يقصد بالقرينة القانونية، افتراض قانوني يجعل الشيء المحتمل او الممكن صحيحا، وفقا لما هو مألوف في الحياة او وفقا لما يرجحه العقل، او القرينة القانوني وسيلة من وسائل الصياغة القانونية التي يحاول القانون عن طريقها الامساك بالواقع بشيء من اليقين والتحديد، رغم ان الوقائع مشوب بالشك والاحتمال (1). فالقرينة القانونية استنباط المشرع لواقعة لم يقم عليها دليل مباشر، من واقعة نص هو عليه، فاذا ثبتت فيستدل بها على ثبوت تل كالواقعة المطلوب اثباتها، فالمشرع هو الذي يقوم باستنباط القرينة القانونية، وهو الذي ينص عليها في صيغة عامة مجردة، فتصبح قاعدة عامة، تطبق على جميع الحالات المماثلة، وبذلك يستغني المدعي عن اقامة الدليل على الواقعة موضوع الدعوى متى وجدت الحالة التي نص عليه القانون (2). وعرفت المادة 98 من قانون الاثبات، القرينة القانونية بأنها، استنباط المشرع امرا غير ثابت من امر ثابت وان القرينة القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن اي دليل اخر من ادلة الاثبات (3). ويعتبر النص القانوني عنصر القرينة القانونية، ومن ثم فلا توجد قرينة قانونية بدون نص قانوني، وبذلك لا يجوز التوسع في تفسير القرينة القانونية او قياس قرينة أخرى عليها (4). ويقرر المشرع القرائن القانونية لمصلحة عامة، قرينة حجية الشيء المحكوم فيه، لان المصلحة العامة تقضي باحترام الأحكام القضائية ووضع حد للنزاع (م 105 اثبات) وقد يقررها المشرع لمصلحة الافراد كقرينة براءة المستأجر من أجرة الاقساط السابقة بعد حصوله على ايصال القسط المتأخر (م 769 مدني)(5).

وهناك أمثلة عديدة على القرينة القانونية منها :

1-يعتبر دفع العربون دليلا على ان العقد اصبح باتا لا يجوز العدول عنه الا اذا قضى الاتفاق بغير ذلك (م 92 مدني عراقي).

2-اذا ادخل شخص، الدابة في ملك غيره بأذنه لا يضمن ضررها الا اذا ثبت انه لم يتخذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر (م 223 / 3 مدني).

3-للمدين الذي وفى الدين حق الرجوع على الباقين، كل بقدر حصته الا اذا تبين من الظروف غير ذلك (م 337 / 2 مدني).

4-اذا كان تسليم المأجور للمستأجر قد تسلمه في حالة حسنة ( م 772 / 2 مدني).

5-يعد حسن النية من يجوز الشيء وهو يجهل انه يتعدى على حق الغير وحسن النية يفترض دائماً، ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك (م 1148 / 1 مدني).

وتختلف القرينة القانونية عن الحيلة القانونية فالقرينة القانونية قاعدة من قواعد الاثبات تقبل في العادة اثبات العكس، ويجعلها القانون في بعض الأحوال لا تقبل اثبات العكس، بل يقلبها، في احوال اخرى، من قاعدة اثبات الى قاعدة موضوعية فتصبح هي أيضاً غير قابلة لاثبات العكس، ولكنها في كل هذه الأحوال تبقى قائمة على فكرة الراجح الغالب الوقوع، اما الحيلة القانونية فلا اساس لها من الواقع، بل هي من خلق المشرع، فرضها فرضا حتميا، فاستعصت طبيعتها بداهة على قبول اثبات العكس، فهي اقوى من القرينة القانونية، ولكنها اشد خطراً، ومن ثم لا يلجأ إليها المشرع الا حيث تضيق القرينة القانونية، ومن الامثلة على الحيلة القانونية، القاعدة التي تقضي بأنه لا يفترض الجهل بالقانون، فهي قاعدة لا تقوم على الراجح الغالب الوقوع، بل تقوم على الحيلة، اذ يفرض المشرع قرضا حتميا ان الشخص عالم بأحكام القانون، لا يقبل في ذلك عذراً، حتى تستقيم أمور نظمها بقاعدة تقوم على الحيلة، وتضيق بها القرينة (6). ولهذه القاعدة مبرراتها، حيث لم يكن في وسع المشرع ان يفعل غير ما فعل، اذ من المستحيل حمل القانون الى علم الأفراد واحدا واحدا، كما أنه لابد من وضع حد بحيث يفترض معه معرفة أحكام القانون، والا لما أمكن تطبيقها تطبيقا منتجا لو افسحنا جانب العذر لأي شخص يدعي انه يجهلها (7). والقرائن القانونية أما قرائن قانونية بسيطة يجوز اثبات عكسها او قرائن قانونية قاطعة لا يجو اثبات خلافها.. وللقرائن علاقة وثيقة مع القواعد الموضوعية وقد يصعب التمييز بينها كما قد يتم التنقل بين القواعد والقرائن، وللقرائن القانونية حجية معينة…..

__________________

1-د . سمير عبد السيد تناغو، النظرية العامة للقانون، فقرة 116 ص387 – 388.

2-السنهوري، فقرة 323 ص602 – 603 حسين المؤمن، ج4 ص67.

3-انظر المواد (99) اثبات مصري و (89) بينات سوري، و(40) بينات اردني.

4-مرقس، اصول الاثبات فقرة 285 ص121. السنهوري، فقرة 322 ص600.

5-العامري ص132 – 133. حسين المؤمن ج4 ص74 – 75.

6-السنهوري، ص601 – 602. هامش (3) ويشير الى (فرانسوا جني) العلم والصياغة في القانون الخاص، ج3 فقرة 243 ص389 – 390.

7-د. محمود جمال الدين زكي، دروس في مقدمة الدراسات القانونية القاهرة 1964 ص86.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .