الطعن 25382 لسنة 56 ق جلسة 3 / 7 / 2011 مكتب فني 55 – 56 ق 125 ص 1107

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 – رمزي عبد الله محمد أبو الخير.
2 – أحمد عبد العزيز أبو العزم.
3 – محمد الشيخ على أبو زيد.
4 – فارس سعد فام.
5 – محمد حجازي حسن مرسي.
6 – متولي محمد متولي الشراني.
7 – عطية حمد عيسى عطية.
—————–

(125)
جلسة 3 من يوليو سنة 2011
الطعن رقم 25382 لسنة 56 القضائية عليا
(الدائرة السابعة)

( أ ) دعوى – تكيف الطلبات – تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائع الدعوى، وهو أمر تستقل به المحكمة، فلها أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقية من وراء إبدائها – هذا مشروط بألا يصل الأمر إلى حد تعديل طلباته فيها بإضافة ما لم يطلب الحكم به صراحة، أو تحوير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصده ونيته من وراء إبدائها – تخضع المحكمة في ذلك لرقابة محكمة الطعن.
(ب) دعوى – السندات التنفيذية – أنواعها – المقصود بالسندات التنفيذية: الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح المصدق عليها، وكذا الأوراق الأخرى التي يعطيها القانون الصبغة التنفيذية – اقتضاء الحق محل السند التنفيذي لا يسقط إلا بسقوط السند التنفيذي ذاته، وهذه المدة محددة قانونًا بخمس عشرة سنة.
المواد المطبقة (ب):
المادة رقم (280) من قانون المرافعات.
(ج) دعوى – لجان التوفيق في بعض المنازعات – امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ توصية لجنة التوثيق في بعض المنازعات بعد قبولها وتذييل محضرها بالصيغة التنفيذية يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون – لا سبيل أمام الجهة الإدارية للتحلل من تنفيذ تلك التوصية، مادامت قد صارت مشمولة بالصيغة التنفيذية، إلا باتخاذ طريق الطعن القضائي عليها بالطرق المحددة قانونًا، وليس بالامتناع عن تنفيذها.
المواد المطبقة (جـ):
المواد رقم (1) و(4) و(9) من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها.

الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 2/ 6/ 2010 أودع الأستاذ/ …. المحامي بالنقض والإدارية العليا والوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 25382 لسنة 56ق.ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بجلسة 3/ 5/ 2010 في الدعوى رقم 41900 لسنة 63ق، الذي قضى بسقوط حق المدعي بالتقادم الخمسي في المطالبة بالعلاوات الخاصة المستحقة عن فترات عمله بالخارج بفئة الخارج وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ القرار الصادر في طلب التوفيق رقم 63 لسنة 2002 المشمول بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقيته في صرف مستحقاته المالية من العلاوات الخاصة بفئة الخارج عن فترات عمله بالخارج، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على أساس سعر الصرف وقت تنفيذ الحكم، وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها من هيئة مغايرة وإبقاء الفصل في المصروفات.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 15/ 12/ 2010 إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة عليا موضوع لنظره بجلسة 23/ 11/ 2011 حيث تدوول الطعن أمامها، وبجلسة 3/ 4/ 2011 قدم الحاضر عن الطاعن حافظة مستندات، وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 3/ 7/ 2011 حيث صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 30/ 5/ 2009 أقام المدعي (الطاعن) الدعوى رقم 41900 لسنة 63 ق، طالبًا الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ القرار الصادر في الطلب رقم 63 لسنة 2003 من لجنة التوفيق في بعض المنازعات والمشمول بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها أحقية المدعي في صرف مستحقاته المالية من العلاوات الخاصة بفئة الخارج عن فترات عمله بالخارج، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على أساس سعر الصرف وقت تنفيذ الحكم وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.
وذكر شرحًا لدعواه أنه يشغل وظيفة (فني حراسة) من الدرجة الثانية بالإدارة العامة للأمن بوزارة الخارجية، وألحق بالعمل بالسفارة في دولة سان سلفادور في الفترة من 14/ 5/ 1994 وحتى 14/ 3/ 1995، وبالسفارة بدولة السودان في الفترة من 10/ 6/ 1996 وحتى 9/ 6/ 1998 وقد صدر القانون رقم 101 لسنة 1987 وما تلاه من قوانين مانحة للعلاوات الخاصة للعاملين بالدولة بنسب معينة من المرتب، وقد امتنعت جهة الإدارة عن صرف العلاوات المستحقة له، فلجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات بالطلب رقم 63 لسنة 2003، حيث أوصت بجلسة 3/ 5/ 2003 بأحقيته في صرف تلك العلاوات عن فترة عمله بالخارج وبفئة الخارج، وبذات الجلسة ووفق على التوصية، وتم تحرير محضر اتفاق لإلحاقه بالتوصية، وأصبحت لها قوة السند التنفيذي، وقد امتنع المدعي عليه من تنفيذ تلك التوصية رغم سابقة موافقته عليها، مما يعد إخلالاً جسيمًا بواجب احترام القانون، ويمثل قرارًا سلبيًا يكون جديرًا بالإلغاء واختتم دعواه بطلباته المتقدمة.
وبجلسة 3/ 5/ 2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه؛ وذلك تأسيسًا على أن حق المدعي في المطالبة بتلك العلاوات عن فترات عمله بالخارج خلال المدة من 14/ 5/ 1994 حتى 14/ 3/ 1995، ومن 10/ 6/ 1996 وحتى 7/ 10/ 1996 سقط بالتقادم الخمسي، حيث إن المدعي حصل على توصية لجنة التوفيق في المنازعات مذيلة بالصيغة التنفيذية بجلسة 3/ 5/ 2003، ولم يقم دعواه بالمطالبة بهذه العلاوات إلا بتاريخ 30/ 5/ 2009 أي بعد مرور أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي يتعين معه القضاء بسقوط حقه بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، كما خالف الثابت بالأوراق؛ حيث عن دعواه تنصب على طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق في الطلب رقم 63 لسنة 2003 المذيلة بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حقوله على العلاوات الخاصة المستحقة خلال فترات عمله بالخارج، وأن امتناع الجهة الإدارية عن تنفيذ تلك التوصية يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا القانون، وإذ كيف الحكم الطعين طلباته بالحصول على تلك العلاوات، فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون والواقع، فتكييف المحكمة لطلبات المدعي لا ينبغي أن يصل إلى حد تعديل طلباته أو تحريرها على نحو يخرجها عن حقيقة مقصد المدعي.
– ومن حيث إن المستقر عليه على وفق قضاء هذه المحكمة أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على وقائع الدعوى، وهو أمر تستقل به المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى، فللحكمة أن تتقصى طلبات المدعي وأن تستظهر النية الحقيقة من وراء إبدائها، إلا أن ذلك مشروط بألا يصل الأمر إلى حد تعديل طلباته فيها بإضافة ما لم يطلب الحكم به صراحة، أو تحرير تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصده ونيته من وراء إبدائها، فلا يجوز لها أن تلجأ إلى تكييف الدعوى أو تحديد الطلبات فيها متى كانت هذه الطلبات واضحة وصريحة لا لبس فيها أو غموض، وهي تخضع في ذلك لرقابة محكمة الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بطلب إلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق في الطلب، رقم 63 لسنة 2003 المذيلة بالصيغة التنفيذية، فإن هذا الطلب من الوضوح والصراحة بحيث لا يجوز معه إعادة تكييف الدعوى أو تحديد طلبات المدعي فيها بما يخرجها عن مضمونها، وإذ حدد الحكم المطعون فيه طلبات المدعي في دعواه على نحو مغاير لطلباته الصريحة، واعتبر أنه يطالب بأحقيته في صرف العلاوات الخاصة بفئة الخارج فإنه يكون قد أخرج دعواه عن حقيقة مقصده، وعليه يضحى الحكم المطعون فيه مخالفًا لصحيح حكم القانون وحقيقًا بالإلغاء.
– ومن حيث إن المادة (280) من قانون المرافعات تنص على أن “السندات التنفيذية هي الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة، ولا يجوز التنفيذ… إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية:…
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها تنص على أن:” ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة… لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها…”.
وتنص المادة الرابعة على أنه:” عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفًا فيها، وكذلك المنازعات.. تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه …”.
وتنص المادة التاسعة على أن : “تصدر اللجنة توصيتها في المنازعة مع إشارة موجزة لأسبابها تثبت بمحضرها وذلك في ميعاد لا يجاوز ستين يومًا من تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها، وتعرض التوصية… على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يومًا التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها،ويكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ إلى السلطة المختصة لتنفيذه”.
ومن حيث إن قانون المرافعات حدد المقصود بالسندات التنفيذية بحيث تشمل الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح المصدق عليها وكذا الأوراق الأخرى التي يعطيها القانون الصيغة التنفيذية.
ومن حيث إن المشرع استحدث بالقانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه لجانًا للتوفيق في المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية والعاملين بها أو المتعاملين معها وأوجب على أصحاب الشأن اللجوء على هذه اللجان قبل إقامة الدعاوى، وحدد الإجراءات التي تتبع في نظر طلبات التوفيق بحيث تتولى اللجنة إصدار توصيتها خلال أجل معين، ثم تعرض التوصية على كل من الجهة الإدارية ومقدم الطلب، فإذا اعتمدتها السلطة المختصة وقبلها الطرف الآخر يتم إثبات ذلك بمحضر اللجنة ويمنح الصيغة التنفيذية، وتكون له قوة السند التنفيذي، ويبلغ للجهة الإدارية لتنفيذه.
ومن حيث إنه من الأصول المقررة تنفيذًا للشرعية وسيادة القانون اللذين تخضع لهما كافة أجهزة الدولة أنه على الجهات الإدارية تنفيذ الأحكام القضائية وكافة السندات التنفيذية الواجبة التنفيذ طبقًا لأحكام القانون، وأنه على الموظفين العموميين المختصين إصدار القرارات الإدارية اللازمة لتحقيق هذا الغرض على سبيل الحكم والإلزام، وأن امتناعهم عن ذلك يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون، ويعرضهم لكل من المساءلة الجنائية والتأديبية.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان قد تقدم إلى لجنة التوفيق في المنازعات بالطلب رقم 63 لسنة 2003 لصرف العلاوات الخاصة المستحقة له خلال فترات عمله بالخارج وبفئة الخارج وبسعر الصرف المقرر وقت الصرف، وأن لجنة التوفيق أوصت بجلسة 3/ 5/ 2003 بأحقيته في صرف العلاوات المطالب بها، وتم قبول هذه التوصية من كل من الجهة الإدارية والطاعن، وتم تحرير محضر بذلك الحق بمحضر اللجنة، ومنح الصيغة التنفيذية وصار بذلك سندًا تنفيذًا واجب التنفيذ، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ تلك التوصية يعد قبولاً وتذيل محضرها بالصيغة التنفيذية إنما يشكل قرارًا سلبيًا مخالفًا للقانون ويتعين القضاء بإلغائه.
ولا يغير من ذلك ما قد يثار من أن تلك التوصية تمت الموافقة عليها وقبولها من قبل ممثل الجهة الإدارية بلجنة التوفيق، ورئيس من السلطة المختصة بها وذلك على وفق ما تطلبه المشرع في القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه؛ ذلك أنه متى تم منح محضر اللجنة الصيغة التنفيذية وصارت تلك التوصية مشمولة بالصيغة التنفيذية فإنه تكون واجبة التنفيذ، وأن سبيل الجهة الإدارية في التحلل من تنفيذ تلك التوصية إنما يكون باتخاذ طريق الطعن القضائي عليها بالطرق المحددة قانونًا، وليس بالامتناع عن تنفيذها.
كما أنه لا وجه للقول بسقوط حق الطاعن في الحصول على تلك العلاوات بالتقادم الخمسي؛ ذلك أن اقتضاء الحق محل السند التنفيذي لا يسقط إلا بسقوط السند التنفيذي ذاته، وهذه المدة محددة قانونًا بخمس عشر سنة، وهو الأمر الذي لم يتحقق في هذا الشأن؛ إذ إن تلك الوصية صدرت بتاريخ 3/ 5/ 2003 وتم منحها الصيغة التنفيذية في ذات التاريخ وأقام الطاعن دعواه في 30/ 5/ 2009 قبل اكتمال المدة المشار إليها.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن تنفيذ توصية لجنة التوفيق الصادرة بجلسة 3/ 5/ 2003 في الطلب رقم 63 لسنة 2003 المذيل محضرها بالصيغة التنفيذية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .