نزع الملكية بين القانون و العشوائية

عندما تختل الثقة بين الدولة الممثلة في اللجنة الشعبية العامة * والمواطن السيد في موضوع الملكية العامة فان هذا موضوع يستحق التوقف عنده طويلا..فقد يعود إلى وجود خلل في القانون نفسه أو إجراءات تطبيقه من قبل القائمين على إدارة مؤسسات الدولة* الذين هم بالمقابل أفراد طبيعيون لهم نزعاتهم الاجتماعية ومصالحهم الشخصية التي قد تجعلهم ينساقون وراء ها. فعندما يرى المواطن بأم عينه الاختفاء التدريجي للممتلكات العامة من أراض وعقارات أو توزيع لمشاريع زراعية أوغابات أومعسكرات كانت قائمة ويحوزها أفراد بحق أوبدون وجه حق* أو عندما تستحوذ الدولة باسم المنفعة العامة على تجمعات سكنية قائمة ومتكاملة بمنازلها وعقاراتها وطرقها و مدارسها ومساجدها كما حدث بسكان الهضبة الشرقية طرابلس وجزء من منطقة المنصورة * وسوق الثلاثاء طرابلس . فتقوم الدولة بإزالتها بغرض التطوير العمراني أو إقامة حزام اخضر وتقوم بتهجير سكان تلك المناطق إلى المجهول بعد أن تم اغراؤهم بتعويضات تعويضات هزيلة * لتعيد تقسيم تلك الأراضي وتبيعها أو تستأجرها لشركات أجنبية بغرض الإستثمار* أو عندما تسيطر الدولة على جزء من الأرض لتقيم عليه مكبا للقمامة وتشغله بطريقة بدائية كما هو الحال بمنطقة سيدى السائح جنوب طرابلس فتجعل من يعيشون حوله لعشرات الكيلومترات يستنشقون الدخان السام ليعيشوا هم وأبناؤهم مرضى ومعلولين بقية أعمارهم * أو عندما تضع الدولة يدها على أراض قبلية بالدواخل بحجة إقامة مشاريع زراعية أو مراعي عامة ثم تخصصها بعد مدة من الزمن لأفراد آخرين وتمنع سكانها وملاكها الأصليين من الانتفاع بملكياتهم الخاصة. عندما يحدث كل هذا أو بعضه* فإن هذا ليس من حق الدولة وإن كان بمبررات مصطنعة بقرارات استبدادية وغير مدروسة يصفق لها الكثير من الغافلين عن حقائق الحياة الواقعية فى بلادنا* بل ان هذه القرارات الاستبدادية بنزع الملكيات الخاصة تصادم المباشر مع الكثير من النصوص القانونية الواردة فى القانون الليبى و التى يعتقد مصدروا قرارت نزع الملكيات أنهم يستندون اليها
ان الشريعة الاسلامية تقدس الملكيات الفردية الخاصة لجميع أفراد المجتمع بغض النظر عن دينهم أو انتماءاتهم العرقية* واستمرت هذه القداسة منذ الفتح الاسلامى لليبيا عام 23 هجرية 657 ميلادى وحتى فى عهود ماقبل العهد العثمانى الاول فى ليبيا كانت الملكيات تسير وفق ضوابط الشرعية الاسلامية الى أن صدر القانون العثمانى الخاص بالاراضى عام 1858/ فى جميع مناطق الامبراطورية العثمانية*كما ان الفترة الاستعمارية الايطالية تعاملت مع نزع الملكيات الخاصة لأقامة مشروعاتها الاستيطانية فى ليبيا وفق مبدأ شراء الأرض ممن يملكها عن طريق شيوخ القبائل و العشائر*و ضمن الاعلان الدستورى للثورة الصادر سنة 1969 صيانة الملكية الخاصة * وصدرت مواد قانونية فى عدة قوانين تقدس الملكية الحاصة فى ليبيا* الا أن التطبيقات الفعلية على أرض الواقع تعاملت مع الملكية الخاصة بكل استهانة* وسهل من هذه الاستهانة تخوف المواطن من السلطات التنفيذية للدولة وغياب معرفته بنصوص القانون التى تحمى له ملكيتة الخاصة فى مواد عديدة* فعاثت اللجنة الشعبية العامة فى الارض خرابا جعل من مدينة طرابلس بالذات مدينة مليئة بخراب عمرانى تبعثر فى جميع انحائها بسيل عارم من قرارات نزع الملكية لأغراض المنفعة العامة* فدفعت بالمواطنين الى الحل و الترحال أكثر من مرة وهى تلاحقهم بأعمال الهدم و الازالة بعد أن بنوا مساكن عشوائية بالمبالغ التى ظنوا أنهم سيبنون بها بيوت أحلامهم..فلحقتهم قرارات ازالة جديدة فاضطروا الى الاعتراض مشتكين الى المحامين الذى أثبتوا أن القانون لايوفر سندا قويا لقرارات نزع الملكية الصادرة بحق من نزعت ملكياتهم..