بحث ودراسة فقهية مقارنة حول مفهوم و آثار الإعادة في الزكاة مع بعض التطبيقات المعاصرة

الدكتور ذياب عبد الكريم ذياب عقل / كلية الشريعة، الجامعة الأردنية.
سناء محمد عثمان شبير / ماجستير، الجامعة الأردنية.

ملخص

تناولت هذه الدراسة مفهوم الإعادة وأدلة مشروعيتها، وآثار الإعادة في الزكاة مع بعض التطبيقات المعاصرة، وكان ذلك من خلال البحث في مفهوم الإعادة والألفاظ ذات الصلة وبيان العلاقة بينها وبين الإعادة، وعرض أدلة مشروعية الإعادة، وتم بحث مسائل تطبيقية عِدّة في إعادة الزكاة، شملت: إعادة الزكاة لعدم توصيلها إلى مستحقيها، وإعادة الزكاة لإخراجها قبل وقتها، وإعادة الزكاة لإخراج القيمة، ومسائل في التطبيقية المعاصرة شملت: الضريبة وأثرها في إعادة الزكاة، والإبراء من الدين واحتساب ذلك من الزكاة.
ومن خلال هذه الدراسة أمكن الوصول إلى عدد من النتائج، أهمها:

1. لا تعاد الزكاة إذا أديت إلى غير مستحقيها بعد تحر واجتهاد من المزكي، وتُعاد إذا أديت دون تحر واجتهاد.
2. يجب على من عجل الزكاة قبل ملك النصاب، إعادة الزكاة بعد ملك النصاب.
3. لا تعاد الزكاة إذا عجلها من وجبت عليه بعد ملك النصاب بشرط أن يبقى المالك أهلاً للوجوب.
4. لا تعاد الزكاة لمن أخرج قيمتها نقداً، لأن الحاجة والمصلحة في عصرنا تقتضي جواز أخذ القيمة.

المقدمة

الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين صلى الله عليه وعلى آله أجمعين وبعد:
لقد جاءت الشريعة الإسلامية واضحة مبينة لأحكام التصرفات الصادرة عن المسلم، سواء منها القولية أو الفعلية، وسواء ما كان من العبادات أو من المعاملات، وسواء ما كان بين العبد وربه أو بين العباد.
ومن بين تلك الأحكام التي نظمتها الشريعـة الإسلامية: أحكام الزكاة: فبينت أحكامها، وشروطها، وحكمتها.
ولم تقتصر الشريعة الإسلامية في بيانها لتلك الأحكام على حالة القبول والصحة، بل شملت حالات البطلان والفساد، وأرشدت المكلف وبينت له ما عليه فعله ليتدارك الخلل والخطأ الذي حصل عند إخراج الزكاة.
ومن هنا جاءت هذه الدراسة تلقي الضوء على أحكام الإعادة في الزكاة، وأهم الكيفيات الصحيحة لإخراج الزكاة، وسبل تدارك ما فات من الأجر والثواب، وحتى يكون التبصر بمعرفة ما يلزم المفرط بها داع إلى المحافظة عليها والاهتمام بها.

المطلب الأول أدبيات الدراسة وإطارها النظري

ويتضمن ما يلي:

أولاً: مشكلة الدراسة

تتمثل مشكلة الدراسة في محاولة الإجابة على الأسئلة التالية:
– ما مفهوم الإعادة في الزكاة؟
– ما الحكم الشرعي في إعادة الزكاة لعدم وصولها إلى مستحقيها؟
– ما الحكم الشرعي في إعادة الزكاة لإخراجها قبل وقتها؟
– ما الحكم الشرعي في إعادة الزكاة لإخراج القيمة؟
– ما الحكم الشرعي في احتساب الضريبة من الزكاة؟
– ما الحكم الشرعي في الإبراء من الدين واحتسابه من الزكاة؟

ثانياً: أهمية الدراسة

تظهر أهمية هذه الدراسة في حاجة كل مسلم إلى معرفة الكيفية الصحيحة التي يؤدي بها عبادة الزكاة، والالتزام بها كما وردت من صاحب الشرع، وسبل تدارك ما فات من الأجر والثواب عند حدوث خلل في إخراجها، والتمييز بين الإعادة والقضاء والتكرار.

ثالثاً: منهجية البحث

اتبع الباحث المنهج الاستقرائي التحليلي المقارن:
حيث تم استقراء وتتبع ما يتعلق بالموضوع من مسائل من كتب المصادر والمراجع للمذاهب الفقهية المعروفة، ثم دراسة ما جمع من مادة علمية وتحليلها؛ لمعرفة مواطن الاتفاق والاختلاف عند الفقهاء في المسائل الواردة في البحث، مع بيان مذاهبهم، وعرض أدلتهم وتوجيهها، ومناقشتها، وصولا إلى القول الذي تعضده الأدلة.
وتحقيقا لما سبق اتبعت الآلية التالية:

1. الرجوع إلى المظان الأصلية؛ لتتبع أقوال الفقهاء فيها، مما له صلة بالموضوع، والرجوع إلى جملة من كتب المعاصرين المتصلة بموضوع البحث.
2. الاعتماد في أحكام هذا الموضوع على آراء الفقهاء من المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة.
3. عزو الآيات القرآنية إلى سورها، مع بيان رقمها.
4. تخريج الأحاديث النبوية، والحكم عليها عند الحاجة.
5. التعريف بالمصطلحات، والكلمات الغامضة حيثما وردت في البحث.

رابعاً: الدراسات السابقة

لم أقف- في حدود ما اطلعت- على دراسة مستقلة شاملة لهذا الموضوع، إنما وجدت جوانب من هذه الدراسة، وحاولت أن أضيف إلى من سبقني لبنة في هذا الموضوع، من خلال إخراج موضوع الإعادة في الزكاة ببحث مستقل مع مقارنة البحث الفقهي القديم بالمسائل المعاصرة، ومن أهم الدراسات السابقة لهذا لموضوع:
1. تناول الدكتور يوسف القرضاوي الحديث عن الإعادة في الزكاة من خلال كتابه (فقه الزكاة)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8 (1405ه-1985م)، (2/1006). حيث تعرض لبحث مسألة حقيقة الضريبة وحقيقة الزكاة، وإسقاط الدين عن المعسر واحتسابه من الزكاة.
إلا أن الباحث لم يؤصل لموضوع الإعادة، وهذا ما ستتناوله هذه الدراسة بالبحث.
2. أشارت الموسوعة الفقهية الكويتية إلى موضوع الإعادة في الزكاة، في الجزء الخامس ص(177). إلا أنها لم تفصل في المسائل، واكتفت بنقل النصوص الفقهية التي وردت فيها كلمة إعادة من كتاب لكل مذهب، ولم تفرق بين القضاء والإعادة عند سرد النقول، وهذا ما ستتناوله هذه الدراسة بالبحث.

خامساً: خطة البحث

قسمت هذا البحث إلى مقدمة وستة مطالب وخاتمة على النحو الآتي:
المقدمة.

المطلب الأول: أدبيات الدراسة وإطارها النظري، ويتضمن ما يلي:

أولاً: مشكلة الدراسة.
ثانياً: أهمية الدراسة ومبرراتها.
ثالثاً: منهجية الدراسة.
رابعاً: الدراسات السابقة.
خامساً: خطة البحث.

المطلب الثاني: مفهوم الإعادة والألفاظ ذات الصلة وأدلة مشروعيتها، ويتضمن ما يلي:

أولا: مفهوم الإعادة لغةً واصطلاحاً، ويتضمن ما يلي:

أ. مفهوم الإعادة لغةً.
ب. مفهوم الإعادة اصطلاحاً.

ثانيا: الألفاظ ذات الصلة: ويتضمن ما يلي:

أ. مفهوم التكرار لغةً واصطلاحاً والعلاقة بين التكرار الإعادة.
ب. مفهوم القضاء لغةً واصطلاحاً والعلاقة بين القضاء الإعادة.

ثالثاً: أدلة مشروعية الإعادة في الزكاة.

المطلب الثالث: مفهوم الزكاة والحكم الشرعي في إعادة الزكاة لعدم وصولها إلى مستحقيها، ويتضمن ما يلي:

أولاً: الزكاة لغةً واصطلاحاً
ثانيا: إعادة الزكاة لعدم وصولها إلى مستحقيها، ويتضمن ما يلي:
1. صورة المسألة.
2. أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة.
3. المناقشة.
4. الترجيح.

المطلب الرابع: إعادة الزكاة لإخراجها قبل وقتها، ويتضمن ما يلي:

أولا: صورة المسألة
ثانيا: أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة
ثالثا: المناقشة
رابعا: الترجيح

المطلب الخامس: إعادة الزكاة لإخراج القيمة، ويتضمن ما يلي:

أولا: صورة المسألة
ثانيا: أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة
ثالثا: المناقشة
رابعا: الترجيح

المطلب السادس: تطبيقات معاصرة لإعادة الزكاة، ويتضمن ما يلي:

أولا: هل تقوم الضريبة مقام الزكاة، ويتضمن ما يلي:
أ. مفهوم الضريبة
ب.أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الزكاة والضريبة
ج. الحكم الشرعي للمسألة ويتضمن ما يلي:
1. صورة المسألة
2. أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة
3. المناقشة
4. الترجيح
ثانيا: الإبراء من الدين واحتسابه من الزكاة، ويتضمن ما يلي:
أ. صورة المسألة
ب. أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة
ج. المناقشة
د. الترجيح
الخاتمة: وهي خلاصة بأهم النتائج التي توصل إليها الباحث في هذه الدراسة

المطلب الثاني الإعادة لغة واصطلاحاً والألفاظ ذات الصلة وأدلة مشروعيتها

أولاً: مفهوم الإعادة لغة واصطلاحاً.

أ. الإعادة لغة: الإعادة مشتقة من عَوَدَ، والعَود: تثنية الأمر عوداً بعد بدء، والإعادة في اللغة تطلـق على: إرجاع الشيء إلى حاله الأول، كما تطلق على فعل الشيء مرة ثانية([1]). والمعنى الثاني أقرب للمعنى الاصطلاحي -كما سيتضح-.
ب: الإعادة اصطلاحا:

1. تعريف الحنفية:
أ. عرف البزدوي من الأصوليين الإعادة بأنها: (إتيان مثل الأول على صفة الكمال)([2]) بأن وجب على المكلف فعل موصوف بصفة فأداه على وجه النقصان، وهو نقصان فاحش يجب عليه الإعادة، وهي إتيان مثل الأول ذاتاً مع صفة الكمال.
فعلى هذا إذا أعاد الفعل في الوقت أو خارجه يكون عمله إعادة عند البزدوي، لأنه لم يقيد تعريفه الإعادة بالوقت، إنما جعل تعريفه عاماً بدون تقييده بالوقت ففهم من ذلك أن الإعادة عنده تكون في الوقت وخارج الوقت.
ب. وعرف الحصكفي في الدر المختار الإعادة بأنها: (فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد كقولهم كل صلاة أديت مع كراهية التحريم تعاد أي وجوبا في الوقت وأما بعده فندبا)([3]).
– وأما قوله: (في وقته): أي في وقت أداء العبادة. وهو قيد في التعريف ولكن ابن عابدين اعترض على ذلك القيد فقال: “الأولى إسقاط قيد الوقت؛ لأنه خارج الوقت يكون إعادة أيضاً بدليل قول الحصكفي: “وأما بعده فندبا”([4]).
– وقوله (غير الفساد): فقد وردت زيادة في تعريف ابن نجيم في كتابه البحر الرائق وهو “عدم صحة الشروع” حيث عرف الإعادة: “بأنها فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع”([5]). وتركه صاحب الدر المختار في تعريفه؛ لأنه أراد بالفساد ما هو أعم من أن تكون منعقدة، ثم تفسد، أو لم تنعقد أصلاً([6]).

ج. وعرف ابن نجيم الإعادة بأنها: (فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع)([7]). أي إن كل صلاة أديت مع كراهية التحريم فسبيلها الإعادة، فكانت واجبة فلذا دخلت في أقسام المأمور به. فقد قيد الإعادة بكونها في وقت أداء الفعل، حيث ذكر أنه إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده. فالحاصل أن من ترك واجباً من واجبات الصلاة أو ارتكب مكروهاً تحريمياً لزمه وجوباً أن يعيد في الوقت، فإنّ خرج أثم ولا يجب جبر النقصان بعده. فلو فعل فهو أفضل([8]).
بعد عرض تعاريف الحنفية للإعادة يلاحظ أنها تتفق كثيرا مع بعضها من حيث المعنى، فجميعها يدل على إتيان مثل الفعل الأول على وجه الكمال، إلا أن تعريف البزدوي لم يذكر قيد الوقت، في حين ذكره الحصكفي وابن نجيم، فالبزدوي يرى أن الإعادة تكون في الوقت وخارجه بينما الحصكفي وابن نجيم قيدا الإعادة بالوقت.
كما يلاحظ أن غالبية علماء الحنفية المتقدمين كالسرخسي والشاشي والنسفي وصدر الشريعة، لم يعرفوا الإعادة، وذلك بناء على أن حكم الواجب بالأمر نوعان: أداء وقضاء، والإعادة داخلة بينهما وليست قسماً ثالثاً([9]).
وذلك بأنها إن كانت واجبه بأن وقع الفعل الأول فاسداً فهي داخلة في الأداء إن وقعت في الوقت وفي القضاء إن وقعت بعد الوقت. ولأن الفعل الأول لما فسد أخذ حكم العدم شرعاً، ويكون الاعتبار للثاني فيكون أداء إن وقع في الوقت وقضاء إن وقع خارج الوقت([10]).

وأما باقي الحنفية فقد جعلوا الإعادة قسماًَ ثالثاً للواجب بالأمر ونلاحظ أنهم قيدوا مفهوم الإعادة بأن يكون ثانياً لخلل غير الفساد وذلك لأن الباطل لا وجود له شرعاً، فهو في حكم المعدوم، وما بعده هو الأداء الصحيح المعتبر شرعاً([11]).

2- تعريف المالكية:
أ. عرف القرافي الإعادة بأنها: (إيقاع العبادة في وقتها بعد تقدم إيقاعها على نوع من الخلل قد يكون في الصحة)([12]). كمن صلى بدون شرط أو ركن وقد يكون في الكمال كالمنفرد بالصلاة.
ب. وعرف الدسوقي الإعادة بأنها: (الإعادة لترك الواجب الغير الشرطي إنما هي في الوقت)([13]).
ج. وعرف ابن الحاجب الإعادة بأنها: (ما فعل ثانيا في وقت الأداء لخلل في الأول)([14]).
ويلاحظ على تعاريف المالكية أنها تتفق في المعنى إلى حد كبير، وإن اختلفت في التعبير، فهي تتفق في تقييد الإعادة بالوقت، وعُلل سبب الإعادة بوقوع الخلل، أوترك واجب غير شرطي.
وقد نقل شهاب الدين القرافي عن الإمام مالك وبعض العلماء أن الإعادة لا تختص بالوقت، وإنما تكون في الوقت إن كانت لاستدراك المندوبات، أو قد تكون بعد الوقت لاستدراك ما فات من الواجبات وأشار إلى ذلك صفي الدين الهندي([15]).

3- تعريف الشافعية:
أ. عرف الغزالي من الأصوليين الإعادة بأنها: (اسم لمثل ما فعل) فإن فعل مرة على نوع من الخلل ثم فعل ثانياً في الوقت سمي إعادة([16]).
ب. وعرف ابن السبكي من الأصوليين الإعادة بأنها: (فعله في وقت الأداء لخلل أو لعذر)([17]).
واعترض العلامة البناني على تعريف ابن السبكي، حيث قال: بأن الأوضح والأخصر أن يقول في وقته بدلاً من وقت الأداء.
وأجيب بأنه لو عبر بذلك لكان المتبادر فيه أنه لابد من وقوع جميع المعاد في الوقت فلا يشمل ما لو أوقع ركعة منه في الوقت والباقي خارجه فإن الظاهر جوازه وكونه إعادة مع أنه لا يصدق عليه فعله في وقته ويصدق عليه فعله في وقت أدائه([18]).
ج. وعرف الأسنوي من الأصوليـين الإعـادة بأنها: (العبادة إن وقعت في وقتها المعين لها أولاً شرعاً ولم تسبق بأخرى على نوع من الخلل كانت أداء وإن سبقت بذلك كانت إعادة([19]). ويلاحظ على تعريف الأسنوي بأنه عام وهو أقرب إلى المعنى اللغوي.
د. وعرفها صاحب فواتح الرحموت بأنها: (الفعل في وقته المقدر ثانياً لخلل)([20]).
ه. وعرفها الشيخ زكريا الأنصاري من الأصوليين بأنها: (فعل العبادة في وقتها ثانياً مطلقاً)([21]).
فالإعادة عند الشافعية تشمل إعادتها لغير حدوث خلل فيها، كمن صلى الظهر منفرداً، ثم أعاد الصلاة مع الجماعة؛ لكي يحصل له ثواب الجماعة فقط، ولطلب الكمال أو إعادتها لحدوث خلل في الأجزاء، كمن صلاها بدون شرط أو ركن وهذا معنى قولهم لعذر أو لغيره. فالإعادة عندهم إعادة العبادة ثانياً مطلقاً لعذر أو غيره.

4- تعريف الحنابلة:
عرف ابن قدامه الإعادة بأنها: (فعل الشيء مرة أخرى)([22]) ويلاحظ على تعريف ابن قدامه بأنه غير مانع للقضاء وأن القضاء يكون بعد الوقت، وذكر الطوفي في شرحه لتعريف ابن قدامه: بأن تعريفه أقرب للمعنى اللغوي ولا يقصد به المعنى الاصطلاحي([23]).
بعد عرض تعريف الإعادة عند العلماء نجد أن الحنفية قيدوا مفهوم الإعادة بأنه يكون ثانياً لخلل غير الفساد ورأي الحنفية هذا يخالف رأي جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة حيث أطلقوا مفهوم الإعادة وجعلوه شاملاً إعادة العبادة سواء لخلل مفسد للعبادة أو لغيره.
ووجهة نظر الحنفية أنه إذا تبين وجود خلل في العبادة مبطل لها فهنا تعتبر لاغية كأنها لم تكن، وتكون ذمة صاحبها لا تزال مشغولة بها فإذا فعلت هذه العبادة مرة أخرى على الوجه الصحيح تكون الثانية أداء إن كانت في الوقت أو قضاء إن كانت بعد الوقت، لأن بها برئت ذمة صاحبها ولأن الباطل لا وجود له شرعاً، فهو في حكم المعدوم، وما بعده هو الأداء الصحيح المعتبر شرعاً([24]).
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن الإعادة توصف بها العبادة مطلقاً سواء كانت الإعادة لخلل مفسد للعبادة أو غير مفسد، أو كانت إعادة العبادة لعذر أو لسهو أو كانت إعادتها بدون سبب إنما لتحصيل فضيلة كإعادة المنفرد الصلاة مع الجماعة.
ويؤيد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: “أعد صلاتك فإنك لم تصل”([25]). فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر الأعرابي بإعادة صلاته لأنه أخل ببعض أركان الصلاة والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: “فإنك لم تصل” مما يدل على أن الإعادة تطلق اصطلاحاً على من أعاد صلاته لخلل مفسد لصلاته.

التعريف المختار:
أرى أن أولى التعاريف بالاختيار هو تعريف الشيخ زكريا الأنصاري، وذلك لتحديده الإعادة بما كان محدداً بالوقت من الواجبات والنوافل، ولقصره الإعادة على الوقت، لأن الإعادة خارج الوقت هي أقرب للقضاء اصطلاحاً. وهي إعادة لغة لا اصطلاحاً لأن في الإعادة نوع جبر خلل في الأداء وأيضاً لتحديده الخلل لعذر بأنه ما كان سهواً أو عجزاً أو لخلل مفسد للعبادة.
وكان الشيخ زكريا الأنصاري قد عرف الإعادة بأنها: (فعل العبادة في وقتها ثانياً مطلقاً)([26]).

شرح التعريف:
– قوله: “فعل العبادة”: شامل للواجبات والنوافل المؤقتة والمطلقة وللأداء والقضاء والإعادة.
– وقوله: “في وقتها”: تخرج الواجبات والنوافل المطلقة وتبقى المؤقتة، ويخرج القضاء ويبقى الأداء والإعادة. ولا حاجة لقول المعين أو المقدر لفهم ذلك من قولنا: وقتها لأن الوقت هو ما كان محدداً لا ما مكان ضرورة لوقوع الفعل في زمان ما، ولأن غير المحدد بوقت لا يعتبر الوقت لازما له، بل لا علاقة له بالوقت، وبهذا تخرج الإعادة اللغوية في الوقت وخارجه.
– وقوله: “ثانياً”: يخرج به الأداء، لأنه فعل العبادة أولا في وقتها، أي يشترط الأداء للعبادة، وإلا كانت المعادة هي الأداء، ومع خروج الأداء عن التعريف تبقى الإعادة واقعة في وقت الأداء.
– وقوله: “مطلقاً” أي سواء كان الفعل الثاني لعذر سهوا أو عجزاً فيتدارك، أو من دون عذر كتحصيل فضيلة مطلقاً، أو ما كان خلله مفسداً للعبادة.

ثانياً: الألفاظ ذات الصلة.

1- مفهوم التكرار لغة واصطلاحاً:
أ‌. التكرار لغة: من كر الشيء وكرره: أي أعاده مرة بعد أخرى. والجمع كرات([27]).
ب‌. التكرار اصطلاحاً: الإتيان بالشيء مرة بعد مرة([28]).
من خلال النظر في التعريف اللغوي والاصطلاحي يظهر أن المعنى الاصطلاحي مستمد من المعنى اللغوي ولم يخرج عنه.
ج. الفرق بين التكرار والإعادة: التكرار يقع على إعادة الشيء مرة وعلى إعادته مرات. والإعادة للمرة الواحدة، وقول القائل: أعاد فلان كذا لا يفيد إلا إعادته مرة واحدة، وإذا قال: كرر كذا، كان كلامه مبهما لم يدر أعاده مرتين أو مرات، وأيضاً يقال: أعاده مرات، ولا يقال: كرره مرات([29]).

2- مفهوم القضاء لغة واصطلاحا:
أ. القضاء لغة: من قضى يقضي قضاء، وهو بمعنى: إحكام الأمر، وإتقانه، وإنفاذه([30]). ويأتي بمعنى الأداء والانتهاء، تقول: قضى دينه: أي أداه([31]).
ب. القضاء اصطلاحاً: إيقاع العبادة خارج وقتها الذي عينه الشارع لمصلحة فيه([32]).
ج. الفرق بين الإعادة والقضاء: من خلال التأمل والنظر في تعريف الإعادة وتعريف القضاء يظهر أن الإعادة تكون في أثناء الوقت الذي عينه الشارع، أما القضاء فيكون خارج الوقت الذي عينه الشارع.

ثالثاً: أدلة مشروعية الإعادة: ثبتت مشروعية الإعادة بالسنة النبوية الشريفة والآثار والمعقول، وفيما يلي بيان لتلك الأدلة:
1- السنة:
أ. عن رفاعة بن رافع قال: “جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد فصلى قريباً منه ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله: “أعد صلاتك فإنك لم تصل”، فقال: يا رسول الله علمني كيف أصنع، قال: إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت، فإذا ركعت فأجعل راحتيك على ركبتيك وأمدد ظهرك ومكن لركوعك، فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها، وإذا سجدت فمكن لسجودك، فإذا رفعت رأسك فأجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة…”([33]).
وجه الدلالة: في قوله صلى الله عليه وسلم: “أعد صلاتك” فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي الذي صلى أمامه بأن يعيد صلاته؛ لأن صلاته الأولى كانت غير مجزئة وغير صحيحة، فكأنه قال له: أعد صلاتك على غير هذه الكيفية لخلل حدث في الصلاة([34]).
مما يدل على أن إعادة الصلاة مشروعة، وهي عبادة لله تعالى وإلا لما أمره بالإعادة. والزكاة عبادة كالصلاة يعيدها المزكي إذا أديت على وجه غير صحيح، أو لخلل في الأداء.
ب. عن أبي ذر رضي الله عنه قال: “قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: “صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة”([35]).
وجه الدلالة: يدل الحديث على جواز إعادة الصلاة أكثر من مرة في وقتها لعذر أو ضرورة فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخاف فوات وقت الصلاة إن صلاها مع أمراء يميتون الصلاة أي يؤخرونها عن أول وقتها أن يصليها في وقتها، فإذا أدركته الصلاة معهم فيصلي معهم؛ وذلك جمعا بين فضيلة أول الوقت وطاعة الأمير([36]). فإذا شرعت إعادة الصلاة إذا أديت على وجه غير صحيح وهي عبادة، فكذلك تعاد الزكاة إذا أديت على وجه غير صحيح، بجامع أن كليهما عبادة.
ج. أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة([37]).
وجه الدلالة: الحديث يدل على وجوب إعادة الوضوء من أوله على من ترك غسل أعضائه أو بعضاً منها([38]). فإذا دل الحديث على إعادة الوضوء لخلل في الأداء، فكذلك يدل على إعادة الزكاة لخلل في الأداء، لأنها عبادة لله تعالى كالوضوء.
د‌. عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليغسل الدم ثم ليعيد وضوءه ويستقبل صلاته”([39]).
وجه الدلالة: الحديث صريح بوجوب الإعادة في حالة حدوث ما يبطل الصلاة([40]). وكذلك يستدل به على إعادة الزكاة إذا حدث خلل في أدائها أو أديت على وجه غير صحيح؛ لأن الزكاة عبادة لله تعالى كالصلاة، وكلاهما تعاد إذا أديت على وجه غير صحيح.
2- من الآثار:
أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر، فقال: “إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام، أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: “نعم صل معه”، فقال الرجل: أيتها أجعل صلاتي؟ فقال له ابن عمر: وذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله يجعل أيتها شاء”([41]).
وجه الدلالة: الأمر صريح بمشروعيته الإعادة ثانياً لمن صلى منفرداً ثم أدرك جماعة([42]).

3- من المعقول:
الأصل في العبادات أن تؤدي في أوقـاتها أداء كاملاً لكي تكون العبادة مقبولة شرعاً عند الله سبحانه وتعالى، ومتسقة مع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤدي المسلم العبادة بشروطها وأركانها وواجباتها كما أمر الله، فإن أديت العبادة على نوع من الخلل وبان له الخطأ أو بينه له عالم فعليه أن يعيد صلاته وجوباً إن كان الخلل مبطلاً للعبادة.
كما جاء في الحديث “ارجع فصل فإنك لم تصل”([43])، حيث قال ابن حجر العسقلاني: (… فيه التسليم للعالم والانقياد له والاعتراف بالتقصير والتصريح بحكم البشرية في جواز الخطأ)([44]).
والإعادة هي السبيل لجبر النقص الحاصل في العبادة، وذلك أداؤها ثانياً على النحو الصحيح الكامل.

المطلب الثالث مفهوم الزكاة والحكم الشرعي في إعادة الزكاة لعدم توصيلها إلى مستحقيها

أولاً: الزكاة لغة واصطلاحاً

أ- الزكاة لغةً: من زكا الزرع أي نما وزاد وقد تأتي بمعنى الطهارة، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)[9: الشمس] أي طهرها من الأدناس. وقد تطلق على المدح قال تعالى: (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ)[32: النجم[([45]).
ب- الزكاة اصطلاحاً: إخراج جزء مخصوص من مال مخصوص بلغ نصاباً لمستحقه إن تم الملك والحول غير معدن وحرث([46]).

ثانياً: إعادة إخراج الزكاة لعدم توصيلها إلى مستحقيها

وذلك كمن دفع زكاة ماله إلى من ظاهره الفقر أو يظنه فقيراً، فبان غنياً أو ظنه مسلماً فبان كافراً فهل يجزئه دفع الزكاة له أم يجب عليه أن يعيد إخراجها إلى مستحقيها؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: ذهب المالكية([47]) والشافعية([48]) والحنابلة في الأظهر([49]) وأبو يوسف من الحنفية([50]) إلى أنه لا يجزئه ذلك عن الفرض، وعليه أن يعيد إخراجها إلى مستحقيها؛ لأنه دفع الواجب إلى غير مستحقه، فلم يخرج عن عهدته.
القول الثاني: ذهب الحنفية([51]) والحنابلة في رواية([52]) إلى أنه إن دفع الزكاة لشخص ثم بان أنه غني أو ذمي فإنه لا يعيد إخراجها.
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول لما ذهبوا بعدة أدلة أهمها:
1. قوله تعالى:(إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ)[271: البقرة].
وجه الاستدلال: أن عموم النص يقتضي صرف الزكاة للفقراء وليس للأغنياء([53]).
2. استدلوا بقوله تعالى:(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)[19: الذاريات].
وجه الدلالة: مدح الله تعالى المؤمنين، لإعطائهم الزكاة المفروضة للسائل والمحروم، وقد صرحت الآية الكريمة بأن الحق في أموال الأغنياء للسائل والمحروم وليس للغني، ومن أعطاها للغني يكون قد أعطاها لغير صاحب الحق، ولم يوصلها لمن أمر الله تعالى بإيصالها لهم، فلا تصح وتعاد، لأنها لم تخرج كما أمر الله تعالى.
3. استدلوا بقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[60: التوبة].
وجه الدلالة: أن الله تعالى حدد في الآية الكريمة الأصناف التي تجب لهم الزكاة، ومن يعطيها لغيرهم يدفع الواجب لغير مستحقه، فلم يخرجه عن عهدته كديون الآدميين([54]).
أدلة القول الثاني:
1. ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية. فأصبحوا يتحدثون: تُصُدق الليلة على زانية. قال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني. فأصبحوا يتحدثون: تُصُدق على غني. قال: اللهم لك الحمد على غني. لأتصدقن بصدقة. فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق. فأصبحوا يتحدثون: تُصُدق على سارق. فقال: اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق. فأُتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت. أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق ما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته”([55]).
وجه الدلالة: يدل الحديث على أن صدقة الرجل أجزأته وإن وصلت إلى غير مستحقيها، فكذلك يدل على إجزاء الزكاة إذا خرجت إلى ووصلت إلى غير مستحقيها؛ لأن المزكي بذل ما في وسعه في التحري وأخرجها لمن يظن أنه من أهلها.
2. ما رواه معن بن يزيد رضي الله عنهما قال: “كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن”([56]).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر يزيد أن صدقته صحيحة ومقبولة، مع علمه أنها خرجت لمن لا يريد، ولمن ظن أنه من مستحقيها وبان أنه ليس من مستحقيها. فدل على أن الزكاة إذا خرجت لمن يظن أنه من مستحقيها، ثم بان أنه ليس من مستحقيها تقبل وتقع صحيحة.
3. ما روي “أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما البصر ورآهما جلدين فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب وأعطاهما”([57]).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بظاهر حال المتصدق عليه، ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم. فدل على أن الزكاة جائزة على من قال أنه من مستحقيها ومن يظن أنه من مستحقيها، وتجزئ عن المتصدق، وإلا لم يصح أن يؤد إليهما بمشيئتهما([58]).
المناقشة:
أولاً: مناقشة أدلة القول الأول: أعترض على أدلة القول الأول بعدة اعتراضات، أهمها:
أما الاستدلال بعموم قوله تعالى: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ..)[271: البقرة] وقوله تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)[19: الذاريات]. وقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء..ٌ)[60: التوبة].
فأعترض عليه بأن هذه النصوص عامة ولا تخالف القول بعدم الإعادة؛ لأن المزكي عندما أخرج زكاته اجتهد وتحرى ليضعها في مصارفها، وأخرجها لمن ظن أنه من أهلها، لأن له ظاهر الأمر، وفي ظاهر الأمر أخرجها لمن يستحقها، وقد يخطىء ويتكرر خطؤه، وهذا يوقعه في الحرج.
ثانياً: مناقشة أدلة القول الثاني: أعترض على أدلة القول الثاني بعدة اعتراضات، أهمها:
أما حديث أبي هريرة، فأعترض عليه بأنه قصة خاصة وقع الاطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقية فلا يصح تعميم الحكم.
وأجيب على هذا الاعتراض بأن التنصيص في هذا الخبر على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم، فيقتضي ارتباط القبول بهذه الأسباب([59]).
وأما حديث الرجلين وحديث يزيد فأعترض عليها بأنها في صدقة التطوع. وأجيب عن هذا الاعتراض بأنه لا يوجد ما ينفي كون الصدقة في الفريضة، ولو سلم أنها صدقة تطوع، لا يوجد ما يدل على منع الحمل على الفريضة.
الترجيح:
من خلال استعراض أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة ومناقشتها، يرى الباحث أن القول المختار هو أن المتصدق إذا تحرى واجتهد في إخراج زكاته فأخطأ وأعطاها لغير مستحقيها، فلا إعادة عليه، لأنه بذل وسعه. يقول تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) [286: البقرة]، ولأن القول بوجوب الإعادة بعد التحري وبذل الجهد يفضي إلى الحرج؛ لأنه قد يتكرر خطؤه، ولأن التصدق ينظر لظاهر حال المتصدق عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم “للسائل حق ولو جاء على فرس”([60]).
يقول الشوكاني معلقاً على هذا الحديث: (وفيه دليل على قبول قول السائل من غير تحليف وإحسان الظن به، ويجوز له أخذ الزكاة)([61]).
أما إذا دفع الزكاة دون تحر فأخطأ فعليه الإعادة؛ لأنه قصّر في الاجتهاد وفي إيصالها لمستحقيها، وحتى لا يتهاون المزكي في إخراجها، ويبذل الجهد في صرفها إلى مستحقيها.

المطلب الرابع إعادة الزكاة لإخراجها قبل وقتها

اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب؛ لأنه لم يوجد سبب وجوبها، فلم يجز تقديمها، كأداء الثمن قبل البيع، والدية قبل القتل([62]).
ولكن اختلف الفقهاء في تعجيل الزكاة متى وجد سبب وجوب الزكاة وهو النصاب الكامل، وذلك على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية([63]) والشافعية([64]) والحنابلة([65]): إلى جواز تقديم الزكاة على الحول ما دام يملك النصاب. إلا أن الشافعية اشترطوا للتعجيل شرطين هما:

الأول: أن يبقى المالك أهلاً للوجوب إلى آخر الحول.
الثاني: أن يكون القابض في آخر الحول مستحقاً. وإذا لم يجزئه المعجل لفوات أحد هذين أعاد الزكاة. جاء في المجموع للنووي: “أن المزكي إن عجل الزكاة فدفعها إلى فقير، فمات الفقير أو ارتد قبل الحول لم يجزه المدفوع عن الزكاة، وعليه إعادة إخراج الزكاة، لأن شرط كون المعجل زكاة مجزئاً بقاء القابض بصفة الاستحقاق إلى آخر الحول”([66]).

القول الثاني: ذهب المالكية([67]) والظاهرية([68]): إلى أنه لا يجوز إخراج الزكاة قبل الحول، وإن أخرجها لا تجزئه، وعلية أن يعيد إخراجها بعد الحول. قال الحطاب: (والذي يعجل زكاة ماله كمن صلى الظهر قبل الزوال أو الصبح قبل طلوع الفجر أليس يعيد صلاته؟ قال: كذلك الذي يؤدي زكاة ماله قبل أن يحول على ماله الحول عليه أن يعيد إخراج زكاته بعد الحول)([69]).
وقال ابن حزم: (ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل تمام الحول ولا بطرفة عين، فإن فعل لم يجزئه، وعليه إعادتها، ويرد إليه ما أخرج قبل وقته؛ لأنه أعطاه بغير حق)([70]).
أدلة الفريق الأول:
استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من جواز تعجيل الزكاة بما يلي:
1. ما روي عن علي كرم الله وجهه أن العباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعجل زكاة ماله قبل محلها فرخص له في ذلك”([71]).
وجه الدلالة: فالحديث صريح بجواز تعجيل إخراج الزكاة قبل الحول([72]).
3. ومن المعقول: قالوا: لأنه حق مال أجل للرفق، فجاز تعجيله قبل أجله أو محله، كالدين المؤجل ودية الخطأ فهي تشبه الحقوق المالية المؤجلة([73]).
4. ولأنه تعجيل لمال وجد سبب وجوبه قبل وجوبه فجاز كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث وكفارة القتل بعد الجرح قبل الزهوق([74]).
أدلة الفريق الثاني:
استدل المالكية والظاهرية لما ذهبوا إليه من عدم جواز التعجيل بما يلي:
1. عن عائشة رضي الله عنه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول”([75]).
وجه الاستدلال: الحديث صريح بعدم جواز تعجيل الزكاة قبل الحول ولو كان قبله بيوم، وذلك لأن الحول أحد شرطي الزكاة فلم يجز تقديمها عليه؛ كما لم يجز تقديمها قبل ملك النصاب اتفاقاً”([76]).
2. دليل من القياس: وهو القياس على تعجيل الصلاة قبل وقتها حيث قال صاحب التاج والإكليل: “والذي يعجل زكاة ماله كمن صلى الظهر قبل الزوال أو الصبح قبل طلوع الفجر أليس يعيد صلاته؟ قال: كذلك الذي يؤدي زكاة ماله قبل أن يحول على ماله الحول عليه أن يعيد إخراج زكاته بعد الحول”([77]).
3. دليل عقلي: قالوا: لأنه يمكن أن يحول عليه الحول، وقد تلف ماله، فيصير تطوعاً وتكون نيته في إخراجها بلا نية. وقد يمكن أن يستغني الذي أخذها قبل حلول حولها فلا يكون من أهلها. . . ([78]).
المناقشة:
أولاً: مناقشة أدلة القول الأول: أعترض على ما استدل به أصحاب القول الأول بعدة اعتراضات، أهمها:
أما حديث على رضي الله عنه فأعترض عليه: بأن فيه اختلافا ذكره الدارقطني ورجح إرساله، وقال الشافعي: لا أدري أثبت أم لا([79]).
وأجيب على هذا الاعتراض بكثرة طرقه، وقوى ابن حجر متنه لكثرة طرقه، حيث قال: “وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق”([80]).
وقال في “إرواء الغليل” معقبا على قول ابن حجر: “وهذا الذي نجزم به لصحة سندها مرسلا وهذه شواهد لم يشتد ضعفها… فهو يتقوى بها ويرتقي إلى درجة الحسن على أقل الأحوال”([81]).
أما الاستدلال بأنه حق مال أجل للرفق، فجاز تعجيله قبل أجله، فأعترض عليه: بأن الزكاة لا تجب إلا عند انقضاء الحول لا قبل ذلك، لصحة النص بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم المصدقين عند الحول، لا قبل ذلك، وما كان عليه السلام ليضيع قبض حق قد وجب، ولإجماع الأمة على وجوبها عند الحول، ولم يجمعوا على وجوبها قبله، ولا تجب الفرائض إلا بنص أو إجماع([82]).
أما القياس على ديون الناس المؤجلة، فأعترض عليه: بأن القياس باطل، لأن تعجيل ديون الناس المؤجلة قد وجب، ثم اتفق الدائن والمدين على تأجيلها، والزكاة لم تجب بعد، فقياس ما لم يجب على ما قد وجب في الأداء باطل.
وكذلك تعجيل ديون الناس المؤجلة لا يجوز إلا برضا من الذي له الدين، وليست الزكاة كذلك؛ لأنها ليست لإنسان بعينه، ولا لقوم بأعينهم دون غيرهم ليجوز الرضا منهم بالتعجيل، وإنما هي لأهل صفات تحدث فيمن لم يكن من أهلها، وتبطل عمن كان من أهلها([83]).
ثانيا: مناقشة أدلة القول الثاني: أعترض على ما استدل به أصحاب القول الثاني بعدة اعتراضات، أهمها:
أما استدلالهم بحديث عائشة فيجاب عليه أنه لا وجوب حتى يحول عليه الحول وهذا لا ينفي جواز التعجيل فنحن لا نقول بوجوب التعجيل إنما بجوازه([84]).
أما قولهم أن للزكاة وقتاً: فإن الوقت إن دخل في الشيء رفقاً بالإنسان كان له أن يعجله ويترك الإرفاق بنفسه كالدين المؤجل فإنه يجوز أن يؤدي ما عليه من دين قبل حلول وقته([85]).
أما قياسهم على الصلاة، فالصلاة تعبد محض ولا قياس مع النص، والتوقيت فيها غير معقول فيجب أن يقتصر عليه، أما الزكاة فالحول فيه توسعة([86]).
الترجيح:
من خلال استعراض أقوال الفقهاء وأدلتهم في المسألة ومناقشتها يرى الباحث أن القول المختار جواز إخراج الزكاة قبل حلول الحول، لأنه أُدّي بعد سبب الوجوب. ولا إعادة على من أخرجها بعد ملك النصاب وقبل حلول الحول، ويشترط لجواز ذلك شرطان:
أولاً : أن يبقى المالك أهلاً للوجوب إلى آخر الحول.
ثانياً: أن يكون القابض في آخر الحول مستحقاً([87]).
فإذا لم يجزئه المعجل لفوات أحد هذين الشرطين، استرد من القابض إن اشرط عليه أنها زكاة معجلة وإن مات المالك أو القابض قبل ذلك أو ارتد أو غاب أو استغنى بمال غير المعجل كزكاة أخرى ولو معجلة أو نقص النصاب أو زال عن ملكه وليس مال تجارة، لم يجزئه المعجل لخروجه عن الأهلية عند الوجوب. وعليه أن يعيد إخراج زكاته على الوجه الصحيح.
ومما يدل على قوة رأي الفريق الأول أن العباس رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعجل زكاة ماله قبل حلول الحول فرخص له ولم يمنعه من ذلك مما دل على جواز إخراج الزكاة قبل حلول الحول.

المطلب الخامس دفع القيمة وأثره في إعادة الزكاة

يقصد بدفع القيمة: دفع ما وجب على المسلم في ماله في الزكاة من غير جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة، فيعدل مثلاً عن الشاة إلى قيمتها([88]).
فإذا أخرج المزكي زكاة ماله من جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة، فزكاته صحيحة، وأما إذا أخرج زكاته من غير جنس المال الذي وجبت فيه الزكاة، فاختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية في المعتمد من المذهب([89]) والشافعية([90]) والحنابلة في الأصح([91])والظاهرية([92]):
إلى عدم جواز دفع قيمة العين الواجب دفعها في الزكاة، وعلى من أخرج قيمة العين الواجب فيها الزكاة إعادة الزكاة على الوجه الصحيح ما دام في الوقت، فإن خرج الوقت تبقى الزكاة ديناً في ذمته إلى أن يخرجها.
القول الثاني: جواز دفع قيمة العين الواجب دفعها في الزكاة فمن أخرج القيمة أجزأه ذلك ولا يلزمه إعادة الزكاة. وهو مذهب الحنفية([93])وقول عند المالكية([94]) ورواية عن الإمام أحمد فيما عدا الفطرة([95]) وهو قول عمر بن عبدالعزيز([96]).
القول الثالث: لابن تيمية: حيث ذهب مذهباً وسطاً بين الفريقين المتنازعين حيث قال: “الأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة، ولا مصلحة راجحة، ممنوع منه”([97]).
أدلة الفريق الأول:
استدل الجمهور على قولهم بعدم جواز أخذ القيمة من الزكاة بأدلة من السنة والمعقول:
1. استدلوا بحديث: “كنا نخرج زكاة الفطر إذا كان بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب([98])”.
وجه الدلالة: أنه لم يذكر القيمة ولو جازت لبيّنها فقد تدعو لها الحاجة([99]).
وعن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال له: “خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر”([100]).
وجه الدلالة: دل الحديث بمنطوقه على أن زكاة الحب والشياه والإبل والبقر تؤخذ من أعيان هذه الأموال، ويفهم من هذا عدم جواز إخراج القيمة في الزكوات. وأنه نص يجب الوقوف عنده فلا يجوز تجاوزه إلى أخذ القيمة([101]).
2. من المعقول: أن الشارع قد نص على وجوب دفع الأعيان في الزكاة، فأوجب بنت مخاض وبنت لبون وحقه وجذعه وتبيع ومسنة وشاة، وغير ذلك من الواجبات، فلا يجوز العدول عنها، كما لا يجوز في الأضحية ولا في العقيقة ولا في الكفارة وغيرها، والقول بجواز دفع قيمة هذه الأعيان خلاف ما أوجبه الشرع، وهذا لا يجوز([102]).
3. أن الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع في أمر الله تعالى، وأمر الله دفع العين القيمة([103]).
أدلة الفريق الثاني:
استدل الحنفية لقولهم بجواز دفع القيمة في الزكاة بما يلي:
1. قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)[103: التوبة].
وجه الدلالة: أن الله قد نص على أن المأخوذ مال، وأي جنس من المال يجزئ، وأما بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذكر فللتيسير على أرباب المواشي لا لتقييد الواجب به، فإن أرباب المواشي تعز فيهم النقود، والأداء مما عندهم أيسر عليهم من دفع النقود([104]).
2. ما روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “فإن لم توجد بنت مخاض، فابن لبون ذكر…” ([105]).
وجه الدلالة: أن دفع ابن لبون (ذكر) بدلا من بنت مخاض (أنثى) عند عدم وجودها، دليل على جواز دفع القيمة([106]).
3. ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أغنوهم في هذا اليوم”([107]).
وجه الدلالة: أن الإغناء يحصل بأداء القيمة، كما يحصل بأداء الشاة وربما يكون سد الحاجة بأداء القيمة أظهر([108]).
4. ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنه أبصر ناقة مسنة في إبل الصدقة فغضب، وقال قاتل الله صاحب هذه الناقة، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني ارتجعتها ببعيرين من حواشي الصدقة. قال: فنعم إذن”([109]).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز أخذ الناقة بالبعيرين والناقة قيمة للبعيرين، فدل على جواز أخذ القيمة([110]).
1. قال طاووس: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: “ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس([111]) في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي بالمدينة”([112]).
وجه الدلالة: أن معاذ رضي الله عنه أخذ الزكاة من الثياب والألبسة بدل العين الواجبة وهذا أخذ للقيمة وعدول عن العين المنصوص عليها.
أدلة القول الثالث:
استدل ابن تيمية لمذهبه بالمعقول:
حيث قال: أنه متى جُوز إخراج القيمة مطلقاً، فقد يعدل المالك إلى أنواع رديئة، وقد يقع في التقويم ضرر، ولأن الزكاة مبناها على المواساة، وهذا معتبر في قدر المال وجنسه، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة، أو العدل، فلا بأس به: مثل أن يبيع ثمرة بستانه أو زرعه بدراهم، فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه، ولا يكلف أن يشتري ثمراً أو حنطة، إذا كان قد ساوى الفقراء بنفسه.
ومثل أن يجب عليه شاة في خمس من الإبل، وليس عنده من يبيعه شاة، فإخراج القيمة هنا كاف، ولا يكلف السفر إلى مدينة أخرى ليشتري شاة ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها أو يرى الساعي أنها أنفع للفقراء([113]).
المناقشة:

أولاً: مناقشة أدلة القول الأول: اعترض على أدلة القول الأول بعدة اعتراضات، أهمها:
أما استدلالهم بحديث عطاء بن يسار وغيره من الأحاديث، فاعترض عليه: بأنه لا يدل على عدم جواز أخذ القيمة وإنما للتسهيل على أرباب الأموال، فإنه يسهل على صاحب مال معين أن يؤدي زكاته منه. فليس المقصود الإلزام بأخذ العين إنما تكون بها المطالبة فإن أحب أصحاب الأموال دفع القيمة فباختيارهم وجاز لهم ذلك([114]).
أما استدلالهم بالمعقول فيجاب عليه: بأن الشارع إنما نص على وجوب دفع الأعيان للتسهيل على أرباب الأموال وليس المقصود الإلزام بأخذ العين، إنما تكون بها المطالبة([115]).
وإن أداء مال مطلق مقدر بقيمة المنصوص عليه بنية الزكاة يجزئه كما لو أدى واحداً من خمس من الإبل وأما الهدايا والضحايا، فالواجب فيها إراقة الدم ولو هلكت بعد الذبح، قبل التصديق لا يلزمه شيء، وإراقة الدم ليس بمال، فلا يقوم المال مقامه([116]).
كما أن تحتيم الإخراج من هذه الأموال العينية عيناً يؤدي إلى عكس المقصود الشرعي، حيث يبيع الفقير ما أخذه من هذه الأموال العينية بثمن بخس من النقود لحاجته إلى النقود([117]).
وأما الاستدلال بأن الزكاة قربة، فاعترض عليه: بأنها وإن كانت قربة، إلا أن المقصود منها سدّ الخلة، فيصح أخراج القيمة لكونها تسدّ الخلة وتحقق المقصود.

ثانياً: مناقشة أدلة القول الثاني: أعترض على أدلة القول الثاني بعدة اعتراضات، أهمها:
أما استدلالهم بحديث معاذ رضي الله عنه فاعتراض عليه من عدة وجوه:
1. أن هذا الحديث مرسل، فإن طاووس لم يدرك معاذاً، أو ولد بعد موت معاذ.
2. أنه لو صح لما كان حجة، لأنه ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجة إلا بما جاء عنه عليه السلام.
3. أنه لم يقله في الزكاة وقد يكون قاله في الجزية وكان يأخذ منهم الذرة والشعير والعرض مكان الجزية.
4. أن الدليل على بطلان هذا الخبر ما فيه من قول معاذ: خير لأهل المدينة، وحاشا لله أن يقول معاذ هذا فيجعل ما لم يوجبه الله تعالى خير مما أوجبه([118]).
وأجيب على ما سبق بما يلي([119]):
1. أن طاووس وإن لم يلق معاذاً إلا أنه عالم بأمره وسيرتـه فهو إمام اليمـن في عصر التابعين والعهد بينهما قريب.
2. عمل معاذ بأخذ القيمة دليل على أنه لا يجد ذلك معارضاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو الذي جعل اجتهاده في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة وعدم إنكار أحد من الصحابة عليه يدل على موافقتهم الضمنية على هذا الحكم.
3. أما احتمال أن يكون هذا الخبر في الجزية فهو ضعيف بل باطل.
4. وأما الوجه الرابع لابن حزم فإن معنى خير لأصحاب رسول الله أي أنفع لهم لحاجتهم للثياب أكثر من الذرة والشعير.

ثالثاً: مناقشة أدلة القول الثالث:
يعترض على ما استدل به ابن تيمية بما اعتُرض على أدلة القول الثاني، لا سيما الاعتراض بأنه لا بد من الالتزام بما جاء منصوص عليه وإخراج الأعيان وقوفاً على النص، وعدم العدول إلى القيمة، لأن إخراج القيمة خلاف ما أوجبه الشرع([120]).
الترجيح:
بعد عرض أدلة كل من الآراء السابقة يترجح لدى رأي ابن تيمية بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر للحاجة أو المصلحة أو العدل، لاسيما وأن الحاجة والمصلحة في عصرنا تقتضي أخذ القيمة ما لم يكن في ذلك ضرر بالفقراء أو أرباب المال، حيث إنّه في عصرنا هذا تغيرت وتبدلت فيه أقوات الناس عما كانت عليه في السابق وكذلك تغيرت حاجات الإنسان ومتطلباته، وإخراج الزكاة بالقيمة ملائم لهذا العصر ومتطلباته أكثر من إخراجها من ذات العين: فهي أيسر على صاحب المال في الدفع لقيمة الواجب عليه مما يملك من عروض أو نقد، وهي خير للمستحقين بدفع حاجتهم التي يعلمونها أكثر من غيرهم فهم يأخذون القيمة ويستعملونها في دفع حاجتهم.
وتحتيم الإخراج من الأموال العينية عيناً يؤدي إلى عكس المقصود الشرعي، حيث يبيع الفقير ما أخذه من هذه الأموال العينية بثمن بخس من النقود لحاجته إلى النقود.
وبناء على ما رجحه الباحث فلا إعادة على من دفع قيمة العين الواجب دفعها في الزكاة ما دامت تحقق مصلحة، وفي زماننا الحاضر دفع القيمة يحقق مصلحة للفقراء، فلا إعادة على من يدفع القيمة.

المطلب السادس تطبيقات معاصرة لإعادة إخراج الزكاة

أولاً: ضريبة الإنتاج والزكاة:

أ: تعريف الضريبة لغة واصطلاحاً وأوجه التشابه والاختلاف بينها وبين الزكاة.
1. الضريبة لغة: واحدة الضرائب التي تؤخذ في الأرصاد والجزية ونحوها، ومنه ضريبة العبد: وهي غلته([121]).
2. الضريبة اصطلاحاً: تعرف الضريبة في اصطلاح علماء المالية بأنها: فريضة مالية إلزامية، يلتزم الممول بأدائها إلى الدولة، ويقوم بدفعها وفقاً لمقدرته التكليفية ومساهمة منه في الأعباء العامة بغض النظر عن المنافع الخاصة التي تعود عليه، وتستخدم حصيلة الضريبة في تغطية النفقات العامة وتحقيق أهداف السياسة المالية للدولة([122]).
ب: أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين الزكاة:
1. أوجه التشابه بين الزكاة والضريبة: تتشابه الزكاة والضريبة عدة أمور، أهمها([123]):
أ. القسر والإلزام في أخذهما.
ب. الدفع إلى هيئة عامة أو سلطة محلية.
ج. انعدام المقابل الخاص: فالممول يدفع الضريبة بصفته عضواً في مجتمع خاص، يستفيد من أوجه نشاطه المختلفة، والمسلم يدفع الزكاة بوصفه عضواً في مجتمع مسلم يتـمتع بحمايته وكفالته وأخوته.
د. تحقيق أهدف اجتماعية واقتصادية وسياسية.
2. أوجه الاختلاف بين الزكاة والضريبة: تختلف الزكاة عن الضريبة في عدة أمور، أهمها([124]):
أ. من حيث الاسم: الزكاة تدل في اللغة على الطهارة والنماء والبركة، أما الضريبة فهي مشتقة من ضرب الغرامة أو الخراج أو الجزية.
ب. من حيث الماهية: الزكاة عبادة فرضت على المسلم، أما الضريبة فهي التزام مدني محض خالص من معنى العبادة وتجب على المسلم وغير المسلم.
ج. من حيث تحديد الأنصبة والمقادير: الزكاة حق مقدر بتقدير الشارع، أما الضريبة فتخضع لتقدير أولي الأمر واجتهاد السلطة.
د. من حيث الثبات والدوام: الزكاة فريضة ثابتة دائمة ما دام في الأرض إسلام ومسلمون، أما الضريبة فتجب حسب الحاجة وحسبما يرى أهل الحل والعقد.
ه. من حيث المصرف: للزكاة مصارف خاصة، عينها الله تعالى في كتابه، أما الضريبة فتصرف لتغطية النفقات العامة للدولة، كما تحددها السلطات المختصة.
ح. من حيث العلاقة بالسلطة: يدفع المسلم الزكاة وهو طيب النفس بها، راجيا أن يتقبلها الله منه، دون تهرب من دفعها، أما الضريبة فجمهور الناس يتهرب من دفعها، فإن لم يتهربوا دفعوها مكرهين أو كارهين.
ط. من حيث الأهداف والمقاصد: للزكاة أهداف روحية وخلقية، لا تتحقق في الضريبة.

ثانياً: دفع الضريبة وأثره في إعادة الزكاة.

صورة المسألة: إذا أجبر المسلم على دفع ضرائب وضعية معاصرة فهل يجوز احتساب ما يدفعه من الزكاة المفروضة عليه([125]).ومن ثمَّ تسقط الزكاة عنه بدفع الضريبة إلى الدولة، أم أن على المكلف أن يدفعها لأن الضريبة لا تحتسب من زكاة([126])؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا تغني الضريبة عن دفع الزكاة ولا يصح احتسابها من الزكاة، وعلى من يدفع الضريبة إعادة إخراج الزكاة. وإلى هذا القول ذهب جمهور الفقهاء: كالسرخسي وابن عابدين من الحنفية([127]) وعليش والحطاب واللقاني من المالكية([128])والهيتمي من الشافعية([129])والحنابلة في الأصح([130])وابن تيمية([131])،ومن المعاصرين السيد رشيد رضا([132]) والشيخ شلتوت([133])، والشيخ يوسف القرضاوي([134]).
القول الثاني: يصح احتساب الضريبة من الزكاة، ودفع الضريبة يغني المكلف عن إخراج الزكاة، ولا يعيد إخراج الزكاة مرة أخرى. وهذا قول بعض الحنفية وقيده الحنفية بنية المزكي التصدق على الجباة أو المكاس لفقره([135]) وهو قول النووي من الشافعية([136])، وقول للإمام أحمد([137])، وذهب إلى هذا القول من المعاصرين الشيخ أبو زهرة إذا خصص من الضرائب مقادير ذات قيمة للتكافل الاجتماعي وسد حاجات الفقراء([138]).
استدل أصحاب القول الأول لقولهم: باختلاف المصارف بين الزكاة والضريبة فالزكاة تصرف في المصارف الثمانية المحددة في القرآن الكريم. أما الضرائب فتصرف في النفقات العامة للدولة من صحة وتعليم ودفاع وأمن وطرق وغير ذلك، كما تختلف عن الضريبة في مصدر التشريع، وأساس الإيجاب، وفي الأهداف، وفي الأغراض، وفي النسب والمقادير([139]).
واستدل أصحاب القول الثاني لقولهم: بأن الشريعة جعلت للسلطان ولاية أخذها فيكون أداؤها إلى من له حق أخذها، أما أنه لا يضعها في مصارفها فذلك على فرض صحته إنما يعود عليه([140]) لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك، فقد برئت منها إلى الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم إذا أديت الزكاة إلى رسولي فقد برئت منها لك أجرها، وأثمها على من بدلها”([141]).
ففي الحديث ما يدل على أن الزكاة تسقط بإعطائها لمن ليس بعدل، على أنا لا نسلم أن الحكومة لا تصرف الزكاة في مصارفها، فإن بعض ما تنفقه الحكومة معدود من مصارف الزكاة كمثل ما يصرف إلى الأرامل والأيتام وإن كانت مرتبات([142]).
مناقشة الأدلة:
أعترض على ما استدل به أصحاب القول الأول: بأن الشريعة جعلت ولاية أخذ الزكاة للسلطان، فإن وضعها في غير مصارفها فذلك يعود عليه.
أما استدلال أصحاب القول الثاني بحديث أنس، فأعترض عليه: بأنه خارج عن محل النزاع؛ لأن الحديث يثبت جواز دفع الزكاة إلى إمام جائر، أما المسألة هنا فهي دفع الضرائب بنية الزكاة.
الترجيح:
من خلال استعراض أقوال الفقهاء في المسألة وعرض أدلتهم ومناقشتها يرى الباحث أن القول المختار هو القول الأول والمتضمن أن الضريبة لا تغني عن الزكاة، ولا يصح احتساب ما يدفع من الضريبة عن الزكاة، ويجب على من احتسبها من الزكاة إخراجها على الوجه الصحيح، وذلك لأن احتسابها من الزكاة يؤدي إلى سيادتها على الزكاة مما يؤدي إلى نقص في ميزانية الزكاة وانصراف الجميع إلى احتساب الضرائب من الزكاة فتحل محل الزكاة وتعمل على إبعادها عن الواقع وعزلها عن السلطة مما يؤثر سلباً على الفقراء والمساكين([143]).
وعلى هذا فإن كثيراً من الأغنياء المسلمين الذين يقيمون دينهم لا يعتدّون بما يدفعونه إلى الحكومات من الضرائب أنه مسقط للزكاة عنهم فهم يخرجونها ويؤدونها إلى الفقراء كما أمرهم الله. ومما يزيد في شك هؤلاء في عد ما يدفعونه من الضرائب زكاة أن بعض الحكومات قررت جبايتها فعلاً وجعلتها ضريبة مستقلة وجعلت لها ديواناً خاصاً([144]). ولذلك يجب على من دفع الضريبة إخراج الزكاة.
ويؤيد ما رجحه الباحث ما صدر عن الهيئة الشرعية العالمية للزكاة في بيت مال الزكاة الكويتي، في كتاب (أحكام وفتاوى الزكاة والصدقات)، الندوة الرابعة لعام 1419ه-1994م في المنامة، حيث جاء فيها: “إن أداء الضريبة المفروضة من الدولة لا يجزئ عن إيتاء الزكاة نظراً لاختلافها من حيث مصدر التكليف والغاية منه، فضلا عن الوعاء والقدر الواجب والمصارف، ولا تحسم مبالغ الضريبة من مقدار الزكاة الواجبة”.

ثانياً: الإبراء من الدين واحتساب ذلك من الزكاة

إذا أدى الغني زكاة ماله عن طريق إبراء المدينين مما عليهم من دين واعتبار المدفوع زكاة معجلة. فهل هذا جائز ويجزئه عن إخراج زكاته، أو لا يجزئه وعليه أن يعيد إخراج زكاته مرة ثانية على الوجه الصحيح؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية([145]) والمالكية([146]) والشافعية([147]) والحنابلة([148]): إلى أن إبراء المدين المعسر من الدين أو إسقاط الدين أو المسامحة بالدين لا يقع عن الزكاة بحال، ولا يجزئ عنها، وإنما يجب إعطاء الزكاة فعلاً للفقير المحتاج.
القول الثاني: ذهب الظاهرية([149]) وبعض التابعين كالحسن البصري وعطاء([150]) إلى أن من كان له دين على بعض الفقراء فتصدق عليهم بدينه، ونوى بذلك أنه من زكاته، أجزاه ذلك.
أدلة الفريق الأول:
استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من أن الإبراء من الدين لا يحتسب من الزكاة بعدة أدلة، أهمها:
1. إن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كانت على خلاف هذا الفعل؛ لأنه إنما كان يأخذها من أعيان المال عن ظهر أيدي الأغنياء ثم يردها إلى الفقراء وكذلك كان الخلفاء بعده، ولم يأت عن أحد منهم أنه أذن لأحد في احتساب دين من زكاة([151]).
2. أن هذا مال هالك غير موجود قد خرج من يد صاحبه على معنى القرض أو الدين، ثم يريد تحويله بعد الهلاك إلى غيره بالنية، فهذا ليس بجائز في معاملات الناس بينهم، وفي ديونهم، فلا يجوز في ديون الله من باب أولى([152]).
3. إن هذا المزكي لا يؤمن أن يكون إنما أراد أن يقي ماله بهذا الدين الذي قد يئس منه فيجعله رداء لماله يقيه به، إذا كان منه يائساً، وليس يقبل الله تبارك وتعالى إلا ما كان له خالصاً([153]).
أدلة الفريق الثاني:
استدل ابن حزم ومن معه لرأيهم باحتساب الإبراء من الدين من الزكاة بعدة أدلة، أهمها:
1. استدلوا بما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: “أصيب رجل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه…”([154]).
وجه الدلالة: طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يتصدقوا على الرجل بما لهم من دين عليه، فدل على جواز الإبراء من الدين واحتسابه من الزكاة.
2. من المعقول: أنه مأمور بالصدقة الواجبة، وبأن يتصدق على أهل الصدقات من زكاته الواجبة بما عليه منها. فإذا كان إبراؤه من الدين يسمى صدقة فقد أجزآه([155]). وإن لم يكن فيه إقباض ولا تمليك، والأعمال بمقاصدها لا بصورها([156]).
المناقشة:
مناقشة أدلة القول الأول: أعترض على ما استدل به أصحاب القول الأول: بأن الله تعالى قد سمّى في القرآن الكريم حط الدين عن المعسر صدقة في قوله تعالى:(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [280: البقرة]([157]).
مناقشة أدلة القول الثاني: أعترض على استدلال أصحاب القول الثاني بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بأن الحديث واضح في بذل الصدقات وأداء المال بالفعل من القادرين الأغنياء لهذا الرجل المديون الذي استغرقت الديون ماله، سواء أكان المتصدق دائناً له أم لا. وإذا جمعوا له الصدقات أعانوه على سداد الديون لأصحابها.
كما أن الإبراء من الدين إسقاط لا تمليك عند أكثر الفقهاء وهو وإن اعتبر صدقة تطوع على المدين المعسر، إلا أنه يتعذر اعتباره زكاة؛ لاشتراط كون النية عند أداء الزكاة مقارنة للأداء([158]).
الترجيح:
من خلال استعراض أقال الفقهاء وأدلتهم في المسألة ومناقشتها، يرى الباحث أن القول المختار هو القول الأول وذلك لقوة أدلته ووجاهتها ولضعف الأدلة التي اعتمد عليها أصحاب القول الثاني. ولأنه عمل مخالف للسنة النبوية ولفعل الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين، ولعدم توافر القبض الذي يحقق معنى إعطاء الزكاة للمستحقين. كما أن القول بجواز الإبراء من الدين واحتسابه من الزكاة قد يصبح حيلة للتهرب من الزكاة، وطريقاً للتخلص من حقوق الفقراء.
وبناء على ما رجحه الباحث يجب على من أبرأ مديناً من دين واحتسبه من الزكاة إعادة إخراج الزكاة. ويؤيد ذلك الضابط الفقهي الذي يقول: “التبرع لا يتم إلا بالقبض…” ومعنى الضابط أن القبض شرط صحة التبرع أو الصدقة أو الزكاة فلو لم يقبض لم يتم التبرع ولا الزكاة، بل لا بد من القبض والتسليم، فلا يملك الموهوب أو المهدي أو المتصدق أو المزكي قبل قبضه([159]).

الخاتمة

وتشتمل على أهم ما توصل إليه الباحث من نتائج، وذلك كما يلي:
1. يمكن تعريف الإعادة بأنها: “فعل العبادة في وقتها ثانيا مطلقا”.
2. لا تعاد الزكاة إذا أديت إلى غير مستحقيها بعد تحر واجتهاد وبذل الوسع، وتجب إعادتها إذا أديت إلى غير مستحقيها بتساهل ودون تحر واجتهاد، كأن يدفع شخص زكاة ماله إلى من ظاهره الفقر أو يظنه فقيراً دون تحقق من حقيقة حاله، فبان أنه غني، أو ظنه مسلماً فبان كافراً، عندها يجب عليه إعادة الزكاة إلى مستحقيها.
3. لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب؛ لأنه لم يوجد سبب لوجوبها فإن عجل زكاة ماله قبل ملك النصاب وجبت إعادة الزكاة بعد ملك النصاب.
4. لا تعاد الزكاة إذا عجلها من وجبت عليه بعد ملك النصاب بشرطين:
أ‌. أن يبقى المالك أهلاً للوجوب.
ب‌. أن يبقى القابض مستحقاً للزكاة إلى آخر الحول. أما إذا اختل أحد هذين الشرطين فتعاد الزكاة.
5. لا تعاد الزكاة لمن أخرج قيمتها نقداً لأن الحاجة والمصلحة في عصرنا تقتضي جواز أخذ القيمة ما لم يكن في ذلك ضرر بالفقراء أو أرباب المال.
6. تعاد الزكاة إذا احتسبها من وجبت عليه من الضريبة الوضعية التي فرضتها عليه الدولة، وإن احتسابها من الزكاة لا تجزئه ولا تسقط عنه وعليه إعادتها.
7. تعاد الزكاة إذا احتسبها من وجبت عليه من دين أبرأ صاحبه منه لأنه باحتسابها لا تسقط عنه وعليه إعادتها.
(*) منشور في “المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية”، المجلد الرابع، العدد (4)، 1429ه‍/ 2008م.

الهوامش:

([1]) ابن منظور، لسان العرب، ج2، ص919. الفيروز آبادي: مجد الدين الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986م، ص386. الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر، مختار الصحاح، مكتبة لبنان، 1989، ص405. ابن فارس: أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، دار الجليل، بيروت، ط1، 1991م، ج4، ص183. أبو جيب، سعدي أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً، دار الفكر، الطبعة الأولى، سوريا، دمشق، 1402ه/ 1982م، ص265.
([2]) البزدوي، في أصوله مع كشف الأسرار للبخاري، ج1، ص308، وانظر: أبو جيب، القاموس الفقهي، ص265.
([3]) الحصكفي، محمد بن علي، الدر المختار شرح تنوير الأبصار، مع حاشية ابن عابدين، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1399ه/ 1979م، ج2، ص63.
([4]) ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار للحصكفي، دار الفكر، بيروت/لبنان، 1399ه/ 1979م، ج2، ص63.
([5]) ابن نجيم، زين الدين إبراهيم محمد، الأشباه والنظائر، مؤسسة الحلبي، القاهرة، مصر، 1387ه/ 1968م، ج1، ص86.
([6]) ابن عابدين، حاشيته على الدر المختار، ج2، ص63.
([7]) ابن نجيم، البحر الرائق، ج1، ص86، الحصكفي، الدر المختار، ج2، ص63.
([8]) ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ج1، ص86.
([9]) السرخسي، أبو بكر محمد بن أحمد، أصول السرخسي، دار المعرفة، بيروت/ لبنان، ج1، ص44. الشاشي، أحمد بن محمد إسحاق، أصول الشاشي، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1398ه، ص146.
([10]) البخاري، علاء الدين عبد العزيز أحمد، كشف الأسرار عن أصول البزدوي، الطبعة الثانية، دار الكتاب العربي، بيروت، 1414ه/1994م، ج1، ص136.
([11]) الأنصاري: عبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت مطبوع مع المستصفي للغزالي، المطبعة الأميرية، مصر، 1322ه، ج1، ص85.
([12]) القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، الذخيرة، دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت، 1994، ج1، ص68.
([13]) الدسوقي، محمد عرفة، حاشية الدسوقي، دار الفكر، بيروت، ج1، ص266.
([14]) ابن الحاجب، شرح العضد، ج1، ص332، وانظر: النملة، الواجب الموسع، ص53.
([15]) القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس، شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، دار الفكر، القاهرة/ مصر، الطبعة الأولى، 1393ه/ 1973، ص76.
([16]) الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، المستصفي من علم الأصول، ومعه الرحموت لشرح مسلم الثبوت للأنصاري، الطبعة الأولى، المطبعة الأميرية، القاهرة/ مصر 1322ه، ج2، ص95.
([17]) ابن السبكي، جمع الجوامع مع شرح الجوامع للمحلي ومعه حاشية البناني، ط2، مطبعة البابي الحلبي، 1356ه/1937م، ج1، ص118 وانظر: المحلي، شرح جمع الجوامع، ج1، ص118.
([18]) المحلي، شرح جمع الجوامع، ج1، ص118.
([19]) الأسنوي، جمال الدين محمد عبد الرحيم بن الحسين، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1404ه/ 1984م، ص63.
([20]) عبد العلي الأنصاري، فواتح الرحموت، ج2، ص85.
([21]) زكريا، أبو يحيي زكريا الأنصاري الشافعي، غابة الوصول شرح لب الأصول، الطبعة الأخيرة، مطبعة البابي الحلبي، مصر/ القاهرة، 1360ه/ 1941م، ص18.
([22]) ابن قدامه، روضة الناظر مع شرحها نزهة الخاطر لابن الدومي، ج1، ص168.
([23]) الطوفي، في شرحه على مختصر الروضة، ج1، ص448.
([24]) الأنصاري، فواتح الرحموت، ج1، ص85.
([25]) أخرجه الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى، سنن الترمذي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، كتاب الصلاة، باب (ما جاء في وصف الصلاة)، برقم (302)، (2/100). أبو داود، أبو سليمان بن الأشعت، سنن أبو داود، دار الفكر، بيروت، لبنان، كتاب الصلاة، باب (من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود)، برقم (856)، (1/226)، والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. المستدرك (1/241). وصححه ابن حبان (484).
([26]) الأنصاري، زكريا، غاية الوصول، ص 18.
([27]) ابن منظور، لسان العرب، ج3، ص240. الرافعي، المصباح المنير، ج1، ص727.
([28]) الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1985، ص90.
([29]) العسكري، أبو هلال، الفروق في اللغة، دار الآفاق الجديدة، ط5، 1983م، ص30. وزارة الأوقاف الكويتية، الموسوعة الفقهية، ج5، ص177.
([30]) الرافعي، المصباح المنير، ج2، ص696. الرازي، مختار الصحاح، ص475. فارس، معجم مقاييس اللغة، ج5، ص99.
([31]) الرازي، مختار الصحاح، ص687.
([32])القرافي، تنقيح الفصول، ص73. الغزالي، المستصفى، ص76. ابن قدامة، عبد الله المقدسي الدمشقي، روضة الناظر وجنة المناظر مع شرحها نزهة الخاطر العاطر لابن الدومي، بيروت/ لبنان، دار الكتب العلمية، ص31.
([33]) سبق تخريجه هامش (25).
([34]) العسقلاني، فتح الباري شرح البخاري، دار المعرفة، بيروت/ لبنان، 1379ه، ج2، ص278. الشوكاني، نيل الأوطار، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة/ مصر، الطبعة الأخيرة، ج2، ص294.
([35]) مسلم، أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت/ لبنان، ج1، ص449.
([36]) النووي، شرحه على صحيح مسلم، ج5، ص147، الشوكاني، نيل الأوطار، ج2، ص62.
([37]) أخرجه أبو داود، في سننه، ج1، ص45. البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي، سنن البيهقي، دار الباز، مكة، 1994، ج1، ص83. وقال رجاله ثقاب، الدارقطني: علي بن عمر البغدادي، سنن الدار قطني، دار المعرفة، بيروت، 1966م، ج1، ص109. وانظر: العسقلاني: الدراية في تخريج أحاديث الهداية، دار المعرفة، بيروت/ لبنان، ج1، ص29.
([38]) المباركفوري: محمد عبد الرحمن عبد الرحيم، تحفة الأحوذي، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، 1405ه/ 1984م، ج2، ص4. الصنعاني، محمد بن إسماعيل الكحلاني، سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، مكتبة الرسالة الحديثة، ج1، ص55. الشوكاني، نيل الأطار، ج1، ص217.
([39]) أخرجه الدار القطني، في سننه، ج1، ص154. البيهقي، في سننه، ج1، ص142، ضعيف الإسناد. وانظر: العسقلاني، الدراية، ج1، ص30.
([40]) المباركفوري، تحفة الأحوذي، ج1، ص242. الزيلعي، جمال الدين عبد الله بن يوسف، نصب الراية، دار الحديث، القاهرة/ مصر، 1357ه، ج1، ص42.
([41]) أخرجه مالك في الموطأ، ج1، ص133. والبغوي في شرح السنة، ج3، ص433، وقال الشيخ شعيب في تحقيقه له: “وإسناده صحيح”.
([42]) انظر الزرقاني، محمد بن عبد القادر بن يوسف، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت/لبنان، 1401ه، ج1، ص272.
([43]) سبق تخريجه هامش (25).
([44]) العسقلاني، فتح الباري، ج2، ص280.
([45]) إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، ج1، ص398. الرازي، مختار الصحاح، ص240.
([46]) انظر: الحصكفي، الدر المختار، ج2، ص2. الشربيني، مغني المحتاج، دار الفكر، بيروت/ لبنان، ج2، ص572. المناوي، محمد عبد الرؤوف المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، دار الفكر، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1990م، ج1، ص387. الجرجاني، التعريفات، ص152.
([47]) انظر: القرافي، الذخيرة، ج1، ص151.
([48]) انظر: الشيرازي: إبراهيم بن علي بن يوسف، المهذب، دار الفكر، بيروت/ لبنان، ج1، ص175.
([49]) ابن قدامه، المغني، ج2، ص667. البهوتي: منصور ابن ادريس، كشاف القناع عن متن الإقناع، مطبعة النصر، القاهرة، ج2، ص344.
([50]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج3، ص273.
([51]) انظر: الحصفكي، الدر المختار، ج2، ص93. المرغياني، الهداية على شرح البداية، ج1، ص114.
([52]) هذه الرواية عند الحنابلة فيما لو أعطى فقيرا فبان غنيا، أما لو تبين أنه غير مسلم، فقولا واحدا بالإعادة؛ لأن الفقير يخفى حاله، أما الكافر فلا يخفى حاله. انظر: ابن قدامة، المغني، ج2، ص667. البهوتي، كشاف القناع، ج2، ص344.
([53]) انظر: الطبري، محمد بن جرير، تفسير الطبري، دار الفكر، بيروت/ لبنان، ج3، ص94.
([54]) ابن قدامة، المغني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ج2، ص668. (رواه البخاري ومسلم).
([55]) البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دار بن كثير، بيروت، لبنان، 1407ه/ 1987م. كتاب الزكاة، باب (14)، حديث (1421). ابن حجر، فتح الباري: ج3، ص290. ومسلم، كتاب الزكاة، باب (24)، حديث (78)، ج2، ص709.
([56]) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب (15)، حديث (1422). ابن حجر، فتح الباري، ج3، ص291.
([57]) أخرجه أحمد في المسند، ج4، ص224. النسائي، السنن الكبرى، كتاب الزكاة، باب (مسألة القوي والمكتسب)، ج5، ص99، أبو داود، كتاب الزكاة، باب (24). الشوكاني، نيل الأوطار، ج3، ص180.
([58]) ابن قدامة، المغني، ج2، ص667. حاشية الإمام السندي مع سنن ابن ماجه، ج5، ص100.
([59]) ابن حجر، فتح الباري، ج3، ص291.
([60]) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ج1، ص201. أبو داود، كتاب الزكاة، باب(حق السائل) حديث (1665)، (ج2، ص126). الشوكاني، نيل الأوطار، ج4، ص180.
([61]) الشوكاني، نيل الأوطار، ج4، ص180.
([62]) انظر: الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع، دار الكتاب العربي، ط2، بيروت، 1982م، ج2، ص50. الحطاب: محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل، ومعه التاج والإكليل للمواق، دار الفكر، بيروت، 1398ه، ج2، ص360. الشيرازي، المهذب: ج1، ص166. ابن قدامه، المغني، ج2، ص131.
([63]) انظر: الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص50. الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير، دار الفكر/ بيروت، ج1، ص516.
([64]) انظر: الشيرازي، المهذب، ج1، ص166. النووي، المجموع شرح المهذب، دار العلوم للطباعة، القاهرة، 1927م، ج6، ص154.
([65]) انظر: ابن قدامه، المغني، ج2، ص131. البهوتي، كشاف القناع، ج2، ص310. المرداوي، علي بن سليمان، الإنصاف، دار إحياء التراث العربي، بيروت/ لبنان، ج9، ص210.
([66]) النووي، المجموع، ج6، ص154.
([67]) ابن رشد، بداية المجتهد، ج1، ص266. الحطاب، التاج والإكليل، ج2، ص360. القرافي، الذخيرة، ج3، ص137.
([68]) ابن حزم: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد، المحلى بالآثار، مكتبة الجمهورية العربية، القاهرة، 1388ه/ 1968م، ج6، ص95.
([69]) المواق: محمد بن يوسف بن أبي القاسم، التاج والإكليل، دار الفكر، بيروت، 1398ه، ج2، ص360.
([70]) ابن حزم، المحلى، ج6، ص95.
([71]) رواه الترمذي، في سننه، ج3، ص63. ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، دار الفكر، بيروت/ لبنان، ج1، ص572. الدار قطبي، في سننه، ج2، ص123. البيهقي في سننه، ج10، ص54. ابن حنبل، أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد، مؤسسة قرطبة، مصر، ج1، ص104، وقال الترمذي: إسناد صحيح.
([72]) الشوكاني، نيل الأوطار، ج4، ص149.
([73]) الشيرازي، المهذب، ج1، ص166.
([74]) المرداوي، الانصاف، ج9، ص210.
([75]) أخرجه البخاري، في صحيحه، ج6، ص2552.
([76]) العسقلاني، فتح الباري، ج12، ص332.
([77]) المواق، التاج والإكليل، ج2، ص360.
([78]) أبن عبد البر، الكافي، ج1، ص303.
([79]) الشوكاني، نيل الأوطار، ج4، ص168. ابن حزم، المحلى، ج6، ص128.
([80]) ابن، حجر، فتح الباري، ج3، ص334.
([81]) محمد ناصر الدين، إرواء الغليل، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1985م، ج3، ص349.
([82]) ابن حزم، المحلى، ج6، ص129.
([83]) ابن حزم، المحلى، ج6، ص128.
([84]) الطيب آبادي، شمس الحق آبادي أبو الطيب، عون المعبود، دار الكتب العلمية، 1415ه، ط2، ج5، ص20.
([85]) ابن قدامه، المغني، ج2، ص630.
([86]) ابن قدامه، المغني، ج2، ص630.
([87]) الشيرازي، المهذب، ج1، ص166. النووي، المجموع، ج6، ص154.
([88]) عقله، محمد، أحكام الزكاة والصدقة، ص221.
([89]) الدسوقي، في حاشية، ج1، ص502.
([90]) النووي، المجموع، ج5، ص429.
([91]) ابن قدامه، المغني، ج3، ص65. ابن قدامه، الكافي في فقه ابن حنبل، ج1، ص295.
([92]) ابن حزم، المحلى، ج6، ص23.
([93]) السرخسي، المبسوط، ج2، ص156. الكاساني، بدائع الصنائع، ج2، ص25.
([94]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير، ج1، ص502.
([95]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص65.
([96]) ابن قدامة، المغني، ج3، ص65.
([97]) ابن تميمه، أحمد بن عبد الحليم، مجموع الفتاوى، دار العربي، لبنان 1405ه/1985م، ج25، ص82.
([98]) البخاري، في صحيحه، ج2، ص548.
([99]) النووي، المجموع، ج5، ص429.
([100]) أخرجه ابن ماجه، كتاب الزكاة، باب (16)، حديث (1814)، ج1، ص580. أبو داود، كتاب الزكاة، باب(12)، حديث (1600)، ج2، ص109. وقال الشوكاني: صححه الحاكم على شرطهما. الشوكاني، نيل الأوطار، ج3، ص171.
([101]) ابن قدامه، الكافي في فقه ابن حنبل، ج1، ص295.
([102]) المرجع السابق.
([103]) النووي، المجموع، ج5، ص403.
([104]) السرخسي، المبسوط، ج2، ص156.
([105]) أخرجه البخاري، في صحيحه، ج2، ص525. والحاكم، محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1411ه/1990م، ج1، ص548 وقال حديث صحيح على شرط مسلم، وتفرد بإخراجه البخاري.
([106]) انظر: العسقلاني، فتح الباري، ج3، ص319.
([107]) أخرجه: البيهقي، في سننه، ج4، ص175. الدار قطني، في السنن، ج2، ص152. وضعفه في إرواء الغليل، ج3، ص332.
([108]) السرخسي، المبسوط، ج2، ص157.
([109]) أخرجه البيهقي، السنن الكبرى، كتاب الزكاة، باب (من أجاز أخذ القيم في الزكوات)، ج4، ص113. أحمد في المسند، ج4، ص349.