مفهوم الرسوب الوظيفي واختلافه عن الترقية

إن الشخص في الوظيفة العامة يكون بمركز تنظيمي تحكمه القوانين واللوائح ولا يتغير هذا المركز الا باحدى الوسائل المنصوص عليها بالقانون وذلك لان الوظائف العامة مسندة الى كوادر منصوص عليها بالقانون ومحددة درجاتها المالية فيها ولا يكون الانتقال من درجة الى درجة أعلى الا بالترقية بعد مراعات الشروط المتطلبة لها وهذا هو الأصل العام بآلية الانتقال في الدرجات المالية .

الا أن الوضع العام تعتريه بعض الاستثناءات في بعض الحالات العامة و من ضمن هذه الحالات ما يسمى بالرسوب الإداري وهو قرار إداري ينظم حالة قانونية لفئة من مجموع الوظائف العامة ولدرجة مالية معينة تكون قد اعترتها بعض الاوضاع الاستثنائية كتأخير فاحش بالترقية أو حدوث شواغر بين الدرجات المالية التي تعلوها ، والرسوب الاداري أو الوظيفي يعتبر من قبيل القرارات الوقتية التي تتناول تعديل الوضع أو المركز الوظيفي لفئة من العاملين في الدولة , و تطبق هذه القرارات مرة واحدة لتعديل ذلك الوضع الوظيفي وليس على الدوام وقد قضت المحكمة الإدارية العليا على أنه : (( من حيث إ، قضاء هذه المحكمة جرى على قرارات الرسوب الوظيفي الصادرة من وزير المالية منذ سنة 1968 حتى نفاذ القانون رقم 10/75 انما هي قرارات وقتية غير دائمة استنفذت أغراضها و أثرها في التطبيق ))

[طعن رقم 7432لسنة44ق-عليا-جلسة 7/4/2001]

وفيكون ذلك الأمر اسثناء على الترقية والتي تعتبر الاصل العام في الانتقال بين الدرجات المالية في الوظيفة العامة ، ولبيان ذلك الاختلاف بشكل عملي سنقوم بدراسة حكم قضائي تناول موضوع الرسوب الوظيفي وذلك لبيان اختلاف بينه وبين مفهوم الترقية .

فقد تدال موضوع الرسوب الوظيفي لدى المحاكم الكويتية في أكثر من مناسبة وسنقوم بعرض حالة من تلك الحالات التي عرضت على القضاء وهي أن مجلس الخدمة المدنية ـ هو المختص بعملية إقرار أو تعديل الأطر و النظم المتبعة بشأن المرتبات ـ قد أصدر قرار فحواه على أنه (( أولا: توسعة المدى في المسار الوظيفي ويتم ذلك من خلال :
1. قيام الهيئة – الهيئة العامة للاستثمار – باعادة النظر في نظم تقييم وترتيب الوظائف المعمول به لديها بحيث يتيح للموظف الكويتي بالدرجة 11 حتى الدرجة 19 بأن يرقي بنفس وظيفته الى الدرجة الاعلى التالية مباشرة لدرجته بعد مرور سنه على وصوله لآخر مربوطها أو استيفادء لقيمة العلاوة الخاصة القررة لدرجته . ))

وقد قامت الهيئة العامة للاستثمار بتطبيق ذلك القرار على العاملين لديها من الدرجة 11 حتى الدرجة 19 استنادا لذلك القرار ، الا أنه الفهم الخاطئ لذلك القرار الذي صور للعاملين بالهيئة أن هذا القرار يطبق على الدوام متى ما وصل الموظف الى آخر المربوط حدى ببعض الاشخاص بعد أن حصل على ترقيته الاولى الى القيام برفع دعوى تسوية للحصول على الدرجة التالية بعد أن وصل الى آخر المربوط مستندا بذلك الى قرار مجلس الخدمة المدنية السالف .

وقد حصلوا على أحكام بمحكمة الدرجة الأولى وتأيد ذلك بالاستئناف الا أن محكمة التمييز قد حسمت الموضوع الرسوب الاداري أو الوظيفي وبينته في حيثيات حكمها حيث قضت : (( لما كان ذلك وكان الثابت بالاوراق أن الهيئة الطاعنة لاحظت تجمد رواتب الكثيرين من موظفيها وتدنى بعضها عن متوسط أجور بالسوق المحلي وحرص منها على عدم تسرب الكفاءات من العمل بها ورغبة في استقطاب المميزين من ذوي الخبرة أرت معالجة ذلك فعرضت بعض الاقتراحات على مجلس الخدمة المدنية الذي خلص – وفقا لما ورد بكتاب ديوان الخدمة المدنية رقم م.خ.م/648/19/2002 في 13/4/2002 –الى أن تتم المعالجة ببعض السبل من بينها توسيع المدى في المسار الوظيفي بإتاحة الفرصة للموظف الكويتي بالدرجة 11 حتى الدرجة 19 في الترقية بنفس وظيفته الى الدرجة الأعلى التالية مباشرة لدرجته متى كان قد مر سنة على وصوله لآخر مربوطها أو استنفاده قيمة العلاوة الخاصة المقررة لدرجته على أن تتم الترقية لمرة واحدة …………………. ، ومفاد ذلك ومؤداه أن ما تضمنه قرار الهيئة من حكم بشأن الترقية التي تجري نفاذا له لمرة واحدة وبذات المسمى الوظيفي هو حكم مؤقت من أجل معالجة أوضاع موظفي الهيئة لا يفيد بقاء أو استمرارا بل ينتهي أثره والعمل به بانتهاء هذه المعالجة فلا يمتد سريانه الى ما قد تجريه الهيئة بعد ذلك من ترقيات فهه تخضع للقواعد العامة ))
[طعن رقم 1270/2004 اداري/1 جلسة 4/7/2006 ]

فالحكم السالف يبين في حيثيياته مفهوم الرسوب الوظيفي الذي يحص لمعالجة بعض الاوضاع الوظيفية الخاطئة و أن تطبيقه يكون محصور بمعالجة تلك الاوضاء ، فمتى تمت المعالجة انتهى تطبيقه أي أنه قرار وقتي ينتهي بنتهاء معالجة الحالة الوقتية المنصوص من أجلها ولا يستمر تطبيقه على الدوام وذلك لانه استثناء عن الاصل العام في الانتقال الى الدرجات المالية العليا .

فالرسوب الوظيفي يختلف عن مفهوم الترقية باعتباره استثناء عن الاصل العام في الانتقال الى الدرجات العليا ، فالموظف العام حتى ولو وصل الى نهاية مربوط درجته لا يكون هناك الزام على جهة الادارة لترقيته حيث أن هذا الامر يخضع للسلطة التقديرية لها بخلاف الرسوب الوظيفي الذي يقوم بمعالجة حالة معينة فتكون جهة الادارة ملزمة بتطبيق قرارات الرسوب الاداري لمعالجة الاوضاع الوظيفية الخاطئة .

فهذه مقالة تتناول شرح موجز عن مفهوم الرسوب الوظيفي وحالات تطبيقه واختلافه عن مفهوم الترقية التي تعتبر الاصل العام في الانتقال بين الدرجات المالية لدى الوظائف العامة .