لماذا الاشراف القضائي على الانتخابات ؟

لبناء أي نظام ديمقراطي حقيقي يقتضي أن تعمل الدولة علي ضمان قاعدة حرية اختيار الشعب لممثليه عن طريق انتخابات دورية ونازيه،تجري علي أساس الاقتراع السري وعلي قدم مساواة بين الجميع ولا يتحقق هذا ألا بقيام الدولة بوضع الآليات الكفيلة لتحقيقه بنجاح و في ظل المتغيرات الدولية و الإقليمية و المحلية وفي ظل الإصلاح السياسي الذي تشهدها مصر، رأي الكثير من خبراء السياسة أن ضمان تحقيق انتخابات شفافة وعادلة فانه لا مفر من الإشراف القضائي علي الانتخابات لتتجسد بانتخابات سليمة وجدية ، حيث أن الانتخابات المزيفة تؤدي حتما ألي ديمقراطية مزيفة ، ولقيام أي نظام ديمقراطي حقيقي يتطلب أن تعمل الدولة على كفالة الحقوق السياسية و حمايتها بنصوص دستورية وقانونية بالقدر الذي يشجع مواطنيها علي المشاركة في الانتخابات بترجيح القانون على أي اعتبار و في كل الظروف لضمان قاعدة حرية اختيار الشعب لممثليه بكل حرية و نظرا لعلاقة الانتخاب بالحقوق والحريات العامة التي جاءت نتيجة الصراع الدامي للإنسان من اجل حقوقه و حرياته الأساسية ، وأهمية إقراره لكل فرد في الدولة للمساهمة في إدارة شؤونها بقدر ما تتيح له قدراته وموهبته، وعلى اعتبار أن الانتخاب أداه رئيسية في تحقيق التداول على السلطة و مؤشر على مدى وجود الديمقراطية من عدمه، كانت الدافع وراء اهتمام المجتمع الدولي بهذا الحق و بلورته مواثيق دولية في محاولة لإضفاء الحماية الدولية عليه حيث تناولت هذا الحق على الصعيد الدولي وأكدت عليه نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948 في المادة 21 القاضية بحق الأفراد في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة للبلاد بالطريق المباشر أو عن طريق اختيار ممثلين ، كما أكدت على حق كل شخص في ممارسة و تقلد الوظائف العامة في البلاد على قدم المساواة مع غيره من مواطني بلده، وهو نفس الاتجاه الذي جاءت به الاتفاقية الدولية بشان الحقوق المدنية و السياسية بنص المادة 25 القاضية بان إرادة الشعب هي مصدر السلطة و يعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة و دورية، تجرى على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع بهدف تعميق المسار الديمقراطي، لذا سنحاول البحث عن مدي فاعلية هذه الإلية . و هل الإشراف القضائي ضامن حقيقيا لشفافية ونزاهة الانتخابات؟!

ولكن أولا أود أن أوضح معني الإشراف القضائي،،الإشراف لغة مأخوذ من الشرف و الذي يعنى العلو والارتفاع اللذان يفيدان السيطرة و الهيمنة التامة من المشرف على المشرف عليه فمن عهد إليه بالإشراف على شيء فقد عهد إليه بالسيطرة التامة و الهيمنة الكاملة عليه ، أما المقصود بالإشراف من الناحية الفنية هو ملاحظة جهود الآخرين بقصد توجيهها الوجهة السليمة و ذلك عن طريق إصدار الأوامر و التعليمات و الإرشادات اللازمة لتحقيق ذلك، وإذا كانت العملية الانتخابية هي تلك العملية الإجرائية التي تمر بمجموعة من المراحل المركبة بعضها،ممهد أو سابق لعملية التصويت وأخر معاصر ولاحق لعملية التصويت،و التي كان على أساسها يتم اختيار الحكام و الممثلين من قبل الشعب وحتى يتحقق الاختيار الحر لمؤسسات الدولة كان الدافع وراء اهتمام الفقه الدستوري وتركيزه على إيجاد آلية يتم من خلالها تحقيق نزاهة وشفافية العملية الانتخابية،إذ ذهب اتجاه إلى القول بأنه من الضروري لتحقيق نزاهة وحيدة العملية الانتخابية إسناد مهمة الإشراف على تنظيم وتسيير العملية الانتخابية إلى حكومة انتقالية محايدة تتشكل من أشخاص معروفين بالنزاهة وبعدم ولائهم أو تحيزهم لأي حزب سياسي على أن تنتهي مهمة هذه الحكومة بمجرد الانتهاء من إدارة و تنظيم العملية الانتخابية بما يؤدى إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف الأحزاب السياسية،وتحقيق رقابة فعالة تحد من عمليات التلاعب التي تكتنف العملية الانتخابية،في حين ذهب اتجاه آخر إلى القول بضرورة إسناد مهمة الإشراف على العملية الانتخابية إلى مراقبين دوليين سواء كانوا تحت مظلة الأمم المتحدة أو لجنة القانونيين الدوليين أو الاتحاد البرلماني الدولي أو منظمات حقوق الإنسان أو الشخصيات العامة الدولية وذلك للقضاء على جميع مظاهر التلاعب بنتائج الانتخابات واستعادة جسور الثقة بين السلطة و المعارضة الا انه تعرض للانتقاد من قبل البعض مفاده أن وجود مراقبين دوليين وإشرافهم علي الانتخابات يمس بسيادة الدولة .

في حين ذهب رأى أخر إلى المطالبة بإسناد مهمة الإشراف على العملية الانتخابية للحكومة القائمة وإحاطتها بالضمانات الكفيلة لتحقيق نزاهة وسلامة عملية الاقتراع بما يضفى المصداقية و النزاهة على هذه العملية،والسبب في ذلك يعود حسب أصحاب هذا الرأي يكمن في صعوبة إيجاد حكومة محايدة لتعذر وجود عدد كاف من الشخصيات ينطبق عليها وصف الحياد المطلق اتجاه كافة الفاعلين السياسيين في الدولة كما إن القول بان نزاهة العملية الانتخابية لا تتحقق ألا بحكومة محايدة أمر مبالغ فيه على أساس تجارب الدول التي لها باع طويل في الديمقراطية، حيث تشرف على تنظيم وسير العملية الانتخابية بها الحكومة القائمة و لم تثر فيها قضية نزاهة الانتخابات من قبل الأحزاب السياسية أو المرشحين الأحرار،والواقع أن غالبية الدول أسندت مهمة تنظيم و تسيير العملية الانتخابية للحكومة القائمة مع إحاطتها بضمانات واليات قانونية من شانها تفادى مظاهر التحيز و التزوير،في حين عملت تشريعات بعض الدول على إسناد مهمة الإشراف على العملية الانتخابية إلى إحدى السلطات بالدولة التي يكفل الدستور حيادها و استقلالها عن باقي السلطات في الدولة والمجسدة في السلطة القضائية التي يتمتع أعضاؤها بالعديد من الضمانات وهو ما يوفر مناخا ملائما لإجراء العملية في جو تسوده أجواء الثقة المتبادلة بين كافة الإطراف تعكس بلا شك الثقة في سلامة و نزاهة العملية الانتخابية وجديتها، ومن ثم فان الإشراف القضائي يتمثل في منح السلطة القضائية مهمة السهر على سير العملية الانتخابية والإشراف عليها برمتها وذلك من خلال التقليص من تدخل الإدارة في هذه على العملية، علي أساس أن السلطة القضائية هي تلك الهيئة المختصة بتفسير القانون وتطبيقه على المنازعات التي تعرض عليها، ومن المتفق عليه أن السلطة القضائية لابد و أن تكون منفصلة ومستقلة في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية وفى مواجهة الأفراد حتى تتحقق الغاية المنشودة من وجودها المتمثلة في إعلاء إحكام القانون وحماية حقوق وحريات الأفراد عن طريق تمتين المساواة بين المواطنين.

كيف يتم تشكيلة اللجنة للإشراف على الانتخابات؟

تتشكل الهيئة المكلفة بالإشراف القضائي على العملية الانتخابية من قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة والجهات القضائية الأخرى و الذين يتم تعيينهم حصرا من قبل رئيس الجمهورية أو جهات مختصة حسب بمناسبة كل اقتراع، ويتولى أعضاء اللجنة للإشراف على الانتخابات بمجرد تعيينهم مهمة تعيين رئيس اللجنة .

من بينهم حتى يتولى القيام بالمهام و الصلاحيات التالية :

1- السهر على توحيد وتنسيق عمل اللجان الفرعية ودعوتها عند الاقتضاء للانعقاد في جمعية عامة للنظر في المسائل المرتبطة بنشاط اللجنة .
2- رئاسة اجتماعات اللجنة وإدارة المناقشات و كذا السهر على فرض الانضباط.
3- تعيين نائب رئيس أو أكثر وتوزيع المهام بينهم تعيين رؤساء وأعضاء اللجان الفرعية المحلية من بين أعضاء اللجنة ومستخلفيهم عند حدوث مانع لهم .
4- تدعيم اللجنة بقضاة آخرين ومستخدمين من أمانات الضبط وضباط عموميين لمساعدة اللجنة الوطنية عند الضرورة متابعة تنفيذ قرارات اللجنة .
5- تعيين الناطق الرسمي اللجنة وصرف نفقات اللجنة وما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أن القانون العضوي للانتخابات لم يحدد عدد القضاة .
6- متابعة تنفيذ قرارات اللجنة .
7- تعيين الناطق الرسمي اللجنة لصرف نفقات اللجنة .

وفي النهاية أدعو و أرجو من الله تعالي رب العالمين ،، أن يولي علينا من يصلحنا ويهدينا ،، و اللهم من أراد بمصر بخير فوفقه بكل خير ومن أراد مصر بسوء فاجعل كيده في نحره .

بقلم الأستاذ عمرو صالح

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .