القرار عدد 250 الصادر بتاريخ 2013/06/06
في الملف رقم 2012/1/3/894

القاعدة:
لئن كان التوقيع هو المجسد لإرادة الملتزم ويتم في الحالات العادية بوضع علامة بخط يد الملتزم نفسه طبقا لأحكام الفصل 426 من قانون الالتزامات والعقود , فإن التوقيع الالكتروني لا يكون بنفس طريقة التوقيع التقليدي, بل إنه وبمقتضى الفصل 417 من نفس القانون يكون بكل ما يتيح التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة الالكترونية, ومن ثم لا يشترط توقيع هذه الوثيقة بيد الملتزم, ولا وضع خاتمه عليها.

مادامت المحكمة استندت فيما انتهت اليه الى إقرار الطالبة الوارد بالرسائل الصادرة عنها المحددة لمبالغ العمولة المستحقة للمطلوبة, فإنها لم تكن في حاجة للبحث في تكييف العقد الرابط بين الطرفين,.

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 11/06/2012 من طرف الطالبة المذكورة بواسطة نائبها الأستاذ الطائعي مولاي عبد الرحيم والرامي إلى نقض قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء رقم 228/2012 الصادر بتاريخ 16/01/2012 في الملف عدد 4888/2010/10 .

و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 08/02/2013 من طرف المطلوبة شركة أزس أنجينرين بواسطة نائبه الأستاذ زهير برحو والرامية إلى التصريح برفض الطلب .

و بناء على الأوراق الأخرى المدلى بها في الملف .
و بناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974 .
و بناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 15/05/2013 .
و بناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 06/06/2013 .

و بناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهما.
و بعد تلاوة التقرير من طرف المستشارة المقررة السيدة فاطمة بنسي والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام السيد السعيد سعداوي .
و بعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من مستندات الملف, ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ 16/01/2012 في الملف 4888/2010/10 تحت رقم 228/2012 , أنه بتاريخ 16 يناير 2008 تقدمت المطلوبة شركة أزس أنجنيرين بمقال إلى المحكمة التجارية بالرباط عرضت فيه انها متخصصة في إنجاز الدراسات التكنولوجية المرتبطة بالتجهيز والبنايات التحتية, وسبق للطالبة شركة “راسي” RACI الايطالية التي يوجد مقرها بايطاليا أن كلفت المدعية بتمثيلها في جميع العمليات التجارية التي تقوم بها داخل المغرب مقابل أتاوة دورية تؤدى كل ثلاث أشهر, وكذا مقابل عمولة عن كل صفقة يتم إبرامها لفائدة الشركة المذكورة, وهكذا قامت العارضة بتمثيلها في صفقات أنجزت لفائدتها مع كل من شركة ماكوبات MACOBATE وشركة أ إي سي AIC دون أن تحصل على مستحقاتها على الرغم من جميع المحاولات الودية,

ملتمسة الحكم على المدعى عليها بدائها لها مبلغ 4.944,00 درهما من قبل الإتاوة المستحقة عن الثلاثة أشهر الثانية من سنة 2007 (ابريل وماي ويونيو ), ومبلغ 2.208.776,56 درهما من قبل العمولة المستحقة عن العمليات التجارية المنجزة لفائدتها بالمغرب, مع الفوائد القانونية من تاريخ النطق بالحكم والصائر. وبعد جواب المدعى عليها وتبادل المذكرات التعقيبية, أصدرت المحكمة التجارية حكمها بأداء المدعى عليها لفائدة المدعية مبلغ 2.208.776,56 درهما من قبل العمولة المستحقة عن العمليات التجارية المنجزة لفائدتها بالمغرب مع الفوائد القانونية من تاريخ النطق بالحكم والصائر, ورفض باقي الطلبات, استأنفته المحكوم عليها, فأيدته محكمة الاستئناف التجارية بمقتضى القرار المطعون فيه.

في شأن الوسيلتين الأولى و الثانية:
حيث تنعى الطاعنة على القرار خرق القانون, بخرق الفصول 405 و 406 و 426 من ق ل ع و 1.417 و 2.417 و 3.417 منه و 3 من ق م م ,و تحريف مضمون وثيقة, وفساد التعليل الموازي لانعدامه, وعدم الارتكاز على أساس, بدعوى أن المحكمة اعتبرت ” أن الرسائل الالكترونية المدلى بها من طرف المطلوبة هي بمثابة حجة لإثبات الدين تتضمن إقرارا صريحا من طرف الطالبة بعمولة هذه الأخيرة بشأن الصفقتين المبرمتين مع شركة AIC “,

مع أن الطالبة لم تعترف بتلك الرسائل أصلا ونازعت في كونها صادرة عنها لخلوها من أي توقيع أو أي خاتم يحمل اسمها وبالتالي تبقى من صنع المطلوبة ولا مجال للاحتجاج بها على الطالبة, فضلا عن أنه لا تتوفر فيها الضمانات التي تجعلها محصنة من التزوير والتحريف, كما أن المطلوبة اعتبرت الرسائل المذكورة حجة في الإثبات ولو أنها خالية من أي توقيع, وسايرتها في ذلك محكمة الاستئناف, وهو طرح خاطئ, مادام أن الرسائل الالكترونية شأنها شأن سائر الوثائق الأخرى رسمية كانت أو عرفية, لا بد أن تكون مذيلة بتوقيع من صدرت عنه حتى ترتب آثارها القانونية كما تنص على ذلك الفصول 1.417 و 2.417 و 3.417 من ق ل ع المضافة بمقتضى القانون رقم 05/53 والفصل 426 من نفس القانون كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم 05/53 , والذي نص على ان ”

التوقيع يجب أن يكون بيد الملتزم نفسه, وإذا تعلق الأمر بتوقيع الكتروني وجب تضمينه في الوثيقة وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية و التنظيمية المطبقة في هذا المجال “, مما يبقى معه القرار المطعون فيه بما ذهب اليه قد أعطى تفسيرا خاطئا وتأويلا سيئا للفصل 417 من ق ل ع كما تم تعديله بمقتضى القانون رقم 05/53, فجاء عديم الأساس القانوني وفاسد التعليل الموازي لانعدامه ويتعين نقضه.

لكن, حيث أثبتت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ضمن تعليلاته : ” أنه وبخلاف ما تمسكت به المستأنفة, وبغض النظر عن اعترافها بالعمولة المتعلقة بالصفقة المبرمة مع شركة ” ماكوبات”, فان الثابت من الرسالتين المؤرختين في 14/11/2006 و 05/12/2006 المدعمتين لفواتير المستأنف عليها المحددة لمبالغ العمولة المطالب بها, أنهما تضمنتا الإشارة إلى إقرار المستأنفة الصريح بعمولة المستأنف عليها بشأن الصفقتين المبرمتين مع شركة AIC , وهو ما يدل على أن المستأنف عليها قامت بتمثيلها بخصوص توريدات الصفقتين الأخيريتن,

وبالتالي تكون مديونيتها قائمة , ” فتكون قد اعتمدت فيما انتهت إليه مضمون وثائق الملف التي بالرجوع إليها يتبين بالفعل أن الرسالتين الالكترونيتين الصادرتين عن الطالبة بتاريخ 14/11/2006 و 5/12/2006 , المدلى بها ضمن الوثائق المرفوعة للمحكمة لجلسة 14/02/2008 تضمنتا صراحة الإشارة إلى العمولة المستحقة للمطلوبة شركة أزس أنجينرين مع تحديد مبلغها, وبخصوص ما أثارته الوسيلة بشأن القوة الثبوتية للوثيقتين الصادرتين بشكل الكتروني استنادا إلى عدم توقيعها من طرف الطالبة, وكونهما لا تحملان طابعها,

فإنه لئن كان التوقيع هو المجسد لإرادة الملتزم ويتم في الحالات العادية بوضع علامة بخط يد الملتزم نفسه طبقا لأحكام الفصل 426 من ق ل ع , فإن التوقيع الالكتروني لا يكون بنفس طريقة التوقيع التقليدي, بل إنه وبمقتضى الفصل 417 من نفس القانون يكون بكل ما يتيح التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة الالكترونية, ومن ثم لا يشترط توقيع هذه الوثيقة بيد الملتزم,

ولا وضع خاتمه عليها, والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ثبت لها ان الرسالتين المنازع فيهما تحملان اسم الطالبة ومجموعة من البيانات التي تعرف بها, واكتفت هذه الأخيرة (الطالبة) بالدفع بأنهما غير صادرتين عنها دون ان تطعن فيهما بالطرق المخولة لها قانونا, ردت وعن صواب الدفع المذكور بقولها : ” إن المشرع المغربي أضفى على مثل هذه الوثائق الحجية في الإثبات بمقتضى الظهير الشريف بتنفيذ القانون رقم05.53 المؤرخ في 30/11/2007 المتعلق بالتبادل الالكتروني,

تتميما للفصل417 من ق ل ع , حيث اعتبرها دليلا كتابيا بعد أن عرف الدليل الكتابي بأنه الدليل الناتج عن الوثائق المحررة على الورق أو الوثائق الخاصة أو عن أية إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها…” ولم توضح الوسيلة وجه خرق القرار لمقتضيات الفصل الثالث من ق م م, وبذلك لم يخرق القرار أي مقتضى ولم يحرف مضمون الوثائق, وجاء معللا تعليلا سليما, ومرتكزا على أساس, والوسيلتان على غير أساس فيما عدا ما لم يبين فهو غير مقبول.

في شأن الوسيلة الثالثة:
حيث تنعى الطاعنة على القرار خرق المادة 415 من مدونة التجارة والفصل 345 من ق م م , وانعدام التعليل, وخرق حقوق الدفاع, وعدم الارتكاز على أساس قانوني, بدعوى ان الطالبة التمست ضمن مقالها الاستئنافي تكييف العقد بكونه عقد سمسرة استنادا الى مقتضيات المادة 406 من مدونة التجارة, وتطبيق مقتضيات المادة 411 من نفس المدونة من أجل تخفيض مبلغ العمولة المحكوم به ابتدائيا باعتباره جد مبالغ فيه ولا يتناسب مع الخدمة التي قدمتها المطلوبة,

وكذا مع النسبة المتعارف عليها والجاري بها العمل في هذا الميدان والتي لا تتعدى 5% من قيمة الصفقة, بدل نسبة 50% تقريبا التي اعتمدتها المحكمة التجارية, وأكدت الملتمس ضمن مذكرتها المدلى بها بجلسة 21/03/2011, والتمست تعديل الحكم الابتدائي وخفض المبلغ المحكوم به الى الحد المعقول,غير أن محكمة الاستئناف التجارية وان أشارت الى الدفع كموجب من موجبات الاستئناف إلا أنها استبعدت تطبيق المادة 415 من مدونة التجارة دون تعليل ودون الرد على الدفع المذكور إيجابا أو سلبا رغم وجاهته, وان عدم الجواب على دفوع قدمت بصفة نظامية يعتبر انعداما للتعليل وخرقا لحقوق الدفاع مما يوجب نقض القرار المطعون فيه.

لكن, حيث ان المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تكن ملزمة بالجواب على دفع غير منتج, مادامت استندت فيما انتهت اليه الى إقرار الطالبة الوارد بالرسائل الصادرة عنها المحددة لمبالغ العمولة المستحقة للمطلوبة, وبالتالي فهي لم تكن في حاجة للبحث في تكييف العقد الرابط بين الطرفين, ولا في مدى قابلية تطبق المادة 415 من مدونة التجارة على النازلة, وبذلك جاء قرارها غير خارق لأي مقتضى ومعللا بما يكفي ومرتكزا على أساس, والوسيلة على غير أساس.
لأجلـــه

قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالبة الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط. و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد عبد الرحمان المصباحي رئيسا والمستشارين السادة : فاطمة بنسي مقررة و نزهة جعكيك والسعيد شوكيب وفوزية رحو أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد السعيد سعداوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة أمينة الرمشي.