السرقة الحدية في القانون الجنائي اليمني

د . نجيب سيف الجميل أستاذ القانون الجنائي

بكلية الحقوق جامعة عدن

عرف المشرع اليمني السرقة الحدية في نص المادة (294) من قانون الجرائم والعقوبات بأنها: أخذ مال منقول مملوك للغير خفية مما يصح تملكه، وفي غير شبهة ومن حرز مثله بقصد تملكه دون رضا صاحبه، وبلغ قيمته النصاب المحدد .

شروط قيام جريمة السرقة الحدية

ويتبين من هذا التعريف القانوني أنه لقيام السرقة الحدية يجب أن تتوافر عدة شروط هي :

1 – أن يكون أخذ المال خفية

2 – أن يكون المال منقولاً مملوكاً للغير

3 – أن يكون المال موضوعاً في حرز أي في المكان الحصين المعد لحفظ المال عادة بحيث لا يعد صاحبه مضيعاً له بوضعه فيه

4 – أن يكون المال نصاباً، أي أن تكون قيمته مثقالاً من الذهب يساوي نصف جنيه ذهب أبو ولد وتقدر قيمته بالريالات اليمنية حسب نص المادة (295) من القانون نفسه،

وهذه القيمة تقدر في الوقت الذي يسبق تنفيذ حد السرقة، أي تنفيذ العقوبة الحدية بقطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ.

5 – أن لا توجد شبهة في أخذ المال المنقول المملوك للغير.

شروط انتفاء قيام جريمة السرقة الحدية

ادا اختل شرط من الشروط السابقة لا تعتبر الجريمة سرقة حدية , كما أنها لا تعتبر سرقة حدية وفقاً لنص المادة (299) من قانون الجرائم والعقوبات في الأحوال الآتية:

1 – إذا حصلت السرقة من الأماكن العامة أثناء العمل فيها أو من أي مكان مأذون للفاعل الدخول إليها ما لم يكن المسروق محرزاً.

2 – إذا حصلت السرقة بين الأصول والفروع أو بين الزوجين أو بين المحارم.

3 – إذا كان مالك المسروق مجهولاً.

4 – إذا كان المسروق ثماراً على الشجر أو ما يشابهها وأكلها أخذها من غير أن ينقلها إلى مكان آخر.

5 – إذا كان الفاعل دائناً لمالك المال بدين حال ثابت بحكم نهائي وكان المالك مماطلاً وما استولى عليه الفاعل يساوي حقه أو أكثر من حقه بما لا يصل إلى النصاب.

6 – إذا تعدد الفاعلون ولم يبلغ ما أصاب الواحد منهم نصاباً.

عقوبة جريمة السرقة الحدية

وفقاً لنص المادة (928) من القانون اليمني فان العقوبة هى قطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ حداً، فإذا كرر نفس الفعل تقطع رجله اليسرى من الكعب، فإذا عاد مرة ثالثة إلى ارتكاب ذات الجريمة يستبدل القطع بالحبس مدة لا تتجاوز خمس عشرة سنة، وإذا تعدد الفاعلون للسرقة أقيم الحد على كل واحد منهم بصرف النظر عما ساهم به في السرقة.

سقوط عقوبة حد السرقة

تسقط عقوبة القطع حدا حسب نص المادة (299) القفزة الأولى إذا ثبت أمام المحكمة توفر حالة من الآتي:

1 – تملك الشيء المسروق بعد السرقة وقبل المرافعة أمام المحكمة.

2 – دعوى الملك المحتملة.

3 – نقص قيمة المال المسروق عن النصاب قبل تنفيذ الحد.

4 – عفو أصحاب المال المسروق قبل المرافعة أمام المحكمة.

5 – إذا لم يبلغ الجاني الثامنة عشر من العمر لحظة ارتكابه السرقة (هذه الحالة لم ينص عليه القانون).

6 – إذا أمر رئيس الجمهورية بإسقاط الحد متى اقتضت المصلحة ذلك (نصت عليه المادة (48) من قانون الجرائم والعقوبات)

وعلى القاضي وفقاً لنص المادة (46) من نفس القانون عند نظر دعاوى جرائم الحدود استفصال المتهم عن جميع مسقطات الحد ويبطل حكم الإدانة إذا ثبت أن القاضي لم يقم بذلك.

إثبات جريمة حد السرقة

تثبث جريمة حد السرقة وفقاً لنص المادة (297) من قانون الجرائم والعقوبات بالطرق الآتية:

1 – الاعتراف أمام القضاء ما لم يعدل عنه قبل تنفيذ العقوبة، أي قبل تطبيق الحد.

2 – شهادة رجلين عدلين.

3 – شهادة رجل وامرأتين عدول.

أي أن تخلف هذه الطرق الثلاث لإثبات جريمة السرقة الحدية يسقط تطبيق الحد.

ويلاحظ مما سبق اهتمام المشرع اليمني بجريمة السرقة الحدية، إذ خصص لها عدة مواد قانونية (294 إلى 299) تضمنها قانون الجرائم والعقوبات بينما أفرد للسرقة التعزيرية بنوعيها (خفية وبالإكراه) مادتين قانونيتين فقط، ويرجع ذلك إلى أخذه بأحكام الشريعة الإسلامية في ذلك بخلاف الكثير من التشريعات العقابية العربية، إلا إن تلك النصوص القانونية العديدة المتعلقة بجريمة السرقة الحدية لا تطبق في الواقع العملي لاسيما من قبل القضاء وخاصة عقوبة هذه الجريمة المتمثلة بتطبيق الحد وهو قطع اليد اليمنى للسارق من الرسغ، وفي حالة تكراره لنفس الفعل تقطع رجله اليسرى من الكعب وربما يرجع ذلك إلى عدم توافر أي شرط من شروط تطبيق الحد التي أوردتها سابقاً وسقوط الحد لأي سبب من الأسباب التي نص عليها القانون وسبق ذكرها أو لتوافر شبهة معينة تسقط الحد (فالحدود تدرأ بالشبهات) أو قد يعود ذلك إلى السياسة الجنائية التي تتبعها الجمهورية اليمنية، والتي تمنع تطبيق مثل هذا النوع من العقوبات البدنية التزاماً بما صادقت عليه من اتفاقيات أو مواثيق دولية تتعلق بحقوق الإنسان، وعملاً بالأخذ بالإصلاح والتأهيل كغرض أساسي للعقوبة بدلاً عن الردع والزجر، فالمشرع اليمني يهدف من النص على تلك العقوبة الحدية الشرعية إلى ردع وزجر عامة الناس وتخويفهم وترهيبهم بها حتى لا يقوموا بسرقة أموال وممتلكات الغير.