مدى جواز نقل ملكية العلامة التجارية أو رهنها أو الحجز عليها في القانون المصري

الطعن 101 لسنة 22 ق جلسة 23 / 6 / 1955 مكتب فني 6 ج 3 ق 172 ص 1279 جلسة 23 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، واحمد العروسي، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.
———–
(172)
القضية رقم 101 سنة 22 القضائية

(أ) علامات تجارية.
عدم جواز نقل ملكية العلامة أو رهنها أو الحجز عليها مستقلة عن المحل أو مشروع الاستغلال. عدم جواز الاستناد في إباحة التصرف في العلامة مستقلة إلى المادة 19 من القانون 57 لسنة 1939.
(ب) علامات تجارية.
عدم جواز التصرف في العلامة التجارية مستقلة في المصنع. لا يغير من ذلك أن يكون المصنع الذى تنبعه العلامة موجودا في مصر أو في الخارج.
(ج) علامات تجارية.
القول بأن المادة 6 من اتفاقية باريس الصادر بها القانون 126 لسنة 1947 قد نسخت حكم المادة 18 من القانون 57 لسنة 1939 التي منعت التصرف في العلامة التجارية مستقلة. على غير أساس.
(د) علامات تجارية. أحكام عرفية.
طلب شطب تسجيل العلامات التجارية وصدور حكم ابتدائي في هذا الطلب قبل ترخيص الحارس العام على أموال الرعايا الألمان للمشترى باستعمالها. لا مخالفة في ذلك القانون الأحكام العرفية.

————-
1 – منع الشارع بنص المادة 18 من القانون رقم 57 لسنة 1939 نقل ملكية العلامة التجارية أو رهنها أو الحجز عليها منفصلة عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال وذلك حماية للجمهور من الخديعة ومنعا لتضليله بالنسبة لمصدر البضاعة ولا يجوز الاستناد في إباحة التصرف في العلامة التجارية مستقلة عن المحل إلى نص المادة 19 من القانون المذكور إذ الواضح من نص هذه المادة أن الشارع لم ير إهدار ما سبق تقريره في المادة السابقة من منع نقل ملكية العلامة منفصلة عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال وإنما قصد إجازة بيع المحل التجاري دون علاماته التجارية عند الاتفاق على ذلك وعلة هذه الإباحة أن صاحب المحل قد يرى عند نقل ملكية محله الاحتفاظ بعلاماته إما لإعادة استعمالها لنفسه أو حبسها عن التداول أو لأى غرض آخر وأما في حالة عدم الاتفاق فإن التصرف يشمل المحل بعلاماته التجارية لارتباطها الوثيق بالمحل أو مشروع الاستغلال الوارد عليه التصرف وباعتبارها من توابعه، ولا تفيد عبارة النص المذكور ولو من طريق مفهوم المخالفة إمكان التصرف في العلامة مستقلة عن مصنعها لأن هذا الحكم قد تقرر منعه وعدم إجازته في المادة السابقة ولو كان مراد الشارع إباحة ذلك لما عنى بإيراده في المادة 18 من القانون المذكور كأصل تشريعي مقرر ولكان ذلك مما يتعارض مع غرضه الأساسي الذى أوضحه بجلاء في مذكرته التفسيرية تمشيا مع ما هو متبع في بعض الدول.
2 – الحظر الوارد في المادة 18 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الذى يمنع نقل ملكية العلامة التجارية منفصلة عن مصنعها قد جاء عاما ومطلقا دون تقيد بما إذا كان المصنع الذى تتبعه موجودا في مصر أو في الخارج وليس في نصوص لائحة القانون المشار إليه مع ما يتعارض مع هذا المبدأ.
3 – لا محل للقول بأن المادة السادسة من اتفاقية باريس الموقع عليها في 21/ 12/ 1945 والتي صدر بها القانون رقم 126 لسنة 1947 قد نسخت حكم المادة 18 من القانون رقم 57 لسنة 1939 ذلك أن المادة السادسة من الاتفاقية المذكورة قد نصت على أن لكل من الحكومات الموقعة أن تحتفظ أو تتصرف في الأموال الألمانية المعادية وفقا للإجراءات التي تراها ملائمة، وظاهر أن المراد بكلمة الأموال الألمانية في هذا الصدد أنها لا تتصرف إلا إلى ما يعتبر مالا بحسب شريعة كل بلد، ولما كانت العلامات التجارية في مصر بحسب قانونها المحلى لا تعتبر مالا مستقلا بذاته مما تجوز حيازته أو تملكه أو مصادرته فإنه لا يجوز اعتبارها مالا تقوم عليه الحراسة على الرعايا الألمان ولا يكون ثمة تعارض بين المادة 6 من اتفاقية باريس والمادة 18 من القانون رقم 57 لسنة 1939 وإذا انتفى التعارض امتنع النسخ.
4 – إذا كان المدعى قد طلب في دعواه شطب تسجيل العلامات التجارية الذى أجراه المدعى عليه وصدر فيها الحكم الابتدائي قبل ترخيص الحارس العام على أموال ألألمان للمدعى عليه باستعمال هذه العلامات فإن الطلبات في الدعوى لا تكون واردة على ما نهى عنه الشارع بالقانون رقم 50 لسنة 1950 والمرسوم بقانون رقم 64 لسنة 1955 الخاص بإضافة المادة 10 مكررة للقانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية والذى منع سماع أية دعوى الغرض منها الطعن في أي تصرف أو أمر أو تدبير أو قرار وبوجه عام أى عمل أمرت به أو تولته السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية أو مندوبوها أو وزير المالية أو أحد الحراس العامين أو مندوبوهم عملا بالسلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الأحكام العرفية.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى – على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن شركة شيرنج الألمانية وهى الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2784 سنة 73 ق أمام محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة ضد المطعون عليهم. وطلبت في صحيفتها المعلنة بتاريخ 10 و12 من يوليو سنة 1948 الحكم على الشركة المطعون عليها الأولى في مواجهة الباقين بشطب تسجيل العلامات التجارية الذى أجرته المطعون عليها الأولى والمبينة تفصيلا في عريضة الدعوى بأرقامها وبالجريدة الرسمية التي نشرت بها والأمر بنشر الحكم في أربع صحف مع حفظ كافة حقوق الشركة الطاعنة ودعاويها ضد المطعون عليها الأولى والثاني على وجه التضامن بسبب استعمالهما العلامات التجارية المشار إليها وما قاما به من تقليد ومنافسة غير مشروعة بدون وجه حق مع كافة المصاريف والنفقات فدفعت الشركة الانجليزية المطعون عليها الأولى بعدم جواز قبول الدعوى لعدم إثبات الشركة الطاعنة ملكية العلامات التي تطالب بها ولانعدام صفتها في التقاضي تأسيسا على تشريعات الحرب بين الدول المتحالفة والتشريع المصري والمعاهدات الدولية كما طلبت المطعون عليها الأولى احتياطيا فتح باب المرافعة حتى يتسنى للحارس العام على أموال الرعايا الألمان التدخل في الدعوى وبجلسة 11 من يونيه سنة 1949 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة حضوريا بقبول الدعوى وقضت في الموضوع بطلبات الشركة الطاعنة وأخرجت مصلحة التشريع التجاري والملكية الصناعية من الدعوى وألزمت الشركة المطعون عليها ومحلات فردريك إلياس وشركاه متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت الشركة الانجليزية “المطعون عليها الأولى” هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 247 سنة 66 ق وأصرت في ختام طلباتها أمام محكمة الاستئناف على طلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى شكلا تأسيسا على أن الشركة “الطاعنة” ممنوعة من الادعاء بأى حق على العلامات المشار إليها وفى الموضوع فإن الشركة المطعون عليها تتمسك بأنها هى صاحبة الحق في هذه العلامات التجارية بناء على عقد صادر إليها من الحارس العام على أموال الأعداء في مصر بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1949 يرخص لها استعمال هذه العلامات لمدة عشر سنين ابتداء من أول يناير سنة 1948 مقابل حصة قدرها 2% من قيمة المبيعات التي توضع عليها العلامات. وفى 9 من مايو سنة 1951 حكمت محكمة استئناف القاهرة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول دعوى المستأنف عليها “الطاعنة” مع إلزامها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين تأسيسا على أن التشريعات المصرية حرمت الشركة الطاعنة من حق التقاضي وخولت ذلك للحارس العام على أموال الأعداء وحده ولأن العلامات التجارية المملوكة للشركة الطاعنة كانت قد وقعت تحت الحراسة على أموال الأعداء قبل تاريخ المرسوم الصادر في 3 من يناير سنة 1947 الخاص برفع الحظر عن الشركات التجارية الألمانية وغيرها من دول الأعداء في التعامل والتصرف والتقاضي ولأن المادة 19 من قانون العلامات التجارية رقم 57 سنة 1939 جعلت للعلامات التجارية قيمة مالية في ذاتها منفردة عن المصنع التابعة له مما يجوز معه التصرف فيها مستقلة عن المصنع وينبني على ذلك خضوع تلك العلامات الخاصة بالشركة الطاعنة للحراسة بصفتها مالا موجودا في الأراضي المصرية كبقية أموال الرعايا الألمان ونتيجة حتمية للأوامر العسكرية المشار إليها. وقد تناولت أسباب الحكم – رغم اقتصار منطوقه على الحكم بعدم قبول الدعوى – بحث موضوع العلامات وأحقية المطعون عليها في استعمالها استنادا إلى العقد الذى استصدرته من الحارس العام على أموال الأعداء أثناء نظر هذا الاستئناف…… فطعنت الشركة الألمانية “الطاعنة” على هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر العلامات التجارية المملوكة للطاعنة قد وقعت تحت الحراسة المفروضة على أموال الأعداء قبل صدور المرسوم الرقيم 3 من يناير سنة 1947 الخاص برفع الحظر عن الشركات التجارية الألمانية وغيرها من دول الأعداء وأن الطاعنة لا تملك حق المقاضاة في شأن هذه العلامات وإنما الذى يملك التحدث عنها والتقاضي بشأنها هو الحارس العام على أموال الأعداء وحده. ذلك لأن المادة 18 من القانون رقم 57 سنة 1939 تحول دون اعتبار العلامة التجارية المنفصلة عن مصنعها مالا قابلا لأن يكون محلا لملك أو حيازة ومن ثم فلا يتصور قانونا وقوع العلامات التجارية المملوكة للطاعنة تحت الحراسة العامة لأموال الأعداء مع وجود مصانعها بألمانيا لا في مصر كما أنه من الناحية الواقعية فان هذه العلامات لم تدخل فعلا تحت الحراسة العامة وإلا لقام الحارس العام بالإجراءات اللازمة للمحافظة على ما للألمان من أموال ولما كان ثمة ما يدعو وزير المالية لأن يصدر قراره الرقيم 147 سنة 1941 بتاريخ 31 من مايو سنة 1941 مرخصا للألمان بأن يتخذوا بأنفسهم تلك الاجراءات اللازمة للمحافظة على ما لهم من الحقوق السالف ذكرها كما أنه لم يصدر عن الحارس العام على أموال الأعداء طوال مدة الحرب ما يفيد أنه اعتبر العلامات التجارية للشركة الطاعنة في حيازته وتحت تصرفه والحكم المطعون فيه إذ قرر بجواز انفصال العلامة التجارية عن المصنع التابعة له وبالتالي وقوع علامات الطاعنة تحت الحراسة العامة يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ هو لم يذكر سندا لرأيه ما تلمسه خطأ في حكم الفقرة الأخيرة من المادة 19 من قانون العلامات التجارية رقم 57 سنة 1939 التي تقول إن انتقال ملكية المحل التجاري تشمل العلامات المسجلة باسم صاحبه ما لم يتفق على غير ذلك. وواضح أن هذا النص لا يعدو أن يكون استثناء واردا على الأصل القاضي بعدم الانفصال – وأما ما أورده الحكم المطعون فيه من أن ملكية العلامات المذكورة قد انتقلت من ذمة الشركة الطاعنة إلى ذمة الحكومة المصرية عن طريق المصادرة وفقا للمادة السادسة من اتفاقية باريس الموقع عليها في 21/ 12/ 1945 والتي صدر بها القانون رقم 126 سنة 1947 بالموافقة عليها وأعقبه مرسوم بإصدارها وهى بعد هذا التصديق أصبحت قانونا من قوانين الدولة المصرية وبذلك تكون قد نسخت حكم المادة 18 من القانون رقم 57 سنة 1939 وأبطلت حكمها وأضحى ممكنا أن تتملك الدولة المصرية عن طريق المصادرة علامات الألمان التجارية فتفصلها عن مصانعها وهذا الذى أورده الحكم مردود بأن اتفاقية باريس إذا كانت قد خولت الحكومة المصرية حق مصادرة أموال الألمان فان هذه المصادرة لا يمكن أن تشمل العلامات التجارية المنفصلة بحكم القانون المصري الذى منع انتقال العلامة التجارية إلا مع مصنعها ولأن كلمة “الأموال الألمانية” الواردة بالمادة السادسة من اتفاقية باريس لا تنصرف إلا إلى كل ما يعتبر مالا بحسب قانون كل بلد وقد تبين أن العلامة التجارية في مصر وبحسب قانونها لا تعتبر مالا مستقلا مما تجوز حيازته أو تملكه أو مصادرته ومن ثم فلا يكون هناك تعارض بين المادة السادسة المشار إليها والمادة 18 من قانون العلامات التجارية رقم 57 سنة 1939 وإذا انتفى التعارض انتفى النسخ الذى قال به الحكم المطعون فيه وهو قول منه ينطوي على مخالفة للقانون وخطأ في تفسيره وتطبيقه مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن القانون رقم 57 سنة 1939 قد نص في المادة الثامنة عشرة منه على أنه “لا يجوز نقل ملكية العلامة التجارية أو رهنها أو الحجز عليها إلا مع المحل التجاري أو مشروع الاستغلال الذى تستخدم العلامة في تمييز منتجاته” ومفاد هذا النص الواضح أن الشارع منع نقل ملكية العلامة التجارية أو رهنها أو الحجز عليها منفصلة عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال وذلك حماية للجمهور من الخديعة ومنعا لتضليله بالنسبة لمصدر البضاعة كما أفصح عن ذلك صراحة في المذكرة التفسيرية للقانون المشار إليه فاذا كان الشارع قد نص في المادة التاسعة عشرة من ذات القانون على أنه “يشمل انتقال ملكية المحل التجاري أو مشروع استغلال العلامات المسجلة باسم ناقل الملكية التي يمكن اعتبارها ذات ارتباط وثيق بالمحل أو المشروع ما لم يتفق على غير ذلك، فاذا انتقلت ملكية المحل التجاري أو مشروع الاستغلال من غير العلامة جاز لناقل الملكية الاستمرار في صناعة نفس المنتجات التي سجلت العلامة من أجلها أو الاتجار فيها ما لم يتفق على غير ذلك”. فمفهوم ذلك أن الشارع لم يرد إهدار ما سبق تقريره في المادة السابقة من منع نقل ملكية العلامة منفصلة عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال وإنما قصد أجازة بيع المحل التجاري دون علاماته التجارية عند الاتفاق على ذلك والا يشمل البيع أو التصرف عند عدم الاتفاق المحل بعلاماته التجارية لارتباطها الوثيق بالمحل أو مشروع الاستغلال الوارد عليه التصرف وباعتبارها من توابعه وعلة ذلك أن صاحب المحل قد يرى عند نقل ملكية المحل الاحتفاظ بعلامته إما لإعادة استعمالها لنفسه أو لحبسها عن التداول أو لأى غرض آخر ولا تفيد عبارة النص المذكور ولو من طريق مفهوم المخالفة إمكان التصرف في العلامة مستقلة عن مصنعها لأن هذا الحكم قد تقرر منعه وعدم إجازته في المادة السابقة ولو كان مراد الشارع إباحة ذلك لما عنى بإيراده في المادة 18 من القانون المذكور كأصل تشريعي مقرر ولكان ذلك مما يتعارض مع غرضه الأساسي الذى أوضحه بجلاء في مذكرته التفسيرية تمشيا مع ما هو متبع في بعض الدول – فاذا كان الحكم المطعون فيه قد أجاز التصرف في العلامة مستقلة بما أورده في أسبابه بقوله “وغير صحيح أنه لا يمكن أن يكون لتلك العلامات قيمة في ذاتها منفردة عن المصنع التابعة له فقد نصت المادة 19 من القانون رقم 57 سنة 1939 وهى اللاحقة للمادة 18 التي تتمسك بها المستأنف ضدها على أن نقل ملكية المحل التجاري أو مشروع الاستغلال يشمل العلامة التجارية التابعة له إلا إذا اتفق على غير ذلك وإذن فمن الجائز التصرف في العلامة مستقلة دون المصنع بل أن لتلك العلامة كيانا خاصا قد يتبع المصنع وقد يبقى مستقلا عنه وينبني على ذلك أنه مهما قيل عن النظرية المعمول بها في التشريع المصري فإن خضوع تلك العلامات التجارية للحراسة بصفتها مالا موجودا في الأراضي المصرية مملوكا لشركة شيرنج الألمانية كبقية أموال الرعايا الألمان نتيجة حتمية لأحكام الأوامر العسكرية المشار إليها فيما سبق” فإن الحكم المطعون فيه بإيراده هذه التقريرات يكون قد خالف مفهوم ذلك النص ولا محل للتحدي بنص المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 57 سنة 1939 التي تقرر “إذا كانت العلامة تستخدم في تمييز منتجات محلات تجارية أو مشروعات استغلال بعضها في مصر والآخر في الخارج فيعتبر انتقال ملكيتها صحيحا وفقا لحكم المادة 18 من القانون إذا كان متبوعا بانتقال ملكية أعمال أو مشروعات الاستغلال الموجود بمصر” ذلك لأن الحظر الوارد في المادة 18 المشار إليها الذى يمنع نقل ملكية العلامة منفصلة عن مصنعها جاء عاما ومطلقا دون تقيد بما إذا كان المصنع الذى تتبعه في مصر أو في الخارج وليس في اللائحة ما يعارض القانون المشار إليه وأما ما ذكره الحكم المطعون فيه من أن المادة السادسة من اتفاقية باريس الموقع عليها في 21/ 12/ 1945 والتي صدر بها القانون رقم 126 سنة 1947 وأعقبه صدور مرسوم بالموافقة عليه قد نسخت حكم المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 57 سنة 1939 لتعارضهما فمردود بأن المادة السادسة من الاتفاقية المذكورة قد تضمنت النص الآتي “لكل من الحكومات الموقعة أن تحتفظ أو تتصرف في الأموال الألمانية العادية الخاضعة لسلطانها وفقا للإجراءات التي تراها ملائمة” – “par les méthodes de son choix” وظاهر أن المراد بكلمة الأموال الألمانية في هذا الصدد أنها لا تنصرف في كل بلد إلا ما يعتبر مالا بحسب شريعة كل بلد وقد تبين أن العلامات التجارية في مصر وبحسب قانونها المحلي لا تعتبر مالا مستقلا بذاته مما تجوز حيازته أو تملكه أو مصادرته وبالتالي لا يجوز وضعه تحت الحراسة ومن ثم فلا يكون ثمة تعارض بين المادة السادسة من اتفاقية باريس وبين المادة 18 من القانون رقم 57 سنة 1939 الخاص بالعلامات التجارية وإذا انتفى التعارض امتنع النسخ الذى قال به الحكم المطعون فيه هذا ولأن المادة 18 المشار إليها حكمها مقصور على نوع محدد من المال هو العلاقات التجارية فنصها يعتبر حكما خاصا وأما الحكم الذى تضمنته المادة السادسة من اتفاقية باريس إذ نصت على مصادرة (الأموال الألمانية) بصيغة العموم فإنه يعتبر حكما عاما شاملا لجميع أنواع الأموال الخاصة بالألمان في مصر والحكم الخاص يخصص الحكم العام طبقا لقواعد التفسير المقررة وذلك على خلاف ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لا محل للتحدي بعد ذلك بالقانون رقم 50 لسنة 1950 والمرسوم بقانون رقم 64 لسنة 1955 الخاص بإضافة المادة 10 مكررة للقانون رقم 15 سنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية والذى منع سماع أي دعوى الغرض منها الطعن في أي تصرف أو أمر أو تدبير أو قرار وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته السلطة القائمة على اجراء الأحكام العرفية أو مندوبوها أو وزير المالية أو أحد الحراس العامين أو مندوبيهم عملا بالسلطة المخولة لهم بمقتضى نظام الأحكام العرفية ذلك لأن الشركة الطاعنة إنما تطلب في دعواها شطب تسجيل العلامات الذى أجرته الشركة المطعون عليها والذى تمت إجراءاته قبل 11 من ديسمبر سنة 1949 وهو تاريخ ترخيص الحارس للشركة المطعون عليها باستعمال العلامات المشار إليها والذى جاء تاليا لتاريخ صدور الحكم الابتدائي فالطلبات في هذه الدعوى غير واردة على ما نهى القانون المشار إليه عن سماعه ومتى تقرر ذلك كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى استنادا إلى أن علامات الطاعنة التجارية قد اعتبرت مالا منفصلا بذاته وشملته المصادرة التي قررتها اتفاقية باريس يكون قد أخطأ تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه دون بحث لباقي أوجه الطعن

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .