دراسة قانونية حول الإجراءات البديلة عن عقوبة الحبس

إعداد: د. محمد بن عبد الله ولد محمدي
عضو هيئة التدريس قسم العدالة الجنائية
بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية

مجلة القضائية- العدد الثاني- رجب 1432هـ 99

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، خير من قضي بالحق ورفع الظلم عن المظلومين، حيث جاء بنظام شامل يهدف إلى توفير الحرية والأمن لجميع أفراد المجتمع، ويتخذ لذلك السبل الكفيلة بتحقيقه، وفي مقدمة تلك السبل النظام القضائي الذي يعتبر الطريق الصحيح للوصول إلى العدل الذي به قامت السموات والأرض، ولأهميته أكد القرآن عليه بصريح العبارة في أكثر من موضع، كما في قوله تعالى: (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحْسَانِ وإيتَاءِ ذِي القُرْبَى ويَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ والْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ([1]).

وإذا لجأ القضاء إلى تقييد حرية الفرد في بعض الحالات فإن ذلك يعتبر خلاف الأصل العام، وهو ليس من أجل إيذاء الفرد بعينه، بل لأجل تحقيق الأمان والحرية لجميع أفراد المجتمع الآخرين، وهذا المبدأ يعم العقوبات الأخرى التي يلجأ إليها القضاء في بعض الحالات.
وبالنظر إلى موقف القضاء في الإسلام من العقوبات في الجملة نجد أنه لا يهدف إلى إيقاع العقوبات بالفرد أساساً، بل إنه يضع سياجاً منيعاً دون إ]قاع أي عقوبة وذلك بوضع الشروط الدقيقة لثبوت موجبات العقوبة من جهة، ووضع الشروط الدقيقة أيضاً لتنفيذها بعد ثبوتها من جهة أخرى، ويتضح اتجاه القضاء في الإسلام إلى هذا المنحي من خلال تقرير قاعدة “درء الحدود بالشبهات” ([2])، والأخذ بقاعدة “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” ([3])، المؤيدة بالقاعدة الشرعية الأخرى التي تقول إن “الأصل في الأشياء الإباحية” ([4]).
وإذا كان الحبس من العقوبات التي يلجأ إليها القضاء، فإن النظام الإسلامي لا يتشوف إلى تنفيذ هذه العقوبة وإنما يجريها وفق المبادئ والقواعد السالفة كغيرها من العقوبات.
والحديث عن بدائل عقوبة الحبس أصبح ملحاً في عصرنا الحاضر لما تبين من العيوب والسلبيات المصاحبة للسجن، والنظام القضائي في الإسلام يأخذ بكل الوسائل التي تحقق المصالح أو تدرأ المفاسد بشرط ألا تتعارض مع ثوابت الشرع، ومن ذلك أنه يوجد لعقوبة السجن بدائل تغني عنها، حينما يكون إيقاع العقوبة مع وجود البديل المناسب حيفاً في حق الجاني، على أن تكون تلك البدائل متمشية مع كل مجتمع حسب طبيعة الجريمة، ونوعية المجرمين فيه، وذلك أن اختلاف أنظمة أي مجتمع وقوانين وثقافته يوجد تبايناً في ملائمة البدائل من بيئة إلى أخرى، وقد اختلف مناهج الباحثين في تناولهم للإجراءات البديلة عن الحبس، وذلك من حيث تقسيم وتنويع هذه الإجراءات، فمنهم من ينظر إليها نظرة عامة (نظرية) بغض النظر عن مدي تطبيقها في الدول العربية، وأصحاب هذه الأبحاث يذكرون ضمن الإجراءات البديلة أموراً لم تطبق إلا في بعض الدول الغربية، ومنهم من نظر إلى الإجراءات المطبقة في الدول العربية فتناولها بالبحث دون أن يضع لها معايير يجعل لكل زمرة منها إطاراً يجمع جزئياتها، ومنهم من قسمها تقسيماً عملياً فوضع كل مجموعة ذات طابع واحد تحت عنوان مستقل ([5])، مع خلو تلك الأبحاث التي تم الوقوف عليها من التأصيل الشرعي.
وبالنظر إلى مجمل البدائل تبين أنها –مع كثرتها وتنوعها- لا تخلو في الجملة أن تكون مادية كالغرامة ومصادرة بعض الممتلكات وإتلافها، أو تكون معنوية كالتوبيخ والتهديد والهجر والتشهير، أو تكون مقيدة للحرية تقييداً من نوع آخر كالإفراج الشرطي، أو المنع من السفر، أو الإلزام بالإقامة الجبرية في مكان معين، أو الإبعاد. لذا سيقتصر الحديث على نماذج من البدائل مرتبة حسب الطابع الذي تنتمي إليه مع تأصيلها وإلقاء الضوء على أهمية تطبيقها، والإشارة إلى أهم ضوابطها، وأبرز سبل نجاحها، وذلك من خلال المباحث الآتية:
المبحث الأول: مفهوم الحبس والإجراءات البديلة عنه.
المبحث الثاني: الإجراءات البديلة للحبس ذات الطابع المادي.
المبحث الثالث: الإجراءات البديلة للحبس ذات الطابع المعنوي.
المبحث الرابع: الإجراءات البديلة للحبس المقيدة للحرية.
المبحث الخامس: ضوابط التدابير البديلة عن الحبس وسبل نجاحها.

المبحث الأول
مفهوم الحبس والإجراءات البديلة عنه
1-1 الحبس في اللغة والاصطلاح
أولاً: الحبس في اللغة العربية:
الحبس في اللغة ضد التخلية، يقال: حبسه يحسبه حبساً فهو محبوس وحبيس، واحتبسه وحبسه أمسكه عن وجهه، واحتبسه واحتبس بنفسه يتعدي ولا يتعدي، والحبس والمحبسة والمحبس اسم الموضع الذي يحبس فيه ([6]).

والمتأمل في المعني اللغوي للحبس يجد أنه أعلم من السجن وإن كان اللغويون يعرفون السجن في الغالب بأنه الحبس جاء في المصباح: (سجنته سجناً من باب قتل حبسته والسجن الحبس، والجمع سجون) ([7]) وفي اللسان “السجن الحبس، والسجن بالفتح المصدر، سجنه يسجنه سجناً أي حبسة”([8]).
وعلى هذا فإن الحبس في اللغة هو: الإمساك عن الوجه والإيقاف من حيث هو، سواء كان ذلك عقوبة أو كان غير عقوبة كالحبس الذي هو بمعني الوقف (قربة)، أما السجن فلا يستعمل في العربية إلا بمعني العقوبة.

ثانياً: الحبس في الاصطلاح:
الحبس الذي نحن بصدده بحثه هو الحبس المرادف للسجن، وللفقهاء في تعريفه أكثر من وجهة نظر واحدة، فمنهم من عرفه باعتبار المكان المعد لهذه العقوبة أصلاً ومنهم من اعتبره أعم من ذلك فنظر إلى تقييد حرية السجين بأي شكل من الأشكال، وهذا الاتجاه هو الذي نصره ابن القيم وأيده، حيث قال: (اعلم أن الحبس الشرعي ليس هو السجن في مكان ضيق وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه حيث شاء، سواء كان في البيت أو في المسجد أو كان بتوكيل نفس الخصم أو وكيله عليه وملازمته له) ([9]).

وقد ظهرت مصطلحات عديدة مرادفة لكلمة السجن، مثل المؤسسة العقابية، المؤسسة الإصلاحية، المؤسسة العقابية والإصلاحية معاً، كما ظهر تغير في النظرة السوداوية إلى السجن إلى حد كبير، حيث أصبح ينظر إليه على أنه مؤسسة- وإن كانت عقابية- إلا أن فيها سمة اجتماعية وإصلاحية، وذلك نتيجة للجهود المبذولة خلال العقود القريبة في هذا الشأن ([10]).

2- مشروعية الحبس وموجباته
أولاً: مشروعية الحبس:
لم يكن الحبس من الأمور المحدثة، بل إنه يكاد يكون قديماً قدم الإنسان، حيث وجد في الشرائع السابقة، فقد نص القرآن الكريم على وجود هذه العقوبة في عهد يوسف عليه السلام، وأن نبي الله يوسف دخل السجن ولبث فيه بضع سنين.
وفي سنة رسول الله –صلي الله عليه وسلم- ما يدل على مشروعيته، فقد روي أبو داود في سننه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله- صلي الله عليه وسلم- حبس رجلاً في تهمة ([11]).

كما فسر كثير من العلماء عقوبة المماطل الذي يمتنع عن قضاء الدين الواردة في الحديث الشريف “لي الواجد يحل عرضه وعقوبته” ([12]) بأن المراد بها حبسه حتى يقضي ما عليه من الحقوق، قال السيوطي: “فسر عبد الله بن المبارك إحلال عرضه بإغلاظ القول له، وعقوبته بالحبس” ([13]).
كما حكي الإجماع على مشروعية الحبس كثير من الفقهاء، يقول الزيلعي: “وأما الإجماع فلأن الصحابة –رضي الله عنهم- ومن بعدهم أجمعوا عليه” ([14]).
ومن جهة المعني فإن فيه حفظ أهل الجرائم المتوقع إضرارهم بالمجتمع، مع أنه وسيلة لاكتشاف حال المتهمين ([15]).

ثانياً: الموجبات العامة للحبس:
سبقت الإشارة إلى أن الحبس بمعناه اللغوي أعم من السجن، وكذلك فإنه بمعناه الاصطلاحي يشمل تقييد الحرية في حالات عديدة، منها ما هو عقوبة، ومنها ما هو قبل الحكم بالعقوبة، لذا فإن الموجبات العامة للحبس بهذا المعني متنوعة وكثيرة، ونشير هنا إلى أهم الأسباب التي ذكرها الفقهاء ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
‌أ- حبس الجاني عقوبة له على جريمة اقترفها، وهذا هو الحبس العقابي، وللعلماء في تقدير مدته الجائزة أقوال وأراء، ليس هذا مقام تفصيلها، والأولى بالصواب فيها أنها ترجع إلى اجتهاد القاضي حسب حال الجاني وحال الجناية ([16]).
‌ب- حبس الجاني في غيبة المجني عليه، كمن وجب عليه القصاص في حال غيبه ولي الدم فإنه يحبس لمعرفة ما يؤول إليه الأمر وذلك حفظاً لمحل القصاص.
‌ج- حبس القاتل عمداً في حال سقوط القصاص عنه، وذلك للحق العام عند بعض الفقهاء.
‌د- حبس القاتل خطأ.
‌ه- حبس الممتنع من دفع الحق الحال عليه، متى ما ثبت أنه غير عاجز عن قضاء ما عليه، كما سبق ذكره في عقوبة المماطل.
‌و- حبس من امتنع من التصرف الواجب عليه الذي لا تدخله النيابة، كمن أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة فامتنع من تطليق الزائد على الأربع فإنه يحسب حتى يطلق ما زاد على الأربع ([17]).

1- 3 مزايا الحبس وعيوبه
أولاً: مزايا الحبس:
لا شك أن الحبس وسيلة من أهم وسائل الوصول إلى الحقيقة وإلى تحقيق العدالة القضائية، ومن مزاياه ما هو إصلاحي وما هو عقابي، فمن مزاياه حماية السجين وحماية المجتمع، ذلك أن السجين عرضة للاعتداء من قبل المعتدي عليه، فله الحق في الحماية بالحبس عن ذلك الاعتداء المتوقع، وكذلك للمجتمع الحق في عزل المجرم عنه ليعيش آمناً على نفسه وأعراضه، يقول الشوكاني: (إن الحبس وقع في زمن النبوة وفي أيام الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى الآن في جميع الأعصار والأمصار من دون إنكار، وفيه من المصالح ما لا يخفي لو لم يكن منها إلا حفظ أهل الجرائم المنتهكين للمحارم الذين يسعون في الإضرار بالمسلمين ويتعادون ذلك ويعرف من أخلاقهم، ولم يرتبكوا ما يوجب حداً ولا قصاصاً حتى يقام ذلك عليهم فيراح منهم العباد والبلاد، فهؤلاء إن تركوا وخلي بينهم وبين المسلمين بلغوا من الإضرار بهم إلى كل غاية، وإن قتلوا كان سفك دمائهم بدون حقها، فلم يبق إلا حفظهم في السجن والحيلولة بينهم وبين الناس بذلك حتى تصح منهم التوب أو يقضي الله في شأنهم ما يختاره) ([18]).
كما أن من مزاياه تهذيب السجين وإصلاحه، والحيلولة دون وقوع الجريمة وتفشيها، والحفاظ على المجرم، وجعله في متناول اليد عند الطلب من جهة وإشعاره بالمذلة والإهانة ليرتدع ويرتدع غيره بمصير المجرم من جهة أخرى ([19]).

ثانياً: عيوب الحبس:
أما عيوب الحبس فقد أولاها الباحثون اهتماماً كبيراً، ويري كثير من هؤلاء أن مؤسسة السجن لم تستطع القيام بمهمتها الأساسية التي وجدت من أجلها، ألا وهي التدريب على الجد والوقاية من الجرائم والإدماج الاجتماعي للأفراد المنحرفين في المجتمع. “بل إن هناك نظرات أكثر سوداوية للسجون تري أنها نوع من الشر، لأنها أصبحت أماكن لتعليم الانحراف لكل من يدخلها إذ يلتقي الإنسان الذي ارتكب الجريمة لأول مرة بمجرمين سابقين يلقنونه دروساً جديدة في الإجرام ويعلمونه أحدث أساليب ووسائل الجريمة” ([20]).

ويناقش اليوسف أبرز سلبيات السجون فيخلص إلى أن أهمها ما يلي:
1- إرهاق ميزانية الدولة، وذلك أن إنشاء السجون وإدارتها وحراستها يكلف الدولة أموالاً طائلة، وتزيد تلك التكلفة زيادة فائقة إذا أضيف إلى مهمة تقييد الحرية ومنع الهروب مهمة الإصلاح والتأهيل.
2- ما ينتج عن تكدس السجون واكتظاظها بالنزلاء من آثار سلبية متعددة، منها انتشار الأمراض، وفشل البرامج المقدمة للنزلاء أو ضعفها على الأقل، وعدم التمكن من عملية تصنيف النزلاء، والضغط على مرافق السجون، وزيادة معاناة النزيل ….. الخ.
3- تعطيل الإنتاج، وذلك أن كثيراً من السجناء أصحاء قادرون، ويعتبر وضعهم في السجون تعطيلاً لقدراتهم.
4- إفساد المسجونين، وذلك إما بتعلم بعضهم من بعض فنون الجريمة أو قتل الشعور بالذات، وفقدان الثقة في النفس والإحساس بالنقص فيصبح السجين غير قادر على التكيف مع المجتمع.
5- تكرار العود للجريمة، وذلك أن كثيراً من الدراسات والبحوث أثبتت عودة الكثير من المجرمين للسجن ([21]).

1- 4 مفهوم الإجراءات البديلة عن الحبس
أولاً: البديل في اللغة العربية:
البديل في اللغة بمعني البدل، وبدل الشيء غيره والخلف منه، وجمعه أبدال، واستبدل الشيء وتبدله به إذا أخذه مكانه. جاء في اللسان: “والأصل في التبديل تغيير الشيء عن حالة، والأصل في الإبدال جعل شيء مكان شيء آخر” ([22]). أما الحبس فقد سبق تعريفه اللغوي.

ثانياً: التعريف الاصطلاحي للإجراءات البديلة عن الحبس:
عرف بعض الباحثين بدائل السجون بأنها: “اتخاذ عقوبات غير سجنية ضد المذنبين” ([23]).
أو هي “استخدام عقوبات غير سجنية بدلاً من العقوبات البديلة السجنية” ([24]).
والملاحظ أن التعريف الثاني يخرج العقوبات المقيدة للحرية عموماً من مفهوم الإجراءات البديلة عن الحبس وأن التعريف الأول يحصر البدائل في عقوبة المذنبين، ولكي تشمل “الإجراءات البديلة عن الحبس” ما هو عقوبة وما ليس بعقوبة، فالأولى أن تعرف بأنها: (اتخاذ وسائل وعقوبات غير سجنية بدلاً من استعمال السجن سواء كانت تلك الإجراءات المتخذة قبل المحاكمة أو أثناءها أو بعدها).
ويشير أحمد الحويتي إلى أن الاتجاه العام سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي يتجه نحو استخدام الإجراءات البديلة عن الحبس، خاصة في الجرائم البسيطة، إلا أن هذا التوجه لا يزال محدوداً من الناحية العملية ([25]). ولهذا الاتجاه أسباب دفعت الدول العربية إلى الاهتمام به منها:
‌أ- تجنب الآثار السلبية لدخول السجن: فقد أجمعت الدول العربية على هذا السبب وأصبحت اللجوء إلى نظام البدائل يعكس اقتناع سياساتها الجنائية بوجود آثار سلبية، كما يعكس ضرورة تطبيق عقوبات بديلة لإصلاح المنحرفين والمذنبين.
‌ب- المساعدة على تلبية احتياجات المذنب والأسرة والمجتمع وفي هذا إشارة إلى نظرية تفريد العقوبة أي ضرورة مراعاة ظروف الجاني الشخصية والأسرية من جهة وحماية المجتمع من جهة أخرى.
‌ج- تجنب إبعاد المذنب عن المجتمع: يعكس الاتفاق حول هذا السبب اقتناع الدول العربية بالنقد الموجه للسجن والمتمثل في التناقض بين ضرورة إصلاح المذنب لإدماجه في المجتمع، وما يؤدي إليه حبسه من فصله عن هذا المجتمع من جهة أخرى.
‌د- استخدام البدائل لا يؤدي إلى زيادة في الجريمة: تؤكد معظم البحوث والدراسات التي أجريت في أمريكا وأوروبا التي قطعت أشواطاً لا بأس بها في هذا المجال أن استخدام البدائل لم يؤد إلى أية زيادة في معدل الجريمة، إلا أن حداثة استخدام البدائل في الدول العربية قد لا يسمح لها بالوصول إلى مثل هذه النتائج الآن، وخاصة أنه لم تتم دراسات معمقة في هذا الموضوع.
‌ه- التخفيض من عدد النزلاء بالسجون، يتضمن هذا السبب فائدتين الأولى عدم اللجوء إلى السجن إلا عند الضرورة القصوى والاستعاضة عنه بالبدائل، والثانية أن التخفيض من عدد النزلاء يمكن من توفير برامج إصلاحية لإفادتهم.
‌و- الأسباب الاقتصادية: استخدام البدائل سيسهم في حل المشكل الاقتصادي الذي يعاني منه كثير من الدول العربية، حيث سيمكن من التخفيف من الأعباء المالية المترتبة على زيادة أعداد النزلاء بالسجون وبناء السجون وصيانتها ([26]).

المبحث الثاني
الإجراءات البديلة عن الحبس ذات الطابع المادي
2- 1 الغرامة المالية
أولاً: الغرامة في اللغة والاصطلاح:
الغرامة في اللغة ما يلزم أداؤه، مأخذوة من الغرم وهو الدين، ويقال رجل غارم أي عليه دين، ويطلق الغريم على الذي له الدين وعلى الذي عليه الدين، وجمعه غرماء ([27]).
والغرامة معناها الاصطلاحي لا يخرج عن معناه اللغوي في الجملة، وهو أنها ما يلزم أداؤه، إلا أنها إذا قيدت بالمالية تبلور لها معني أخص من المعني اللغوي وهو أنها “مال يجب أداؤه تعزيراً أو تعويضاً” ([28]).
وذلك أن الغرامة المالية قد تكون تعويضية عما حصل من الضرر الواقع بالتعدي أو بالخطأ كأرش الجناية ورد المال المغصوب، وقد تكون تعزيرية وهي بهذا المعني جزاء يقدره الوالي أو من ينيبه، يلزم الجاني بأدائه من ماله بعد الحكم يدفع لمستحقه، سواء كان مستحقه فرداً من الأفراد أو بيت المال ([29]).
والغرامة التعزيرية هي المبحوثة هنا كبديل من بدائل الحبس.

ثانياً: مشروعية الغرامة المالية:
أجاز الغرامة المالية كثير من الفقهاء مستندين إلى بعض الأحاديث والآثار منها:
أ‌- حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- أنه سئل عن الثمر المعلق فقال: “من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن، فعليه القطع ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثلية والعقوبة” ([30]).
ب‌- وما رواه عبد الرازق وغيره أن عمر –رضي الله عنه- عاقب بالغرامة غلماناً لعبد الرحمن بن حاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فنحروها، فقال عمر لعبد الرحمن: “أما والله لولا أني أظن أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو أن أحدهم يجد ما حرم الله عليه لأكله لقطعت أيديهم، ولكن والله إذ تركتهم لأغر منك غرامة توجعك، ثم قال للمزني كم ثمنها؟ قال كنت أمنعها من أربعمائة، قال: أعطه ثمانمائة” ([31]).
ومع وجود الخلاف الفقهي في جواز التعزير بالمال إلا أن القول بالجواز رجحه كثير من المحققين وممن نصره ابن القيم حيث قال: “ومن قال إن العقوبات المالية منسوخة وأطلق ذلك فقد غلط على مذاهب الأئمة نقلاً واستدلالاً” ([32]). فمن أخذ بالقول بالجواز كان له استبدال هذه العقوبة بالحبس، وليس هناك ما يمنع القاضي من الجمع بين عقوبة الغرامة وعقوبة أو عقوبات أخرى، أو أن يجعل الغرامة بديلاً عن غيرها من العقوبات كالسجن ونحوه، وبناء على أن التعزير مفوض أمره إلى القاضي، ولا شك أن تطبيق عقوبة الغرامة بدلاً من السجن أمر إيجابي لما للغرامة من وقع في نفس المجرم، لأن المال كما يقال شقيق النفس، وبذلك يكون الأثر الذي ستتركه الغرامة في بعض الجناة أكثر إيجابية من أثر السجن بالنسبة لهم، يضاف إلى ذلك ما يكلفه السجن، وما يكتنفه من سلبيات سبق الحديث عن بعضها([33]).
وقد أثبت هذا البديل جدواه في الدول التي طبقته كما في تركيا التي تستبدل عقوبة الغرامة النقدية بالسجن دون الشهر، وفي لبنان التي ينص قانونها على أن الحرية تترك للقاضي لاختيار العقوبة الأنسب، سواء كانت حبساً وغرامة معاً، وكانت بإحدى العقوبتين فقط ([34]).

ومن الضوابط المتمشية مع روح الشريعة الإسلامية لهذه العقوبة أنها تحدد تبعاً لدخل المحكوم عليه، فيقتطع من دخله نسبة معينة تذهب لخزينة الدولة أو صندوق خاص بإنشاءات معينة أو بمشاريع خاصة بنظام العدالة الجنائية، أو لمؤسسات رعاية السجين والجمعيات التي يتولى أفرادها المراقبة الاجتماعية بتكليف من المحكمة، ففي مراعاة تناسب الغرامة مع دخل الفرد تجاوب كبير مع مبادئ العدالة والمساواة بين الناس، إذ إن تحديد الغرامة دون النظر إلى مستوى الفرد يعتبر مرهقاً لصاحب الدخل القليل، وغير مؤثر في صاحب الدخل المرتفع، كما أنه نوع من تفريد العقوبة بحيث تحدد الغرامة بالنسبة للشخص وليس فقط بالنسبة لنوع الجرم المرتكب ([35]).

2- 2 المصادرة والإتلاف
أولاً: مفهوم المصادرة والإتلاف:
أ‌- المفهوم اللغوي
المصادرة في الأصل اللغوي مأخوذة من الصدور وهو الانصراف، جاء في المصباح “صدر القوم صدوراً من باب قعد، وأصدرته بالألف، وأصله الانصراف” ([36])، ثم استعمل بمعني صرف الشيء عن صاحبه بإلحاح وقوة، فقيل: صادرت الدولة الأموال استولت عليها عقوبة لمالكها ([37]).
أما الإتلاف فمأخوذ من التلف وهو الهلاك؛ تلف يتلف تلفاً هلك، وتعدي بالهمزة فيقال: أتلف فلان ماله إتلافاً إذا أفناه إسرافاً ([38]).

ب‌- المفهوم الاصطلاحي:
المراد بالمصادرة هنا الإجراء الذي يتم به نقل ملكية مال أو غيره لصلته بالجريمة من ذمة صاحبه قهراً دون مقابل إلى ذمة الدولة ([39]).
ويعتبر الإتلاف من قبيل المصادرة؛ لأن من الأشياء التي تصادر ما قد يكون مآله الإتلاف كالمواد المخدرة، والمواد الفاسدة التي لا يمكن أن تستعمل ونحو ذلك، وقد تكون المصادر بمثابة حرمان الجاني من بعض الحقوق كما في مصادرة رخص قيادة السيارات والتراخيص الصناعية والتجارية أو المهنية ([40]).

ثانياً: مشروعية المصادرة والإتلاف:
للمصادرة والإتلاف أصل في الشريعة الإسلامية، حيث ثبت أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- حكم بمصادرة نصف مال الممتنع عن أداء الزكاة عقوبة له على فعله، كما في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جدة وفيه “…. ومن منعها (أي الزكاة) فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا عز وجل ليس لآل محمد منها شيء ..” ([41]).
كما أمر –صلي الله عليه وسلم- بكسر الدنان وإراقة الخمر ([42]).
لذلك تعتبر المصادرة بمختلف أنواعها من العقوبات التعزيرية التي فوضت الشريعة أمرها إلى القاضي متى ما رأي مصلحة في ذلك ([43])، كما فوضت له استخدامها كبديل لعقوبة السجن، كما هو معمول به في بعض الدول ([44]).

المبحث الثالث
الإجراءات ذات الطابع المعنوي (النفسي)
3- 1 النصح والتوبيخ والتهديد
أولاً: مفهوم النصح والتوبيخ والتهديد:
أ‌- المعني اللغوي:
أصل النصح في العربية الخلو ص، يقال عسل ناصح أي خالص، وكل شيء خلص فقد نصح، ومنه التوبة النصوح أي الخالصة، وهو أيضاً نقيض الغش ([45]).
والتوبيخ في اللغة التانيب واللوم، يقال وبخت فلاناً بسوء فعله توبيخاً إذا لمته به ([46]).
والتهديد والتهدُّدُ والتَّهْداد من الوعيد والتخويف، يقال هدده وتهدده إذا توعده بالعقوبة ([47]).

ب‌- المعني الاصطلاحي:
لا يختلف المعني الاصطلاحي لهذه الكلمات عن المعني اللغوي كثيراً، وغير خاف من المعني اللغوي أن النصح دون التوبيخ وأن التوبيخ دون التهديد، وذلك أن النصح هو تذكير الشخص بحقيقة ما وقع منه وتنبيهه أنه كان ينبغي أن لا يقع منه مثله، فيتذكر إن كان ناسياً، ويتعلم إن كان جاهلاً، فيتنبه إلى الخطأ الذي أقدم عليه.
أما التوبيخ ففيه لوم وتعنيف وعتاب، ويكون بزواجر الكلام مع النظر إلى الجانب بوجه عبوس.
وترقي درجة التهديد عن درجة النصح والتوبيخ لما تنطوي عليه من التخويف والتوعد بالعقوبة ([48]).

ثانياً: مشروعية هذا البديل:
دل القرآن الكريم على مشروعية التعزير بالوعظ (النصح) في قوله تعالى (واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًا كَبِيرًا) ([49]).
ومن المعلوم أن نشوز الزوجة جريمة لا حد فيها، وإنما عقوبتها تعزيرية، وأمر الله في هذه الآية بأن يكون التعزير في هذه الحالة بالوعظ، فدل ذلك على أن الوعظ من العقوبات التعزيرية، والعقوبات التعزيرية يختار منها القاضي ما يراه مناسباً وله أن يبدأ بهذه العقوبة المعنوية كبديل من بدايل السجن، قال القرطبي: “أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولاً، ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فالضرب …. والضرب في هذه الاية هو ضرب الأدب غير المبرح” ([50]).
كما دلت السنة على مشروعية التوبيخ تعزيراً للجاني، ففي الحديث عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: “أتي النبي –صلي الله عليه وسلم- برجل قد شرب، قال: اضربوه، قال أبو هريرة –رضي الله عنه- فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه” ([51]). وفي رواية: ثم قال رسول الله –صلي الله عليه وسلم- لأصحابه “بكتوه” ([52])، فأقبلوا عليه يقولون، ما اتقيت الله، ما خشيت الله، وما استحييت من رسول الله –صلي الله عليه وسلم- ثم أرسلوه، وقال في آخر: “ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه”([53]).
فذل الحديث على مشروعية التعزير بالتوبيخ والتعنيف والتقريع، لأنها بمعني التبكيت المذكور في الحديث.
ومما يدل على مشروعية التعزير بالتهديد توعد الرسول –صلي الله عليه وسلم- وتهديده لمن منع الزكاة بأنه سيأخذها منه ويأخذ معها نصف ماله عقوبة له على جريمة المماطلة بالزكاة المفروضة ([54]).
ومن التعزير بالتهديد ما فعله عمر –رضي الله عنه- عندما اشتكي إليه رجل رجلاً آخر هجا قومه وشتمهم بشعر فقال عمر: “لكم لسانه، ثم دعا الرجل فقال إياكم أن تعرضوا له بالذي قلت فإني إنما قلت ذلك عند الناس كيما لا يعود” ([55]).

وتأخذ غالبية القوانين في الدول العربية بهذه الإجراءات كبديل عن الحبس، ولاسيما مع الأحداث المنحرفين، كما طبقته بعض الدول العربية على البالغين، حيث طبقته دول الكويت وأدرجته في قانونها، لكنها قصرته على نطاق المخالفات. وقد يكون الإجراء مقترناً ببديل آخر، أو بأكثر، كالمصالحة مع المجني عليه، أو منحه عوضاً مادياً، أو بأخذ الغرامة من الجاني، ولهذا النوع من البدائل أثر زجري بالغ الأهمية والفائدة لدي فئة المتهمين غير الخطرين، ولاسيما الذين ارتكبوا الجرم عن طريق الخطأ، وكذلك الذين تدل سيرتهم الذاتية على حسن سلوكهم، ويري القاضي فيهم الصلاح ودلائل الخير والبعد عن ميدان الجريمة والانحراف.

ويقضي هذا الإجراء بتوجيه النصح والتوبيخ والتقريع الشديد اللهجة للمتهم، وكذلك استهجان السلوك المرتكب على أن لا يتضمن ما يفيد الحط من كرامة المتهم وإنسانيته. كما يقتضي الإجراء أيضاً إبلاغ المتهم بأنه سيتعرض لعقوبة أشد في حال وقوع الجريمة منه ([56]).

3- 2 الهجر والتشهير
أولاً: مفهوم الهجر والتشهير:
أ‌- المعني اللغوي:
الهجر بالفتح ضد الوصل، هجره يهجره هجراً وهجراناً صرمه وقاطعه، وهجر الشيء وأهجره تركه ([57]).
والتشهير من الشهرة وهي الظهور والوضوح، شهره تشهيراً، واشتهره فاشتهر أي ظهر بوضوح، وسمي القمر شهراً لشهرته وظهوره ([58]).

ب‌- المعني الاصطلاحي:
لا يخرج المعني الاصطلاحي عن المعني اللغوي للهجر كثيراً لأن المراد به في العقوبات التعزيرية هو “الترك وعدم الاتصال بالجاني والامتناع عن معاملته بأي طريقة كانت”.
أما التشهير فهو: “الإعلام بأمر الجاني وإذاعة خبرة، وإفشاء جريمته بين الناس من أجل إقلاعه عنها، وردع غيره عن الإقدام على مثل فعله” ([59]).

ثانياً: مشروعية الهجر والتشهير (كعقوبة تعزيرية):
أ‌- مشروعية الهجر:
تعتبر عقوبة الهجر من العقوبات ذات التأثير المعنوي (النفسي)، وفي الغالب يكون تأثيرها على مرتكب المعصية شديداً، ولاسيما إذا كان من ذوي الهيئات، فإن هذه العقوبة النفسية تكون رادعة له عن تكرار الجريمة أكثر من ردع الحبس الذي ربما خلف آثاراً سلبية بالنسبة للسجين وأٍرته، بالإضافة إلى ما يكلفه السجن من أموال طائلة، وقد دل على مشروعية التعزير بالهجر الكتاب والسنة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم.
أما في الق{آن فمنصوصه في قوله تعالى: (واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ) .. الآية.
كما دلت السنة على مشروعية التعزير بالهجر، حيث هجر النبي –صلي الله عليه وسلم- الثلاثة الذين تخلفوا عنه في غزوة تبوك، يقول كعب بن مالك –رضي الله عنه- وهو أحد الثلاثة: “ونهي رسول الله –صلي الله عليه وسلم- المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال فاجتنبنا الناس وقال تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد” ([60]).
وقد عاقب عمر رضي الله عنه صبيغاً بالهجر، بسبب ما بدر منه من الأسئلة المتكلفة التي فيها أغلوطات، وضربه مرة بعد مرة، ونفاه وأمر أن لا يجالسه أحد، فكان إذا جاء الناس وهم مائة تفرقوا عنه، وظل كذلك حتى كتب أبو موسي –رضي الله عنه- بحسن توبته، فأمر عمر أن يخلي بينه وبين الناس ([61])..
فيستفاد من الوقائع السابقة أن الهجر قد يكون عقوبة مستقلة بديلة عن الحبس كما فعل الرسول –صلي الله عليه وسلم- مع الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزوة، كما قد يكون مضافاً إلى عقوبة أخرى، كما فعل عمر –رضي الله عنه- لصبيغ، حيث عاقبه عقوبة بدنية ونفاه بالإضافة إلى الأمر بهجرانه.

ب‌- مشروعية التشهير:
للتشهير بالجاني أثر بالغ في نفسه لما يعرضه التشهير للجاني من انتقاد المجتمع له وبسخطه عليه وفقدان الثقة فيه، وهو من العقوبات التعزيرية التي نصت عليها الشريعة الإسلامية، ويمكن استخدامها كعقوبة بديلة عن الحبس، فقد روي عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنه عزر بالتشهير، حيث أمر بتسويد وجه شاهد الزور وأن تلقي عمامته في عنقه ويطاف به في القبائل ويقال إن هذا شاهد الزور فلا تقبلوا له شهاد ([62]) وإركابه ركوباً مقلوباً ([63]).
كما روي أن شريحاً كان يؤتي بشاهد الزور فيطوف به في أهل مسجده وسوقه أنا قد زيفنا شهادة هذا، وذكر كثير من فقهاء الشريعة الإسلامية أن الجاني في بعض الجرائم يشهر به ويسجل عليه ما فعله، وتجعل من ذلك نسخ تودع عند الذين يوثق بهم من الناس ([64]).
والمتتبع للتطبيقات القضائية في التشهير يجد أن بعض الجرائم اشتهرت فيها عقوبة التشهير بين الفقهاء، وأن هذه العقوبة تكون غالباً في الجرائم التي يقتضي التشهير فيها بالجاني مصلحة عامة كالجرائم التي يعتمد فيها على الثقة بالفرد، كشهادة الزور، والجور في القضاء، والجرائم التي يخشي أن تقلد العامة فيها الجاني فيما اقترفه مما يفسد الأخلاق أو المعتقدات ([65]).
أما طريقة التشهير ووسيلتها، فإن لكل زمان ما يناسبه وما يتوافر فيه من وسائل، والذي يظهر أن كل وسيلة تحقق الغرض من التشهير يجوز الأخذ بها، وأن ما كان يحصل قديماً من إركاب الجاني إركاباً مقلوباً ومن الطواف به، والمناداة بين الناس بفعله، إنما كان الهدف منه إيصال الخبر إلى أكبر عدد ممكن من ذلك المجتمع، ولا شك أن تطور الوسائل في هذا العصر، ولاسيما الوسائل الإعلامية، المقروءة والمسموعة والمرئية يفي بهذا الغرض ([66]).

المبحث الرابع
الإجراءات البديلة عن الحبس المقيدة للحرية
4- 1 نظام الإفراج الشرطي
المراد بنظام الإفراج الشرطي أن يفرج عمن حكم عليه بالحبس بعد انقضاء فترة من مدة العقوبة المحكوم بها عليه، لكن تقيد حريته بشروط والتزامات يخضع لها، فإن استطاع الوفاء بتلك الشروط والالتزامات أفرج عنه نهائياً، وإن أخل بها أعيد إلى الحبس لاستكمال المدة المتبقية عليه ([67]).
وللإفراج الشرطي عدة اعتبارات، أهمها تشجيع المحكوم عليه على انتهاج السلوك القويم والنظام وإتباع التعليمات وتنفيذ برامج المعاملة العقابية ويعد أيضاً وسيلة لخفض نفقات المؤسسات العقابية وتخفيف ازدحام السجون، كما أنه يعطي الثقة بالنفس للمحكوم عليه بعد نجاحه في تنفيذ الشروط والالتزامات، مما يزيد من فرص تعايشه مع المجتمع والابتعاد عن مخالفة القانون ([68]).

وله شروط أهمها:
1- استفادة المحكوم عليه من برامج التأهيل داخل السجن ضماناً لتقويم سلوكه.
2- أن تمضي على الجاني فترة معينة من المدة المقررة عليه، وأن تكون تلك المدة مناسبة لحجم الجريمة، فلا يكفي مضي مدة ضئيلة بالنسبة لأصحاب الجرائم الخطرة.
3- وفاء المحكوم عليه بالتزاماته المالية؛ لأن ذلك دليل على ندمه على ما حصل منه إذا كانت الإدانة بأمور مالية ([69]).
4- 2 نظام شبه الحرية
يقصد به إلحاق المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية بعمل خارج المؤسسة العقابية بحيث يسمح له بمغادرة المؤسسة في صباح كل يوم وإلزامه بالعودة إليها كل مساء بعد انقضاء فترة العمل على أن يبيت بالمؤسسة وكذلك يمضي فيها أيام العطلة ([70]).
وبهذا النظام تقسم حياة المحكوم عليه اليومية إلى قسمين: قسم يمضيه خارج المؤسسة العقابية، ويعيش من خلاله عيشة المواطن العادية وكأنه لم يحكم عليه بعقوبة، وقسم يمضيه داخل المؤسسة العقابية، يخضع خلاله لنفس المعاملة العقابية التي يخضع لها سائر المسجونين إلا أن الذي يعامل وفق هذا النظام يميز بمكان منفصل ومستقل بمرافقة عن النزلاء الآخرين، منعاً لاختلاطه بهم الذي قد يكون له أثره السلبي عليه ([71]).
وأهم المزايا التي تمنح للمحكوم عليه في هذا الحال، أنه يرخص لهم بارتداء ملابسهم العادية، كي لا يتعرف الناس عليهم حينما يغادرون المؤسسة العقابية، كما يرخص لهم بحيازة النقود التي يحتاجونها في حالة وجودهم خارج السجن.
أما الالتزامات التي تفرض عليهم فأهمها: الالتزامات التي تهدف إلى ضمان تحسين سلوكهم والتي تدل على تقدمهم في التأهيل، كالمواظبة على العمل، وحسن الأداء، والعودة إلى المؤسسة العقابية في الوقت المحدد لهم. وبالإضافة إلى هذه الالتزامات العامة فإنه قد تفرض على من يخضع لهذا النظام التزامات أخرى حسب الظروف والملابسات التي تظهر للقضاء خلال تنفيذ هذا النظام ([72]).

4- 3 الإدانة وتأجيل الحكم
ويسمي هذا النظام أيضاً بوقف تنفيذ الحكم مع المراقبة، وقد عملت به سلطات قضائية عديدة عربية وغير عربية، ويقضي هذا النظام بإدانة المتهم ولكن بوقف تنفيذ الحكم، ويوضع المتهم تحت المراقبة لمدة معينة تزيد وتنقص بزيادة حجم الجريمة المرتكبة ونقصان حجمها، وإذا ارتكب المدان جريمة أخرى أثناء تلك الفترة ينفذ عليه الحكم ([73]).

وبعض الأنظمة لا ينص على الإلغاء الفوري لوقف الحكم في حال ارتكاب المتهم جرائم أخرى، لكنها تستخدم إجراءات مغايرة لتفادي عودة المدان إلى السجن ومن تلك الإجراءات: التوبيخ، الإنذار، تمديد فترة المراقبة وأخذ تعهد عليه، فرض غرامة معينة، ولا تطبق هذه الإجراءات عادة إلا في الجرائم البسيطة التي لا تهدد أمن المجتمع وسلامته، ومن الدول العربية التي تطبقه: السودان والعراق والكويت، وهو معمول به في كثير من الدول الأخرى ([74]).

4- 4 المنع من السفر والإقامة الجبرية
من الإجراءات البديلة عن الحبس عقوبة المنع من السفر وهو إجراء تحفظي يقصد به منع شخص أو أشخاص من مغادرة البلد الذي تعينه السلطة المختصة، حتى يتم البت في موضوعهم، أو تمضي المدة المحددة للمنع من السفر ([75]).
والمنع من السفر يعتبر من العقوبات التعزيرية التي ترك الشارع الأمر فيها لولي الأمر، من حيث اختيار نوع العقوبة ومقدارها، مع اعتبار أن ذلك مبني على المصلحة الشرعية؛ لأن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة ([76]).
كما أن ما يسمي في عصرنا الحاضر بالإقامة الجبري يعتبر أيضاً من العقوبات التي تكون بديلة عن الحبس، والمراد بالإقامة الجبرية إلزام المحكوم عليه بالإقامة في مكان معين يحدده القاضي فلا يتجاوزه، ولا ينتقل منه إلى مكان آخر، وهي أيضاً من العقوبات التعزيرية المنوطة بتحقيق المصلحة للرعاية، وتكون في الغالب عقوبة على الجرائم السياسية دون غيرها من الجرائم العادية ([77]).
ومن مبررات الأخذ بهاتين العقوبتين تجنيب –الشخص الممنوع من السفر أو المحددة إقامته بمكان معين- الظروف التي تيسر له ارتكاب الجريمة، وذلك بمنعه من الوصول إلى المكان الذي قد تتهيأ له وسائل ارتكابها فيه.
ومع أن الفقهاء القدامي لم ينصوا على بدائل “الإفراج الشرطي، منح شبه الحرية، الإدانة وتأجيل الحكم، الإقامة الجبرية” بأسمائها، إلا أنه بالنظر إلى حالات تحقيقها للمصلحة فإن الفقه الإسلامي قبلها لأن الشريعة تهدف إلى جلب المصالح ودرء المفاسد وتقليل الكلف وتخفيف المشاق ([78]).

4- 5 النفي والتغريب (الإبعاد)
يعتبر الإبعاد الموجود في الأنظمة المعاصرة نوعاً من النفي، وإن كان الفقهاء لم يتعرضوا قديماً للنفي بهذا المصطلح، ولعل ذلك راجع إلى أن التقسيمات التي حصلت للدول لم تكن موجودة آنذاك، وإنما كانت الدولة واحدة، وبعد أن استقر تقسيم العالم إلى دول، اعتبرت كل دول من هذه الدول الأشخاص الذين ينتمون إليها رعاياها وتنطبق عليهم أنظمتها كما تنطبق على غيرهم ممن يدخلون حدودها وفق ضوابط وشروط تختلف من بلد لآخر، فإذا خالف الوافد إلى البلد أنظمته كان لذلك البلد الحق في إبعاده إلى بلده الأصلي، وتعتبر هذه العقوبات التعزيرية من العقوبات البديلة عن الحبس، ومن مبررات الأخذ بها ما تحققه من الزجر للجاني وغيره ممن يخاف إيقاع العقوبة عليه، مع ما فيها من تخفيف النفقات التي يكلفها السجن ([79]).

وعقوبة النفي والتغريب دل على مشروعيتها الكتاب والسنة وعمل الخلفاء، فمن الكتاب: قوله تعالى: (إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ولَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ([80]).
ومن السنة ما رواه عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال في شأن تغريب الزاني البكر: “خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم” ([81]).
وأما عمل الخلفاء فقد وردت عدة آثار عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنه نفي تعزيراً، من ذلك نفيه لنصر بن حجاج، ولصبيغ بن عسال وغيرهما ([82]).
والصل في النفي أن يكون عقوبة أصلية، إلا أن هذه العقوبة قد تكون أصلية مضافة إلى غيرها، كما في قصة نفي عمر لصبيغ، فإنه ضربه مرة بعد مرة ثم نفاه إلى البصرة، فالنفي وقع عقوبة أصلية مضافة إلى غيرها وهو الضرب، وقد يقع النفي عقوبة تكميلية كنفي الزاني البكر على مذهب الحنفية الذين يرون أن التغريب في حد الزاني البكر عقوبة تعزيرية مكملة، للإمام أن يضيفها إذا رأي مصلحة في ذلك وله أن يلغيها ([83])، لكنها عند جمهور الفقهاء عقوبة أصلية لا تحتاج إلى حكم القاضي ([84]).

المبحث الخامس
ضوابط التدابير البديلة عن الحبس ووسائل نجاحها
5- الضوابط
نظراً لكون التدابير البديلة عن عقوبة السجن قد تؤدي إلى عكس ما أريد منها، سواء أكان ذلك بسبب سوء استعمالها، أم كان بسبب خطأ السلطة التي تتخذها في تقديرها، مما يعرض الجاني للحيف في حقه ..

فلابد من وضع ضوابط لهذه البدائل تكون إطاراً شرعياً لا يمكن تجاوزه، ومن أهم هذه الضوابط ما يلي:
1- اتفاق البدائل المراد تطبيقها مع حقوق الإنسان الأساسية بحيث لا تلحق ضرراً جسيماً بمكانته في المجتمع.
2- اتخاذ البدائل من قبل مرجع قضائي تظل تحت رقابته من أجل إعادة النظر فيها عند الحاجة ووقفها إذا تحققت الغاية منها أو إبدالها بالحبس إذا تبين أنها غير مجدية.
3- موافقة المحكوم عليه على إخضاعه للبديل، ولاسيما إذا كان البديل عملاً لصالح المجتمع ونحو ذلك، إذ لا يمكن الأداء الصحيح للعمل إذا لم يكن الشخص موافقاً عليه ابتداء.
4- اعتبار الظروف الشخصية والاجتماعية بالنسبة للمحكوم عليه، وكذلك اعتبار ظروف الجريمة، كي يكون البديل متناسباً مع حجم الجريمة.
5- البعد عن التشهير بالجاني، وعن كل ما يسبب آثاراً سلبية من وصم وإحراج أمام العائلة والأقران أو الجيران أو غيرهم ([85]).

5- 2 وسائل النجاح
قبل التطرق لوسائل نجاح تطبيق العقوبات البديلة عن الحبس لابد من الإشارة إلى بعض المعوقات التي قد تحول دون التطبيق، لأن المتتبع للإجراءات القضائية يجد أن معدلات الإدخال للسجون- إن لم تكن ثابتة- فهي ازدياد وليست في نقص كما هو المتوقع بعد الاتجاه العام إلى العقوبات البديلة، ويرجع اليوسف ذلك إلى أمور منها:
1- أن الاستراتيجية طبقت بطريقة كانت تعطي استخدام السجن أولوية في ذهن القضاء في حين أن العقوبات البديلة، كان ينظر إليها على أنها هينة لينة لا تفي بالغرض المطلوب من معاقبة المجرم.
2- أن السجون تعد جزءاً من النظام الجنائي الرسمي للدولة، وبالتالي فإنها تعمل وفقاً لضوابط وقوانين رسمية، ما يجعل القضاة يثقون فيها وفي أدائها للعقاب المطلوب، على عكس العقوبات البديلة التي لا تتضمن سجناً ..
3- أن العقوبات البديلة ما زال يكتنفها ويحول دون تطبيقها الغموض، ما أدى إلى جدل وسوء فهم في بعض الأحيان حيال استخدامها.
4- الاتفاق على الجهة التي تتولى تنفيذ العقوبات البديلة عن الحبس من جهة وفي طريقة التنفيذ من جهة أخرى، ما يجعل القضاة يتجهون إلى عقوبة السجن التي فيها سهولة ومساواة في التطبيق، وفيها عقوبة تردع الجناة ([86]).

ولإنجاح التدابير البديلة عن الحبس الرامية إلى إصلاح المحكوم عليه دون إخضاعه للسجن، وإلى تقويم سلوكه والحيلولة بينه وبين الانحراف في المستقبل فلا بد من مراعاة الوسائل الآتية:
1- تهيئة الرأي العام لتقبل مثل هذه التدابير بشرح فوائدها وبيان سلبيات عقوبة السجن.
2- تطبيق هذه الإجراءات البديلة عن السجن تدريجياً، وإبراز مدى فاعليتها وتقبلها من المجتمع، وأن هذه التجربة ناجحة.
3- العمل على توفير القناعة التامة لدي القضاة حول جدوى هذه البدائل، حتى يثقوا بها وبجدواها.
4- توفير الأنظمة الجزائية التي تسمح بتطبيق هذه البدائل، ونشر التفاصيل الإدارية الخاصة بالتطبيق العملي والميداني.
5- أن تتصف هذه البدائل بالمرونة الكافية، ويؤخذ فيها –بعين الاعتبار- الفروق الفردية، والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ولاسيما أنها في إطار التعزيرات التي هي سمتها.
6- توفير لقاءات علمية بين مؤسسات العدالة الجنائية –القضاء والشرطة- ومؤسسات الخدمة الاجتماعية لتأمين التوافق والتعاون بين هذه المؤسسات وتنظيم الدورات التدريبية لكافة مستويات العاملين فيها ([87]).

الخاتمة
بعد المطالعة والبحث في الإجراءات البديلة عن الحبس تبين ما يلي:
1- أن الحبس لا يمكن القول بإلغائه مطلقاً، ولا بالاقتصار عليه مطلقاً، وأن الأمر في ذلك يختلف تبعاً لاعتبارات متنوعة، منها ما يرجع إلى الجاني، ومنها ما يرجع إلى الجناية، ومنها ما يرجع إلى البيئة والمجتمع.
2- أن الباحثين الذين بالغوا في الاستعاضة عن الحبس ببدائل أخرى وأسهبوا في بيان مساوئه، ومحاسن بدائله، غالب كلامهم نظري ونموذجي، وهو عند حيز التطبيق ينقصه كثير من الموضوعية، ولاسيما في عالمنا العربي الذي مازال تطبيق البدائل فيه ضعيفاً ولعل بعض التطبيقات العملية التي طبقت في بلاد أخرى هي التي أغرت الباحثين داخل الوطن العربي إلى المبالغة في هذا الأمر.
3- أن البدائل بمختلف أنواعها سواء كانت ذات طابع مادي أم ذات طابع معنوي …. تقرها الشريعة الإسلامية ما دامت مضبوطة بضوابط الشرع وقواعده الأساسية.
4- أن الشريعة الإسلامية لا تهدف أساساً إلى العقاب، وإنما تهدف إلى الوقاية قبل حصول سبب العقاب، ولذلك وضعت سياجاً قوياً يحول دون إيقاع العقوبة بالجاني من وسائل إثبات محددة، لها شروطها وضوابطها الدقيقة، كما وضعت قواعد أمام القضاء من شأنها أن تقلل من إيقاع العقوبة، ومن تلك القواعد: قاعدة “درء الحدود بالشبهات”، وقاعدة “الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة”، وقاعدة “البراء الأصلية”، وقاعدة “الأصل براءة الذمة”.
ومما ينبغي الإيصاء في هذا المجال:
1- أن تولى هذه البدائل في الوطن العربي مزيداً من الاهتمام، سواء أكان ذلك على المستوى النظري والعملي من إجراء الأبحاث والدراسات المساعدة على تطبيقها، أم كان من الناحية المادية بإنشاء المرافق وإيجاد الآليات المناسبة لها.
2- التنسيق بين أجهزة القضاء والأجهزة الأخرى ذات العلاقة تنسيقاً مكثفاً، وإيجاد آليات تضمن نجاح ذلك التنسيق، من توفير اللقاءات العلمية، وتنظيم الدورات التدريبية للجميع حسب حاجاتهم، وأن يكون ذلك بشكل دائب.
مراعاة وسائل نجاح البدائل المنوه بها في المطلب الأخير من هذا البحث لتكوين رأي عام لقبولها والتدرج في تطبيقها، وإبراز مدى فاعليتها وتقبلها من المجتمع، وتوفير القناعة التامة لدي القضاة بجدواها حتى يثقوا فيها، كما تراعي فيها الفروق الفردية والاجتماعية

([1]) النحل: 90.
([2]) السيوطي، عبد الرحمن، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية ص 122.
([3]) عودة، عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي ج 1 ص 118.
([4]) السيوطي، الأشباه والنظائر ص 60.
([5]) الحويتي، أحمد، مجلة الفكر الشرطي ص 127، ص 128.
([6]) ابن منظور، لسان العرب 6/ 44 “حبس”.
([7]) المقري، المصباح المنير ص 102 “سجن”.
([8]) ابن منظور، لسان العرب 13/ 203 “سجن”.
([9]) ابن قيم الجوزية، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 8.
([10]) الرفاعي، حسين بن علي، تكدس السجون والبدائل للمؤسسات العقابية ص 155.
([11]) سنن أبي داود 4/ 46 برقم 3630، سنن الترمذي 4/ 20 برقم 1417.
([12]) سنن أبي داود 4/ 45 برقم 3628، سنن ابن ماجه 2/ 930 برقم 2427.
([13]) السيوطي، مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجه 2/ 931.
([14]) الزيلعي، كنز الرقائق 4/ 179.
([15]) الشوكاني، محمد بن علي. نيل الأوطار شرح منتقي الأخبار 9/ 218.
([16]) ابن فرحون، إبراهيم، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام 2/ 240.
([17]) المرجع السابق.
([18]) الشوكاني، نيل الأوطار 9/ 218- 219.
([19]) المرجع السابق.
([20]) اليوسف، عبد الله بن عبد العزيز، التدابير المجتمعية كبدائل للعقوبات السالبة للحرية ص 67.
([21]) المرجع السابق بتصرف ص 69، 70.
([22]) ابن منظور 11/ 48 “بدل”.
([23]) الحويتي، أحمد، الفكر الشرطي ص 124.
([24]) المرجع السابق.
([25]) المرجع السابق ص 125.
([26])
([27]) ابن منظور، لسان العرب 12/ 436 “غرم”.
([28]) السويلم، بندر، الغرامة التعزيرية ص 9.
([29]) العوا، محمد سليم، في أصول النظام الجنائي الإسلامي ص 258.
([30]) سنن أبي داود، 4/ 551، 550 برقم 4390، سنن النسائي 8/ 459 برقم 4973.
([31]) المصنف 10/ 239، المحلي 8/ 602.
([32]) الطرق الحكمية ص 226.
([33]) الضبعان، بدائل العقوبات السالبة للحرية من منظور إسلامي ص 139، 140.
([34]) المرجع السابق.
([35]) العوجي، مصطفي، التأهيل الاجتماعي في المؤسسات العقابية ص 161، 162.
([36]) المقري ص 128 “صدر”.
([37]) المعجم الوسيط 1/ 509 “صدر”.
([38]) ابن منظور، لسان العرب 9/ 18 “تلف”.
([39]) اليوسف، عبد الله بن عبد العزيز، التدابير المجتمعية ص 59.
([40]) الرفاعي، حسين علي، تكدس السجون والبدائل للمؤسسات العقابية ص 163.
([41]) سنن أبي داود 2/ 233 برقم 1575، سنن الدرامي 1/ 486 برقم 1677.
([42]) سنن الترمذي 3/ 588 برقم 1293.
([43]) ابن القيم، الطرق الحكمية ص 225.
([44]) اليوسف، عبد الله، التدابير المجتمعية ص 99.
([45]) ابن منظور، لسان العرب 2/ 615 “نصح”.
([46]) المرجع السابق 3/ 65 “وبخ”.
([47]) المقري، المصباح المنير ص 243 “هدد”.
([48]) الضبعان بدائل العقوبات السالبة للحرية ص 161، ص 168.
([49]) النساء 34.
([50]) الجامع لأحكام القرآن 5/ 130.
([51]) صحيح البخاري مع الفتح 12/ 67 برقم 6777.
([52]) بكت زيد عمراً تبكيتاً عيره وقبح فعله (المصباح المنير ص 23).
([53]) سنن أبي داود 4/ 620 برقم 4478.
([54]) سبق تخريجه ص 21.
([55]) عبد الرزاق، المصنف 11/ 177 برقم 20257.
([56]) الرفاعي، تكدس السجون ص 163.
([57]) ابن منظور، لسان العرب 5/ 250 “هجر”.
([58]) المرجع السابق 4/ 431 “شهر”.
([59]) الحديثي، التعزيرات البدنية وموجباتها في الفقه الإسلامي ص 37.
([60]) صحيح مسلم مع النووي 17/ 99 برقم 3769.
([61]) ابن تيمية، الحسبة في الإسلام ص 40.
([62]) عبد الرزاق، المصنف، 8/ 327 برقم 15394.
([63]) البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبري 10/ 239 برقم 20497.
([64]) ابن فرحون، تبصرة الحكام 2/ 231.
([65]) المرجع السابق.
([66]) عامر، عبد العزيز، التعزير في الشريعة الإسلامية ص 459.
([67]) حسنين، إبراهيم عبيد، الوجيز في علم الإجرام والعقاب ص 312.
([68]) المحمود، ص 118.
([69]) العتيبي، قعيد مقعد، الاتجاهات الحديثة في تنفيذ عقوبة السجن ص 176.
([70]) حسني، محمود نجيب، علم الإجرام وعلم العقاب ص 374.
([71]) المرجع السابق.
([72]) حسن، نمر عبد الرحمن، البدائل الاجتماعية للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدى ص 67.
([73]) الرفاعي، حسين، تكدس السجون ص 161.
([74]) كامل، سيد شريف، بدائل الحبس قصيرة المدى في التشريع الجنائي الحديث ص 249.
([75]) الضبعان، بدائل العقوبات ص 103.
([76]) السيوطي، الأشباه والنظائر ص 121.
([77]) العوجي، مصطفي، التأهيل الاجتماعي ص 159.
([78]) ابن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ص 101.
([79]) الضبعان، بدائل العقوبات ص 102.
([80]) المائدة 33.
([81]) صحيح مسلم مع النووي 11/ 201 برقم 1690.
([82]) ابن سعد، محمد بن منيع، الطبقات الكبرى 3/ 582.
([83]) ابن الهمام، محمد بن عبد الواحد، شرح فتح القدير 4/ 184.
([84]) النووي، شرح صحيح مسلم 11/ 202.
([85]) العوجي، مصطفي، التأهيل الاجتماعي ص 196، 197.
([86]) اليوسف، التدابير المجتمعية ص 145، 146.
([87]) العوجي، مصطفي التأهيل الاجتماعي ص 200- 202.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت