هل ان شهادة متهم على متهم جائزة قانونا ؟

إن هذه المسألة لم يرد بها نص خاص في مجلة الإجراءات الجزائية فهي “غير مقننة “ الا ان فقه القضاء يميل إلى قبولها “لكن بشروط محددة “.

اختلفت الاراء و لكن هناك شق من اهل القانون ممن يعتبر انه لا يجوز اعتماد تلك الشهادة “اطلاقا “و ذلك لعدة اسباب :

_فالقانون يمنح للمتهم ضمانات لعل أهمها “عدم أداء اليمين “و”عدم الإجابة إلا بحضور محام “و”حقه في الصمت “و”عدم الإجابة أصلا” و”إتاحة الفرصة له في إبعاد التهمة عنه “

ومن المفروض أن جملة هذه الحقوق التي يتمتع بها المتهم تضعف الثقة فيما يصدر عنه من تصريحات
_فضلا على “مبدأ تظافر الأدلة”فمن يقرأ بإمعان أحكام فصول مجلة الإجراءات الجزائية تتبدى له العناصر الواجبة الوجود للحكم بالإدانة وهي ضرورة توفر الأدلة والقرائن والحجج.

_كما ان “الوجدان الخالص”المكرس بالفصل 150 م ا ج يعتمد في جوهره على تظافر الأدلة القانونية المرجحة للإدانة والمؤدية إليها منطقيا_اي أن تكون وسائل الإثبات قاطعة وجازمة بحق المتهم أو المظنون فيه.

و بالتالي فان التصريحات المجردة الصادرة عن متهم ضد متهم لا يمكن أن تعد دليلا قانونيا طبق أحكام مجلة الإجراءات الجزائية وفقا للشروحات السالفة و ايضا لاعتبارات اخرى منها

_ 1_مبدا الأصل في الإنسان البراءة
_2- مبدأ الشك يفسر لمصلحة المتهم

فإذا كان دليل الإدانة “الوحيد” هو مجرد «شهادة متهم» فهذا يعني أن الشك مهيمن وعملا بقاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم فمن واجب المحكمة أن تقضي وجوبا بالبراءة .
._3_ الاعتراف غير كاف فما بالك بشهدة متهم على متهم

فمن الثابت أن اعتراف المتهم على نفسه لم يعد سيد الأدلة في المادة الجزائية ما لم يكن مؤيدا بدليل مادي أخر يعززه طبق الفصل 152 م ا ج الذي ورد فيه: “الإقرار مثل سائر وسائل الإثبات يخضع لاجتهاد الحاكم المطلق”. وكذلك الفقرة الثامنة من الفصل 69 م اج التي ورد فيها أن :<< …إقرار ذي الشبهة لا يغني حاكم التحقيق عن البحث عن براهين أخرى>> وبالتالي فإن الإقرار ليس دليلا قاطعا على ارتكاب المتهم الأفعال الإجرامية المسندة إليه وهو من الحجج القانونيّة الواجب على القاضي تحليلها حتى يتبيّن له الأخذ به أو طرحه.

وعليه فالأحكام الجزائيّة لا يمكن أن تبنى على الاعترافات المجرّدة غير المعزّزة بقرائن أخرى سواء كان هذا الاعتراف ضد النفس أو ضد الغير.

فطالما أن “شهادة” الإنسان على نفسه لا تكفي لان تكون دليل إدانة ويجب تدعيم هذا الإقرار بأدلة أخرى فانه ومن باب أولى أن لا تكون “شهادة” واحدة صادرة عن متهم دليل إدانة ضد غيره.

و اخيرا من المعلوم ان فقه قضاء محكمة التعقيب استقر على وجوب توفر عدة شروط لاعتماد شهادة متهم على متهم و هي ان تكون مستقرة و ان لا يكون الدافع درء التهمة و ان تكون معززة و مؤيدة بقرائن اخرى من شانها اقناع وجدان القاضي .

السيدة هالة دريس رئيسة الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف ببنزرت

إعادة نشر بواسطة محاماة نت