مناقشة قانونية حول حقوق الأقليات في العالم العربي

في إطار دعوات الإصلاح السياسي..دعت بعض المنظمات والجمعيات الحقوقية في العالم العربي لمؤتمرات وندوات لما يسمى حقوق الأقليات سواء الدينية أو الطائفية أو العرقية. وقد قوبلت هذه الدعوات بانتقادات حادة، واعتبرت تكريساً للانقسام، وإشعالا للخلافات قد يؤدي في النهاية إلى تمزيق الدولة الواحدة إلى عدة دويلات، وتنفيذا للأجندة الأمريكية في المنطقة فهل النبش في قضايا الأقليات من أولويات الإصلاح..أم لزعزعة الاستقرار..أم هي فكرة إسرائيلية الصنع لتفكيك الدول العربية إلى دويلات…
ننقل هذا الحوار الذي أجرته مجلة (المجلة) مع عبد الحليم قنديل، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة العربي المصرية:

هل ترى أن طرح قضايا الأقليات في العالم العربي للمناقشة خطيئة سياسية؟

الحديث في مسألة الأقليات مغلوط، والذين يتشدقون بهذا الكلام الآن يهدفون إلى زعزعة الاستقرار واختراق المنطقة العربية لتفكيكها إلى دويلات، فالقومية العربية لم تقم على أساس عرضي، وإنما على أساس ثقافي وتاريخي، فالوطن العربي يربطه الإسلام كعقيدة والعروبة كقومية.. وعلى الرغم من أن الأكراد هي الأقلية الوحيدة إلا أن الروابط التي تجمعها بالعرب أقوى من دواعي الانفصال.

وإذا عدنا للتاريخ سنجد أن صلاح الدين الأيوبي بطل العروبة والإسلام أصله كردي، وهناك حسني الزعيم بطل سوريا. والمشكلة الكردية في الأصل ليست عربية، فالاستعمار من خلال اتفاقيتي لوزان وسايكس بيكو كان السبب في ظهور المشكلة، فقد تشتت 25 مليون كردي بين تركيا (16 مليونًا)، والعراق (4 ملايين)، وإيران (4 ملايين)، وسوريا (مليون). وقد حصل الأكراد في العراق على الحكم الذاتي عام 1975م، بينما ترفض تركيا إعطاءهم مجرد الحديث أو التعليم بالكردية.

أما الأمازيغ (البربر) فهم مرحلة تاريخية من مراحل تطور الجزائر مثلما كان الفراعنة مرحلة من مراحل التطور المصري.. وقد امتزج البربر مع قبائل العرب مزجًا أدى إلى تعريب اللسان والفقه، بعد أن جمعهم الإسلام.. بينما الحديث عن الشيعة هدفه إثارة القلاقل بين الطائفة السنية والشيعة من أجل جر المنطقة إلى حروب طائفية، وبعد أن فشل الاستعمار الأنجلو أمريكي في إشعال تلك الفتنة بدأ البحث عن مناطق جديدة في الوطن العربي.

بالنسبة لأقباط مصر، فهم لا يوجدون في منطقة جغرافية بعينها، وليس لهم طرائق عيش مختلفة ولا سمات عرقية يمكن تمييزها عن بقية السكان.. فالحديث عن اضطهاد الأقباط حديث خرافي أساسه فكرة الانفصال السياسي والتاريخي غير الموجود في مصر.. وللسياسي الكبير مكرم عبيد مقولة مازالت تتناقلها الأجيال: “أنا مسيحي الدين، مسلم الوطن”.

وإذا تحدثنا بمنطق سعد الدين إبراهيم لانقسمت بريطانيا إلى 20 دويلة وكذلك أمريكا فلا يوجد بلد في العالم يعتنق كل مواطنيه دينًا واحدًا.. وإذا عدنا إلى قضية الأقليات في الوطن العربي سنجد أن الوضع في جنوب السودان الذي يسير الآن على طريق الانفصال، مخالف لدعاة مشاكل الأقليات. فجنوب السودان متعدد الأديان والأعراق مثل شماله.. والغريب أن عدد المسلمين في الجنوب 20% أكثر من المسيحين 18%. والاستعمار الغربي وأعوانه من دعاة اضطهاد الأقليات يهدف إلى نشر ثقافات يريد بها خلع ما يعرف بالأقليات من النسيج العربي لإلحاقها بسياسة الآخر الاستعماري، ففي جنوب السودان سيتم فرض اللغة الإنجليزية مع تدفق البترول، وسيتحدث الأمازيغ الفرنسية في الجزائر.

من وراء محاولة تفكيك الأمة العربية؟

أمريكا وتابعتها إسرائيل، وكل ذلك يتكشف من خلال دعوى الشرق الأوسط الكبير، الذي يهدف إلى إذابة الهوية العربية وفض كل ما هو إسلامي، وهذه الفكرة إسرائيلية الصنع، بدأ الحديث عنها من خلال خطة “دينو” التي تعتمد على استراتيجية شد الأطراف وتفتيت الدول العربية الكبرى إلى دويلات صغيرة، فتتحول مصر إلى ثلاث دويلات قبطية وإسلامية ونوبية. وسوريا إلى خمس دويلات، والعراق إلى ثلاث دويلات، والسودان ينقسم إلى شمال وجنوب.

وهل هناك تمويل لإثارة قضايا الأقليات في الوطن العربي؟

مؤسسة فورد الوثيقة الصلة بالمخابرات الأمريكية على علاقة قوية بمركز ابن خلدون منذ أواخر الثمانينات، وقد أنفقت تلك المؤسسة في الوطن العربي 15 مليون دولار، منها 5 ملايين دولار في مصر، أغلبها في الحديث عن مشاكل الأقليات، وقد اقتطع مجلس الشيوخ الأمريكي مليون دولار من المعونة الأمريكية المخصصة لمصر لمركز ابن خلدون، فيما يعد مكافأة شخصية لرئيسه سعد الدين، من أجل عناء الديمقراطية في مصر، وأنا لديَّ خطابات من أحمد الجلبي لسعد الدين إبراهيم تعود إلى عام 1994م، في هذه الخطابات كان يتم التنسيق بين الطرفين قبل مؤتمر ليماسول الخاص بمشاكل الأقليات.