مفهوم دعوى منع التعرض في القانون الجزائري

دعوى منع التعرض هي أهم دعاوى الحيازة ويصفها الشراح بأنها دعوى الحيازة العادية، بمعنى أنها ترفع في كل صور التعرض للحيازة. أما دعاوى الحيازة الأخرى فلا ترفع إلا في صور خاصة من التعرض ومن ثمة فهي دعوى الحيازة الرئيسية، لأنها تحمي الحيازة في ذاتها والحيازة فيها هي الحيازة الأصلية وليست العرضية (1) .

ووردت دعوى منع التعرض في القانون المدني الجزائري وبذلك بنص المادة 820 وجاء فيها: “ما حاز عقارا واستمر حائزا له لمدة سنة كاملة ثم وقع له تعرض في حيازته جاز له أن يرفع خلال سنة دعوى بمنع التعرض”.

كما وردت في قانون الإجراءات المدنية بنص المادة 413 وجاء فيها: “الدعاوى الخاصة بالحيازة فيها عدا دعوى استرداد الحيازة يجوز رفعها ممن كان حائزا بنفسه أو بواسطة غيره لعقار أو لحق عني عقاري، وكانت حيازته هادئة علنية مستمرة لا يشوبها انقطاع وغير مؤقتة وغير خفية واستمرت لهذه الحيازة لمدة سنة على الأقل”.

وعلى غرار باقي دعاوى الحيازة، فدعوى منع التعرض تشبه الدعاوى الاستعجالية لأنها لا ينظر فيها إلى موضوع الحق وكذلك لأنها تتطلب هي نفسها الحماية القانونية. إلا أنه ومن ناحية الاختصاص فقد استقر القضاء في أغلب الدول لا سيما فرنسا ومصر،على أنها دعوى موضوعية وذلك لأن إثبات الحيازة يكون بجميع طرق الإثبات باعتبارها واقعة مادية، وبذلك تستلزم إجراءات تحقيق موضوعية لا يمكن للقاضي الاستعجالي أن يختص بالنظر فيها، لأنه لا يتسع نطاقه لذلك كون البحث في شروط الحيازة يشكل مساسا بأصل الحق.

كما يرى البعض أن موقف الغرفة العقارية بالمحكمة العليا بخصوص مدى جواز اعتبار دعوى منع التعرض دعوى استعجالية، فكان في قرار يحمل رقم 217-226 مؤرخ في: 26-01-2000 “غير منشور” أن الاستعجال هو الضرر المحدق بالحق والمطلوب رفعه بإجراء وقتي لا تعسف في إجراءات التقاضي العادية مع عدم المساس بأصل الحق عملا بالمادة 188 ق.إ.م.

فبالرجوع للقرار المنتقد يتضح منه أن قضاة الموضوع تمسكوا باختصاصهم على أساس أن ما قضي به لا يمنح الحق لطرف دون آخر، وإنما هو إجراء وقتي وحتى لا تبقى الأرض بدون حرث، مع أن الدعوى في النزاع الحال تتعلق بمنع التعرض وهي إحدى الدعاوى الثلاثة المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية. وبتالي فهي دعوى موضوعية بحكم طبيعتها لا تدخل أصلا في اختصاص قاضي الاستعجال، لأن الفصل فيها يستوجب البحث في صفة واضع اليد وعناصر الحيازة وشروطها ومدة وضع اليد. وهذه جميعا مسائل تحقيق موضوعية لا يتسع لها نطاق القضاء المستعجل، علاوة على أنه في تحديد من له الحيازة القانونية مساسا بأصل الحق.

وحيث من جهة أخرى فإن المجلس بقضائهم على الطاعنين بعدم التعرض للمطعون ضدهم لم يبقى بعد حكمه لهذا بين الطرفين أي طلب موضوعي يطرح على القضاء (1) .

إلا أن قاضي الاستعجال بمحكمة سعيدة لهم رأي مخالف إذ يعتبرون دعوى منع التعرض تدخل في اختصاص قاضي الاستعجال في حدود سلطته التقديرية. وذلك حسب كل حالة وتجلى ذلك من خلال فصل قاضي الاستعجال بالمحكمة في قضية تتعلق بمنع التعرض (*) .

ويرى الدكتور صالح باي محمد في محاضرة تحت عنوان المنازعات العقارية ألقيت بمناسبة الملتقى الوطني حول القانون العقاري، المنظم من قبل جامعة كلية الحقوق بن عكنون يومي 16 و 17 أفريل 2001 بأن القرار السابق الذكر محل النظر كون أن دعوى منع التعرض للحيازة هي دعوى وقتية يصدر فيها حكم مؤقت، ومن ثمة فلا مانع من أن نظر قاضي الاستعجال في مثل هذه الدعوى (2) .

وذلك إذا كان الغرض من رفع دعوى منع التعرض أمام قاضي الاستعجال هو مجرد إجراء وقتي، ولكن بشرط توافر عنصر الاستعجال.

و هذا الإجراء لا يمس بأصل الحق،و باعتبار دعوى منع التعرض من أهم دعاوى الحيازة و مع عدم وجود نص يقضي بأن دعوى وقف الأعمال ينظر فيها قاضي الاستعجال،فلا مجال إذن لكي نفرق بين دعوى منع التعرض، دعوى وقف الأعمال و دعوى استرداد الحيازة ،إذ هي كلها ذات طابع استعجالي لأنها تحمي الحيازة في ذاتها و ليس الملكية و ذلك بإجراء وقتي لا يمس بأصل الحق .

أما بالنسبة للاختصاص المحلي في دعوى منع التعرض ،فينعقد للمحكمة التي يقع في دائرتها العقر موضوع النزاع.فقد نص المشرع الجزائري في المادة 8/3 قانون الإجراءات المدنية على مايلي ” في الدعاوى العقارية أو الأشغال المتعلقة بالعقار أو دعاوى الإيجارات المتعلقة بالعقارات و أن تكون تجارية أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها العقار ” .

و سنتناول هذه الدعوى من خلال ،عرضنا لأشخاصها و موضوعها و سببها .

المطلب الأول : أشخاص دعوى منع التعرض :

أشخاص هذه الدعوى هما الحائز و هو المدعي الذي يرفع الدعوى. و المعتدي و هو المدعى عليه الذي يتعرض للمدعي في حيازته (1) .

1/ المدعي في دعوى منع التعرض :

هو الحائز للعقار و يمكن أن يكون مالكا و هذا أمر طبيعي كما يمكن أن لا يكون مالكا، و في هذه الحالة تقوم الحيازة على وضع مادي مستقل عن السند القانوني، الذي يعتمده واضع اليد أساسا لإثبات حقه .

و لا فرق بين أن يكون الحائز صاحب حق مفرز أو صاحب حق شائع، فالحائز على الشيوع أن يرفع دعوى منع التعرض على شركائه الذين ينكرون عليه حق الانتفاع بمظاهر مادية، تخالف حقوق الشركاء في الشيوع .

كما أن المدعي في دعوى منع التعرض يجب عليه أن يثبت خلافا لما قررناه في دعوى استراد الحيازة، أن حيازته أصليه لا حيازة عرضية أي أنه يحوز لحساب نفسه لا لحساب غيره، فلا يجوز إذا وقع تعرض على حق الملكية أن يدفعه بدعوى منع التعرض ما لم يكن حائزا لحق الملكية لحساب نفسه و على ذلك فلا يجوز أن يرفع دعوى منع التعرض في هذه الحالة، صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازة أو المستأجر فهؤلاء جميعا حائزون عرضيون بالنسبة إلى حق الملكية، لأنهم إنما يحوزون هذا الحق لحساب غيرهم و هو المالك الذي يعتبر حائزا لحق الملكية لنفسه و يباشرا السيطرة المادية على العقار بواسطة هؤلاء (2) و إنما يجوز لصاحب حق الانتفاع و صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازي،أن يرفع دعوى منع التعرض على الحق الذي يباشر استعماله لحساب نفسه، فهو أصيل في حيازته و يحوز لحساب نفسه لا لحساب المالك باعتباره مالك الرقبة .

إلا أنه وجب أن نفرق بين التعرض على حق الملكية و التعرض على الحيازة، فصاحب حق الانتفاع و صاحب حق الارتفاع أو إمرتهن رهنا حيا زيا إذا حصل له تعرض من قبل مالك الرقبة على حيازته فإنه يجوز له رفع دعوى منع التعرض ضد المالك لأنه كما سبق شرحه الحائزون العرضيون فريقان :

حائز العرضي ينزل من الأصيل منزله التابع من المتبوع، بحيث لا يتمتعون بأية حرية تصرف كالولي، الوصي، القيم و الوكيل طالما يعمل في حدود وكالته و المدير أو المفوض من قبل الشخص المعنوي. و حائز عرضي يحوز لحساب غيره ،ولكن لا يعدون تابعين للحائز الأصيل بل لهم قسط من حرية التصرف في حيازتهم، كصاحب حق الانتفاع، الإستعمال، السكنى ،الدائن المرتهن. جميعا يحوزون حيازة مادية صحيحة لحق عيني يحوزنه لأنفسهم فليسوا عرضيون بالنسبة لهذا الحق .

بل أصليون فهم حائزون عرضيون بالنسبة لحق الملكية و حائزون أصليون للحق العيني الآخر فصاحب حق الانتفاع مثلا : حائز عرضي لأن سنده نفسه يعترف بحق صاحب الرقبة، لكنه ليس عرضيا بالنسبة لحق الانتفاع بل حيازته كاملة صحيحة يجوز معها رفع دعاوى الحيازة حتى على المالك .

و إذا كان المدعي شريك في الشيوع فهو يرفع دعوى منع التعرض ضد الغير، دون حاجة إلى تدخل شركائه في الشيوع معه في الدعوى. بل وله كذلك أن يرفع هذه الدعوى ضد شركائه أنفسهم إذا تعرضوا لحيازته في الشيوع بأعمال تتعارض مع هذه الحيازة ، و قضت محكمة النقض المصري بأن للحائز على الشيوع أن يحمي حيازته بدعاوى الحيازة ضد التعرض له فيها، سواء كان هذا المتعرض شريكا معه أو تلقى الحيازة عن هذا الشريك.

فإذا قامت الحيازة على عمل من أعمال التسامح أو على ترخيص من جهة الإدارة يجوز الرجوع فيه في أي وقت، فإن الحيازة لا تكون عرضية إلا بالنسبة للمالك المتسامح أو إلى جهة للإدارة المرخصة فلا يجوز للحائز في هاتين الحالتين أن يرفع دعوى منع التعرض على المالك نفسه أو جهة الإدارة نفسها، إذا تعرض احد منها لحيازته (1) إلا أنه في القانون الجزائري لا يستطيع رفع دعوى منع التعرض حتى على الغير كما هو وارد بنص المادة 808 من القانون المدني لأن الحيازة لا تقوم على رخصة من رخص أعمال التسامح و على خلاف القانون الجزائري فإن الحيازة في هذه الحالة تعتبر أصلية بالنسبة للغير و عرضية بالنسبة للمالك أو الإدارة المرخصة تبيح رفع دعوى منع التعرض ، فيستطيع الحائز إذا تعرض له في حيازته غير المالك أو غير جهة الإدارة أن يدفع هذا التعرض بدعوى منع التعرض (*) .

وكما سبق شرحه فإن المدعي يجب عليه أن يثبت عليه يثبت أن حيازته أصلية لا عرضية، لأن الحيازة العرضية لا تحميها دعوى منع التعرض إلا أن المستأجر ورغم أنه حائز عرضي فقد استثناه المشرع الجزائري بنص المادة 487 ق.م.ج في الفقرة الأولى فتنص: “لا يضمن المؤجر للمستأجر التعرض الصادر من أجنبي والذي لا يستند على حق له على العين المؤجرة وهذا لا يمنع المستأجر من أن يطالب شخصيا بحق لمن تعرض له بالتعويض وأن يمارس ضده جميع دعاوى الحيازة.”

فالمستأجر إذن هو الحائز العرضي الوحيد الذي يجوز له رفع دعوى منع التعرض أو بالأحرى جميع دعاوى الحيازة.

فيجوز للمستأجر أن يرفع باسمه جميع دعاوى الحيازة، في حالة التعرض المادي الصادر من أجنبي.ولكن الراجح عدم قبول دعوى الحيازة التي يرفعها المستأجر ضد المالك، لأن العلاقة بينهما تسند إلى عقد الإيجار وما يرتبه من حقوق والتزامات، وهذا العقد لا الحيازة هو أساس الدعوى والحكم فيها، الأمر الذي يجعل قبولا دعوى الحيازة في هذا المثال مساسا بقاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق (1) .

غير أنه يرى البعض أن دعوى منع التعرض تحمي كل حائز، و كذلك واضع اليد بمعنى الحائز العرضي الحالي على العقار أو الحق العيني من أي اعتداء يقع على حيازتهما (*) ولا نوافقه الرأي في ذلك لأن هذه الدعوى تحمي الحيازة القانونية لا العرضية.

وهكذا نقضت المحكمة العليا قرار رقم 56026 المؤرخ في 15-11-1989 مجلة قضائية لسنة 1990 عدد 02 ص 34 جاء فيه أن المستأجر له الحق في ممارسة شخصيا دعوى الحيازة ضد من تعرض له، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفا للأحكام القضائية المعمول بها … وأن قضاة الموضوع برفضهم لطلبه الرامي إلى طرد المطعون ضده،على أساس أنه كان عليه مرافعة المؤجر الذي له معه علاقة تعاقد،خالفوا الأحكام القانونية المعمول بها.

وحتى في القضاء المصري وطبقا للمادة 1575 قانون مدني مصري فأجازت للمستأجر أن يرفع باسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة، سواء كان تعرض الغير له ماديا أو قانونيا.

فدعوى منع التعرض تحمي الحيازة الأصلية بشرط أن تستمر مدة سنة كاملة (*) وشرط دوام الحيازة مدة سنة، شرط مقرر بصريح النص في المادة 820 ق.م.ج وعلى صاحب العقار الحائز أي المدعي أن يثبت أنه حاز العقار لمدة سنة.

وأنه الحائز فعلا لهذه العقار و يكفي لإثبات إستمرار الحيازة خلال مدة سنة،إثبات قيام الحيازة في وقت سابق معين و إثباتها في الحال ،كي توجد قرينة على قيامها في المدة الممتدة بين الزمنين حسب المادة 830 ق.م.ج (1) .

فدعوى منع التعرض تحمي الحيازة المستقرة، التي تكون قد دامت وقتا كافيا وذلك مدة سنة.

فالمدعي في هذه الدعوى يقع عليه عبء إثبات توافر الركن المادي للحيازة، وذلك من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع،ويجوز أن يثبت الحيازة الفعلية للعقار بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن … وكذا القاضي يستطيع أن يستدل بشهادة الشهود. كما يمكن للمدعي ضم مدة حيازة سلفة سواء كان خلف عام أو خلف خاص لهذا السلف، وبذلك يتحقق توفر شرط السيطرة المادية على العقار، وإضافة إلى هذا الركن المادي ، يجب توافر الركن المعنوي لأن من شروط الحيازة توافر ركنها المادي والمعنوي .

فالركن المادي هو السيطرة المادية على العين، والمعنوي هو نية الظهور على العين بمظهر صاحب الحق (2) . كما يقع عبء إثبات أن الحيازة ظاهرة واضحة وهادئة على المدعي، أي أن يثبت أن حيازته خالية من العيوب الواردة في المادة 808 ق.م.ج والمادة 413 كما سبق شرحه.

ولا يشترط لرفع دعوى منع التعرض أن يكون الحائز حسن النية، فله رفع هذه الدعوى حتى ولو كان سيء النية. والمدعي كي يرفع دعوى منع التعرض، يجب أن يقع تعرض للحائز في حيازته وقد يكون هذا التعرض مادي أو قانوني.

فيجب على المدعي أن يرفع الدعوى خلال سنة من وقت التعرض قانونيا أو ماديا، فإذا لم ترفع الدعوى خلال هذه المدة لم تعد مقبولة لاعتبارين:

* أن وضع يد الغاصب مدة سنة وضعا هادئا مقرونا بنية التملك، ينشئ حيازة جديدة ينتج عنها زوال حيازة واضع اليد السابق.

* يقوم على أن سكوت الحائز الأول مع استمرار العدوان الواقع على حيازته يفيد حيازة الثاني صفة الهدوء،مما يجعل حيازة الأول معيبة ويمنع إقامة دعوى اليد (1) .

– كما أن التراخي في رفع الدعوى طوال مدى المدة يفترض أن التعرض ليس خطيرا،بحيث يخل بالأمن والسلام.فضلا عن رضا الحائز بذالك الوضع و في حالة رفع دعوىبعد فوات ميعاد السنة يدعم بعدم قبولها (2) . وحساب مدة السنة يبدأ من يوم وقوع تعرض، سواء مادي أو القانوني فإذا كان تعرض خفي فإنه حسب من يوم علم الحائز به .

و في حالة تعرض القانوني،فلا تسري المدة إلى من تاريخ توجيه الإجراء القضائي أو غير القضائي إلى الحائز أو من يمثله قانونا.

و إذا قدمت الدعوى بعد مرور سنة من التعرض ، فهنالك من يرى أنه على القاضي أن يرد الدعوة تلقائيا . و محكمة النقض المصرية فترى أن مدة سنة هي مدة تقادم خاص يسري عليها حكم القطع لنقض 03 فبراير 1958 مجموعة أحكام نقض السنة التاسعة ص 149 . أما القضاء الفرنسي فلقد أقر وقف المدة وقطعها (3) .

-فإذا تتابعت أعمال التعرض وترابطت وصدرت عن شخص واحد بحيث تكون فعل تعرض من مجموعها، فإن احتساب مدة السنة يبدأ من تاريخ وقوع آخر عمل من هذه الأعمال (4) .

* وهناك من يرى أن تحسب المدة من تاريخ حصول أول عمل من أعمال التعرض، والأرجح في محكمة النقض الفرنسية أن يترك الأمر للقاضي فهو الذي يقدر الظروف التي تتناسب مع كل حالة على حدة ولعل هذا الرأي يمكن اعتماده في القضاء الجزائري.

أما إذا تكون من هذه الأعمال ما يكفي بذاته لاعتباره تعرضا، احتسبت مدة السنة من تاريخ أول عمل منها،وإذ صدرت من أشخاص متعددين فكل عمل من هذه الأعمال يعتبر قائما بذاته،وتتعد دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال، وتحتسب مدة السنة بكل دعوى من تاريخ وقوع التعرض الذي يترتب عليه الحق في إقامتها.

وإذا كان التعرض مبني على التصرف قانوني، سرت السنة من وقت وقوع التصرف الذي اعتبر تعرضا. أما إذا كان التعرض عملا قام به المدعى عليه في ملكه هو فلا تسري السنة في دعوى منع التعرض إلا من الوقت الذي يتقدم فيه هذا العمل حتى يصبح تعرضا واقعا على حيازة المدعي (1) .

2/ المدعى عليه في دعوى منع التعرض :

– المدعى عليه هو الشخص الذي يتعرض للمدعي في حازته (1) و التعرض الصادر من المدعى عليه قد يكون تصرفا قانونيا و قد يكون عملا ماديا. و قد ينجم عن أشغال عامة أو أشغال خاصة كما سيأتي شرحه في حينه .

و الأصل أن دعوى منع التعرض ترفع ضد المدعى عليه نفسه الذي صدر منه التعرض و قد ترفع ضد الغير و لو كان حسن النية (2)

فكل عمل مادي أو تعرض قانوني سواء مباشر أو غير مباشر يأتيه، يعتبر تعديا يسمح برفع دعوى منع التعرض، كما لو دخل المدعى عليه أرض المدعي دون إذنه بل قد يصل التعرض إلى حد إخراج المدعي من أرضه و سلب حيازته و يبقى الأمر مع ذلك في نطاق دعوى منع التعرض لا في نطاق دعوى استرداد الحيازة التي تقتضي سلب الحيازة بالقوة و الغصب أو الخفية كما سبق شرحه .

و إقامة المدعى عليه حائطا أو بناءا في أرضه يسد به مطلا لجاره أو يمنع به النور و الهواء عنه يعتبر تعرضا و رعي المدعى عليه مواشيه في أرض جاره دون إذن منه و مرره فيها مدعيا أنه له عليها حق ارتفاق بالمرور و دخوله دارا يحوزها المدعي متمسكا بأنه استأجر هذه الدار من مالكها أو أن له حق انتفاع. كل هذه الأعمال تعتبر تعرضا للمدعي في حيازته و تبيح لهذا الأخير رفع دعوى منع التعرض (3) و أن لا يكون التعرض الصادر من المدعى عليه قد ألحق ضررا بالمدعي فلا يلزم أن يكون كل تعرض صدر من المدعى عليه قد أحدث ضررا للمدعي كما لا يلزم أن يعتبر العمل الصادر من المدعى عليه تعرضا لمجرد أنه أحدث ضررا للمدعي و في هذه الحالة الأخيرة إذا كان العمل قد أحدث ضررا للمدعي دون أن يتضمن ادعاء يعارض حيازته لا يكون هناك محل لرفع دعوى منع التعرض و إنما يكون للمدعي أن يرفع دعوى تعويض (4) .

و في هذا الصدد قضت الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرار رقم 215749 بتاريخ 25/07/2001 إن القضاء بالتعويض على أساس المادة 124 ق م ج في دعوى إنكار الحيازة لا يعد مساسا بأصل الحق و لا يشكل خرقا للمادة 415 ق إ م فالصياد الذي يتابع فريسته فيمر في حقل الحائز هنا لا ترفع دعوى منع التعرض و إنما التعويض ،فالتعرض الذي يبيح رفع دعوى الحيازة يجب أن يشكل معارضة الحيازة لغير و لا يهم بعد ذلك أن ينتج عنه ضرر يطلب التعويض أم لا (1) .

و التعرض الصادر من المدعى عليه يجب أن يكون غير قائم على أساس حق ثابت للمدعى عليه و حتى لو كان المدعى عليه يستند في تعرضه إلى حق ثابت له فإنه يقضى عليه مع ذلك بمنع التعرض لأن قاضي الحيازة لا شأن له بموضوع الحق. و دعوى منع التعرض إنما تحمي الحيازة في ذاتها متى كانت ثابتة بصرف النظر عما إذا كان للحائز حق يستند إليه في حيازته أو ليس له هذا الحق .

و حتى لو كان المدعى عليه حسن النية في تعرضه و بالرغم من أن ليس له حق يستند إليه في تعرضه فهو يظن بحسن نية أن له حق فإنه بالرغم من ذلك يقضي عليه بمنع التعرض و هذا راجع لأن دعوى منع التعرض تحمي الحيازة لذاتها بغض النظر عن ما إذا كان المدعى عليه سيء النية أو حسن النية .

و ترفع دعوى منع التعرض على المتعرض نفسه و على الغير و غني عن البيان أن المدعى عليه في دعوى منع التعرض هو المتعرض نفسه أي الشخص الذي صدرت منه أعمال التعرض و يحل محل المتعرض خلفه العام أي ورثته فتوجه إليهم الدعوى بعد موت المتعرض (2) . فترفع دعوى منع التعرض ضد الخلف العام أو الخاص بالنسبة للمتعرض أو المغتصب حتى و لو كان هذا الخلف حسن النية .

و ترفع ضد المدعى عليه دعوى منع التعرض كما لو كان شريكا في الشيوع فإذا تعرض الشريك لحيازة باقي الشركاء في الشيوع و ذلك من أجل الاستئثار بالملك، هنا ترفع ضده هذه الدعوى.

و إذا ثبت أن المتعرض كان وكيلا عن غيره إذ قام بالتعرض لحساب الغير فيكون للمدعي الخيار بين رفع دعوى منع التعرض ضد الوكيل أو الموكل.

كما ترفع دعوى الحيازة ضد المتعرض و لو كان نائبا في الحيازة عن غيره كرفعها ضد مستأجر العقار مثلا .لكن جرى الأمر في فرنسا على أنه لا يجوز رفع دعاوى الحيازة ضد الحائز (1) .

كما أن المتعرض قد يكون هو المتعرض لكنه يعمل لصالح الغير أو بأمر منه كما إذا كان التعرض قد صدر من المستأجر أو الوكيل بأمر من المؤجر أو الموكل أو لصالحه و ليس للمستأجر أو الوكيل أن يطلب إخراجه من دعوى منع التعرض بحجة أنه إنما عمل بأمر من المؤجر أو من الموكل بل يبقى خصما في الدعوى و له أن يدخل المؤجر أو الموكل فيها ضامنا (2) .

فإذا كان الغرض من دعوى منع التعرض الخروج من العقار أو إعادة الحالة إلى ما كانت عليه فإن هذه الدعوى يمكن أن ترفع على الغير الذي انتقل إليه هذا العقار و لو كان حسن النية لا يعلم أصلا بهذا التعرض لكن في هذه الحالة لا يطالب المدعى بالتعويض الذي لحق به إلا إذا أثبت أنه سيء النية .

(1) د .مصطفى مجدي هرجه ،المرجع السابق ،ص-272 .

(1) : حمدي باشا ،المرجع السابق، ص 166.

(*) : أمر إستعجالي تحت رقم 249004 صدر بتاريخ 08/11/2004 .

2) ) : حمدي باشا محررات شهر الحيازة ص 166.

(1) محاضرات الأستاذ زواد عمر الملقاة على الطلبة القضاة دفعة 13 لسنة 2003-2004 .

(2) د . السموري ( الوسيط ) . الجزء التاسع . ص 1268 .

(1) د. السنهوري المرجع السابق ، ص 1271 .

(*) و قد رفضت محكمة النقض المصرية دعوى منع التعرض لحيازة قامت على أعمال التسامح إذا رفعت الدعوى من الحائز على المالك المتسامح فقامت بأنه متى كان الحكم المطعون فيه و هو بسبيل تحقيق توافر شرائط وضع اليد قد استخلص من الأدلة التي ساقا أن ترك مطلات منزل طاعنة على العقار المبيع للمطعون فيه عليه كان من قبيل التسامح من جانب البائع لهذا الأخير إذا لم يكن فيه أي اعتداء على ملكه و بدلك نفى نية التملك عن وضع يد الطاعن و هو ركن أساسي من أركان دعوى منع التعرض هذا وحده يكفي لإقامة الحكم برفض دعوى منع التعرض .

(1) أ.بوبشير محند أمقران ،المرجع السابق ،ص96 .

(*) د. الغوثي بن ملحة .

(*) قضي في مصر أنه إذا تخلف الحائز عن استعمال حقه على العين بعض الوقت لتوقيع مصلحة الضرائب الحجز ووضع الأختام عليها لدين على الحائز لا تعتبر الحيازة متقطعة و لا يخل بصفة الاستمرار .

(1) أ.بوبشير محند أمقران ،المرجع السابق ص97 .

(2) د. مصطفى مجدي هرجه ، المرجع السابق ص 272 .

(1) د.محمد علي الأمين،المرجع السابق ،ص 164 .

(2) أ.بوبشير محند أمقران ، المرجع السابق ،ص 101 .

(3) د. محمد علي الأمين،المرجع السابق ،ص 165 .

(4) د. السنهوري المرجع السابق ،ص 1286 .،

(1) د. السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1286 .

(1) محاضرات زودة عمر للطلبة القضاة دفعة 13 سنة 2003/2004 .

(2) د. السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1374 .

(3) د. السنهوري ،المرجع السابق ،ص 1276 .

(4) د. السنهوري نفس الصفحة .

(1) فريدة زواوي ،ص 65 .

(2) د. السنهوري ،ص 1385 .

(1) الأستاذة فريدة زواوي ،ص 70 .

(2) د. السنهوري ،نفس المرجع السابق ،ص 1358 .