بحث ودراسة حول مسودة الدستور العراقي الجديد الباب الثاني

الباب الثاني

الحقوق والحرية

((الجنسية))

وردت أحكام الجنسية في مسودة الدستور في الفصل الأول من الباب الثاني الذي أختص بالحقوق و الحريات حيث تكفلت المادة (18) من المسودة بيان تعريف لمن هو العرقي و كذلك تطرقت إلى أجازة أزداوج الجنسية للعراقي و نصت كذلك إلى الحق باستعادة الجنسية إلى من أسقطت عنه و إلى أخره من الأحكام و كما يلي :-
المادة (18) :-
أولاً : العراقي هو كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية .
ثانياً: الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، و هي أساس مواطنتهِ .
ثالثاً : –
أ?- يحضر إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لأي سبب من الأسباب ، و يحق لمن أسقطت عنه طلب استعادتها و ينظم ذلك بقانون .
ب-تسحب الجنسية العراقية من المتجسس بها في الحالات التي ينص عليها
القانون .
رابعاً :- يجوز تعدد الجنسية للعراقي ، وعلى من يتولى منصباً سيادياًً أو أمنياً
رفيعاً التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبه وينضم ذلك بقانون.
خامساً :- لا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل
بالتركيبة السكانية في العراق .
سادساً :- تنظم أحكام الجنسية بقانون ، و ينظر في الدعاوى الناشئة عنها من
قبل المحاكم المختصة .

تعد المادة (18) من المواد المهمة و الخطرة في مسودة الدستور و التي كانت دائماً سبب جدل و اختلاف بين أعضاء لجنة كتابة الدستور لما تضمنته من قواعد وأحكام جديدة و غريبة على الواقع العراقي القانوني و الاجتماعي . ومن دراسة هذه المادة بإمعان نستخلص النتائج التالية :-
أولاً: جاء في المادة 18/أولاً (أن العراقي هو :- من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية .

الملاحظ هنا أن ما جاء بالشطر الأول من أن( العراقي هو من ولد لأب عراقي ) كلام لا غبار عليه قانونياً و اجتماعيا و يوافق كافة القواعد القانونية المعمول بها في العراق و العالم .

ألا أن الجدل و الاختلاف يثور بخصوص ما ورد بالشطر الثاني من النص ( أو لأم عراقية) حيث جعل (المولود) من أم عراقية عراقياً بالأصل أيا كانت جنسيته وعرق و دين و موطن والده ، وهذا أمر غاية في الالتباس و غير مقبول اجتماعيا و قانونياً ذلك أن اعتبار (المولود) من أم عراقية عراقياً بالأصل أياً كانت جنسية أبيه كلام مخالف للقواعد القانونية و الشرعية المنظمة لأحكام الجنسية التي تنص على تبعية الابن لأبيه في الحصول على الجنسية ، فالمولود لأب أمريكي و أم عراقية يكون(أمريكي الجنسية) حسب القانون الأمريكي و كذلك الحال يكون أيراني الجنسية (المولود) من أم عراقية و أب أيراني حسب القانون الإيراني و تكون لهؤلاء جنسية أصلية في بلادهم و ليس مكتسبة عليه فإذا ما طبقنا النص الوارد في مسودة الدستور باعتبار من ولد لأم عراقية عراقي بالأصل فأننا هنا سوف نقع في تنازع قانوني كبير بين القانون العراقي و قانون دول إبائهم حال حصول خلاف و نزاع قضائي بين الزوجة العراقية و زوجها الأجنبي وكذلك في حالة أرتكاب هذا الشخص جريمة ما فألى أي دولة يسلم وأي قانون يطبق عليه وكذلك في وقوعه في الاسر فكيف يمكن التميز هنا بين كونه أسير أم غير ذلك وألى من يسلم والى غير ذلك من الحالات و هنا بالتأكيد سوف يكون لقانون الاب الأجنبي أرجحية كسب النزاع لموافقة موقفه مع قواعد القانون الوطني والدولي .

و من جانب أخر أن مسودة الدستور في هذه الفقرة لم تفرق بين حق اكتساب الجنسية لغير العراقيين و بين من هو عراقي بالأصل بل أنها ساوت بين الاثنين من حيث جعلها عراقياً بالأصل من ولد لأم عراقية و أب أجنبي و الذي كان من المفترض أمكانية منحه الجنسية العراقية إذا ما توفرت الشروط القانونية فيه في باب (اكتساب الجنسية) .
و الفرق الأخر في هذا الأمر أن العراقي بالأصل له من الحقوق و الواجبات تختلف عن غيرها من الحقوق و الواجبات التي يتمتع بها الأجنبي الذي يحصل على الجنسية العراقية ألا أنه بموجب النص الحالي لا فرق بين الاثنين و هذا ما يرفضه المنطق .

ثانياً : عالجت المادة 18/ثالثاً/ أ من مسودة الدستور الواردة أعلاه مسألة حظر إسقاط الجنسية العراقية و إعطاء الحق لمن أسقطت عنه استعادتها و من التعمق في دراسة هذه الفقرة نستخلص ما يلي :-

أن هذه المادة لم توضح في صياغتها الحالية من هم الأشخاص الذين لهم حق استعادة الجنسية العراقية التي أسقطت عنهم حيث أنها لم تحدد تلك الحالات ولم تسميها ولم تضع تاريخاً فاصلاً أو حقبة زمنية معينة يسري عليها النص بحيث لا يمكن للذين أسقطت عنهم الجنسية قبله استعادتها فالمعروف من تاريخ العراق السياسي حالات عديدة حصلت أسقطت فيها الجنسية العراقية عن بعض الأشخاص و الفئات و مثال ذلك حالات إسقاط الجنسية العراقية عن (اليهود) في عام 1949 أو غيرهم من التبعية الايرانية في أواخر السبعينات من القرن الماضي .

عليه لو كان النص قد حدد حالة بعينها أو حقبه معينة من الزمان لكان بالإمكان تفسيره ألا أنه جاء مطلقاً غير مقيد بالشكل الذي يجعله يشمل جميع الحالات السابقة ولأي سبب كان عليه سيكون على رأس قائمة من لهم حق استعادة الجنسية العراقية و العودة للعراق هم (اليهود) الذين ذهبوا للكيان الصهيوني مستفيدين من هذا النص المطلق و بالتالي التمتع بكامل الحقوق الأخرى التي يتمتع بها المواطن العراقي ، أخذين بنظر الاعتبار ما ذكرناه سابقاً عند شـرحنا عن تعريف المـادة18/أولاً أ عمن هو العراقي و التي جعلت المولود من أم عراقية عراقي بالأصل سوف نصل الى نتيجة مؤلمة تؤدي إلى اختلال التركيبة الاجتماعية لأبناء الشعب العراقي بالشكل الذي يهدد مستقبل العراق سياسياً و أقتصادياً و أمنياً . عليه كان المفترض بهذا النص أن يضع قيود في تطبيقه تحضر السماح لبعض الفئات الحق بالمطالبة باستعادة الجنسية العراقية .

ثالثاً : ((ورد بالفقرة ثالثاً / رابعاً من المادة (18) من مسودة الدستور المذكورة أنفاً أجازة تعدد الجنسية للعراقي ))
أن مسألة تعدد الجنسية للعراقي من القواعد الجديدة التي جاءت بها مسودة الدستور حيث لم يسبق لأي قانون عراقي سابق و عبر مراحل تأسيس الدولة العراقية و أن سمح للعراقي باكتساب جنسية أخرى غير جنسيته العراقية . وهذا كان بدافع الولاء للوطن فأن من المعروف أن اكتساب جنسية دولة أجنبية مع التخلي عن الجنسية العراقية فيه شيء من الالتباس في الانتماء و يولد حالة من الازدواجية في المشاعر في الانتماء عند الفرد لوطنه الأم أم للوطن الجديد الذي حلف فيه ((قسم الولاء له)) حيث أن أهم سبب لرفض قبول ازدواجية الجنسية لدى الرافضين هو قسم الولاء للدولة الأجنبية التي منحته تلك الجنسية و بشكل يجعل من ذلك الشخص يتنازل عن الكثير من الأمور التي أترك للقارئ التعرف عليها عن طريق قراءة نص القسم الذي يؤديه من يطلب الحصول على الجنسية الأمريكية :-
((نموذج))

((قسم الولاء للحصول على الجنسية الأمريكية))

(( أني أعلن و تحت القسم بأني و بصورة مطلقة و تامة أتبرأ و أتخلى عن كل ولاء أو إخلاص إلى أي أمير أو ملك أو حاكم أو دولة أو أي جهة أخرى ذات سيادة كنت حتى ألان أحد رعاياها أو مواطنيها و أن أدعم و أدافع عن الدستور و قوانين الولايات المتحدة الأمريكية ضد جميع أعدائها من المحليين و الأجانب و أن أحمل الإخلاص الحقيقي و الولاء لذلك الدستور و تلك القوانين و أن أحمل السلاح بأسم الولايات المتحدة الأمريكية عندما ذلك يكون مطلوباً بحكم القانون و أن أودي الأعمال ذات الأهمية الوطنية وتحت توجيه الجهات المدنية عندما يكون ذلك مطلوباً بحكم القانون و أني اتخذت هذا الالتزام بكامل حريتي و بدون أي ضغوط نفسية أو لأية أغراض مضلله و بإقرار كل ما ورد على ما ورد )).
ومن جانب ثاني تظهر ملابسات أزدواج الجنسية بشكل واضح لما تؤدي أليه من تنازع القوانين في حالة حصول نزاع يكون الشخص مزدوج الجنسية طرفاً فيه.
مما تقدم نلاحظ مدى خطورة ما ورد في المادة (18) بأغلب فقراتها التي كان بالإمكان تركها لتنظم بقانون و عدم اعتبارها نصوص دستورية خصوصاً إذا ما عرفنا أنها جاءت في باب الحقوق و والحريات التي من الصعب تعديلها وفقاً للمادة 123/ ثانياً و التي جعلت الدستور العراقي دستوراً جامداً لا يمكن ً تعديله بسهولة للصعوبات الكبيرة التي وضعتها المادة 123/ثانياً و التي نصت على ما يلي :-
((لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول و الحقوق و الحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور ألا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين و بناء على موافقة الشعب بالاستفتاء و مصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام )) .

النص المقترح البديل :-
المادة : 18 : الجنسية العراقية تنظم بقانون .

شروط منح الجنسية المصرية للمولود من أم مصرية وأب أجنبي

بالرجوع إلى قانون الجنسية المصري رقم (26) لسنة 1975 وبالتحديد بالمادة (2) منه التي سمحت بموجب التعديل الأخير لسنة 2003 للابن المولود من أب أجنبي وأم مصرية من التجنس بالجنسية المصرية نجد أن الأمر يختلف تماماً عما ورد بمسودة الدستور العراقي حيث أن أحكام الجنسية في الدستور المصري لم يرد ذكرها مطلقاً وانما اكتفى الدستور المصري بإيراد نص يذكر( أن أحكام الجنسية تنظم بقانون ) ومن قراءة نص المادة (2) من قانون الجنسية المصري والتعليمات المرفقة نرى بوضوح مدى تشدد هذا القانون بشروط منح الجنسية للمولود من أب أجنبي وأم مصرية وكما يلي :

الشروط :-

1. تقديم طلب من صاحب العلاقة بنفسه الى مصلحة الجنسية . ويشترط أن يكون مقدم الطلب موجود في مصر ولا يسمح للأمهات المغتربات بذلك .
2. أن يكون المتقدم متوفراً فيه الشروط الواردة بالمادة (5,4) في القانون أعلاه بمعنى أن يكون سليم العقل غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع (ذوي الاحتياجات الخاصة ) .
3. أن يقدم طلب إلى وزير الداخلية لطلب منح الجنسية وفي حالة رفض الوزير الطلب فانه غير ملزم بتبرير ذلك .
4. يشترط بمقدم الطلب أن يكون مقيماً في مصر مدة لا تقل عن عشر سنوات .
5. تقديم شهادة ميلاد والد ألام .
6. تقديم جواز السفر الأجنبي الأصلي وصورة منه لوالد المتقدم .
7. دفع رسم مقداره (250) جنيه عند تقديم الطلب و (1200) جنيه عند الموافقة على الطلب بالمنح .
8. يستثنى المتزوجة من فلسطيني وأبناء الزوج إذا من ( ليبيا , السودان , المغرب ) بمنح الجنسية .
9. أن قرار التعديل أعلاه لم يطبق بأثر رجعي .

نلاحظ مما تقدم من شروط مدى تشدد المشرع المصري في الموافقة على منح اكتساب الجنسية المصرية للمولود من أم مصرية وأب أجنبي بحيث أن بعض الشروط ومنها عدم منح الجنسية لذوي الاحتياجات الخاصة فيه مخالفة صريحة للعديد من المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ومنها الاتفاقية الدولية برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة حيث أستثنى القانون منحهم الجنسية المصرية وهذا أضافةً إلى الشروط الأخرى وهنا وفي لقاء صحفي مع اللواء حمدي حافظ مدير مصلحة الجنسية والجوازات والسفر وفي سؤال وجهه أليه عن سبب عدم منح ذوي الاحتياجات الخاصة المولودين من أم مصرية وأب أجنبي ؟ …… أجاب :- ( أن البلد مش نائصة ) .

الحقوق الاقتصادية
((القطاع العام و القطاع الخاص))

نصت المادة (25) من مسودة الدستور على (( تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي على وفق أسس اقتصادية حديثة و بما يضمن أستشار كامل موارده و تنوع مصادره و تشجيع القطاع الخاص و تنميته )).

من دراسة هذه المادة نجد أنها أغفلت و تجاهلت الإشارة إلى القطاع الحكومي العام ولم تنص على دعمه و تنميته باعتباره قطاعاً مهماً و حيوياً في الدولة و ما يمثله من سند حقيقي للمواطن في رفده بكل ما يحتاج من الصناعة الوطنية المدعومه .
و كما معروف أن الاقتصاد العراقي سابقاً و حالياً يشكل فيه القطاع العام البنية التحتية للصناعة الوطنية في العراق وما يملكه هذا القطاع من معامل و مصانع و مخازن عديدة منتشرة في كافة محافظات العراق والتي يعمل فيها الآلاف من الموظفين و العمال .
عليه أما كان الأجدر بلجنة كتابة الدستور التأكيد على دعم هذا القطاع و تنميته و كما فعلت مع القطاع الخاص الذي أشارت أليه و دعت إلى تشجيعه و تنميته أم أن رياح الخصخصة أتيه لا محال كاسحةً كل من في طريقها من قطاعات أخرى باعتبارها شعارات باليه لا تناسب مع مفاهيم العراق الجديد .

النص المقترح البديل:-
المادة (25) :-
((تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي على وفق أسس اقتصادية حديثة و بما يضمن استثمار كامل موارده و تنويع مصادره بهما يهدف إلى تنمية القطاع العام و تشجيعه ودعمه مع مراعاة القطاع الخاص و العمل على تطوره)) .

((التملك للأموال الغير المنقولة في العراق في مسودة الدستور))

عالجت المادة (23) من مسودة الدستور مسألة تملك الأموال الغير منقولة(العقارات) حيث نصت :-
المادة 23/ثالثاً/أ :- للعراقي الحق في التملك في أي مكان من العراق ولا يجوز لغيره تملك غير المنقول ألا ما أستثني بقانون .
(ب) يحضر التملك لأغراض التغير السكاني .

من دراسة هذه المادة نستخلص النتائج التالية :-
حضرت الفقرة (ب) من المادة (23) من المسودة على العراقي تملك العقارات في أي مكان يشاء من أرض العراق بحجة (التغير السكاني) في حين جاء بالفقرة (أ) من ذات المادة( الحق للعراقي التملك بأي مكان يشاء من أرض العراق) و هذا يدل على مدى التناقض و التنافر بين فقرات هذه المادة لاجتماعها على نقيضين في مكان واحد ( الحضر و ألا باحة ) . بحيث نسخت الفقرة (ب) الفقرة (أ) و أفقدنها قيمتها القانونية .
أن التطبيق العملي للفقرة (ب) قد يحرم المواطن من سكنه بغداد شراء عقار في أربيل و قد يحرم أبن البصرة من شراء عقار في الرمادي و هذا كله لأسباب التغير السكاني المبني على أساس عرقية و طائفية .

التغير السكاني والمقصود به:-

أن مفهوم التغير السكاني الواردة في مسودة الدستور مصطلح جديد على القوانين العراقية و الذاكرة العراقية و أنه بالتأكيد مبني على أسس طائفية و عرقية و مذهبية فما معنى التغير السكاني بين أبناء الوطن الواحد .. ثم من الذي يحدد هذا المفهوم المطاط .. و الذي تركته مسودة الدستور سائباَ يحمل معنى واحد هو التقسيم لأبناء الوطن تقسيماً طائفياً في حدود أداريه معينة متناسين مدى الانسجام و الاندماج بين أبناء وادي الرافدين والذي أكدت عليه ديباجت مسودة الدستور .
أن قيود التملك التي كانت قد حددت من قبل النظام السابق و منها حضر التملك في بغداد لغير المسجلين بإحصاء 1957 قد قوبل بهجمة واسعة من الرفض من قبل نفس هؤلاء السياسيين الذين كتبوا مسودة الدستور وأغلب أبناء الشعب باعتباره قراراً يقيد حق المواطنة للفرد العراقي و فيه شيءً من التمييز بين الأفراد .
ولكن ما ورد في الفقرة ( ب ) من المادة (23) من المسودة لا يشكل تمييزاً لأبناء الشعب الواحد برأي السادة أعضاء لجنة كتابة الدستور .
أما أذا كان المقصود بالتغير السكاني هو ذلك التهجير والابعاد الجماعي لسكان منطقة على حساب منطقة أخرى تقوم به الدولة لاسباب سياسية معينة فهذا أمراً مرفوضاً أصلاً وعالجته وحضره لا يكون بالشكل الذي جاءت به الفقرة (ب) أعلاه وأنما ينص علية صراحتا بمنع قيام الحكومة بهذا العمل بنص واضح .
وأخيراً أن نص المادة (23/ثالثاً/ب) يخالف ما جاءت به المادة (42/أولاً ) من مسودة الدستور والتي نصت على : للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه .

(العراقيون أحرار في أحوالهم الشخصية)
((قانون الأحوال الشخصية في مسودة الدستور))

نصت المادة (39) من مسودة الدستور على :-
(العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم و ينظم ذلك بقانون)) .

من دراسة هذه المادة نستخلص النتائج التالية :-
أن مسائل الأحوال الشخصية و التي هي عادة نظمت من قبل قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 سوف تنظم بموجب هذه المادة حسب دين و معتقد و مذهب الأفراد وبشكل يختلف من فرد لأخر تبعاً لمعيار أنتماءات ذلك الفرد الدينية و المذهبية بخلاف ما كان عليه الوضع في ظل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 حيث جمع الأفراد في أحوالهم الشخصية تحت خيمة القانون الذي أستمد مبادئه و أحكامه من مصادر متعددة .

عليه وفي حالة أقرار هذه المادة فأننا سوف نكون أمام قوانين متعددة للأحوال الشخصية وليس أمام قانون واحد وربما يتعدى الأمر إلي أبعد من ذلك فنكون أمام محاكم متعددة للأحوال الشخصية تبعاً للدين و المذهب و المعتقد و مثال ذلك محكمة للأحوال الشخصية للمسلمين الشيعة و أخرى للمسلمين السنة وأخرى للمسيحين وكلاً حسب مذهبه و أخرى للصابئة المندائين وأخرى للأيزيدين وأخرى وأخرى وهلم جره في شكل يؤدي ربما إلى حصول تعقيدات قانونية وضياعً للحقوق ثم ان الكادر القضائي الملم بكل هذه التفرعات من الصعب إيجاده و الحصول عليه .

أن هذا الوضع الذي رسمته المادة (39) ليس ألا أعادة واستنساخ للقرار 137 الذي أقترحه مجلس الحكم السابق و الذي رفض ولم يتم تصديقه والعمل بموجبه للاعتراضات الكثيرة التي صدرت من شرائح عديدة في المجتمع العراقي حينذاك و خصوصاً التجمعات النسوية . خوفاً أن يكون سبب في ضعف المرأة و ضياع حقوقها سيما وأن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 بالغ كثيراً فيما منحها من حقوق .
ومن جانب ثاني أن إبدال وضع الأحوال الشخصية في مسودة الدستور خلافاً للقانون رقم 188 لسنة 1959 ليس له ما يبرره للاتفاق الكبير الذي يحضى به القانون 188 لسنة 1959 و إجماع الآراء حوله من أنه قانون يلبي كامل طموحات المجتمع العراقي بمختلف ألوانه و قلة الآراء المطالبة بالغاءه سيما و انه رمزاً لوحدة المجتمع بطرفيه رجالاً و نساءً حيث تمكن هذا القانون من جمع كل الأديان و المذاهب في العراق في قانون واحد جامع .
وأخيراً أن أقرار المادة (39) من المسودة ربما يكون سبباً وعاملاً مشجعاً لقيام بعض الافراد الى أتخاذ الدين والمذهب طريقاً للتحايد على القانون للحصول على مكاسب وأمتيازات مثال ذلك قيام شخص بأختيار مذهب أو دين للاحتكام اليه في نزاع قضائي لا أيماناً بذلك المذهب وأنما كونه يلبي منفعته الشخصية على حساب الطرف الاخر في النزاع .

المقترح البديل :
ألغاء هذا النص

حرية الفكر والضمير والعقيدة

جاء في المادة (40) من مسودة الدستور
( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة )

نلاحظ هنا أن المادة جاءت مطلقة غير مقيدة بحدود وضوابط معينة فالحرية التي منحت للفرد وفقاً لهذه المادة ( حرية الفكر , الضمير , العقيدة ) تعطي دلالات ومعاني واسعة وفقاً لمفاهيم فلسفية ودينية متشبعة لذلك كان المفترض على السادة في لجنة كتابة الدستور أن يضعوا النص هذا في حدود معناه الحقيقي بغية عدم أسغلاله من قبل البعض كضمانة دستورية تبيح لهم القيام بما من شأنه أن يخرج الفرد عن ثوابت دينه ومفردات والاداب العامة وذلك يمكن السيطرة عليه أذا ما جاءت هذه الحريات الثلاث الواردة في النص مقيدة بعدم الخروج عن ثوابت الدين الاسلامي والاخلاق والاداب العامة .أما أن يقرأ النص على وضعه الحالي ففيه مخاطرة كبيرة قد يستغلها البعض لاغراض معينة مثال ذلك أن يفسر معنى حرية العقيدة بحرية الاديان ومنها الدين الاسلامي الحنيف وما يترتب عليه خروج البعض من الاعتقاد بالدين الاسلامي الحنيف والدخول في أديان أخرى وهذا ما لايجيزه الدين الاسلامي .

ومن جانب ثاني أن هذا النص يخالف ما جاء في المادة (2) من مسودة الدستور التي نصت على أن الاسلام دين الدولة الرسمي وأوجبت عدم سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه .
النص المقترح البديل للمادة (40) :
لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة بما لا يتعارض مع ثوابت وأحكام الشريعة الاسلامية والاخلاق والاداب العامة .

الحقوق والحريات
((في ضوء المادة (45) من المسودة))

جاء في المادة (45) لا يكون تقيد ممارسة أي من الحقوق و الواجبات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها ألا بقانون أو بناء عليه على أن لا يمس ذلك التحديد أو التقيد جوهر الحق أو الحرية .

أن هذا النص فيه من الخطأ القانوني و الصياغي ما يجعله يخرج الدستور مستقبلاً عن مساره القانوني من حيث علويته على غيره من القوانين . حيث أن القارئ لهذا النص يجد أنه أجاز تعديل نصوص الدستور بطريقة سن قوانين ( عادية ) أي سمح تعديل نص دستوري بقانون عادي و هذا يخالف كل القواعد المعروفة في التشريعات و التي تنص على أن الدستور لا يعدل ألا بنص دستور أخر يكون بديلاً عنه .
ومن جانب أخر خالفت هذه المادة أحكام المادة (123) من مسودة الدستور ذاتها الواردة في الأحكام الختامية و التي رسمت الصيغة المحددة لتعديل أو تقييد أو إلغاء بعض مواد .

النص المقترح البديل :-
إلغاء هذه المادة و العمل بالمادة (123) في تعديل مواد الدستور أو تقيدها .

((إنشاء المحكمة العليا لحقوق الإنسان))

من الرجوع إلى نصوص مسودة الدستور و مراجعتها لم نجد في باب الحقوق و الحريات ولا في باب الهيئات المستقلة نص يشير إلى إنشاء محكمة عليا لحقوق الإنسان حيث كان المفترض بلجنة كتابة الدستور التأكيد على إنشاء هذه المحكمة حفاظاً و ضماناً للحقوق و الحريات التي نصت عليها مسودة الدستور . حيث أنه و بدون هذه المحكمة سوف تكون هذه الحقوق عرضة للانتهاك و عدم احترام من قبل جهات عديدة على رأسها الدولة وهذا أمر متوقع الحصول في العراق بل أنه يحصل يومياً في هذه المرحلة .
كما أن فكرة إنشاء محكمة عليا لحقوق الإنسان أمراً ليس بالجديد ففي أعرق الدول ديمقراطيتاً تجد مثل هذه المحكمة بل تعدى الأمر في أوربا الى أن تشكل محكمة لحقوق الإنسان لقارة كاملة متجاوزتاً لحدود الدول الجغرافية و هي (المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان )التي تعمل بميثاق الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 .
و من جانب ثاني أن القضاء العادي في العراق لم يشار أليه صراحتاً بموجب نصوص المسودة بأن يكون المختص بالفصل بمثل هكذا نزاعات بل بقيت هذه المسألة خاضعة للقواعد العامة في التقاضي و التي غالباً ما تكون عرضة للاجتهاد وكما قال الفقهاء حقوق الانسان بدون ضمانات هي مجرد حبر على ورق .

(المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان)

نصت المادة (44) :-
لجميع الأفراد الحق في التمتع بكامل الحقوق الواردة في المعاهدات و الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان التي صادق عليها العراق والتي لاتتنافى مع مبادئ وأحكام هذا الدستور .

من دراسة هذا النص يتضح ما يلي :-
1- أن النص لم يتطرق الى المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي لم يصادق عليها العراق أو تحفظ عليها لأسباب غير مبرره طرحها المسؤولين العراقيون حينذاك و كذلك لم يتطرق النص الى المعاهدات و الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي سوف يصادق عليها العراق مستقبلاً .
عليه كان من الخطأ أن يحصر النص الالتزام بالاتفاقيات المصادق عليها سابقاً فقط .
ثم إلى حصر الالتزام بالاتفاقيات و المعاهدات بشرط عدم معارضتها لمبادئ و أحكام هذا الدستور شرط غير واضح وغير معلوم حيث كان الأولى بالنص أن يجعل الالتزام بهذه المعاهدات و الاتفاقيات تبعاً لمبدأ الحقوق و الحريات الواردة في هذا الدستور كمعيار لقبول هذه المعاهدات و الاتفاقيات بحيث يصبح الشرط تطوير ما ورد في هذا الباب من حقوق وحريات وعدم إنقاصها و الحد منها .
من جانب اخر أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يصادق عليها العراق تصبح في علويتها في المرتبة الاولى في تدرج القوانين العراقية فكيف يكون الالتزام بها وفقاً لانسجامها مع الدستور وهي أعلى منه مرتبة .