تجنسه مدة لا تقل عن خمس سنوات ” . وقانون الخدمة القضائية الذي اشترط فيمن يعين قاضيا ان يكون عراقيا او متجنسا مضى على تجنسه ( خمس سنوات ) ، وبهذا الشرط نفسه اخذ قانون نقابة المحامين حيث اشترط هذا القانون فيمن يعين عضوا في نقابة المحامين ان يكون عراقيا او متجنسا مضى على تجنسه خمس سنوات قبل طلبه لعضوية النقابة .اما بالنسبة للفقرة ( ثانيا) من المادة (10) من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990 فقد اشترطت على الوطنية الطارئة التي تروم التمتع بعضوية احدى الهيئات والمجالس النيابية ان تمضي مدة لا تقل عن (10) سنوات سابقة على تقديم طلب تولي احدى هذه الوظائف وهي الانتخاب او التعيين في احدى الهيئات والمجالس النيابية ، والسبب في اشتراط المشرع العراقي هذه المدة الطويلة يرجع الى انه من شأن من يمارس هذه الوظائف ان يقوم بالممارسة الفعلية لحكم في شؤون البلاد (10). وذلك يعني ان الوطنية الطارئة المنتخبة او المعينة في الهيئات والمجالس النيابية ينبغي ان تتوافر فيها الصفات والشروط التي تتلاءم مع طبيعة هذه الوظائف، لكون من يعين فيها يكون متميزا عن غيره من حيث كونه الصوت المعبر والممثل لارادة ورغبة المجتمع فيفترض ان تمر مدة على اكتساب الوطنية الطارئة للجنسية العراقية للتعرف والوقوف على طموحات وآمال المجتمع العراقي وماضيه وتأريخ ذلك المجتمع وحاضره من جهة ، ومن جهة اخرى تسمح هذه المدة للمجتمع ان يتعرف بدوره على ممثله الذي قد لا تتوافر فيه الصفات الملاءمة لانتخابه ، وعلى ذلك فانه يشترط في الوطنية الطارئة التي ترغب في ممارسة هذه الوظائف :

1- اكتساب الجنسية العراقية طبقا لقانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990.

2- مرور عشر سنوات من تأريخ اكتسابها للجنسية العراقية .

3- ان تنقضي هذه المدة قبل تقديم المرأة طلبا للتوظف في احدى هذه الوظائف .

ولقد استثنى المشرع العراقي في الفقرة ( ثانيا ) من المادة (10) من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990 من اشتراط مرور عشر سنوات على طلب التعيين في الهيئات والمجالس النيابية أفراد الطوائف الدينية غير الاسلامية فيما يخص انتخابات المجالس والمحاكم الطائفية على وفق احكام القوانين المختصة بمقتضى الفقرة ( ثانيا ) من المادة (10) من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990 (11). ويثور التساؤل عن الحقوق والوظائف السياسية ، هل تستطيع الوطنية الطارئة التمتع باحدى هذه الحقوق ؟ لأنه يشترط فيمن يتولى هذه الوظائف ان يكون عراقيا بالولادة ومن ابوين عراقيين بالولادة (12) . فعلى سبيل المثال تشترط المادة (6) من قانون الخدمة الخارجية رقم (61) لسنة 1940 فيمن يعين في السلك الدبلوماسي ” ان يكون عراقي الجنسية ومن أبوين عراقيين بالولادة ، وينتمي الى اسرة عراقية تسكن في العراق عادة ” . اذا المشرع العراقي حرم الوطنية الطارئة بصورة نهائية من التوظف في السلك السياسي مهما مرت على تجنسه السنون (13) . وتشترط المادة (4) من قانون المجلس الوطني لسنة 1995 فيمن يرشح لعضوية المجلس الوطني ان يكون عراقيا بالولادة ومن ابوين عراقيين بالولادة ، او من اب عراقي بالولادة وام من احد رعايا الدول العربية ” .

وتقضي المادة (62) من الدستور ” لا يكون عضوا في مجلس قيادة الثورة ولا نائبا للرئيس ولا وزيرا الا من كان عراقيا بالولادة “، ويقابل ذلك ما جاء في قانون المجلس التشريعي لمنطقة الحكم الذاتي الذي اشترط فيمن يكون عضوا في المجلس ان يكون عراقي الجنسية ومن ابوين عراقيين بالولادة ” . وعلى ذلك فان الوطنية الطارئة تحرم بصورة نهائية من ممارسة الحقوق السياسية ، كما ان الوطنية الطارئة تحرم بصورة نهائية من ممارسة بعض الوظائف وفقا لما تقضي به التعليمات الداخلية في هذه الوظائف ومنها ، منصب نقيب الصحفيين او نقيب المحامين ، او موظفة في الطاقة الذرية. يمكن القول ان القانون رقم (46) لسنة 1990 يسلك الاتجاه الذي لا يساوي بين الوطنية الطارئة والاصلية (14). ولقد احسن المشرع العراقي في سيره بهذا الاتجاه حيث انه من غير المقبول ان تمنح الزوجة التي كانت اجنبية بالأمس كافة الحقوق السياسية وغير السياسية وتتساوى مع الوطنية الاصلية لمجرد اكتسابها للجنسية العراقية ، ثم ان المشرع العراقي لم يحرم الوطنية الطارئة من جميع الحقوق والامتيازات المتولدة من رابطة الجنسية بل منحها الحق في تولي الوظائف العامة رغبة من المشرع العراقي في توفير وسيلة مشروعة للكسب الوطنية الطارئة حسبما جاء في الفقرة ( اولا ) من المادة (10) من قانون الجنسية العراقي رقم 46 لسنة 1990.

___________________________________________

1- حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامها في القانون العراقي ، ص 177-178.

2- غالب الداودي ، حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص ، ج1 في الجنسية والموطن ومركز الاجانب، ص 120-121.

3- حامد مصطفى ، القانون الدولي الخاص من وجهة نظر القانون العراقي، ص 128.

4- حسن الهداوي ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، ص 81.

5- ممدوح عبدالكريم حافظ ، المصدر السابق ، ص 140 ، حامد مصطفى ، المصدر السابق، ص 128.

6- حسين عبدالسلام جابر ، المصدر السابق ، ص 27.

7- حسين عبدالسلام جابر ، المصدر السابق ، ص 27.

8- غالب الداودي ، حسن الهداوي ، المصدر السابق، ص 98. فؤاد عبدالمنعم رياض ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 164-165.

9- من الجدير بالذكر ان مجلس قيادة الثورة كان قد اصدر قرارا برقم (536) في 15/5/1974 يقضي بأن يتمتع المتجنس بالجنسية العراقية بحق التوظف في دوائر الدولة الرسمية وشبه الرسمية اعتبارا من تأريخ اكتسابه للجنسية العراقية ، ولقد اخذ المشرع العراقي بهذا القرار وضمنه المادة العاشرة من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990.

10- فؤاد عبدالمنعم رياض ، الجنسية والموطن ومركز الاجانب ، ص 163،محمد اللافي، الوجيز في القانون الدولي الخاص الليبي، ليبيا، منشورات مجمع الفاتح للجامعات، 1989، ص281.

11- محمد اللافي، المصدر السابق، 281.

12- غالب الداودي ، حسن الهداوي، المصدر السابق، ص 97 . حسن الهداوي ، الوجيز في القانون الدولي الخاص ، ج1 ، الجنسية ، ص 74.

13- مصطفى كامل ، مذكرات في القانون الدولي الخاص ، ص 7.

14- محمد اللافي، الوجيز في القانون الدولي الخاص، ص281.

المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة
الجزء والصفحة : ص137-143

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .