مدى جواز التأجير من الباطن في عقد الايجار الخاضع لأحكام القانون المدني دون قوانين ايجار الأماكن .

خضوع العقد للقانون المدني:

اعتباراً من 31 يناير 1996 تخضع عقود إيجار الأماكن الخالية – أو التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها – لأحكام القانون المدني وليس لأحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية طبقاً للقانون رقم 4 لسنة 1996.

العلاقة الايجارية الثابتة بموجب قائمة شروط دخول مزاد التأجير الموقع عليها من المستأجر، والمؤرخة في ………. ، وبالتالي تخضع لأحكام القانون المدني دون سواه، قد خلت من أي شرط يحظر على المستأجر تأجير العين المؤجرة له من الباطن.

هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “يجب على المتزايدين أن يوقعوا على قائمة شروط البيع بالمزاد قبل دخولهم فيه، وكان التقدم بالعطاء ليس إلا إيجاباً من صاحب هذا العطاء وفق شروط المزاد الذي قبل دخوله على أساسها، وكان الحكم المطعون فيه قد أنتهي في حدود سلطته التقديرية وبأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها إلى أن الطاعن تقدم بعطائه في المزاد وهو عالم وموافق على شروطه دون اعتراض منه عليها وأنه لا يقبل منه بعد ذلك القول بانعقاد العقد وفق شروط أخرى”. (نقض مدني في الطعن رقم 1699 لسنة 48 قضائية – جلسة 9/11/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – الجزء الثاني – صـ 883).

وهذا المعني ذات ثابت في حيثيات الحكم الاستئنافي رقم ………. إذ ورد فيه ما يلي: ……….

حكم التأجير من الباطن في القانون المدني:

تنص المادة 593 من القانون المدني على أن: “للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك”.

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن كل مستأجر له الحق في التنازل عن الإيجار للغير وفي الإيجار من الباطن، ما لم يوجد شرط في العقد يمنعه من ذلك. (المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء السادس – بند 454 – صـ 620).

هذا وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه: “جرى التقنين المدني على أن حق المستأجر المتولد من عقد الإيجار في الانتفاع بالشيء المؤجر، بوصفه من الحقوق المالية، يقبل التعامل فيه سواء بالنزول عن إلى الغير كلاً أو جزءاً، مدة الإيجار كلها أو بعضها، بمقابل أو بدونه، أو بتأجيره إلى الغير (من الباطن) لقاء أجرة على ذات النحو المتقدم، وذلك ما نصت عليه صراحة المادة 593 من القانون المدني بقولها “للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما أستأجره أو بعضه، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك، دلالة على أن المنع من هذه التصرفات هو استثناء من الأصل لا يقوم إلا بالاتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر”. (نقض مدني في الطعن رقم 225 لسنة 47 قضائية – جلسة 20/1/1979).

كما قضت محكمة النقض بأن: “التأجير من الباطن عقد يؤجر المستأجر بموجبه منفعة الشيء المؤجر المخولة له بوصفه مستأجراً إلى آخر مقابل أجرة يحصل عليها منه فإن الإيجار من الباطن يعتبر صورة من صور انتفاع المستأجر الأصلي بالشيء المؤجر”. (نقض مدني في الطعن رقم 305 لسنة 49 قضائية – جلسة 1/12/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – الجزء 3 – صـ 132 – فقرة 2).

ولكن لا يتحتم أن يكون الشرط المانع مذكوراً صراحة في عقد الإيجار، بل يجوز استخلاصه ضمناً من الظروف الملابسة. وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 593 من القانون المدني يتضمن عبارة في هذا المعنى تجري على الوجه الآتي: “وقد يستفاد هذا الاتفاق من الظروف”، فحذفت هذه العبارة في لجنة مجلس الشيوخ “اكتفاء بالقواعد العامة”.(مجموعة الأعمال التحضيرية – الجزء الرابع – صـ 558 : 560).

فمثلاً: إذا أجر المؤجر العين لمستأجر لاعتبارات شخصية فيه، فلا يجوز للمستأجر هنا أن يؤجر من الباطن أو يتنازل عن الإيجار، حتى ولو لم يكن منصوصاً صراحة في عقد الإيجار على منعه من ذلك، لأن عقد إيجاره مبني على اعتبارات شخصية في المستأجر.

وكذلك في “المزارعة” لا يجوز للمستأجر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا برضاء المؤجر (المادة 625 مدني) لأن المزارعة قد نظر فيها إلى شخص المزارع. (وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 455 – صـ 621 وما بعدها).

علماً بأن هذا الاستثناء غير متحقق في حالتنا الماثلة لكون التأجير لم يراع فيه شخص المستأجر حيث تمت التأجير عن طريق المزاد العلني.

فروض في حالة وجود الشرط المانع في العقد:

وسواء كان الشرط المانع صريحاً أو ضمنياً (مستفاد من الظروف الملابسة)، فالقاعدة أن هذا المنع استثنائي فلا يجوز التوسع في تفسيره، ولا تقيد حرية المستأجر في التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلا بالقدر المنصوص عليه في العقد. ويترتب على ذلك ما يلي:

1- أنه يجوز للمستأجر – بالرغم من وجود الشرط المانع – أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة (تكوين شركة في العين المؤجرة) ما داموا غير مستأجرين من الباطن.

2- ولا يجوز للمؤجر أن يتعسف في التمسك بالشرط المانع، فإذا تعذر على المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة بنفسه، واضطر إلى إيجارها من الباطن أو التنازل عن إيجارها للغير، فلا يجوز للمؤجر أن يتمسك بالشرط المانع إذا لم يكن له أية مصلحة في تنفيذه، وإلا كان هذا تعسفاً منه في استعماله حقه.

3- ويجوز للمؤجر أن يتنازل عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً، ويعد من قبيل التنازل الضمني عن التمسك بالشرط المانع: قيام المؤجر الأصلي بقبول الأجرة مباشرة من المستأجر من الباطن وبدون أي تحفظ، أو أن يقوم المؤجر الأصلي بمطالبة المستأجر من الباطن بالأجرة مباشرة (ولو من أجل استيفاء دين أجرة مستحقة على المستأجر الأصلي)، أو حتى سكوته مدة طويلة دون اعتراض مع علمه اليقيني بقيام المستأجر الأصلي بتأجير العين المؤجرة للغير من الباطن. فإذا ما حصل التنازل من المؤجر عن الشرط المانع، صراحة أو ضمناً، لم يعد له حق بعد ذلك في أن يطلب فسخ الإجارة لهذا السبب. (وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 456 – صـ 622 وما بعدها).

هذا، وقد قضت محكمة النقض بأنه: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادتين 596 و 597 من القانون المدني أنه في الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلي خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلي، فيطالب كل منهما الآخر بحقوقه بمقتضى هذا العقد، ويسرى على العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشئ هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلي إلا في شيء واحد هو الأجرة، فيكون المستأجر من الباطن ملزماً بأن يؤدى للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتاً في ذمته للمستأجر الأصلي من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التي تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة 597 من ذلك القانون، ولا ينشئ عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلي وبين المستأجر من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلي الإيجار من الباطن دون تحفظ أيضاً”. (نقض مدني في الطعن رقم 851 لسنة 43 قضائية – جلسة 15/6/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – الجزء 1 – صـ 1446 – فقرة 2).

كما قضت محكمة النقض بأن: “قبض المالك للأجرة من المستأجر من الباطن لا يعد بمثابة إقرار منه يقوم مقام الإذن الكتابي الصريح إلا إذا كان مباشراً وغير مقترن بأي تحفظ فإن لم يكن كذلك فإنه على العكس يتضمن جحداً لعقد الإيجار من الباطن”. (نقض مدني في الطعن رقم 108 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/4/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – الجزء 1 – صـ 1073 – فقرة 6).

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .