أساسه :

يعد إسقاط الجنسية بمثابة جزاء، يتضمن معنى العقوبة، توقعه الدولة ضد من يخل بواجباته نحو وطنه.ولذلك، فجال استعماله أوسع من مجال استعمال السحب، فهو يطبق على الوطنيين الأصليين والوطنيين الطارئين، ولا يقيد استعماله بزمن معين، فهو سلاح في يد الدولة تستطيع إشهاره في أي وقت. ولا ينظر الفقه إلى الإسقاط نظرة إرتياح، لأنه يؤدي إلى إيجاد مجموعة من الأفراد عديمي الجنسية، وينصح الفقه باستبدال عقوبة الحرمان من الحقوق السياسية أو عقوبة سالبة للحرية بعقوبة إسقاط الجنسية، بل أن بعض الفقهاء ذهب إلى حد إنكار حق الدولة في إسقاط الجنسية عن رعاياها، تأسيساً على وجود مبادئ الزامية في القانون الدولي، تمنع الدولة من إسقاط الجنسية عنهم.

ومن هذه المبادئ مبدأ استمرار الجنسية للفرد، ومضمونه عدم جواز زوال الجنسية عن الفرد إلا بدخوله في جنسية أخرى، ومبدأ عدم القاء رعايا الدولة إلى الدول الأخرى. وذهب قضاء بعض الدول الأجنبية، إلى عدم التسليم بحق الدولة في الإسقاط الجماعي للجنسية عن رعاياها، كما حدث بالنسبة للإسقاط الذي أجرته ألمانيا النازية بالنسبة لليهود، وما أجرته روسيا السوفيتية بالنسبة للروس البيض. وجرى قضاء بعض الدول أيضاً، على عدم الاعتراف بإسقاط الجنسية الذي تجريه دولة أخرى لأسباب عنصرية أو دينية. غير أن الرأي السائد في الفقه والقضاء الدولي، يسلم بحق الدولة في إسقاط الجنسية عن رعاياها عقاباً لهم، ولكنه يحاول من ناحية أخرى تقييد هذا الحق بعدم جواز إجرائه بطريقة تعسفية، أو لأسباب سياسية أو عنصرية أو دينية. وتطبيقاً لهذا الاتجاه، نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة ١٥ منه، على عدم جواز تجريد الشخص من جنسيته بطريقة تعسفية. وينصح هذا لرأي بعدم جواز الالتجاء إلى إسقاط الجنسية، طالما أن الشخص يقيم في أرض الدولة، اكتفاء بتوقيع عقوبة الحرمان نم ممارسة بعض الحقوق أو عقوبة مقيدة للحرية، ويطلقون يد الدولة في ممارسة حقها في الإسقاط، إذا كان الشخص يقيم خارج إقليمها، أو كانت بصدد إعادة تنظيم بناء المجتمع. وعلى كل حال، فالقيود التي يقترحها الفقه في هذا الصدد ما زالت مجرد توصيات ورغبات لم ترق إلى صفة الإلزام في المجال الدولي.

شروطه وأسبابه :

يجمع بين أسباب الإسقاط إنهاء جزاء الإخلال بواجبات الشخص نحو وطنه، وبطبيعة الحال فإن عددها ومضمونها يختلف من تشريع إلى آخر. ومن أهم الأسباب : انفصال الشخص عن وطنه، كما في حالة مغادرته إقليم دولته بصفة نهائية، أو بدخوله في جنسية دولة أخرى دون استئذان دولته. وعدم ولائه للدولة وعدم احترام نظمها، كما في حالة العمل لمصلحة دولة أجنبية، أو أدائه الخدمة العسكرية في جيش دولة أجنبية، أو ارتكاب جريمة ضد أمن الدولة ونظامها. ويتم إسقاط الجنسية بإرادة الدولة وحدها، وقد يتم ذلك بقرار يصدر من السلطة التنفيذية في بعض التشريعات، أو بقرار من القضاء في التشريعات الأخرى. وفي بعض التشريعات يتم إسقاط الجنسية بقوة القانون في بعض الحالات، ولا يجوز إسقاط الجنسية في غير الحالات التي ينص عليها القانون.

آثاره:

الأصل، أن آثار الإسقاط هي آثار فردية، تخص من أسقطت عنه الجنسية، ولا تمتد إلى تابعية، تأسيساً على أن الإسقاط هو عقوبة، والعقوبة شخصية. غير أن بعض التشريعات تجيز في بعض حالات الإسقاط، ويترتب على إسقاط الجنسية أن يصبح الشخص أجنبياً من تاريخ الإسقاط، دون أن يكون لذلك أثر رجعي

المؤلف : احمد عبد الحميد عشوش
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي الخاص
الجزء والصفحة : ص172-174

اعادة نشر بواسطة محاماة نت