تعرف الشهادة بأنها، اخبار الإنسان في مجلس القضاء بحق على غيره لغيره (1)، وهي اخبار عن مشاهدة وعيان لا عن تخمين وحسبان، وتقوم الشهادة على الاخبار بواقعة عاينها الشاهد او سمعها بالذات، اذ يجب ان يكون الشاهد قد عرف شخصياً ما يشهد به بحواسه (2). وكانت الشهادة في الماضي، من أقوى الأدلة، فقد كانت هي الدليل الغالب في وقت لم تكن الكتابة فيه منتشرة، وكانت الشهادة هي التي تستأثر باسم (البينة) دلالة على ان لها المقام الأول في البينات، وعندما انتشرت الكتابة وتقلص ظل الامية بدأت الكتابة تسود، ثم اخذت المكان الأول في الاثبات، ونزلت البينة الى المكان الثاني لما تنطوي عليه من عيوب .. فالبينة تقوم على أمانة الشهود، وهم معرضون للنسيان، وقد تنقصهم الدقة، اضافة الى احتمال وجود شهود زور، في حين ان الكتابة كفتها راجحة، وكلما كانت بعيدة عن التزوير .. فهي أدق أداء وأكثر ضبطاً للوقائع، ولا يرد عليها النسيان، وهي دليل هيء مقدماً ليحيط بالواقعة المراد اثباتها احاطة شاملة، لانها اعدت لهذا الغرض (3). وللشهادة في الشريعة الاسلامية مقام كبير فقد وردت آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية شريفة تبين ذلك، فقد قال تعالى في كتابه العزيز (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل ومرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى)(4) و(ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه آثم قلبه)(5). وورد في الحديث الشريف ( من كتم شهادة اذا ادعى إليها كمن شهد بالزور)(6) وللشهادة أنواع من أهمها :

1-شهادة التعريف : نصت المادة السادسة / 1 (د) من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 على ان (لا ينعقد عقد الزواج اذا فقد شرطا من شروط الانعقاد او الصحة المبينة فيما يلي :

د. شهادة شاهدين متمتعين بالأهلية القانونية على عقد الزواج)، ونصت المادة 15 من قانون الكتاب العدول رقم 27 لسنة 1977 (الملغى) على ان (تعرف شخصيات أطراف العلاقة بالاستناد الى وثائق رسمية، او بمعرفة الكاتب العدل او بشهادة شاهدين، ويثبت ذلك على السند) وعندما صدر قانون الكتاب العدول رقم (33) لسنة 1998 نصت المادة (19) منه على ان يعرف الشخاص أطراف العلاقة بالاستناد الى الوثائق المعتمدة ويثبت ذلك في السند) ونصت المادة (24) منه على انه (إذا كان احد أطراف العلاقة أصم أو أبكم وعجز عن فهم محتويات السند يقوم الكاتب العدل بإفهامه محتوياته والتأكد من تأييده لها بدلالة أحد الاشخاص الذين يعرفون إشارته المعهودة بعد تحليفه اليمين بحضور شاهدين وبيان ذلك في السند) ونصت المادة(25) منه على أنه (اذا كان احد أطراف العلاقة عاجزاً عن التوقيع يقوم الكاتب العدل بتثبيت ذلك في السند مع بيان السبب بحضور شاهدين يوقعان على السند).

2-. الشهادة السماعية : وتسمى الشهادة على الشهادة، وفي هذه الشهادة يشهد الشاهد انه سمع الواقعة يرويها له شاهد يكون هو الذي رآها بعينه او سمعها باذنه، وتكون الشهادة السماعية دون الشهادة الاصلية من حيث اقتناع القاضي (7) ولم يتطرق قانون الاثبات العراقي إلى احكام الشهادة السماعية، ولم تأخذ محكمة التمييز بالشهادة على السماع فقد قضت (لا يعتد بالشهادة المنصبة على السماع) (8) و (لا تقبل الشهادة على السماع في إثبات المهر المؤجل)(9). اما قانون الأحوال الشخصية ففي المادة 44 منه اخذ بالشهادة على السماع في اثبات التفريق، فنصت على انه (يجوز اثبات اسباب التفريق بكافة وسائل الاثبات بما في ذلك الشهادات الواردة على السماع، اذا كانت متواترة، ويعود تقديرها الى المحكمة، وذلك لاستثناء الحالات التي حدد القانون وسائل معينة لاثباتها)(10). ولا تقبل الشهادة بالسماع، في قانون البينات الاردني الا في حالات الوفاة والنسب والوقوف الصحيح الموقوف لجهة خيرية منذ مدة طويلة. (م 39).

3-الشهادة بالتسمع (بالتواتر) : وهي شهادة بما تسمعه الناس ولا تنصب الشهادة على الواقعة المراد اثباتها بالذات، بل على الرأي الشائع بين الناس عن هذه الواقعة، فهي خير جماعة من الناس يقع العلم بخبرهم لا يتصور اتفاقهم على الكذب، وليس هناك عدد للشهود، فالمهم انه لا يعقل اتفاق الشهود بالتواتر على الكذب (11). وقضت محكمة التمييز (الشهادة على التسامع تقبل لاثبات اصل الوقف ولا تقبل لاثبات شروط الوقف ومعرفته)(12). واجاز علماء الشريعة الاسلامية الشهادة بالتسامع في النسب والموت والنكاح والدخول (13).

__________________

1-احمد ابراهيم، طرق القضاء ص284.

2-الاستاذ ضياء شيت خطاب، الوجيز، ص247. وقضت محكمة التمييز بجواز سماع شهادة الأعمى، القرار المرقم 722 / م2 / 1970 في 30 / 5 / 1972، النشرة القضائية العدد الثاني السنة الثالثة ص46 كشهادته في الروائح والطعوم ونحوهما مما يدرك بحاسة اللمس والشم أو الذوق، او ما يدرك بالسمع وهو الاصوات، ولا تقبل شهادة الاعمى على الافعال لان طريق العلم بها و البصر وقد ضاع منه. المرحوم الاستاذ منير القاضي، شرح قانون اصول المرافعات المدنية والتجارية بغداد 1957 ص174.

3-السنهوري، فقرة 165 ص319. الدكتور ادريس العلوي والعبدلاوي، وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي ج1 الرباط 1971 ص178 وما بعدها.

4-سورة البقرة الآية (282).

5-سورة البقرة الآية (283).

6-الدكتور عبد الكريم زيدان، نظام القضاء في الشريعة الاسلامية، بغداد، مطبعة المعارف 1984 ص166.

7-السنهوري، فقرة 162 ص213 – 313.

8-القرار التمييزي المرقم 769 /م4/1974 في 21/9/1974، النشرة القضائية، العدد الرابع السنة الخامسة ص199.

9-القرار المرقم 234/ش/7 في 24/2/1972، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز (قسم الأحوال الشخصية) اعداد الاستاذ ابراهيم المشاهدي)، بغداد، مطبعة أسعد 1989 ص244.

10-وانظر القرار التمييزي المرقم 273 / هيئة عامة / 1978 في 22 / 77/ 1978، مجموعة الأحكام العدلية، العدد الثالث 1978 ص52.

11-حسين خضير الشمري، دور الشهادات في الاثبات المدني، رسالة مقدمة الى المعهد القضائي / الدراسات القانونية المتخصصة 1991 ص16.

12-القرار التمييزي المرقم 3072 / م2 / 1974 في 23 / 11 / 1976، مجموعة الأحكام العدلية، العدد الرابع، السنة السابعة 1976، ص127 والقرار المرقم 2711 / م2 / 1975 في 19 / 4 / 1977 مجموعة الأحكام العدلية، العدد الثاني 1977 ص261 – 264.

13-احمد ابراهيم، طرق القضاء ص 30 وما بعدها. حسين المؤمن ص156 وما بعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .