السؤال الذي يطرح هنا هو عن الطبيعة القانونية للاكتتاب في راس مال الشركة وهي قيد التأسيس وبناءاً عليه هنالك اتجاهان رئيسان بهذا الصدد سنبحثهما في فرعين مستقلين كالتالي :

الفرع الاول : الاتجاه الاول :

ذهب هذا الاتجاه الى اعتبار الطبيعة القانونية للاكتتاب طبيعة عقدية اي انه عقد يتم ابرامه بين المكتتب والشركة بوصفها شخصاً معنوياً في دور التكوين يمثله المؤسسون(1) لذلك فان عملية الاكتتاب تتحلل الى عقد اطرافه الشركة والمكتتب ، فتقوم الشركة بعرض ايجاب مفصل لحث الجمهور على الاكتتاب بأسهمها ، ويعلف الجمهور قبوله للإيجاب المعروض ، وطبيعة هذا العقد يختلف عن العقود الاخرى التي تسبقها سلسلة من المناقشات والمفاوضات ، وهي تدخل ضمن عقود الانضمام (2).

الفرع الثاني : الاتجاه الثاني :

– اما الاتجاه الثاني فيذهب في تكيفيه للطبيعة القانونية للاكتتاب على انه صورة من صور الارادة المنفردة ، حيث يقوم المكتتب بالإعلان عن رغبته في الانضمام الى الشركة ويتعهد بأداء قيمة الاسهم التي اكتتب فيها، فيلزم بما تعهد به ، غير ان الاستناد الى الارادة المنفردة لايستقي ، لانها ليست من المصادر العامة للالتزامات حيث ان القانون المدني اودعها قوة تستطيع بها ان توجد التزاماً ، ولكنة قصر هذا الوضع على فرض واحد هو الوعد بجائزة ولم يشأ جعلها قاعدة عامة (3)

– كما الراي الذي يذهب لاعتبار الاكتتاب صورة من صور الارادة المنفردة قد تم انتقاده لتجاهله لارادة المؤسسين ، كون المكتتب لا يتقدم للاكتتاب الاتلبية لدعوة مؤسسي الشركة للاكتتاب بأسهمها (4)

– اما الراي القائل بكون الاكتتاب هي ذي طبيعة عقدية ، فقد اتجه بعض انصاره الى تحديد طرفي هذا العقد بالمكتتبين انفسهم وذلك وفقاً لنظرية ) لوكالة ( ، حيث ان كل مكتتب عندما يكتتب في اسهم الشركة فهو يفوض مؤسسي الشركة للبحث عن مكتتبين اخرين ، فيصبح بالتالي المؤسسون وكلاء لجماعة المكتتبين(5)

– وازاء كل هذه الراء التي طرحت للبحث عن الطبيعة القانونية للاكتتاب فنحن نرجح الطبيعة العقدية للاكتتاب ، حيث يكون الاكتتاب عقداً طرفاه جمهور المكتتبين والشركة صاحبة الشخصية المعنوية المستقلة اي بعد تأسيسها ، وكذلك المكتتبين والمؤسسون في الشركة التي تكوف في طور التأسيس ، كون المؤسسين يقدمون بالاكتتاب بجزء من الاسهم ومن ثم يدعون الجمهور للاكتتاب(6) وازاء التدخل التشريعي الواضح لعملية الاكتتاب وذلك من خلال مواد ونصوص قانونية كثيرة(7) ، فيمكن التوصل الى ان الطبيعة القانونية للاكتتاب هي طبيعة تتحمل التعايش بين كل من فكرتي العقد والنظام القانوني .

______________

1- د.مصطفى كمال طه الشركات التجارية ، ط 1 ، مكتبة الوفاء ، الإسكندرية ، 2009 ص 192

2- د.حسين توفيق فيض الله ، مستجدات قانون الشركات العراقي ، مكتب التفسير للنشر و الإعلان

اربيل ، 2006 ، ص 147

3- د.محمد فريد العريني ، الشركات التجارية ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2009، ص 176.

4- د.اكر ياملكي ، قانون الشركات )دراسة مقارنة ( ، منشورات جامعة جيهان الخاصة ،

. اربيل، 2012، ص 216

5- د.محمود سمير الشرقاوي ،الشركات التجارية في القانون المصري ،دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1986 ،ص 148

6- المادة 39 من القانون رقم 21 لسنة 1997

-7- المواد 40-44 من القانون 21 لسنة 1997

المؤلف : فرياد شكر حسين
الكتاب أو المصدر : مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك العدد18المجلد 5
الجزء والصفحة : ص184-188

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .