مشروع بحث قانوني حول ظاهرة جنوح الاحداث

مشروع خلية بحث
أ.رواب جمال

تمهيــــد

إن جنوح الأحداث في العالم بصفة عامة و الجزائر على وجه الخصوص أصبح يشكل ظاهرة خطيرة ، و هو تشكل بحق تهديدا خطيرا و متناميا لأمن المجتمع و إستقراره و كذا خططه التنموية على المديين البعيد و القصير و خاصة بناءه الأسري، و هي ظاهرة ليست بالجديدة و لا هي مقتصرة على المجتمعات النامية ( المتخلفة ) فحسب بل تعاني منها حتى تلك المجتمعات المصنفة في خانة المجتمعات المتطورة أو المتقدمة ، غير أنه و إن كان تخلف المجتمع و أزماته يعتبر في واقع الأمر وقود لهذه الظاهرة ، إذ من شأنه أن يعطيها أبعادا أكثر خطورة بالتالي الدخول في حلقة مفرغة من تخلف و أزمات إجتماعية تساهم و بشكل أكثر فاعلية في إتساع و تعميق جذور الظاهرة في المجتمع فيزيد من تخلف المجتمع و تعميق أزماته ( من تخلف إلى تخلف أكثر ) لأن طفل اليوم رجل المستقبل ، و لعل ما يعطي للموضوع أهمية غير مسبوقة هو كون مجتمعنا الجزائري فتي .

خطورتـــــها

خطورتها على المجتمع:
إن جنوح الأحداث كإجرام الكبار يعود بالضرر المباشر على كيان المجتمع وإذا بدأ الحدث حياته بالإجرام ونشأ واعتاد عليه أصبح من العسير إصلاحه وهو راشد.

خطورتها على الأحداث أنفسهم :
بما أن الأحداث هم عماد المستقبل وأمل المجتمع والعمود الفقري للأسرة فإن جنوحهم ضرر على أنفسهم وعلى مجتمعهم فتمتد الخسائر إلى تلك الخامات البشرية وإلى ما يمكن أن يقدموه للمجتمع من طاقة وإنتاج فالخسائر تصيب البدن والعقل والعواطف كما تؤثر على علاقات الألفة والود والسلام بين الناس وتصيب العمل والإنتاج بالفقر والتعطيل والتعويق فيصبحون قوى معطَّلة يعيشون عالة على ذويهم وعلى المجتمع, وبالنتيجة فإن خسائر المجتمع تتمثل في النتائج الضارة للإجرام من جهة ومن تعطل وفقد هذه الطاقات الخلاَّقة المتمثلة بالشباب.

الإهتمام العالمي بظاهرة الجنوح :

إن التصاعد المذهل في جنوح الأحداث أقلق العالم بأسره فانكب الأخصائيون في مختلف العلوم القانونية والاجتماعية والنفسية على بحثها من جميع جوانبها.
ففي أوربا تشكلت لجنة المسائل الجنائية ودرست جرائم الأحداث في عدد من الدول منها:
النمسا، بلجيكا، الدانيمارك، فرنسا، اليونان، النرويج، هولندا، ألمانيا، بريطانيا، السويد، تركيــــــا …
وفي تقريرها (لجنة المسائل الجنائية ) عام 1960 الذي أكدت أن إجرام الأحداث يرتفع كماً وكيفاً في عشر من الدول السالفة الذكر باستثناء بلجيكا و الدانيمارك, وسنة 1955 كانت قد دعت منظمة الأمم المتحدة إلى أول مؤتمر دولي لمكافحة الجريمة ومعالجة الجانحين ومن أبرز ما ورد في جدول أعمالها (( جرائم الأحداث)).

أَسباب الجنوح وعوامله:

هناك عدة أسْباب للجنوح منها:
1 – أسباب خاصة بشخص الحدث، فقد رأى الباحثون أنَ لشخصية الحدث لها المقام الأول في تحديد سبب الجريمة، فقد لوحظ أن اضطرابات النمو والعاهات والأمراض البدنية والعقلية والنفسية والانحرافات الجنسية كلها قد تكون ذات تأثير على سلوك الحدث وتدفعه إلى الانحراف ويمكن القول أن التكوين الجسمي والعقلي للأبوين قد ينعكس على الطفل حين ولادته، فمدمني المخدرات والسكر والمصابين ببعض الأمراض يؤثر على التكوين الجسمي والنفسي للطفل.
2- أسباب خارجية اجتماعية واقتصادية، فللبيئة تأثيراً واضحاً وكبيراً على السلوك والتصرفات وللعوامل الاقتصادية والاجتماعية أهمية كبيرة وتتفوق على غيرها من الأسباب التي تؤدي إلى الجنوح، فالحدث الجانح مصنوع لا مولود وإجرام الصغار من صنع الكبار والحدث المنحرف ضحية وسط اجتماعي سيئ.
3- الوضع الاقتصادي، قد يكون الفقر حافزاً على النبوغ والامتياز والتفوق وقد يكون حافزاً على الانحراف، إذ أن الفقر يعني السكن السيئ، وسوء التغذية والعلاج، والجوع والعرى، وقد يكون سبباً لتفكك الروابط العائلية، والقلق واليأس، لكن الفقر ليس السبب الرئيسي للانحراف فقد يقدم على الجريمة أناس أغنياء لكن الترف وغياب المراقبة قد يسبب أحياناً شذوذاً وانحرافاً.
4- التفكك الأسري ، من المؤكد أن البيئة العائلية تلعب دوراً هاماً في صنع شخصية الحدث وخاصة في السنوات الأولى من عمره، ويكفي أن يكبر الصغير في بيت فيه أحد الأبوين أوكليهما منحرف، أو انحراف أكبر الأبناء والبنات حتى يستعذب الانحراف ويستمر فيه، ومن ناحية أخرى أيضاً إن الإسراف في اللين والتدليل أو الصرامة والقسوة أو التهاون والسلبية وعدم الاكتراث لهم دور في صنع شخصية الحدث.
5- الصحبة السيئة، إن اتصال الأحداث مع رفاق السوء قد يوصلهم إلى الانحراف.
6- وسائل الإعلام والتسلية، إن السينما والمسرح والصحافة والكتب والراديو وغيرها إن لم تكن قائمة على أساس سليم فهي قد تساعد على انسياق الأحداث إلى الانحراف وذلك عندما يظهر مقترف الجريمة بمظهر البطل.
7- الفراغ والبطالة والعمل غير المناسب، إن شروط العمل والأشخاص الذين يعملون مع الحدث تكون مصدراً خطراً معنوياً وأخلاقياً، وقد توجه الحدث توجيهاً سيئاً ينتهي بهِ إلى الانحراف، كما أن دور اللهو والحانات وصالات الألعاب والعمل المبكر له التأثير القوي على الأحداث وبؤرة من بؤر الانحراف.

إن هذه العوامل والأسباب منفردة ليست كافية بحد ذاتها للانحراف, لكن عندما يجتمع أكثر من سبب واحد تكون العواقب وخيمة, و إن العامل الاقتصادي يتصدر هذه الأسباب مع استعداد الحدث ذاته.

العـــــلاج:

يجب مواجهة الظاهرة من زاويتين:
أولا : قبل وقوع الجريمة
ثانيا : بعد وقوع الجريمة
ففي الأولى وقاية وفي الثانية إصلاح

أهداف البحـــث

– معرفة حجم ظاهرة جنوح الأحداث في الجزائر .
– تحليل أسباب جنوح الأحداث و دوافعه و مقارنة ذلك بالنظريات القديمة و الحديثة التي سعت لتفسير الظاهرة مع تقديم نتائج عملية لهذه الدراسة .
– وضع توصيات نراها مناسبة للمساعدة في القضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل الحد منها .

تعاريــــــف

معنى كلمة حدث :
لَقَدْ عرفت بتعريفات عديدة ومختلفة كلٌ عرفها من وجهة نظر خاصة.

– من وجهة النظر الاجتماعية :
عَرَّفَ علماء النفس والاجتماع الحدث بأنه الإنسان منذ ولادته وحتى يتم النضج الاجتماعي والنفسي وتتكامل له عناصر الرشد.

– من وجهة النظر القانونية:
عرف علماء القانون الحدث بأنه الإنسان الصغير منذ ولادته وحتى بلوغه السن التي حددها القانون للرشد وهي في القانون الجزائري ثمانية عشر عاماً وقد قسمها رجال القانون إلى قسمين :
أولاً: مرحلة انعدام المسؤولية الجزائية وهم من دون السن الثالثة عشر .
ثانياً: مرحلة المسؤولية الجزائية وهو الحدث الذي ارتكب الجنحة بعد أن أتم الثالثة عشر من عمره ولم يتم الثامنة عشر.

تعريف الجنوح :
للجنوح والانحراف معانٍ مختلفة ومتعددة منها:
– المعنى الأخلاقي: وهو الانحراف عن المعايير الأخلاقية المثلى.
– المعنى السيكولوجي:ويؤكد على الفروق الفردية التي تصل إلى درجة تجعل الفرد يسلك سلوكاً غريباً يؤثر في إنتاجه وتكيفه الاجتماعي.
– المعنى القانوني:وهو فعل مخالف للقانون يرتكبه الحدث ويعاقب عليه.

ظاهرة جنوح الأحداث :
تعد مشكلة إجرام الأحداث من أهم وأعقد المشكلات الاجتماعية التي تواجه جميع أقطار العالم المتقدمة منها والمتأخرة على حد سواء لما فيها من خطر على مستقبلها.

العيينة و طرق الدراسة :
بحث ميداني مع تنظيم إستمارات خاصة لكل الأحداث الموقوفين ذكور و إناث في قسم الأحداث بالمؤسسة العقابية لخميس مليانة ولاية عين الدفلى خلال الفترة الممتدة من 01/03/2007 إلى غاية 28/02/2008 .

مجــــــال الدراسة
قضايا الأحداث المعروضة على محكمة خميس مليانة و كذلك الأحداث الموقوفين بالمؤسسة العقابية لخميس مليانة .

أسلوب الدراسة

تحليل بيانات إحصائية و التطرق للمنظومة التشريعة الموضوعية و الإجرائية الخاصة بالأحداث سواء تلك الوقائية أو الإصلاحية بهدف الوصول إلى الأسباب الحقيقية للظاهرة و مقارنتها مع النظريات المختلفة التي تحلل الظاهرة قصد الوصول لنتائج إيجابية ملموسة.