حكم تمييز (عقد هبه)

محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 21/ 11/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ يوسف المطاوعة – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، ولطفي عبد العزيز، وأحمد هاشم، وعبد الرحمن فكري سليم.
(49)
الطعن رقم 536/ 2003 مدني
1 – هبة – اختصاص (الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بعقد الهبة) – إجراءات التقاضي – عقد (عقد الهبة).
– الهبة عقد مالي استمد المشرع أحكامها من الفقه الإسلامي دون التقيد بمذهب معين – تنظيم أحكام عقد الهبة في القانون المدني بعد استبعادها من الأحوال الشخصية – مؤداه: الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بها ينعقد للدوائر المدنية في جميع درجات التقاضي.
2 – إثبات (خبرة – حلف الخبير لليمين) – نظام عام – محكمة الموضوع (سلطتها في مسائل الإثبات) – تمييز (أسباب الطعن: الجدل الموضوعي).

– الخبير المنتدب من خارج إدارة الخبراء أو جدول الخبرة – حلفه اليمين أمام المحكمة التي ندبته أو أمام قاضي الأمور الوقتية قبل مباشرته لمأموريته – غير متعلق بالنظام العام – تخلف هذا الإجراء لا يرتب البطلان – علة ذلك.
– تقدير عمل الخبير من سلطة محكمة الموضوع – الجدل في ذلك – غير جائز أمام محكمة التمييز.
3 – مرض الموت – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير قيام مرض الموت) – إثبات (طرق الإثبات: الخبرة).

– تحديد مرض الموت – من ضوابطه أن يكون مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وأن ينتهي بوفاته – لا يشترط أن يكون له أثراً ظاهراً في حالة المرض النفسي أو الوصول إلى المساس بإدراكه.
– تقدير قيام مرض الموت أو نفيه – واقع تستقل به محكمة الموضوع – لها الأخذ بتقرير الخبير أو ببعضه متى اطمأنت إليه – شرط ذلك – مثال لاستخلاص سائغ.
4 – تمييز (أسباب الطعن: السبب المجهل) – طعن.
– سبب الطعن – وجوب أن

يكون واضحاً ومحدداً على نحو يكشف عن المقصود منه وينفي عنه الغموض بحيث يبين منه الخطأ الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه – السبب المجهل – غير مقبول.

1 – إذ كان القانون المدني – الصادر بالمرسوم بالقانون (67) لسنة 1980 الذي عمل به طبقاً لنص المادة الرابعة من مواد مرسوم إصداره اعتباراً من 25 فبراير لسنة 1981 وهو تاريخ سابق لعقد الهبة مثار النزاع – نظم عقد الهبة في المواد من (524) إلى (542) منه وقررت مذكرته الإيضاحية في هذا الخصوص أن (الهبة عقد مالي كسائر العقود المالية فينبغي أن ينظم التقنين المدني أحكامها سواء في الشكل أو في الموضوع، وأن تأخذ مكانها الطبيعي بين العقود المسماة، واتفاقاً مع ذلك يتعين تعديل المادة الخامسة من قانون تنظيم القضاء التي تدرجها ضمن مسائل الأحوال الشخصية، وقد استمد المشروع الأحكام الموضوعية في الهبة من الفقه الإسلامي دون التقيد بمذهب معين…) فكشفت المذكرة الإيضاحية بذلك عن استبعاد الأحكام الخاصة بعقد الهبة من مسائل الأحوال الشخصية بعد أن نظمت أحكامها في القانون المدني سواء في الشكل أو في الموضوع، وبالتالي أصبح الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالهبة منعقداً للدوائر المدنية في جميع درجات التقاضي دون دوائر الأحوال الشخصية ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم التطبيق الصحيح للقانون ومن ثم يكون نعي الطاعنة عليه بالبطلان على غير أساس.

2 – إذ كانت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم الخبرة الصادرة بالمرسوم بقانون رقم (40) لسنة 1980 قد أوجبت على المحكمة إذ رأت أن تندب خبيراً من خارج إدارة الخبراء أو جدول الخبراء أن يحلف يميناً أمامها أو أمام قاضي الأمور الوقتية قبل مباشرته مأموريته إلا أنها لم ترتب البطلان على تخلف هذا الإجراء لأنه غير متعلق بالنظام العام وذلك لأن تقدير محكمة الموضوع لعمل الخبير هو مما يدخل في نطاق سلطتها الموضوعية ولها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير ولو في مسألة فنية، وكان مأتثيره الطاعنة بسبب النعي من أن ندب محكمة الموضوع للطبيب الشرعي بإدارة الأدلة الجنائية – والتي عولت على تقريره في قضائها – من دون أن يحلف اليمين على النحو الذي أوجبته المادة السالفة الذكر لا يعدو إلا أن يكون مجادلة موضوعية في سلطة المحكمة الموضوعية مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير مقبول.

3 – من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت أن يكون مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وان ينتهي بوفاته ولا يشترط لاعتبار المرض مرض موت أن يكون المرض قد أثر تأثيراُ ظاهراً في حالة المريض النفسية أو وصل إلى المساس بإدراكه. ومن المقرر أن تقدير قيام مرض الموت أو نفيه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بتقديرها ولها وهى بسبيل تكوين عقيدتها في موضوع الدعوى الأخذ بتقرير الخبير أو تأخذ ببعض ما جاء به مما اطمأنت إليه والموازنة بين البيانات والأخذ بما تطمئن إليها منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقيام مرض الموت لدى مورث الطاعنة في فترة تصرفه لها بتاريخ 15/ 8/ 98 بهبة نصف العقار محل النزاع الكائن بضاحية………… أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي وأقوال شاهدي المطعون ضدهم (أولاً) لمعاناته من تليف الكبد ومرض السكري في أغسطس ومايو / 98 لم يشف من مرضه حتى توفى. وقد تضمن التقرير الطبي الشرعي المودع بالأوراق بدخول المورث المستشفى مرات عدة لمعاناته من حالته المرضية.

وقد ثبت إصابته باستقساء بالبرتيون وتليف بأنسجة الكبد وايجابيه الفحص عن التهاب الكبد الوبائي (2) ودخل مستشفى الفروانية في 21/ 2/ 92 لوجود التهاب كبد وبائي مزمن وقرحة بالاثنى عشر وتوفي في المستشفى بتاريخ 21/ 4/ 99 لفشل وظائف الكبد وإن الحقائق العلمية تشير إلى أن الالتهاب الكبدي أحدث تلفيات بأنسجة الكبد يحتاج إلى فترة طويلة تصل إلى أعوام مما يفيد أنه كان في حالة مرض موت بتاريخ 15/ 8/ 98 وإذ كان ما تقدم فإن المورث كان وقت تصرفه بالهبة في 15/ 8/ 98 في حال مرض موت لإصابته بالتهاب كبدي وبائي مزمن واشتداد وطأه هذا المرض عليه في تاريخ إبرامه عقد الهبة ووفاته خلال ثمانية أشهر من تاريخ التصرف، وإذ تمسك المطعون ضدهم

(أولاً) بأن تصرف مورثهم المؤرخ 15/ 8/ 98 بالهبة لزوجته الطاعنة باعتبارها وارثة يعتبر على سبيل التبرع ويخضع لأحكام الوصية وإنهم لا يجيزوا هذا التصرف إليها مما لا ينفذ في حقهم عملاً بالمادة (942) من القانون المدني والمادة (247) من القانون رقم (51) لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية وهو ما خلص إليه الحكم المطعون فيه على ما ساقه من أسباب سائغة لها مصدرها من الأوراق تكفي لحمله، وما تثيره الطاعنة بسبب النعي عن انتفاء الدليل من الأوراق – كما ورد بتقرير الطبيب الشرعي – على تأثر وعي مورثها وإدراكه بحالته المرضية وبالتالي لا يكون في حال مرض موت، غير صحيح لأنه لا يشترط لاعتباره كذلك أن يكون المرض قد نال من وعيه أو وصل إلى المساس بإدراكه ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.

4 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجب لقبول سبب الطعن أن يكون واضحاُ ومحدداً على نحو يكشف عن المقصود منه وينفي عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه الخطأ الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. فلا يقبل إيراد السبب في صياغة مبهمة عامة لا تحقق الغرض المقصود منه، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة بعد أن عقدت المقارنة بين المسألتين القانونية والفنية على النحو الوارد بسبب النعي لم تبين به وجه الخطأ المنسوب للحكم المطعون فيه من هذه المقارنة وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم (أولاً) أقاموا على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 589/ 2000 مدني كلي بطلب الحكم ببطلان عقد الهبة رقم (10663) الصادر إليها من مورثهم بتاريخ 15/ 8/ 98 تأسيساً على امتلاكه والطاعنة عقار النزاع مشاعاً مناصفة بينهما وقد وهب نصيبه فيه إليها بموجب عقد الهبة انف الذكر، ولما كانت الهبة باطلة لصدورها من المورث حال مرض الموت إذ توفي بتاريخ 22/ 4/ 99 فإنها تخضع لأحكام الوصية وإذ لم يجزها الورثة لأنها تضر بهم فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة إدارة الطب الشرعي وبعد إيداع تقريره قضت بعدم نفاذ عقد الهبة المؤرخ 15/ 8/ 98 في حق المطعون ضدهم (أولاً). استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 784/ 2003 مدني فحكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الأخير منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لمخالفته قواعد الاختصاص. لأن القانون المدني أخضع الهبة أثناء مرض الموت لأحكام الوصية الواردة في قانون الأحوال الشخصية رقم (51) لسنة 1984 وبالتالي ينعقد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالهبة لدائرة الأحوال الشخصية في جميع مراحل التقاضي من دون غيرها عملاً بالمادة (345) من القانون الأخير. وإذ خالف الحكم المطعون هذا النظر فإنه يكون باطلاً مما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن القانون المدني – الصادر بالمرسوم بالقانون (67) لسنة 1980 الذي عمل به طبقاً لنص المادة الرابعة من مواد مرسوم إصداره اعتباراً من 25 فبراير لسنة 1981 وهو تاريخ سابق لعقد الهبة مثار النزاع – نظم عقد الهبة في المواد من (524) إلى (542) منه وقررت مذكرته الإيضاحية في هذا الخصوص أن (الهبة عقد مالي كسائر العقود المالية فينبغي أن ينظم التقنين المدني أحكامها سواء في الشكل أو في الموضوع، وأن تأخذ مكانها الطبيعي بين العقود المسماة، واتفاقاً مع ذلك يتعين تعديل المادة الخامسة من قانون تنظيم القضاء التي تدرجها ضمن مسائل الأحوال الشخصية، وقد استمد المشروع الأحكام الموضوعية في الهبة من الفقه الإسلامي دون التقيد بمذهب معين…) فكشف المذكرة الإيضاحية بذلك عن استبعاد الأحكام الخاصة بعقد الهبة من مسائل الأحوال الشخصية بعد أن نظمت أحكامها في القانون المدني سواء في الشكل أو في الموضوع، وبالتالي أصبح الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بالهبة منعقداً للدوائر المدنية في جميع درجات التقاضي دون دوائر الأحوال الشخصية ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم التطبيق الصحيح للقانون ومن ثم يكون نعي الطاعنة عليه بالبطلان على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب لأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ببطلان تقرير الطبيب الشرعي بالإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية لعدم حلفه اليمين أمام المحكمة قبل مباشرته مأموريته لأنه من غير خبراء وزارة العدل وخبراء الجدول إعمالاً للفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم الخبرة. إلا أن الحكم المطعون فيه رفض دفعها تأسيساً على أن الأطباء الشرعيين بالإدارة العامة للأدلة الجنائية قد حلفوا اليمين قبل مباشرة أداء أعمالهم بإدارة الطب الشرعي وبالتالي تحققت الغاية من النص المذكور. رغم أن المشرع أوجب أن يكون حلف اليمين أمام المحكمة أو قاضي الأمور الوقتية ورتب البطلان في حالة مخالفته مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كانت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون تنظيم الخبرة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (40) لسنة 1980 قد أوجبت على المحكمة إذ رأت أن تندب خبيراً من خارج إدارة الخبراء أو جدول الخبراء أن يحلف يميناً أمامها أو أمام قاضي الأمور الوقتية قبل مباشرته مأموريته إلا أنها لم ترتب البطلان على تخلف هذا الإجراء لأنه غير متعلق بالنظام العام وذلك لأن تقدير محكمة الموضوع لعمل الخبير هو مما يدخل في نطاق سلطتها الموضوعية ولها باعتبارها الخبير الأعلى أن تقدر رأي الخبير ولو في مسألة فنية، وكان مأتثيره الطاعنة بسبب النعي من أن ندب محكمة الموضوع للطبيب الشرعي بإدارة الأدلة الجنائية – والتي عولت على تقريره في قضائها – من دون أن يحلف اليمين على النحو الذي أوجبته المادة السالفة الذكر لا يعدو إلا أن يكون مجادلة موضوعية في سلطة المحكمة الموضوعية مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير مقبول.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بالتناقض الذي انطوى عليه تقرير الطب الشرعي الذي أثبت خلو الأوراق مما يدل على تأثر قدرات مورثها العقلية وإدراكه بحالته المرضية ثم عاد وقرر أن مضاعفات مرض السكري والتهاب الكبد الوبائي التي كان يعاني منها المورث تأثر على الوعي والإدراك. في حين أنه كان يعاني من مرض السكري منذ سنوات طويلة وقد سبق أو وهبها نصف ذات عقار النزاع عام 1993 الأمر الذي يؤكد تمتعه بوعي كامل ولم يكن في مرض موت بإبرامه عقد الهبة المؤرخ 15/ 8/ 98 بالنصف الآخر للعقار، لمثوله أمام كاتب العدل وإقراره الهبة مثار النزاع، وممارسته مهنة المحاماة بالحضور أمام المحاكم وتوليه شؤونه الخاصة طبقاً لما أدلى به شاهداها، وهي قرائن داله على أن مورثها وقت تصرفه بالهبة كان يتمتع بحالة صحية جيدة وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع فإنه يكون معيباً مما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن من الضوابط المقررة في تحديد مرض الموت أن يكون مما يغلب فيه الهلاك ويشعر معه المريض بدنو أجله وان ينتهي بوفاته ولا يشترط لاعتبار المرض مرض موت أن يكون المرض قد أثر تأثيراً ظاهراً في حالة المريض النفسية أو وصل إلى المساس بإدراكه. ومن المقرر أن تقدير قيام مرض الموت أو نفيه هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بتقديرها ولها وهى بسبيل تكوين عقيدتها في موضوع الدعوى الأخذ بتقرير الخبير أو تأخذ ببعض ما جاء به مما اطمأنت إليه والموازنة بين البيانات والأخذ بما تطمئن إليها منها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقيام مرض الموت لدى مورث الطاعنة في فترة تصرفه لها بتاريخ 15/ 8/ 98 بهبة نصف العقار محل النزاع الكائن بضاحية………… أخداً بتقرير الطبيب الشرعي وأقوال شاهدي المطعون ضدهم

(أولاً) لمعاناته من تليف الكبد ومرض السكري في أغسطس ومايو / 98 لم يشف من مرضه حتى توفى. وقد تضمن التقرير الطبي الشرعي المودع بالأوراق بدخول المورث المستشفى مرات عدة لمعاناته من حالته المرضية. وقد ثبت إصابته باستقساء بالبرتيون وتليف بأنسجة الكبد وإيجابيه الفحص عن التهاب الكبد الوبائي (2) ودخل مستشفى الفروانية في 21/ 2/ 92 لوجود التهاب كبد وبائي مزمن وقرحة بالاثنى عشر وتوفي في المستشفى بتاريخ 21/ 4/ 99 لفشل وظائف الكبد وإن الحقائق العلمية تشير إلى أن الالتهاب الكبدي أحدث تلفيات بأنسجة الكبد يحتاج إلى فترة طويلة تصل إلى أعوام مما يفيد أنه كان في حالة مرض موت بتاريخ 15/ 8/ 98 وإذ كان ما تقدم فإن المورث كان وقت تصرفه بالهبة في 15/ 8/ 98 في حال مرض موت لإصابته بالتهاب كبدي وبائي مزمن واشتداد وطأة هذا المرض عليه في تاريخ إبرامه عقد الهبة ووفاته خلال ثمانية أشهر من تاريخ التصرف،

وإذ تمسك المطعون ضدهم

(أولاً) بأن تصرف مورثهم المؤرخ 15/ 8/ 98 بالهبة لزوجته الطاعنة باعتبارها وارثة يعتبر على سبيل التبرع ويخضع لأحكام الوصية وإنهم لا يجيزوا هذا التصرف إليها مما لا ينفذ في حقهم عملاً بالمادة (942) من القانون المدني والمادة (247) من القانون رقم (51) لسنة 1984 في شأن الأحوال الشخصية وهو ما خلص إليه الحكم المطعون فيه على ما ساقه من أسباب سائغة لها مصدرها من الأوراق تكفي لحمله، وما تثيره الطاعنة بسبب النعي عن انتفاء الدليل من الأوراق – كما ورد بتقرير الطبيب الشرعي – على تأثر وعي مورثها وإدراكه بحالته المرضية وبالتالي لا يكون في حال مرض موت، غير صحيح لأنه لا يشترط لاعتباره كذلك أن يكون المرض قد نال من وعيه أو وصل إلى المساس بإدراكه ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون غير مقبول.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن تحديد مرض الموت وطبيعته من المسائل القانونية يُدلي فيها القاضي برأيه على ضوء التقرير الطبي. والمسألة الفنية وحدها يبحثها الطبيب ولا يبدي رأيه في المسألة القانونية البحتة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجب لقبول سبب الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً على نحو يكشف عن المقصود منه وينفي عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منه الخطأ الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. فلا يقبل إيراد السبب في صياغة مبهمة عامة لا تحقق الغرض المقصود منه، لما كان ذلك، وكانت الطاعنة بعد أن عقدت المقارنة بين المسألتين القانونية والفنية على النحو الوارد بسبب النعي لم تبين به وجه الخطأ المنسوب للحكم المطعون فيه من هذه المقارنة وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.