دور مجلس الأمن التابع للأمم المتَّحدة في حظر الانتشار النووي:

(العراق، وإيران، وكوريا الشمالية نموذجًا)

د. زرقان وليد، أستاذ محاضر بكلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة سطيف2 / الجزائر.

Abstract

The Security Council is the executive organ of the United Nations and is considered the most important organ of the United Nations and is responsible for the maintenance of international peace and security, the suppression of aggression and the imposition of sanctions on dissenting members. Under Article 39 of the Charter, the Council has the discretion to determine whether a peace threat has been violated, Of the acts of aggression and may make recommendations or make decisions in accordance with Articles 41 and 42 of the Charter for the maintenance and restoration of international peace and security.

Hence, the Security Council is concerned with the issue of armaments and disarmament, especially nuclear weapons, in accordance with the Charter of the United Nations. Therefore, our study of the following problem concerns the efforts exerted by the Security Council to eliminate nuclear weapons.

ملخص:
يعد مجلس الأمن الأداة التنفيذية للأمم المتحدة، وأهم جهاز فيها، وهو المسئول عن حفظ السلم والأمن الدوليين، وقمع العدوان، وإنزال العقوبات بالأعضاء المخالفين، ويتمتع المجلس بموجب المادة 39 من الميثاق بسلطة تقديرية في تحديد ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو أنه عمل من أعمال العدوان، وله في ذلك تقديم توصيات أو إصدار قرارات وفقا للمادتين 41 و 42 من الميثاق لحفظ السلم والأمن الدوليّ أو إعادته إلى نصابه.

ومن هنا يختص مجلس الأمن بموضوع التسلح ونزع السلاح وخاصة الأسلحة النووية منها وفقًا لما جاء في ميثاق الأمم المتَّحدة؛ ولهذا تتعلَّق دراستنا بالإشكاليَّة التالية: ما هي الجهود المبذولة من قِبَل مجلس الأمن للتخلُّص من الأسلحة النوويَّة؟

مقدمة:

لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه نص الميثاق على تدخل مجلس الأمن إما بطلب من الجمعية العامة (المادة 11/3)، أو بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة (المادة 99)([1])، أو بطلب دولة عضو (المادة 35/1)، أو غير عضو (المادة 35/2)، دون الإخلال بما له من سلطة تدخل تلقائية بموجب المادة 34([2]).

كما منح ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن صلاحية تنظيم التسليح بموجب المادة 26 منه، وهذا بمساعدة لجنة أركان الحرب التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة في المادة 47([3])، غير أنه بسبب عدم تشكيل لجنة أركان الحرب، بقيت المادة 26 حبرًا على ورق، وظل مجلس الأمن عاجزًا عن ممارسة هذه الصلاحية طيلة الحرب الباردة، لكنه سرعان ما عاد من بعيد من خلال إعلان “أن انتشار أسلحة الدمار الشامل يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين عام 1992([4]).

وإذا كانت قضية الهند والباكستان لم تثر اهتمامًا كبيرًا بسبب عدم إجراء الدولتين لتجارب أخرى بعد صدور قرار المجلس 1172 (1998)([5])، وكذا إعلان ليبيا رسميًّا عن تخليها عن برنامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل ابتداء من عام 2003([6])، فإن أسلحة الدمار الشامل العراقية من جهة والملف النووي لكوريا الشمالية والملف النووي لإيران من جهة أخرى قد أثارا كثيرًا من القلق الدولي واهتمام مجلس الأمن. خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.([7])

لذا سنحاول من خلال هذه الدراسة الإجابة عن الإشكالية الأساسية وهي: فيم يتمثل دور مجلس الأمن كآلية أممية حيال قضايا الانتشار النووي ونخص بالذكر: العراق، وإيران، وكوريا الشمالية؟

وهذا بدوره يطرح تساؤلات فرعية مهمة:

هل فعلاً حاز العراق أسلحة نووية؟ وماذا فعل مجلس الأمن حيال ذلك؟
هل تسعى إيران فعلاً لاكتساب الأسلحة النووية؟ وما هو رد فعل مجلس الأمن؟
هل تملك كوريا الشمالية أسلحة نووية؟ وكيف تعامل معها مجلس الأمن؟
ومن هنا ارتأينا اتباع الخطة التالية:

المطلب الأوَّل: نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.

الفرع الأوَّل: قرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.

الفرع الثاني: مشروعية قرارات مجلس الأمن بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.

المطلب الثاني:تعامل مجلس الأمن مع ملفي كوريا الشمالية و إيران النوويين.

الفرع الأول : تعامل مجلس الأمن مع الملف النووي لكوريا الشمالية.

الفرع الثاني: تعامل مجلس الأمن مع الملف النووي الإيراني.

المطلب الأول: نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية

بعد ركود دام طيلة الحرب الباردة عاد مجلس الأمن وبقوة أدهشت كل المتبعين من رجال السياسة والقانون؛ ليباشر صلاحياته كجهاز فعَّال للأمم المتحدة من خلال نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، عقب غزو العراق للكويت عام 1990، وبدأ حملته هذه منذ عام 1991([8]) من خلال القرار 687 القسم (ج) بالضبط، وهو القرار الذي صاحبه جدل عميق لا زال حتى اليوم بخصوص حقيقة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل لا سيما الأسلحة النووية، ومدى شرعية قرارات مجلس الأمن في نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وعليه سنتطرق في الفرع الأوَّل لقرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، ثم نتطرق في الفرع الثاني لمدى مشروعية هذه القرارات.

الفرع الأول: قرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية:

من المفيد قبل التطرق إلى محتوى قرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية ونخص بالذكر القرار687 لعام 1991 أن نتعرف أولاً على طبيعة البرنامج النووي العراقي وتطوره، ثم نتطرق ثانيًا إلى ظروف صدور قرارات مجلس الأمن ومحتواها لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، على أننا سنركز على الأسلحة النووية لكونها محور اهتمامنا في هذا البحث.

أولا : تطور البرنامج النووي العراقي:

كان أول دخول للعراق في حقل القوة النووية من خلال الاتحاد السوفيتي عام 1959 من أجل بناء مفاعل نووي صغير بالقرب من بغداد، وفي عام 1968 حصل العراق على أول مفاعل من طراز (I R T 2000 ) وهو مفاعل صغير مخصص للأبحاث العلمية فقط بقوة 2 ميجا وات/ ساعة، وفي عام 1978 زيدت طاقته إلى 5 ميجا وات/ ساعة، كما تولى الاتحاد السوفيتي إمداد العراق بالوقود النووي اللازم لتشغيل هذا المفاعل([9] ).

وفي عام 1975 قام نائب الرئيس العراقي صدام حسين بزيارة فرنسا، وقبل نهاية هذه الزيارة وقَّع مبدئيًّا اتفاقية تعاون نووي بين البلدين([10])، وتضمنت هذه الاتفاقية تسليم فرنسا العراق عبوات من اليورانيوم المخصب بنسبة 93 ٪ يبلغ إجمالي وزنها 7 كيلو جرام من أجل تشغيل مفاعله النووي.

وفي عام 1976 تم التوقيع النهائي على الاتفاقية النووية بين العراق وفرنسا وقد تضمنت النقاط التالية([11]) :

تزويد العراق بمفاعلين يعملان بالوقود من اليورانيوم المخصب الأول من طراز “اوزيراك” وقوته 70ميجا وات ساعة لتوليد الطاقة الكهربائية، والثاني صغير الحجم وهو من طراز “ايزيس” وقوته 2 ميجا وات فقط ويخصص لأغراض البحث العلمي.
تتعهد فرنسا بتقديم كميات من اليورانيوم المغنى بنسبة 93 ٪ اللازم لتشغيل المفاعلات النووية العراقية.
تتولى فرنسا تدريب 60 عالم ومهندس وفي كافة المجالات النووية.
يتم توريد المفاعلين النوويين إلى العراق في عام 1979.
وقد حاولت فرنسا -بضغوط أمريكية- تعديل بنود الاتفاقية، وبذلت لذلك جهودًا مضنية من أجل إقناع العراق بالموافقة على تشغيل المفاعل باليورانيوم المغنى بنسبة 10٪فقط، وهو ما رفضه العراق([12]).

وفي عام 1977 وقع العراق مع إيطاليا بروتوكولاً للتعاون النووي في مجال الأبحاث العلمية والتطبيقية، كما وقَّع العراق أيضا عقد شراء أربعة مفاعلات نووية إيطالية الصنع ذات قدرة صغيرة تخصص للأبحاث العلمية، وتضمن البروتوكول النووي بين البلدين تعهد إيطاليا بتدريب 15 خبيرًا عراقيًا على تشغيل المفاعلات النووية الأربعة وصيانتها، وفي مقابل ذلك يتعهد العراق ببيع كمية لا تقل عن 20 مليون طن من البترول الخام لإيطاليا، وهذه الكمية تساوي 20٪ من إجمالي استهلاك إيطاليا سنويا([13] ).

ثم طلب العراق من شركة (نيرا) الإيطالية تزويده بمفاعل من طراز” سيرين” قدرته 350 ميجا وات/ ساعة، وكان هذا النوع من المفاعلات لا يزال تحت التجربة مما أثار الشكوك وقتها في مدى فائدته من الناحية الإقتصادية أو من ناحية الفاعلية، وقد فسّر ذلك بأن العراق ينوي الاستفادة من قدرته على إنتاج البلوتونيوم بمعدل 100 كيلو جـرام سنويًا([14]).

كما تضمن البروتوكول أيضًا تعهد إيطاليا بإمداد العراق بكمية من اليورانيوم المغنى اللازم لتشغيل مفاعلات العراق النووية دون تحديد كمية البلوتونيوم المطلوبة([15]).

أما فيما يخص توفير الوقود النووي فقد انطلق العراق سنة 1974 لبذل الجهود وتطوير التكنولوجيا من أجل توفير مصادر الوقود للمفاعلات التي يملكها، ووقَّع عدة اتفاقيات تعاون مع كل من الاتحاد السوفيتي، وفرنسا، والبرازيل؛ للبحث عن المعادن المشعة والمصادر الأخرى التي يمكن استخلاص اليورانيوم منها كوقود داخل العراق، أما خارج العراق فقد أبرم اتفاقيات مع كل من فرنسا، والبرازيل، وإيطاليا، والسويد، والنيجر، وألمانيا الغربية، فضلاً عن الاتحاد السوفيتي حينها من أجل توفير الوقود النووي بصفة منتظمة([16])، غير أنه في عام 1981 تلقى البرنامج النووي العراقي ضربة من قبل الطيران الإسرائيلي، دمرت مفاعل “أوزيراك”؛ ونتيجة لذلك تبددت جهود العراق على مدار أكثر من عشرية من الزمن، كما تسبَّبت هذه الضربة في تأخير البرنامج العراقي بأكثر من 5 أو 6 سنوات على الأقل([17])، وتم إعادة صياغة الاتفاقية مع فرنسا من جديد عام 1981 بتزويد العراق بكافة الوسائل لتطوير البرنامج النووي السلمي العراقي([18])، بعد العدوان الذي تم على مفاعل “أوزيراك”([19])، مع العلم أن العراق لم يجر أي اختبار أو أية عملية تفجير نووي سواء قبل عام 1991 أو بعده.

ثانيا: تحليل قرارات مجلس الأمن بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية:

لتحليل القرارات التي أصدرها مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، ونقصد بذلك القرار 687 والقرارات اللاحقة له، لا بد من معرفة الظروف التي دفعت بمجلس الأمن إلى إصدار مثل هذا القرار، والإحاطة بهذه الظروف، ومعرفة محتواها.

1- الظروف التي عاصرت صدور قرار مجلس الأمن 687 (1991)

في الثاني من أوت 1990 احتلت العراق دولة الكويت بصورة سريعة ومفاجئة، وقد أعقب هذا إعلان العراق ضم الكويت، وبدأ في تغير الهوية القانونية للشعب الكويتي، وبشكل غير مسبوق في تاريخ المنظمة الدولية؛ فجاء رد فعل الأمم المتحدة سريعًا وحاسمًا؛ فخلال ساعات قليلة أصدر مجلس الأمن القرار رقم (660) لعام 1990 ([20])، الذي اعتمد بأغلبية 14 صوتًا مقابل لا شيء مع امتناع دولة اليمن،

وقد اعتبر مجلس الأمن ذلك الغزو ” خرقًا للسلم والأمن الدوليين، وأنه يتصرف بموجب المادتين 39 و40 من ميثاق الأمم المتحدة“.([21] )

حيث أبدى المجلس قلقه من غزو القوات العراقية لدولة الكويت، وأعلن أنه يدين هذا الغزو ويطالب بسحب القوات العراقية فورًا دون قيد أو شرط إلى المواقع التي كانت تتواجد فيها قبل الأول من أوت 1990، ودعا القرار الأطراف المتنازعة إلى المفاوضات لحل الخلافات ومؤيدًا في الوقت نفسه جميع الجهود المبذولة خاصة من طرف جامعة الدول العربية ([22])، ولم يتوان مجلس الأمن عن إصدار سلسلة من القرارات([23])، في هذا الشأن مع عدم امتثال العراق للقرار660 لا سيما الفقرة الثانية منه، التي كان من أبرزها قراره رقم 678 (1990) والذي جاء فيه لأول مرة –خلافا للقرارات السابقة كلها-هدف جديد وغامض وغير محدد وهو إعادة السلم والأمن الدوليين إلى المنطقة.

ومرجع هذا الخلاف حول هذا الهدف لم ينشأ بسبب مدى اختصاص مجلس الأمن وسلطته في إعادة السلم والأمن الدوليين –فذلك أمر قد حسمه الميثاق في المادة 39من الفصل السابع- ولكن منشأ الخلاف يعود لمدى مشروعية تفويض مجلس الأمن لدول معنية بإعادة السلم والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي يختلف بالقطع عن حالة التفويض باتخاذ إجراءات محددة من التدابير التي أجاز الميثاق اتخاذها في مثل هذه الحالة.([24])

وهو ما أدى إلى انقسام الآراء؛ فهناك اتجاه قوي يرى أن التفويض من الأمم المتحدة لمجلس الأمن بهذه الصلاحية قاصر عليه فقط ولا يتعداه إلى غيره؛ بمعنى أنَّ الأمم المتحدة لم تسمح لمجلس الأمن بموجب المادة 24 من الميثاق أن يفوض أو ينيب غيره في أداء المهام الموكلة إليه، بينما ذهب رأي آخر إلى أن فشل مجلس الأمن في استخدام الآلية العسكرية المنصوص عليها في المادة 43 من الميثاق-لجنة أركان الحرب- لعدم عقد اتفاقيات خاصة في هذا الشأن لا يجب أن يعجز مجلس الأمن عن النهوض بمهمته الأساسية- حفظ السلم والأمن- وذلك عن طريق اتخاذ أعمال عسكرية باستخدام قوات غير تلك المنصوص عليها في المادة 43.

وأنه يجوز له ممارسة مسؤولياته بشكل فعَّال وفقًا للمادة 42 دون إبرام الاتفاقيات التي أشارت إليها المادة 43، ووجد هذا الاتجاه تطبيقًا لرؤيته في القضية التي تعرف بالأزمة الكورية عام 1950؛ حيث دعا مجلس الأمن الدول الأعضاء لدعم كوريا الجنوبية ضد هذا الغزو([25]) وبين الاتجاهين تتضح لنا صحة الموقف الأوَّل وضعف الاتجاه الثاني الداعي لتفويض دول معينة سلطة مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين، وذلك باستنادهم إلى حالة معزولة في تاريخ المجتمع الدولي كما سبق وأشرنا.([26])

أما عن الوسيلة التي يستعملها نص القرار في تنفيذ أهدافه فقد جاءت أكثر شمولاً بعبارة to use all necessary means أي أن تستخدم كل الوسائل اللازمة، وقد كان واضحا منذ البداية أن الوسائل العسكرية هي الهدف المعبر عنه في هذا القرار متى استدعت الحاجة إليه .

وفي 27 فبراير 1991 وبعد هجوم جوِّي وبحري وبري، دخلت قوات التحالف الدولي وانتشرت في جميع أنحاء الكويت، وأعلن العراق في نفس اليوم إلى مجلس الأمن أن جميع قواته قد انسحبت من الكويت وأبدى استعداده لإطلاق سراح جميع الأسرى فور إقرار وقف إطلاق النار، وفي اليوم الموالي أعلن العراق رسميًّا قبوله الامتثال للقرار 660 (1990) وجميع القرارات اللاحقة له، إلاَّ أنَّ مجلس الأمن أصدر قراره رقم 686 (1991)([27])، الذي تضمن مطالبة العراق إلغاء جميع الإجراءات الرامية لضم دولة الكويت، وقبوله مسؤوليته عن أية خسارة ناجمة عن غزو الكويت، وإطلاقه لجميع المحتجزين دون الحديث عن وقف إطلاق النار مع استمرار العقوبات المفروضة.([28])

ولقد رأى أصحاب النفوذ داخل مجلس الأمن أنه وفقا للترخيص باستخدام كل الوسائل اللازمة كما ورد في القرار 678 (1990) يجب تجنب نشوء حالة يصبح فيها العراق قادرًا مرة أخرى على اكتساب قوة عسكرية هجومية لا سيما أسلحة الدمار الشامل([29]).

2- محتوى قرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية:

كما سبق أن اشرنا يتعلق الأمر في موضوع نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية بالقرار 687 قسم (ج)، والقرارين اللاحقين له، وهما القرار 699 (1991) والقرار 707 (1991) لذا سنرى محتوى كل منها:

محتوى القرار 687 قسم ج:
تناول القسم ج من القرار 687 (1991) التزام العراق بأن يقوم تحت إشراف دولي بتدمير ما يمتلكه من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وقذائف تسيارية يزيد مداها عن 150 كم أو إزالتها أو جعلها عديمة الأثر، وأن يقدم العراق إلى الأمين العام في خلال خمسة عشر يومًا من اتخاذ هذا القرار بيانًا بمواقع هذه الأسلحة وأنواعها وكمياتها.

ولقد كلف مجلس الأمن بموجب هذا القرار بأن يضع خطة لإنشاء لجنة خاصة تقوم على الفور بأعمال تفتيش لمصادرة هذه الأسلحة والإشراف على تدميرها، إضافة إلى قيامه بالتشاور مع تلك اللجنة الخاصة لإعداد خطة لرصد امتثال العراق للحظر المفروض على الأسلحة وتلك القذائف والتحقق منه بشكل مستمر في المستقبل.

كما قرر المجلس في ذات القسم “جيم” أن يتعهد العراق دون قيد أو شرط بعدم حيازة أو إنتاج أسلحة نووية، أو مواد يمكن استعمالها في الأسلحة النووية، أو أية منظومة فرعية، أو مكونات، أو أي مرفق بحث أو تطوير أو دعم أو تصنيع يتصل بذلك، وأن يقوم العراق بتقديم إعلان بمواقع هذه المواد وانواعها وكمياتها، وذلك خلال خمسة عشر يومًا من اتخاذ هذا القرار إلى الأمين العام؛ حيث يشارك هذا الأخير اللجنة الخاصة في مساعدة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء تفتيش فوري وعلى الطبيعة عن القدرات النووية للعراق وأن يضع خطة تدمير المواد المحظورة وإزالتها أو جعلها عديمة الأثر.

كما يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الخاصة وضع خطة لمراعاة حقوق العراق والتزاماته كدولة طرف في معاهدة حظر الانتشار لعام 1968، ورصد امتثال العراق للحظر النووي المفروض بموجب هذا القرار والتحقق منه باستمرار مستقبلاً.

ويحيط علمًا هذا القرار في الفقرة 14 منه القسم “جيم” بأن هذه الإجراءات تمثل خطوة نحو هدف إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وجميع قذائف إيصالها وبهدف فرض حظر عالمي على الأسلحة الكيميائية([30]) .

وقد كيَّف المجلس أخيرًا بموجب هذا القرار عدم تصديق العراق على اتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972 على أنه “تهديد للسلم والأمن الدوليين” وفقًا للسلطة المخولة له بموجب المادة 39 من الميثاق، وقد علق الأستاذ “كولب kolb “على هذا القرار بالقول: إن مجلس الأمن أصبح “حارس النظام العام الدولي”.([31])

ب – محتوى القرارات المتصلة بالقسم “جيم” من القرار687:

أصدر مجلس الأمن قرارات ذات صلة بعملية نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وهما القراران 699 (1991) و707 (1991)، فالقرار 699 (1991) أصدره مجلس الأمن في 17 جويلية 1991، وأشار فيه إلى القرار687 (1991)، وكذا تقرير الأمين العام بشأن الفقرة 9/ب من القرار 687، وكذا رسالة الأمين العام للأمم المتحدة إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الفقرة 13 من ذلك القرار.

وبعد أن أكد مجلس الأمن أنه يتصرف وفقًا للفصل السابع من الميثاق وموافقته على الخطة الواردة في تقرير الأمين العام، وكذلك التأكيد على سلطة كل من اللجنة الخاصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القيام بالأنشطة الواردة في القسم “جيم” من القرار687 (1991)، قرر المجلس ما يلي:

تشجيع تقديم أقصى قدر من المساعدة نقدًا وعينًا من جانب جميع الدول الأعضاء لضمان الاضطلاع بالأنشطة الواردة تحت الجزء “جيم” من القرار .
مسؤولية حكومة العراق عن التكاليف الكاملة لتنفيذ المهام المرخص بها بموجب القسم “جيم” من القرار687.
أمَّا القرار رقم 707 (1991)، فقد تناول مجموعة من الالتزامات التي قررها المجلس وطالب فيها العراق بالوفاء بالتزاماته بموجب القرار 687 وأعاد التأكيد على أنه يتصرف وفقًا للفصل السابع من الميثاق، حيث شملت هذه الالتزامات عموما ما يلي:

1- إعلانه بيان عن كل برامجه النووية بما في ذلك أية برامج يدعي أنها لأغراض لا تتصل بالمواد التي يمكن استخدامها في الأسلحة النووية.

2- أن يكشف بصورة تامة ونهائية عن جميع برامج تطوير أسلحة الدمار الشامل والقذائف التي يزيد مداها عن 150 كم، وعن جميع ما لديه من تلك الأسلحة وإنتاجها ومواقعها.

3- السماح لفرق التفتيش بزيارة كافة المنشآت والمناطق والوصول الفوري وغير المشروط إلى كل السجلات والمعدات ووسائل النقل التي يرغبون في الاطلاع عليها بغرض التفتيش.

4- أن يوقف على الفور كل محاولة لإخفاء أو نقل أو تدمير أيَّة مواد أو معدات تتصل بالأسلحة النووية أو البيولوجية أو الكيميائية أو قذائف تيسارية.

5-أن يسمح على الفور للجنة الخاصة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بالتفتيش لأيَّة مواد سبق أن منعوا من الوصول إليها.

6- أن يسمح لفرق التفتيش بالقيام برحلات طيران (طائرات ذات أجنحة ثابتة أو طائرات هيلوكبتر على حد سواء) للقيام بعمليات المسح بما في ذلك استخدام المطارات.

7- أن يكفل التنفيذ الكامل للحصانات والامتيازات التي تتطلبها عملية التفتيش لممثلي الوكالة واللجنة الخاصة، وأن يكفل سلامتهم التامة وحرية تنقلهم.

ووسط هذه الترسانة من القرارات والنصوص والالتزامات آن الأوان لدراسة مدى مشروعية قرار نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية.

الفرع الثاني: مشروعية قرارات مجلس الأمن لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية:

لقد كان قرار مجلس الأمن687 (1991) بمثابة سابقة في تاريخ العلاقات الدولية؛ لذا أثار هذا القرار جدلاً واسعًا بين الفقهاء حول مدى مشروعية مجلس الأمن في نزع أسلحة دولة ما بموجب قرار، كما هو الحال في العراق([32])، وقد كان الجدل منصبًّا حول ثلاث إشكاليات أساسية:

1- هل خالف العراق التزاماته الدولية، ولا سيما معاهدة حظر الانتشار لعام 1968؟

2- هل يعد نزع السلاح على علاقة وثيقة مع تحقيق الأمن الجماعي حتى يعطي الاختصاص لمجلس الأمن التصرف وفقا للفصل السابع؟

3- إذا كان نص المادة 39 من الميثاق يمنح لمجلس الأمن سلطة تقديرية في اختيار الجزاء، فهل يمكن اعتبار نزع السلاح من دولة ما من قبيل هذه الإجراءات بمعنى: هل يمكن لمجلس الأمن فرض جزاءات غير تلك المنصوص عليها في المادتين 41 و42 من الميثاق؟

وعليه سنحاول الإجابة عن كل إشكال وفق ما أورده لنا المحللون والفقهاء ونصوص الميثاق.

أولا : مدى مخالفة العراق لالتزاماته الدولية:

لقد كان تصرف العراق بما يتنافى مع التزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لعام 1968، أحد مبررات مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات الخاصة بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، حيث تضمنت ديباجة القرار687 (1991)، إشارة المجلس إلى ما يساوره من قلق بسبب التقارير التي لدى بعض الدول الأعضاء والتي تفيد بأن العراق قد حاول الحصول على مواد لإنتاج برنامج الأسلحة النووي بما يتنافى مع التزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر الانتشار لعام 1968.

ومن هذا يتضح أن المخالفة التي ركن إليها مجلس الأمن واعتبرها انتهاكا من العراق لالتزاماته المقررة بموجب أحكام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية هي مجرد (محاولة للحصول على مواد لبرنامج للأسلحة النووية)، أما عن مصدر هذه المعلومات التي استند إليها مجلس الأمن في توجيه الإتهام للعراق فقد أشار المجلس إلى أنه قد استقاها من تقارير الدول الأعضاء؛ لذا يجب مناقشة مدى حقيقة وقوع هذه المخالفة، والمعيار الذي استند إليه مجلس الأمن للتثبت من حقيقة وقوعها في ضوء ما جاء في ديباجة هذا القرار.

1- معيار تحديد الغرض من البرامج والقدرات النووية:

إذا كانت غالبية الدول أعضاء المجتمع الدولي- قد وافقت على المعاهدات الخاصة بنزع أسلحة الدمار الشامل وأخصها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية([33])؛ الأمر الذي رفع هذه المعاهدات إلى مصاف المعاهدات الشارعة التي ترسي قواعد جديدة في القانون الدولي لا سيما في مجال التسلح النووي، إلاَّ أنَّ معظم هذه المعاهدات قد عابها عدم تناولها نصوص خاصة بالرقابة على تنفيذها وهو ما انعكس على سياسة الدول الكبرى ذات القدرة النووية التسليحية في وضع ضمانات رقابية خاصة بها تتبع تعليمات أجهزتها الأمنية القومية.([34])

أمَّا فيما يتعلق بالدول غير الحائزة على الأسلحة النووية فقد نصت المادة الثالثة من هذه المعاهدة على تعهد هذه الدول بقبول الضانات المنصوص عليها في اتفاق يجري التفاوض عليه وعقده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقًا للنظام الأساسي للوكالة.

ولمَّا كان من الثابت لدى خبراء نزع السلاح، والكتابات التي تناولت هذا المجال بالبحث والدراسة خاصة في مجال التسلح النووي، أنَّه لا يمكن الفصل بين عملية استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية واستخدامها في الأغراض العسكرية، فإن النتيجة المترتبة عن ذلك أن يكون اتهام العراق بمحاولة الحصول على مواد برنامج الأسلحة النووية دون تحديد المعيار الذي تم الاستناد إليه للقطع بذلك من الناحية الفنية والعلمية –رغم صعوبتها- ودون النظر إلى رأي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للوقوف مبدئيًا على مصداقية التقارير التي أشار إليها المجلس بهذا الشأن، ولا بد وأن يطعن في صحة قرار المجلس استنادًا إلى ما ورد في تلك التقارير.([35])

2- مدى تأثير مصداقية التقارير بعد تحديد مصدرها:

إن الحديث عن معاقبة العراق نتيجة مخالفته لأحكام معاهدة عدم الانتشار لعام 1968، لا يمكن أن يتم إلاَّ في ظل أسانيد ودلائل لا يمكن تقديرها وفقًا للمعايير القانونيَّة والحقائق التي يشهد لها بالمصداقيَّة، فإذا جاء مجلس الأمن، وقد عاقب العراق لمخالفته لالتزاماته المقررة بموجب تلك المعاهدة وأعلن أن سنده في هذا (تقارير الدول الأعضاء) فلا بد أن يخرج البحث عن الإطار القانوني والتحليل العلمي القائم على الحقائق الموضوعية إلى مجال البحث في البواعث السياسية خاصة وأن مجلس الأمن لم يحدد هذه الدول، التي كانت مصدرًا لتلك التقارير وما إذا كان المقصود أنَّ الدول الأعضاء-التي هي مصدر لتلك التقارير المزعومة- أعضاء في مجلس الأمن؟ أم أعضاء في الأمم المتحدة على وجه العموم؟

وترجع أهمية هذا التحديد –المقصود في نص القرار– إلى ما يتمتع به مجلس الأمن من اختصاصات في مجال تنظيم التسلح بموجب نصوص المواد 26 و 47 من الميثاق؛ الأمر الذي يضفي على تقارير أعضاء ذلك المجلس نوعًا من الأهمية- رغم أن دور مجلس الأمن في هذا الشأن لا يعني سلطة متميزة في مجال نزع السلاح ومتعدية إلى أسلوب القهر والمنع – خاصة إذا لاقت تلك التقارير قبولاً من هؤلاء الأعضاء([36]).

غير أن المجلس تعمد التجهيل في شأن بيان تلك التقارير مكتفيًا بالإشارة إلى الدول الأعضاء دون تحديد؛ الأمر الذي يتأكد معه صعوبة التحقق من مصداقيَّة هذه التقارير والاستناد إليها للقطع بمسؤولية العراق عن مخالفته لالتزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر الانتشار لعام 1968، بل يعد تصرف مجلس الأمن ذاته –عندما استند إلى هذه التقارير- مخالفًا بذلك مقتضيات النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن كيفية استيفاء المعلومات والتقارير حول مخالفة الدول الأعضاء في المعاهدة؛ حيث يقضي نظام الوكالة بأنه في حال عدم التزام أي من الأعضاء بما تفرضه هذه المعاهدة فإن مجلس المحافظين يقوم بكتابة التقارير بذلك إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن([37]) .

ومن ذلك يتضح وجوب استناد مجلس الأمن إلى تقرير مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن حقيقة مخالفة أي من الدول الأعضاء لما تفرضه أحكام معاهدة حظر الانتشار لعام 1968.

ولو افترضنا أن التقارير التي استند إليها المجلس هي تقارير صادرة من الولايات المتحدة الأمريكية المخابرات المركزية الأمريكية– أي كأن العراق كان في مواجهة خصم وحكم في الوقت نفسه، كما يقول الأستاذ “روبيرت شارفان” Robert Charvin ([38])؛ ولذا فلا تستقيم شرعية القرار ما دام قد استند إلى طرف كهذا حتى لو كانوا عدة أعضاء في الأمم المتحدة؛ فالشرعية الحقيقية هي التي تستند إلى مؤسسات دولية تتمتع بالاستقلالية وذات مصداقية.

ثانيًا: العلاقة بين نزع السلاح والأمن الجماعي:

يتضح من قراءة المادتين 26 و47 من الميثاق أنه قد استخدم عبارتين أو مصطلحين أساسيين في هذا الشأن وهما تنظيم التسليح ونزع السلاحLa réglementation des armements et le désarmement([39])؛ حيث أثار المصطلح الأخيرDésarmement خلافًا بين الفقه الدولي حول رؤية الميثاق للعلاقة بين نزع السلاح وتحقيق الأمن الجماعي لأعضاء المجتمع الدولي وقد تحدد هذا الخلاف في اتجاهين هما:

1- الاتجاه الرافض للعلاقة بين نزع السلاح والأمن الجماعي:

ذهب هدا الرأي إلى اعتبار أن الميثاق لم يربط بين نزع السلاح والأمن الجماعي “ربطًا كافيًا”؛ لأنَّ النصوص التي تناولت مسألة نزع السلاح كانت ضعيفة في هذا الشأن، وقد استند هذا الاتجاه على ما يلي:

ا- لم يتضمن الميثاق معالجة موضوعية لمشكلة الطاقة النووية والأسلحة الذرية بصفة خاصة.

ب- غياب نص صريح على نزع السلاح كهدف أساسي للأمم المتحدة أو من مبادئها.

ج- اهتم الميثاق بفكرة تنظيم التسلح أكثر من اهتمامه بفكرة نزع السلاح. وهو ما يتضح من قراءة الفقرة الرابعة من المادة التاسعة بشأن مبادئ الأمم المتحدة، التي تشير إلى ضرورة امتناع أعضاء الهيئة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة؛ الأمر الذي يفهم منه حق هذه الدول في الاحتفاظ بأسلحتها بالقدر الذي لا يحرمها الدفاع عن نفسها، كما نجد أن نص المادة 26 استعمل مصطلح تنظيم التسلح -وليس نزع السلاح– لمجلس الأمن، في هذا الشأن([40]).

د- تحديد سلطة مجلس الأمن في مسألة السعي نحو تحقيق السلم والأمن الدوليين وتوطيدهما، باستشارة لجنة الأركان العسكرية في وضع مناهج لتنظيم التسليح -وليس نزعه- وعرضها على أعضاء الأمم المتحدة لإقرارها -بواسطة اتفاقيات دولية- وهو ما يتضح من نص المادة 26 من الميثاق؛ الأمر الذي ينزع من مجلس الأمن أية سلطة جبرية في هذا المجال([41]) .

ه – انتفاء وجود آليات أو قواعد عامة في نصوص الميثاق للرقابة والتفتيش التي لا بد منها لتخفيف فاعلية إجراءات عملية نزع السلاح، فالمادة 26 أشارت إلى لجنة أركان الحرب التي نصت عليها المادة47 إلاَّ أنَّها لم تتحقق؛ وبالتالي يبقى نص المادة 26 جامدًا أو عديم الأثر مع استحالة تطبيقها نظرًا للإجراءات التي تتطلبها([42])، إضافة إلى هذا جاء نص المادة 26 ضمن الفصل الخامس من الميثاق؛ وبالتالي لا يمكن لمجلس الأمن التصرف بنزع السلاح وفقًا للفصل السابع منه.([43] ) .

2 – الاتجاه المؤيد للعلاقة بين نزع السلاح والأمن الجماعي:

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن ميثاق الأمم المتحدة قد ربط بين نزع السلاح والأمن الجماعي ربطًا وثيقًا، عن طريق إلزام الدول الأعضاء في المنظمة الدولية الامتناع عن التهديد بالقوة أو استخدامها في العلاقات الدولية، وإلزامها باتخاذ الحل السلمي للمنازعات الدولية أسلوبًا في تسوية تلك المنازعات ونبذ استخدام القوة، وأن المادتين 11و26 من الميثاق قد تناولتا مسألة تنظيم التسليح بمعنى العمل على تخفيض التسلح كخطوة أولى في سبيل تحقيق نزع السلاح الجزئي، وصولاً إلى الهدف الأساسي والأخير وهو نزع السلاح الكامل والشامل في المستقبل.([44])

كما يؤكد هذا الاتجاه على أنه إذا كانت المادة11 من الميثاق قد نصت على قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة ببحث المبادئ الرئيسية التي تحكم نزع السلاح وإصدار التوصيات في هذا الشأن، فإن مجلس الأمن يتحمل مسؤولية وضع هذه التوصيات ومناهج تنظيم التسليح موضع التطبيق بعد عرضها على أعضاء المنظمة.

ومن العرض السابق لهذين الاتجاهين تتضح سلامة الاتجاه الأول وقته، هذا الاتجاه الذي كشف عن ضعف العلاقة بين نزع السلاح وتحقيق الأمن الجماعي وفق نص ديباجة الميثاق والمواد الخاصة بهذا الشأن، لا سيما ما يتعلق بتقييد اختصاصات مجلس الأمن وسلطته في مسألة نزع السلاح وربطها بلجنة أركان الحرب التي لم تنشأ أصلا، وهو ما أثر على عملية نزع السلاح من قبل مجلس الأمن([45]) .

ثالثا: سلطة مجلس الأمن في فرض نزع السلاح كجزاء:

أعاد قرار مجلس الأمن 687 (1991) موضوع السلطة التقديرية لمجلس الأمن بموجب المادة 39 في فرض جزاءات دولية غير تلك المنصوص عليها في الميثاق لا سيما المادتين41 و42 منه، بمعنى مدى خضوع مجلس الأمن لمبدأ شرعية الجرائم والعقاب كما هو معروف في القوانين الداخلية للدول([46])، ويزداد الأمر صعوبة وتعقيدًا عندما يتعلق بنزع سلاح دولة معينة وفرض قيود على تسليحها وإقامة مناطق آمنة أو منزوعة السلاح على أرضها لضمان عدم تكرار فعل العدوان، وقد انقسم الفقه الدولي وتعددت آراؤه في هذه المسألة، فقد ذهب رأي إلى القول: أن الأعمال الواردة في المادة 42 ليست على سبيل الحصر، وما كان ينبغي حصرها؛ لأنَّ ذلك يتوقف على تطوير الأسلحة والظروف، كما أنه من الضروري أن يستخدم المجلس القوة المسلحة، فقد يرى أن مجرد التهديد بها قد يحقق الغرض المنشود وهو إعادة السلم والأمن الدوليين إلى نصابه([47]).

إلى جانب ذلك ذهب هذا الرأي إلى أنه يجب استهداف الغاية من النص، وهي المحافظة على السلم والأمن الدوليين؛ فإذا رأى المجلس أن إحدى الطرق العسكرية الحديثة ضرورية لهذا الغرض فله أن يستعملها طالما أنها لا تقع ضمن الأسلحة المحظور استخدامها دوليا.

وعن الضرورة تناسب جزاءات مجلس الأمن وتوافقها مع طبيعة الإخلال الذي وقع يؤكد لنا الأستاذ “ماتياس فورتوMathias forteau ” أن هناك عدة مقومات تؤكد حقيقة أن مجلس الأمن لا يتقيد بمبدأ التناسب عند فرض جزاءات بموجب الفصل السابع؛ إذ بما أن مجلس الأمن يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اختياره مضمون التدابير التي يتخذها فإن ذلك يقصي أية محاولة منا للاعتراف بأن مجلس الأمن ملزم بمراعاة مبدأ التناسب([48]) هذا من جهة، ومن جهة أخرى يضيف الأستاذ Forteau أنه بإمكان مجلس الأمن اللجوء إلى التدابير المقررة في المادة 42 دون المرور بالتدابير الواردة في المادة41؛ فالممارسة العملية لمجلس الأمن أثبتت عدم التزامه بمراعاة التدرج في التدابير المفروضة([49]).

فضلاً عن هذا يؤكد نفس الأستاذ أن مبدأ التناسب لا يشكل قيدًا حقيقيا على السلطة التقديرية لمجلس الأمن، والقيد الوحيد المفروض على سلطات مجلس الأمن هو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين([50])، بمعنى أن لمجلس الأمن أن يختار الأداة التي تمكِّنه من الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وهو في ذلك يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اختيار طبيعة الجزاء من أجل هذه الغاية.

وفي المقابل يرى أنصار الرأي الثاني أنَّ مجلس الأمن مقيد بما ورد من جزاءات في نصوص الميثاق وفي ذلك ذهب الأستاذ عبد العزيز محمد سرحان إلى أن “الجزاءات الدولية لا يمكن التوسع فيها أو القياس عليها لأن العقوبات لا بد من النص الصريح عليها، والوضع هنا يشبه الوضع في القانون الجنائي الذي يقوم على مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”([51]).

وبين هذين الاتجاهين يتأكد لنا حقيقة السلطة التقديرية لمجلس الأمن في اتخاذ التدابير الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، غير أن دقة التحليل تتطلب منا العودة للطبيعة الاستثنائية التي صدر فيها القرار 687 (1991) أين غلبت المعايير السياسية على أداء مجلس الأمن في غياب نص قانوني صريح أو سابقة دولية في هذا الشأن، كما أن الممارسة بعد هذا القرار أثبتت عدم مشروعيته، فقد نص القرار على أن نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية ينطوي تحت ما أسماه “منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل”.([52])

حيث كان من الواجب ألا تتوقف هذه العملية في العراق وتستمر إلى الدول الأخرى لا سيما إسرائيل التي تملك أكبر ترسانة نووية في هذه المنطقة.

كما تبدو لنا غلبة المعايير السياسية أيضا في عمل لجنة نزع السلاح الخاصة بالعراق، وكذا فرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والتي تحولت إلى أجهزة تجسس أكثر منها أجهزة تفتيش، والتي جسدت لنا صراع السياسة مع القانون([53])، وبذلك حادت أجهزة التفتيش عن الشرعية وانتهت العملية في آخر المطاف عام 1998 بضربات عسكرية خارج الشرعية الدولية نتيجة رفض العراق أعمال التجسس([54])؛ لتنتهي قصة العراق أخيرا بحرب تدميرية سافرة وخارجة عن القانون عام 2003 باحتلال لا تزال عواقبه مجهولة.

المطلب الثاني: تعامل مجلس الأمن مع ملفي كوريا الشمالية وإيران النوويين:

بعد سنة 1991 والترسانة القانونية التي أصدرها مجلس الأمن في قضية نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، صاحب هذا ظهور إشكالات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ابتداء من عام 1992 مع كوريا الشمالية، ثم تلاه أيضًا مشاكل الوكالة مع المفاعلات النووية غير المصرح عنها من قبل الحكومة الإيرانية، وقد سارعت الوكالة إلى إرسال التقارير لمجلس الأمن؛ لذا سنرى كيف تعامل المجلس مع الملف النووي لكوريا الشمالية في الفرع الأول، ثُمَّ تعامله مع الملف النووي لإيران في الفرع الثاني.

الفرع الأوَّل: تعامل مجلس الأمن مع الملف النووي لكوريا الشمالية:

قبل دراسة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالملف النووي لكوريا الشمالية وجب علينا التطرق أولاً إلى تطور البرنامج النووي لكوريا الشمالية؛ لنعرج على بيان قرارات مجلس الأمن في هذا الشأن.

أولاً: تطور البرنامج النووي لكوريا الشمالية:

بدأت كوريا الشمالية برنامجًا عامًّا لإنتاج الوقود النووي في الستينيات بمساعدة الاتحاد السوفيتي عندما أنشأت حكومة بيونغ يونغ مركز أبحاث نووي على بعد 10 0كم من جنوب العاصمة وبدأت تطوير أسلحة نووية ابتداء من الثمانينيات.

وفي عام 1979 أنشأت مفاعل التجارب الثاني النووي في بيونغ يونغ بمساعدة سفياتية وبدأ تشغيل هذا المفاعل عام 1987 ([55])، بعد أن انضمت إلى معاهدة منع الانتشار في 12 ديسمبر1985 كدولة لا تمتلك أسلحة نووية، وأبرمت اتفاقية تدابير وقائية خاصة بالمرافق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في عام 1977، وفي عام 1992 أبرمت كوريا الشمالية والوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقية تدابير وقائية شاملة بموجب المادة الثالثة من معاهدة عدم الانتشار ووافقت على تعليق العمل باتفاقية 1977([56]) .

ودخلت اتفاقية التدابير الوقائية الشاملة حيز التنفيذ في 10 أفريل 1992، وفي مايو 1992 قدمت كوريا الشمالية تقريرها الابتدائي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب الاتفاقية، لكنه سرعان ما ظهر تباين يشير إلى وجود بلوتونيوم غير معلن عنه بين التقرير الابتدائي وما وجدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ فقامت الوكالة بطلب الحصول على المزيد من المعلومات والوصول إلى موقعين من أجل التثبت من اكتمال التقرير الابتدائي وصحته.

غير أن الوكالة منعت من الوصول إلى الموقعين، ولجأ المدير العام للوكالة في 9 فبراير1993 إلى إجراء التفتيش الخاص لكن كوريا الشمالية رفضت طلب إجراء تفتيش خاص، وفي 12 مارس من السنة نفسها أصدرت حكومة كوريا الشمالية بيانًا أعلنت فيه عن نيتها الانسحاب من المعاهدة- معاهدة حظر الانتشار لعام 1968- بموجب المادة العاشرة منها([57])، بحجة أن الالتزام بالمعاهدة أصبح يهدد مصالحها العليا وأمنها القومي بالحظر([58]) .

ويبدو أن هناك حدثين اعتبرتهما كوريا الشمالية غير عاديين رغم ذلك لم يوضح صراحة في البيان:

– قرار كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إجراء تدريبات ومناورات عسكرية باسم “روح الفريق” سنة 1993.

– قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بطلب إجراء تفتيش خاص([59]) .

وقبل انتهاء مدة الثلاث أشهر عقدت محادثات ثنائية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة في نيويورك، وفي 11 جوان صدر بيان أعلن فيه أن حكومة كوريا الشمالية “قررت من جانب واحد تعليق تنفيذ انسحابها من معاهدة حظر الانتشار لعام 1968 طوال المدة التي تراها ضرورية”.

وتعرض في عام 2002 الإطار المتفق عليه إلى ضغط إضافي عندما تبادلت الحكومتان الأمريكية والكورية الشمالية المزاعم بانتهاك الإطار المتفق عليه([60])؛ ففي أكتوبر 2002 أعلنت الولايات المتحدة عن اعتقادها بأن كوريا الشمالية اعترفت بامتلاكها برنامجًا سريًّا لتخصيب اليورانيوم، وتفاقم الخلاف في خريف 2002، وبلغ ذروته في 10 جانفي 2003 عندما أعلنت كوريا الشمالية عن التنفيذ التلقائي والفوري لانسحابها من معاهدة حظر الانتشار عقب تصريحات الرئيس بوش بأنها من ضمن دول محور الشر L’axe du mal([61]) .

ونتيجة لذلك الانسحاب خلصت كوريا الشمالية أيضًا إلى أنها متحررة تمامًا من اتفاقية التدابير الوقائية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم أنَّ المادة 20 من اتفاقية التدابير الوقائية تنص على بقاء هذه الاتفاقية سارية طالما بقيت معاهدة منع الانتشار سارية المفعول، وقد عبر العديد من الدول والمنظمات الدولية عن أسفها. وحثت كوريا الشمالية على إعادة النظر في قرارها، لكن لم يتم تحدي الحجج المقدمة دعمًا للإجراء بصورة علنية على غرار ما حدث قبل 10 أعوام، ولم يصدر بيان من الحكومات المودعة لديها المعاهدة، ولم يصدر كذلك قرار من مجلس الأمن.([62])

وبدا واضحًا أنَّ كوريا الشمالية اتخذت خطوة الانسحاب من المعاهدة كتدبير لإحباط تدخل مجلس الأمن، وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى عدم وجود أي عائق رسمي يحول دون أن يجد مجلس الأمن أنشطة كوريا الشمالية في المجال النووي تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة، بل حتى بالنظر إلى وسائل التعامل مع هذا التهديد.([63])

غير أنه في فبراير 2005 تفاقمت مخاطر الأزمة الكورية الشمالية بإعلانها تطوير أسلحة نووية، مع مقاطعة كوريا الشمالية للمحادثات السداسية الشاملة، لكل من الصين، واليابان ، وكوريا الشمالية، وروسيا، والولايات المتحدة التي ترمي إلى حل المأزق الدبلوماسي المتعلق ببرنامج كوريا الشمالية النووي.([64])

وقد حققت المحادثات في 2005 تقدمًا واضحًا عندما قام الأطراف بإصدار بيان مشترك بشأن مبادئ موجهة للمحادثات المستقبلية غايتها “تجريد شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، بصورة يمكن إثباتها وبطريقة سلمية”.

لكن بعد صدور البيان المشترك مباشرة قدم المتخاصمان الرئيسيان- كوريا الشمالية والولايات المتحدة- روايتين متضاربتين لما تم الاتفاق عليه فعلاً وخصوصا تحديد ترتيب صفقة ممكنة بخصوص تفكيك البنية التحتية النووية لكوريا الشمالية والتوقيت اللازم لإتمام العملية.([65])

فقد أصر الأمريكيون على شرطين لتسليم كوريا الشمالية مفاعل للطاقة النووية، هما: إزالة كل الأسلحة النووية والبرامج المتعلقة بها، وكذا الالتزام التام والكامل بمعاهدة منع الانتشار بما فيها الاتفاقيات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما أكدت كوريا الشمالية على أنه لا التزام بالمعاهدة إلا إذا تسلمت مفاعل الماء الخفيف كما اتفق عليه، وكإجراء لبناء الثقة بين البلدين.([66])

وبدأت الولايات المتحدة بفرض عقوبات في 15 سبتمبر 2005 تشكل قيودًا جديدة على تجارة كوريا الشمالية([67])، ونشاطاتها المالية، وتلقت كوريا الشمالية ضربة موجعة بتجميد موافق عليه من الصين -الحليف الاستراتيجي لكوريا الشمالية- لحساباتها المالية، وفي ديسمبر 2005 أعلنت كوريا الشمالية أنها لن تعود إلى المحادثات حتى ترفع الولايات المتحدة تلك العقوبات، واستمر مسؤولون في بيونغ يونغ بتحميل الولايات المتحدة مسؤولية فشل المحادثات السداسية.

وأطلق الجيش الكوري الشمالي في جويلية 2006 سبعة صواريخ باليستية اختباريه ووصفت كوريا الشمالية هذا بأنه مناورات عسكرية روتينية تندرج تحت حقها السيادي في الدفاع عن نفسها، وأكدت أنها لا تنتهك أية معاهدة أو التزام قانوني آخر([68])، ورغم أنَّ هذه الاختبارات لم تحقِّق نجاحًا منشودًا إلاَّ أنَّها أثارت مخاوف كل من كوريا الجنوبية، واليابان، والولايات المتحدة الأمريكية أيضًا، وأدت إلى استنكار دولي كبير.

وفي 9 أكتوبر 2006 أعلنت كوريا الشمالية أن جيشها أجرى تجربة نووية ناجحة تحت الأرض وفي ظروف آمنة، وقد تمكنت أجهزة الإستشعار الزلزالية في أنحاء عديدة من العالم من اكتشاف هذا الانفجار، إلاَّ أنَّ صغر حجم العصف أثار تساؤلات حول ما إذا كان الإنفجار نوويًّا في الأصل أم لا.([69])

ثانيا: قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالملف النووي لكوريا الشمالية:

كان أول قرار صادر عن مجلس الأمن بخصوص ملف كوريا الشمالية النووي بعد إعلانها الانسحاب من معاهدة منع الانتشار لعام 1968، هو القرار رقم 825 في 11 مايو 1993 وقد عبر فيه عن قلقه بشأن نية كوريا الشمالية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار وبعد اطلاعه على بيان الحكومات المودعة لديها المعاهدة، وقد دعا القرار كوريا الشمالية إلى إعادة النظر في إعلانها الوارد في رسالة 12مارس 1993 وبالتالي إعادة تأكيد التزاماتها بالمعاهدة([70]).

غير أنه إثر إعلان كوريا الشمالية تعليق تنفيذ انسحابها في 11 جوان 1993 حلت الأزمة لكن مجلس الأمن لم يتخذ حيالها عقوبات وترك فرصة للحلول الدبلوماسية عن طريق المحادثات السداسية التي سبق الإشارة إليها([71]) .

وفي 15 جويلية 2006 أصدر مجلس الأمن قراره 1695 (2006) على إثر استئناف كوريا الشمالية لتجارب الصواريخ الباليستية في 5 جويلية 2006 وذلك بإجماع أعضائه، حيث أعرب المجلس عن قلقه إزاء إطلاق كوريا الشمالية قذائف تسيارية بالنظر إلى إمكانية استخدمها كوسيلة لإيصال حمولات نووية أو كيميائية أو بيولوجية، مخالفةً بذلك تعهداتها بوقف إطلاق مثل هذه القذائف، ومعرضةً الطيران المدني والنقل البحري للخطر بسبب عدم تقديم إخطار مسبق بشكل كاف.([72])

وبعد عرضه لالتزامات كوريا الشمالية أدان مجلس الأمن عمليات إطلاق هذه الصواريخ مطالبًا إيَّاها بتعليق جميع أنشطتها المتَّصلة بهذا البرنامج، كما ألزم جميع الدول الأعضاء بمنع نقل المواد والسلع والتكنولوجيا المتعلقة بهذا الشأن.

وحث هذا القرار في الأخير كوريا الشمالية على ضرورة العودة الفورية للمحادثات السداسية دون شرط مسبق، والتخلي عن جميع برامج الأسلحة النووية، والعودة إلى معاهدة حظر الانتشار وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية([73]).

وكان الرد الكوري الشمالي في 9 أكتوبر 2006 حيث أعلنت عن إجرائها تجربة نووية ناجحة وهو ما أكدته الإستخبارات الأمريكية بوجود حطام مشع في عينات الهواء لتفجير نووي وقوده مادة البلوتونيوم([74]).

وفي هذه الأثناء عقد مجلس الأمن جلسته الطارئة حيث اقترحت الولايات المتحدة بتأييد من العضو غير الدائم “اليابان” مشروع قرار صارم يحظر من بين أمور أخرى كل أشكال التجارة بالسلع والمعدات العسكرية مع كوريا الشمالية، وعرضت الصين وروسيا مقترحين بدل ذلك بإجراءات أقل صرامة، كما شددتا على أن يتخذ القرار بموجب المادة 41 من الفصل السابع من الميثاق وهي المادة التي تسمح لتدابير اقتصادية وتدابير أخرى تجعل قرارات مجلس الأمن “سارية المفعول” لكنها تحول دون استخدام القوة العسكرية.([75])

وفي 14 أكتوبر 2006 وافق مجلس الأمن بالإجماع على القرار 1718 (2006)، استنادا إلى المادة 41 حيث عبر فيه عن أقصى حالات القلق إزاء تجربة كوريا الشمالية النووية، وأعلن أن على كوريا الشمالية التخلي عن جميع الأسلحة النووية والباليسية بطريقة كاملة، ويمكن التحقق من صحتها ولا يمكن إلغاؤها.

كما دعا قرار المجلس كوريا الشمالية إلى العودة فورًا إلى المحادثات السداسية دون شروط مسبقة([76])، مؤكدا لما جاء في القرار 1695 (2006) وطلب القرار من جميع الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ جملة من الجراءات لمنع دخول أنظمة أسلحة تقليدية([77])، وسلع ومواد معينة ثنائية الاستخدام إلى كوريا الشمالية، كما طالب من الدول الأعضاء اتخاذ تدابير”وفقا لسلطاتها وتشريعاتها الوطنية” و”وفقا لقواعد القانون الدولي” لتحول دون نقل مفردات محظورة إلى كوريا الشمالية بتفتيش الشحنات وهي في طريقها إلى البلد ومنه.([78])

وقد أثار هذا الطلب جدلا في كوريا الجنوبية حيث دأبت حكومتها على استبعاد المشاركة في جهود اعتراض سبل قطع بحرية لكوريا الشمالية، كما عبرت الصين أيضا عن معارضتها إجراء تفتيش للشحنات غير أن هذه الأخيرة وجهت توبيخا شديد اللهجة إلى جارتها أدانت فيه التجربة بوصفها “تحديًا وقحًا” للمجتمع الدولي.

وكانت الصين – قد نصحت في السابق بالحذر في التعامل مع كوريا الشمالية، إلاَّ أنَّ قرار إجراء تجربة نووية -رغم معارضتها- دفعها للتهديد بعقوبات إذا لم تعد كوريا الشمالية إلى المحادثات السداسية([79])، وتمثل الصين القوة الفعلية القادرة على الضغط، وقد كللت الضغوط بعودة كوريا الشمالية إلى المحادثات السداسية في 31 أكتوبر 2006، كما لعبت الصين دورًا في إقناع الولايات المتحدة على مناقشة مسألة العقوبات المالية مباشرة مع كوريا الشمالية كسبيل لاستدراج هذه الأخيرة للعودة إلى طاولة المفاوضات.

وقد استؤنفت المحادثات السداسية في 18 ديسمبر 2006 ببكين بعد توقفها لمدة سنة كاملة، عرضت الولايات المتحدة رزنامة من التدابير لمساعدة كوريا الشمالية بالطاقة وفي مجالات اقتصادية مقابل تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي وتفكيك البنية التحتية لها كما هو منصوص في بيان 19سبتمسر 2005 المشترك، بينما أصرت كوريا الشمالية من جانبها على أن ترفع الولايات المتحدة عقوباتها المالية والمصرفية([80])، قبل الدخول في محادثات نزع سلاحها النووي؛ وبذلك علِّقت المحادثات في 22 ديسمبر 2006 دون تقدم واضح ودون تحديد موعد للجولة التالية.([81])

وفي 8 فبراير 2007 استؤنفت المحادثات السداسية وعقدت الأطراف المعنية اتفاقية بشأن سلسلة من الخطوات من أجل تنفيذ بيان سبتمبر 2005 المشترك بدءًا بتعطيل مفاعل الماء الثقيل في بيونغ يونغ.([82])

ولم تتوقف كوريا الشمالية بل استمرت في تطوير برنامجها النووي؛ فقد أعلنت في مايو 2009 عن تجربتها النووية الثانية تحت الأرض، وفي ديسمبر 2013 أجرت تجربة أخرى ناجحة وكذلك عام 2015 فيما أثيرت الشكوك حول نجاح التجربة الخامسة عام 2016، وفي ديسمبر 2017 ، ومن جديد أعلنت عن تجربتها النووية السادسة وكانت الرابعة في عهد الرئيس كيم جونغ أون في تحدٍ واضح للولايات المتحدة ([83])؛ من هنا أصدر مجلس الأمن آخر قرار له بخصوص كوريا الشمالية وهو القرار2397 عام 2017 الذي حث فيه كوريا الشمالية كالعادة على الاستجابة لقرارات المجلس السابقة.

غير أن هناك تراجعًا لكوريا الشمالية عن برنامجها النووي بعد اللقاء التاريخي بين الرئيسين الأمريكي والكوري الشمالي بسنغافورة في 12 يونيو 2018.

ومن ضمن مطالب الولايات المتحدة نزع السلاح النووي كاملاً، في حين تطالب كوريا الشمالية بضرورة التزام الولايات المتحدة بعدم الاعتداء من جهة، وتحويل اتفاق الهدنة لعام 1953 إلى اتفاقية سلام شاملة والبدء في استئناف البعثات الدبلوماسية بين البلدينمن جهة أخرى، في الوقت الذي لا تزال كل من الدولتين تتقدم بحذر تجاه التحولات القادمة.

الفرع الثاني: تعامل مجلس الأمن مع الملف النووي الإيراني:

اشتد الخلاف في صيف 2002 والجدل الدولي بشأن مدى وطبيعة البرنامج النووي لإيران، وتركز الجدل أساسا حول كشوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفادها أن إيران تخلفت لفترة طويلة عن إعلان أنشطتها النووية([84])، ولدراسة هذا الملف لا بد من التعرف أولاً على تطوره، ثم دراسة قرارات مجلس الأمن بشأن الملف النووي لإيران ثانيًا.

أولاً: تطور البرنامج النووي الإيراني:

منذ انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية عام 1988([85])، أعطت القيادة السياسية الإيرانية اهتمامًا كبيرًا لدفع البرنامج النووي الإيراني وتطويره، وشهد البرنامج المذكور قدرًا عاليًا من قوة الدفع منذ أوائل التسعينيات، خاصة بعد أن نجحت إيران في تكثيف تعاونها النووي مع كل من روسيا الاتحادية والصين، ويمكن حصر هذه الجهود في ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: بدأت في عهد “الشاه محمد رضا”، واستهدفت امتلاك قدرة نووية متواضعة عن طريق تنفيذ برنامج متكامل لإنشاء مفاعل للطاقة النووية في مدينة بوشهر بمساعدة ألمانيا، بالإضافة إلى أن إيران تمتلك بالفعل مفاعلاً نوويًّا تجريبيًّا حصلت عليه من الولايات المتحدة في الستينيات وتبلغ قوته 5 ميجا وات.

ورغم أن الحكومة الثورية الإيرانية سمحت عقب عام 1979 باستمرار العمل في مركز أبحاث طهران دون عوائق إلاَّ أنَّ الولايات المتحدة فرضت حظرًا على تصدير التكنولوجيا النووية إلى إيران، ودعت كلا من ألمانيا وفرنسا إلى عدم استئناف التعاون النووي مع طهران ما لم تقدم الحكومة الإيرانية تأكيدات كافية عن التزامها بعدم الانتشار النووي، علاوة على أن العديد من علماء الذرة الإيرانيين غادروا عقب الثورة الإيرانية الإسلامية؛ الأمر الذي جعل البرنامج الإيراني يعيش حالة من الجمود حتى منتصف الثمانينيات([86]).

المرحلة الثانية: بدأت عام 1986 عقب إعلان “آية الله الخميني” التزام بلاده بمواصلة تطوير قدراتها النووية فيما جاء بمثابة مقدمة لنشاط إيراني مكثف في هذا المجال، وسار هذا النشاط في عدة مجالات:

توسيع دائرة التعاون النووي مع الدول الأجنبية لا سيما مع الأرجنتين والصين وكوريا الشمالية وباكستان والهند، حيث وقَّعت إيران اتفاقًا مع باكستان في عام 1986 للتعاون في المجالات النووية العسكرية، تقوم باكستان بمقتضاها بتدريب العلماء الإيرانيين مقابل مساعدة البرنامج النووي الباكستاني([87]).

كما وقَّعت إيران اتفاقية مع الأرجنتين في عام 1987 للحصول على الوقود النووي من اليورانيوم المخصب للأغراض السلمية لمفاعل طهران التجريبي، ثم اتفقت إيران مع جنوب إفريقيا خلال الفترة 1988-1989 على الحصول على كميات من اليورانيوم المخصب.

وفي ديسمبر 1989 وقعت إيران على اتفاق للتعاون الاستراتيجي مع كوريا الشمالية خلال زيارة سرية قام بها وفد إيراني رفيع المستوى برئاسة “علي خاميني” إلى بيونغ يونغ وركز الاتفاق بصفة خاصة على تبادل المعلومات العسكرية والعلمية في مجال الصواريخ والتسليح النووي بين البلدين. أضف إلى ذلك أن إيران سعت أيضا إلى شراء مفاعل أبحاث من الهند تبلغ قوته حوالي 10 ميجا وات على أن يخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية([88]).

والواضح أن الاهتمام الكبير بالتسليح النووي خلال هذه المرحلة كان نابعًا من تطور أعمال القتال مع العراق، في غير صالح الجانب الإيراني؛ الأمر الذي دعا القيادة الإيرانية إلى امتلاك رادع نووي في مواجهة العراق، مع التأكيد على أن هذه المحاولة ترمي إلى تحقيق أهداف دفاعية وهجومية على حد سواء([89]).

المرحلة الثالثة: بدأت عقب حرب الخليج الثانية في أوائل 1991، والتي ولدت قوة دفع كبيرة لبرنامج التسلح لإيران بصفة عامة والتسلح النووي بصفة خاصة، ثم ازدادت قوة الدفع هذه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر 1991؛ حيث تشير بعض التحليلات إلى أن امتلاك السلاح النووي كان واحدة من الأدوات التي اعتقدت القيادة الإيرانية أنها تستطيع من خلالها استغلال المتغيرات الدولية والإقليمية لصالحها([90]).

وفي السياق نفسه قامت إيران بتكثيف أعمال التعاون النووي مع الدول الصديقة لا سيما الصين، حيث وقعت الدولتان اتفاقًا للتعاون في المجال النووي عقب حرب الخليج، قامت الصين بمقتضاه بتوريد أجهزة للفصل الكهرومغناطيسي ومفاعل نووي تجريبي إلى إيران لإنتاج النظائر المشعة والتعليم والتدريب.

ورغم هذا يرى الأستاذ: ممدوح حامد عطية (الخبير الاستراتيجي في الشؤون العسكرية) أن البرنامج النووي الإيراني يبقى بعيدًا عن امتلاك السلاح النووي ولا تزال تنقصه عناصر أساسية سواء على صعيد البنية الأساسية أو القدرات البشرية الفنية المؤهلة، هذا بالنسبة للبرنامج والقدرات النووية.

أما عن بداية الأزمة الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد بدأت عام 2002 إثر كشوف للوكالة أكدت أن إيران قد تخلفت لفترة طويلة من الزمن عن إعلان أنشطة نووية مهمة خلافا لاتفاقها مع الوكالة بشأن الضمانات الكاملة المفروضة بموجب معاهدة حظر الانتشار لعام 1968([91])، وتصر إيران على القول أن برنامجها النووي معد للأغراض السلمية فقط، وأن أي خروقات للضمانات كانت من غير قصد، إلاَّ أنَّ هناك قلقًا متزايدًا في أوربا والولايات المتحدة ودول أخرى من أن تكون إيران ماضية تحت ستار برنامج الطاقة النووية السلمية في محاولة استثمار منشآت دورة الوقود اللازمة لإنتاج المواد الانشطارية من أجل إنتاج السلاح النووي.([92])

ومنذ عام 2003 تصدرت ثلاث دول أعضاء في الاتحاد الأوربي هي: فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة (E3) محاولات حل الخلاف من خلال المفاوضات مع إيران([93])، والتي انتهت إلى إبرام اتفاق باريس الذي وضع في 15 نوفمبر 2004 قصد إيجاد اتفاق مقبول بشكل متبادل على ترتيبات طويلة الأجل تؤمن ضمانات موضوعية تفيد أن برنامج إيران النووي كان لأغراض سلمية حصرًا، فضلاً عن ضمانات صارمة بشأن تعاون نووي وتقني واقتصادي وأمني، مقابل تعهد إيران كتدبير طوعي لبناء الثقة بتعليق جميع أنشطة إعادة المعالجة المرتبطة بالتخصيب، غير أن نقطة النزاع الرئيسية تمثلت في إصرار (E3) على الاعتراف بحق إيران بتطوير الطاقة النووية وتسهيل وصول إيران إلى التقنية النووية، وتضمن ذلك وعدًا يدعم امتلاك إيران مفاعلات لأبحاث الماء الثقيل كبديل عن مفاعلات أراك Arak([94])، الذي كان محل جدل واهتمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد رفض الإيرانيون صراحة المطلب الأوربي، وقالوا: إن اتفاق باريس يتضمن فقط تعليق أنشطة التخصيب كإجراء مؤقَّت، وشددوا على أن إيران كدولة غير نووية مشاركة في معاهدة حظر الانتشار كانت مخولة شرعًا تطوير منشآت وقود نووي حساسة بما فيها تخصيب اليورانيوم كجزء من برنامج نووي سلمي مدني، وصرح الإيرانيون في العديد من المرات أن إيران ستستأنف أنشطة تخصيب اليورانيوم مع ضمانات ملائمة تتعلق بغرضها السلمي حالما يتم حل ما بقي من مسائل الضمانات([95]) .

وقد قدمت إيران مقترحات التفاوض بشأن برنامجها النووي إلى E3 في 3 مايو 2005، بينما رفضت دول E3 هذه المقترحات وقدمت من جانبها اقتراحا في 5 أوت 2005 رفضه الجانب الإيراني أيضًا خصوصا مع قدوم الرئيس الإيراني الجديد “أحمدي نجاد” وهو ما أظهر بداية انسداد في المفاوضات.([96])

وعلى إثر اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدم المدير العام للوكالة تقريرًا في 8 مارس 2006([97])، لمجلس الأمن الذي بدأ في دراسة الملف النووي الإيراني، وفي 29 مارس 2006 أصدر مجلس الأمن بيانًا عن برنامج إيران النووي عبر فيه عن “القلق الجدي” إزاء استئناف إيران نشاطاتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم وتعلقيها التعاون مع الوكالة بموجب البروتوكول الإضافي.([98])

وردًّا على بيان مجلس الأمن أكدت إيران حقها المشروع في استخدام الطاقة النووية وتطويرها كدولة عضو في معاهدة حظر الانتشار وغير نووية، وأدى هذا التحدي إلى مناقشات في مجلس الأمن حول كيفية إغراء إيران أو إرغامها على الامتثال لمطالب مجلس الأمن.

ورغم كل الإغراءات المقدمة من أعضاء مجلس الأمن الدائمين + ألمانيا (5+1)([99])، إلا أن إيران رفضتها، بل أكد تقرير الوكالة الذي رفعه البرادعي باسم الوكالة إلى مجلس الأمن أن إيران سرَّعت من نشاطها النووي غير آبهة لبيان مجلس الأمن الرئاسي غير الملزم.

وفي 12 جويلية 2006 أصدرت الدول (5+1) بيانًا يعلن أن إيران لم تتخذ الخطوات الضرورية لبدء المفاوضات ؛ونتيجة لذلك أجبرت للعودة إلى مجلس الأمن لاتخاذ ما يلزم إيران على تعليق نشاطاتها النووية.

ثانيًا: قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني:

أصدر مجلس الأمن قراره 1696 (2006) وقد طالب القرار الذي تم اتخاذه بأغلبية 14 صوتًا مقابل صوت واحد (قطر) بأن تقوم إيران مع حلول 31 أوت 2006 بتعليق جميع النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، وهي الأنشطة الخاضعة للرقابة والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية([100])، وأكد أن تعليق التخصيب -فضلاً عن امتثال إيران الكامل لمتطلبات مجلس محافظي الوكالة- سيسهم في التوصل إلى حلٍّ دبلوماسي متفاوض بشأنه يضمن أن برنامج إيران النووي هو لأغراض سلمية حصرًا.([101])

غير أن مجلس الأمن تصرف بموجب المادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة طبقا للفصل السابع معتبرًا أن عدم تعليق إيران لنشاطاتها النووية تهديد للسلم والأمن الدوليين، إلاَّ أنَّه عبَّر عن اعتزامه التصرف بموجب المادة 41 في حال عدم امتثال إيران لهذا القرار ولمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستقبلاً.([102])

وقد سارع المفاوض الرئيسي الإيراني “علي لاربحاني” إلى شجب هذا القرار بوصفه غير قانوني، وأعلن أن إيران ستواصل برنامج التخصيب إلى ما بعد مهلة التعليق التي حددها مجلس الأمن، وقبيل الموعد النهائي استجابت إيران إلى العرض الذي قدمته (5+1)([103]).

ووصف “لاريجاني” الوثيقة المطولة بأنها تقدم “صبغة جديدة” لتهدئة المخاوف الدولية وأبدى استعداد بلاده لبدء مفاوضات جديدة، غير أنه أكد أن إيران لن توافق على تعليق برنامجها للتخصيب كشرط مسبق لبدء المفاوضات([104]) .

وتميز خريف 2006 بمناقشات مطولة بين دول (5+1) حول كيفية الرد على تحدي إيران للقرار 1696 (2006)([105]) ، واتفقوا أخيرًا بالإجماع في 23 ديسمبر 2006 على القرار 1737 (2006) بموجب المادة 41 من الفصل السابع للميثاق([106]).

وقد عبر فيه عن عزم المجلس على إقناع إيران بالامتثال للقرار 1696 (2006) ولمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأيضًا على كبح تطوير إيران لتكنولوجيا حساسة دائمة لبرنامجها النووي وصواريخها الباليستية، وطلب من الدول الأعضاء في المنظمة أن تتخذ الإجراءات الضرورية لمنع توريد أو بيع أو نقل مباشر أو غير مباشر لتشكيله من المفردات التي يمكن أن تسهم في برنامج إيران الخاص بتخصيب اليورانيوم أو لمفاعل الماء الثقيل، فضلاً عن تطوير أنظمة إيصال أسلحة نووية كالصواريخ الباليستية.

وقد وضعت المفردات ذات الصلة في لوائح متعددة أشار إليها القرار([107])، إضافة إلى الأموال وبعض الشخصيات الإيرانية التي تشرف على تنفيذ هذا البرنامج والتي أشار إليها القرار في المرفق، وقد سارعت إيران إلى رفض هذا القرار بوصفه باطلاً وغير مشروع، وبانتهاء سنة 2006 أعلنت إيران أنها ستبدأ العمل على تجميع وتركيب 3000 جهاز طرد مركزي لليورانيوم في نظائر، وهددت أيضًا بتقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.([108])

وبهذا أصدر مجلس الأمن القرار 1747 (2007) للتأكيد على القرار 1737 (2006) ثم دأب إلى إصدار سلسلة من القرارات في هذا الصدد، ويتعلق الأمر بالقرار 1803 (2008) الذي أكد فيه ما جاء في القرارات السابقة وأضاف فيه مرفقًا ثالثًا بأسماء شركات مساهمة في برامج إيران لتطوير تخصيب اليورانيوم والصواريخ الباليستية، وأخيرًا قراره 1835 (2008) الذي أكد فيه التزامه بحلٍّ مبكِّر يتم بالتفاوض ويرحب في الوقت نفسه بالجهود المبذولة في هذا الصدد([109])، ويطلب من إيران الامتثال للقرارات السابقة دون تأخير ومتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويبقى هذه المسألة قيد النظر([110]).

والواضح في قضية إيران أن مجلس الأمن كان أكثر صرامة مقارنة مع قضية كوريا الشمالية التي تمكنت من تفجير نووي، وهو ما لم تصل إليه إيران بعد، كما أن الملاحظ في كل منهما أن مجلس الأمن عمل بالموازاة؛ أي أنه زاوج بين العقوبات – عن طريق القرارات– مع ترك باب الحلول الدبلوماسية مفتوحًا([111])، وهو ما لم تشهده قضية العراق؛ حيث كانت صرامة مجلس الأمن غير عادية وهو ما يثير إشكالاً عميقًا حول ما إذا كانت هناك سلطة رقابة على تصرفات مجلس الأمن([112])، وهذا إشكال من الصعب الإجابة عنه، غير أننا نملك القدرة على التعليق.

وبناء على ذلك، يظهر التساؤل: لماذا لم يفرض مجلس الأمن عقوبات صارمة على كل من الهند وباكستان جرَّاء تجاربها النووية واكتفى فقط بحثهما على عدم إجراء تجارب أخرى؟!([113])، ولماذا لم يعتبر عدم تصديق هذه الدول مع إسرائيل على معاهدة حظر الانتشار أنه تهديد للسلم والأمن الدوليين؟! ولماذا لم يتصرف مجلس الأمن لإخضاع منشآت هذه الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية؟!

بل بالعكس نجد أن قرارات مجلس الأمن غلب عليها الطابع السياسي، وبالتالي فعدم كفاية الضمانات المقدمة للدول غير النووية هو ما يدفعها للبحث عن قوة رادعة ([114]) –وهو أمر منطقي- لتأمين نفسها من المخاطر التي تهددها؛ لذا نرى أنَّه لا مناص من رقابة دولية فعَّالة لكل الدول مع مراعاة مبدأ المساواة في التعامل- وهو منطق البقاء لا الفناء- فلا يمكن الحد من التسلح دون تدابير ثقة متبادلة.

خاتمة:

نخلص مما سبق إلى أن دور مجلس الأمن قد تميز بالركود طيلة الحرب الباردة والاستعمال المفرط لحق الاعتراض، وهو ما أدى إلى عدم الاتفاق بشأن تشكيل لجنة أركان الحرب التي نصت عليها المادة 47 وبالتالي بقيت المادة 26 دون تطبيق، غير أنه، بعد الحرب الباردة، بدلاً من تشكيل هذه اللجنة وفقًا للمادتين 26 و 47 من الميثاق لجأ مجلس الأمن إلى توسيع مفهوم تهديد السلم والأمن الدوليين ليشمل خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وبدلاً من أن يضع خططًا لتنظيم التسلح حسب نص المادة 26 أصدر قرارات مشبوهة طغت عليها المعايير السياسية في ظل هيمنة أمريكية واضحة؛ وبهذا أصبح مجلس الأمن يزاحم الجمعية العامة في موضوع نزع السلاح بإصداره قرارات مشبوهة، وهو ما يدعو إلى ضرورة إعادة تشكيل مجلس الأمن تشكيلاً متوازنًا يسمح بتمثيل أوسع لدول الأمم المتحدة.

هذه المعطيات كلُّها تبعث على عدم الثقة؛ مما يجعل الدول تبحث عن رادع نووي لحماية نفسها، لذا نرى ضرورة التسوية العادلة لكل القضايا العالقة وبؤر التوتر في العالم، ومن هنا فقط تكون الانطلاقة الحقيقية لعملية نزع السلاح الكامل والشامل لا سيما الأسلحة النووية، مع ضرورة التقيد بما جاء في المواثيق الدولية خاصة ما تعلق منها بالتخلص من الترسانة النووية الموجودة لدى الدول النووية وإخضاعها للرقابة كباقي الدول.

قائمة المراجع

أولا: باللغة العربية

1: الكتب

ممدوح حامد عطية،” أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بين الشك واليقين “، الدار الثقافية للنشر، القاهرة، 2004.

أحمد عبد الله على أبو العلا، تطور دور مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلم الدوليين، دار الكتب القانونية، مصر، 2005.

عمرو رضا بيومي، نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية (دراسة في الآثار القانونية والسياسية والإستراتيجية لحرب الخليج الثانية)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000.

محمد خليل الموسى، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2004.

يفجيني بريماكوف، العالم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وغزو العراق ، تعريب عبد الله حسن، مكتبة العبيكان، الرياض، 2004.

عبد الله الاشعل، النظرية العامة للجزاءات في القانون الدولي، دون ذكر دار النشر، القاهرة، 1997.

اشتون ب.كارتر و ويليام ج-بيري، الدفاع الوقائي ( إستراتيجية أمريكية جديدة للأمن)، ترجمة أسعد حليم، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001.

2: المقالات

علي حسن بكير،” النزاع الأمريكي الكوري الشمالي حول الملف النووي”، مجلة السياسة الدولية، المجلد 40، العدد 162، أكتوبر 2005.

غازي ربايعة، ” الخيار النووي في النزاع العربي الإسرائيلي “، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، العدد 03، 1987.

كريستر آلستروم، ” الانسحاب من معاهدات الحد من الأسلحة “، في كتاب (التسلح ونزع السلاح و الأمن الدولي لعام 2004)، معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب و نشر مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2004.

شانون.ن. كايل، “الحد من الأسلحة النووية وحظر إنتشارها”، في كتاب( التسلح و نزع السلاح و الأمن الدولي لعام2006)،معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب ونشر مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2006.

شانون.ن. كايل،”الحد من الأسلحة النووية وحظر إنتشارها”، في كتاب( التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي 2007)،معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب ونشر مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2007.

اسامة ابو رشيد، خلفيات التصعيد الامريكي الكوري شمالي و افاقه، المركز العربي للابحاث و الدراسات، اكتوبر 2017

3: الوثائق و القرارات

قرار مجلس الأمن 1993 ( S/RES 825 ) المؤرخ في 11 ماي 1993.

قرار مجلس الأمن رقم 066(1990).

إعلان رئيس مجلس الأمن في 22/01/1992، الوثيقة ( S/23500 ).

القرار مجلس الأمن 1998 (S/RES 1172 ) 1998 الصادر في 06/06/1998.

ثانيا: باللغات الأجنبية

Les overages

Stephen -M-schewebel, “Justice in international law” , (selected of judge Stephen schewbel), Grotius publications, Cambridge university press, Cambridge, 2008.

Manuel Diez Develasco Vallego, « les organisations internationales », Economica, paris, 2002.

Hector Gros Espiell, « Commentaire de l’article 26 », Economica, paris, 2005. Jean- Damien po ,” les moyens de la puissances “( les activité militaires de commissariat a l’énergie atomique », (1945- 2000), Ellipses,France, 2001.

Robert Kolb,” Le droit relatif au maintien de la paix “, Bruyant, Bruxelles, 2003.

Robert Kolb, Le droit relatif au maintien de la paix internationale, Paris, Pédone, 2005.

Patrik Dailler et Allain Pellet, Droit international public, 5 ème édition, L.G.D.J, Paris , 1994.

Mathias Forteau, « Droit de la sécurité collective et droit de la responsabilité international de l’état », Paris, Pédone, 2006.

Ruscender Popa, “La mission de désarmement de l’ONU en Irak.”, Paris, Pédone, 2005.

Régis Chemain, « le contrôle des actes de l’organisation » in )la charte des Nations Unies constitution mondiale(, Paris, Pédone, 2006.

Les articles

Paul Dahan, “De la non –prolifération a la contre-prolifération «,, A.F.R.I., 2006.

Michèle Poulain, « Les attentats du 11 septembre et leurs suites », A.F.D.I, 2002.

Francoise Michaud-Sellier et Alexandra Novossolof,« Le désarmement de l’Irak : l’impasse de la communauté international », A.F.D.I, 2000.

Robert Charvin, La résolution 1441 du 8 novembre 2002 du conseil de sécurité sur l’Irak, www.ridi.org/adi.

– Jean Claude Martinez, « commentaire de l’article 47 », in Jean Pierre Cot, Allain Pellet et Matias Forteau (Sou dir), « La Charte des Nations Unies : Commentaire article par article »,

philippe weckel,”Leconseil de sécurité des nations unies et l’arme nucléaire”,AFDI,2006

Nader Jalilo soltan, « Désarmement de l’iraq en vertu de la résolution 687 (1991) de conseil de sécurité de l’ONU », A.F.R.I, 2000 .

Jean Marc Thouvenin, “ le jour le plus triste pour les Nations Unies :Les frappes anglo-américaines de décembre sur l’iraq”,A.F.D.I,1998 .

Tiphaine De Champchesnd,” La crise nucléaire nord-coréenne vers la faillite de la non-prolifération”, L’observateur des Nations Unies, 2003, N° 14, p 134.

David Bertolotti, « Le code de conduite de la haye contre la prolifération des missiles balistiques (le régime qui n’existait pas », A.F.R.I , 2006.

Anne-Sophie Millet Devalle, « Non-prolifération nucléaire : le régime de non prolifération, mouvement d’ensemble et mouvements partiels », R.G.D.I.P, 2007/2.

Phillipe Errera, « La crise nucléaire iranienne », A.F.R.I, 2005.

– Thérése Delpch, « Les désarrois de la lute contre la prolifération nucléaire »,Critique Internationale, 2004, N° 23

[1] – انظر فيما يخص دور الأمين العام للأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين:

– Stephen -M-schewebel, “Justice in international law” , (selected of judge Stephen schewbel), Grotius publications, Cambridge university press, Cambridge, 2008, pp 233- 247.

[2] – Voir: Manuel Diez Develasco Vallego, « les organisations internationales », Economica, paris, 2002, p 216.

[3] – Hector Gros Espiell, « Commentaire de l’article 26 », op.cit, p 923.

[4] – إعلان رئيس مجلس الأمن في 22/01/1992، الوثيقة ( S/23500 ).

[5] – راجع القرار 1998 (S/RES 1172 ) 1998 الصادر في 06/06/1998.

[6] – Paul Dahan, “De la non –prolifération a la contre-prolifération «,, A.F.R.I., 2006, p 841.

[7] – Michèle Poulain, « Les attentats du 11 septembre et leurs suites », A.F.D.I, 2002, pp 27- 48.

[8] – Francoise Michaud-Sellier et Alexandra Novossolof,« Le désarmement de l’Irak : l’impasse de la communauté international », A.F.D.I, 2000, p 202.

[9] – ممدوح حامد عطية،” أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بين الشك واليقين “، الدار الثقافية للنشر، القاهرة، 2004، ص 63.

[10] – كان العراق قد طلب مفاعل بقوة 500 ميقاواط، لكنه قبل المقترح الفرنسي بعد أن أدركت فرنسا أن اهتمام العراق نابع من قوته في إنتاج البلوتونيوم.

[11] – انظر فيما يتعلق بالسياسة الفرنسية في مجال الأسلحة النووية والتعاون النووي ونشاطاتها المختلفة في هذا المجال:

– Jean- Damien po ,” les moyens de la puissances “( les activité militaires de commissariat a l’énergie atomique », (1945- 2000), Ellipses,France, 2001.

[12]- غازي ربايعة، ” الخيار النووي في النزاع العربي الإسرائيلي “، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، العدد 03، 1987، ص 709.

[13] – ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 64.

[14] – المرجع نفسه، ص 65.

[15] – تجدر الإشارة إلى أن هذه البرامج كلها تمت في إطار الاستخدام السلمي للطاقة النووي، إضافة إلى أن العراق قد وقع على معاهدة عدم الانتشار لعام 1968 سنة 1969، وتم التصديق عليها عام 1972 بمعرفة البرلمان العراقي.

[16]- ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 65.

[17] – غازي ربايعية، المرج السابق، ص 708.

[18] – كما تجدر الإشارة إلى أن البرنامج العراقي كان محل اهتمام إسرائيل وحاولت تدميره أكثر من مرة، أنظر:

– ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 67.

[19] – تعتبر إسرائيل هذه العملية دفاع استباقي عن النفس وهو ما كرره مسؤولون عنها في عدة مناسبات.

[20]- أحمد عبد الله على أبو العلا، تطور دور مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلم الدوليين، دار الكتب القانونية، مصر، 2005، ص 232.

[21] – Robert Kolb,” Le droit relatif au maintien de la paix “, Bruyant, Bruxelles, 2003, p 63.

[22] – راجع قرار مجلس الأمن رقم 066(1990).

[23] – هذه القرارات تمثلت أساسا في القرار 661 (1990) والقرار 662 (1990)، الأول خاص بفرض عقوبات اقتصادية والثاني يتعلق برفض مجلس الأمن قرار العراق بضم دولة الكويت.

[24] – عمرو رضا بيومي، نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية (دراسة في الآثار القانونية والسياسية والإستراتيجية لحرب الخليج الثانية)، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 120.

[25] – في هذه القضية أنظر:

– Stephen : Shewebel, op.cit, pp 543- 552.

[26] – راجع في مسألة التفويض هذه:

– محمد خليل الموسى، استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2004، ص 229 وما يليها.

28- اعتمد هذا القرار بأغلبية 11 صوت مقابل صوت واحد (كوبا) وامتناع ثلاثة أعضاء (الصين، الهند، اليمن) وكان ذلك في 03/03/1991.

29- عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص 194.

30 _ – تصريح مندوب دولة بلجيكا والتي اعتبرها الكثير من المتتبعين تمهيدا لنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وهذا بتاريخ 03/03/1991.

[30] – راجع القرار المشار إليه سابقا (الفقرة 14 من القسم جيم ).

[31] – Robert Kolb, Le droit relatif au maintien de la paix internationale, Paris, Pédone, 2005, p 44.

[32] – Patrik Dailler et Allain Pellet, Droit international public, 5 ème édition, L.G.D.J, Paris , 1994, p 949. Voir aussi :

– Ràfaa Ben Achour « L’ONU et L’Irak », http:// www.ridi.org/adi ( novembre 2003).

[33] – تجدر الإشارة إلى أن اسرائيل و الهند وباكستان ليسوا أعضاء في هذه المعاهدة ،ولم يعتبر مجلس الأمن هذا تهديدا للسلم .

[34] – انظر في هذا الموضوع: يفجيني بريماكوف، العالم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وغزو العراق ، تعريب عبد الله حسن، مكتبة العبيكان، الرياض، 2004، ص 159 وما يليها.

[35] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص ص 269- 270.

[36] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص 269- 270.

[37] – راجع نص المادة السادسة عشر فقرة باء من النظام الأساسي للوكالة.

[38] – Robert Charvin, La résolution 1441 du 8 novembre 2002 du conseil de sécurité sur l’Irak, www.ridi.org/adi.

[39] – راجع نص المادة 47 من الميثاق وانظر في التعليق عليها:

– Jean Claude Martinez, « commentaire de l’article 47 », in Jean Pierre Cot, Allain Pellet et Matias Forteau (Sou dir), « La Charte des Nations Unies : Commentaire article par article », op.cit, pp 1283- 1294.

[40]- philippe weckel,”Leconseil de sécurité des nations unies et l’arme nucléaire”,AFDI,2006,p181

[41] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص 242.

[42] – Hector Gros Espill, op.cit, p 923.

[43] – ibid, p 921.

[44] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص 243.

[45] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق ، ص 243.

[46] – يعتبر مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة مبدأ أساسي لقانون العقوبات في النظم الداخلية للدول، وقد نص قانون العقوبات الجزائري في المادة الأولى على أنه: ” لا جريمة ولا عقوبة ولا تدابير أمن بغير قانون”.

[47] – عبد الله الاشعل، النظرية العامة للجزاءات في القانون الدولي، دون ذكر دار النشر، القاهرة، 1997، ص345.

[48]- Mathias Forteau, « Droit de la sécurité collective et droit de la responsabilité international de l’état », Paris, Pédone, 2006, p 233.

[49] -ibid, p233.

[50] – ibid,p234.

[51] – عمرو رضا بيومي، المرجع السابق، ص 256 .

[52] – Nader Jalilo soltan, « Désarmement de l’iraq en vertu de la résolution 687 (1991) de conseil de sécurité de l’ONU », A.F.R.I, 2000 , p 739.

[53] – Ruscender Popa, “La mission de désarmement de l’ONU en Irak.”, Paris, Pédone, 2005, p 96.

[54] – Jean Marc Thouvenin, “ le jour le plus triste pour les Nations Unies :Les frappes anglo-américaines de décembre sur l’iraq”,A.F.D.I,1998 ,pp :209-237 .

[55]- علي حسن بكير،” النزاع الأمريكي الكوري الشمالي حول الملف النووي”، مجلة السياسة الدولية، المجلد 40، العدد 162، أكتوبر 2005، ص 199.

[56] – كريستر آلستروم، ” الانسحاب من معاهدات الحد من الأسلحة “، في كتاب (التسلح ونزع السلاح و الأمن الدولي لعام 2004)، معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب و نشر مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2004 ،ص 1073.

[57] – تنص المادة العاشرة من المعاهدة على أن ” لكل دولة طرف وهي تمارس حقها في السيادة الحق في الانسحاب من المعاهدة إذا رأت أن حوادث طارئة متعلقة بموضوع المعاهدة تهدد مصالحها القومية العليا بالخطر “.

[58] – Tiphaine De Champchesnd,” La crise nucléaire nord-coréenne vers la faillite de la non-prolifération”, L’observateur des Nations Unies, 2003, N° 14, p 134.

3-philipppe weckel, op.cit, pp184-185

[60] – تضمن الإطار المتفق عليه أساسا تجميد بيونغ يونغ لبرنامجها النووي والسماح لها بإنتاج الماء الخفيف لإنتاج الطاقة الكهربائية بقوة ألف ميغاواط مع خضوعها للتفتيش من قبيل وكالة دولية للطاقة الذرية مع التزام الولايات المتحدة بمنح كوريا الشمالية 50 ألف طن من fioul كل سنة.

[61]- Tiphaine De Champchesnd, op.cit , p 139.

[62] – كريستر آلستروم، المرجع السابق، ص 1075.

[63] – المرجع نفسه ، ص 1077.

[64] – تجدر الإشارة إلى أنه قبل سنة 2006 كانت هناك خمس جولات من المحادثات السداسية.

[65] – شانون.ن. كايل، “الحد من الأسلحة النووية وحظر إنتشارها”، في كتاب( التسلح و نزع السلاح و الأمن الدولي لعام2006)،معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب ونشر مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2006،ص 929.

[66]- المرجع نفسه، ص 930.

[67] – كانت هذه العقوبات ردا على ما اشتبه أنه تورط كوري شمالي في عدد من النشاطات غير المشروعة، كذلك تتهم كوريا الشمالية ببيع صواريخ بعيدة المدى إلى اليمن وبعض الدول الأخرى، أنظر:

– Paul Dahan,” De la non-prolifération à la contre-prolifération “,op.cit, pp 837- 851.

[68] – تجدر الإشارة إلى أن هناك ” مدونة لاهاي لقواعد السلوك تمنع انتشار القذائف التسيارية “ (صواريخ بعيدة المدى)، وللتفصيل انظر:

– David Bertolotti, « Le code de conduite de la haye contre la prolifération des missiles balistiques (le régime qui n’existait pas », A.F.R.I , 2006, pp : 802- 819.

[69] – شانون.ن. كايل،”الحد من الأسلحة النووية وحظر إنتشارها”، في كتاب( التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي 2007)،معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، تعريب ونشر مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،2007، ص 710.

[70] – راجع قرار مجلس الأمن 1993 ( S/RES 825 ) المؤرخ في 11 ماي 1993.

[71] – كانت الولايات المتحدة تحاول تجنب الحرب مع كوريا الشمالية في هذه الأثناء وللتفصيل في هذا أنظر:

– اشتون ب.كارتر و ويليام ج-بيري، الدفاع الوقائي ( إستراتيجية أمريكية جديدة للأمن)، ترجمة أسعد حليم، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2001، ص 199.

[72]- راجع الفقرة السادسة من القرار 2006 ( S/RES/ 1695 ).

[73] – راجع الفقرة الثالثة عشر، البند 6 من نفس القرار.

[74]- شانون.ن. كايل،المرجع السابق، ص:710.

[75]- المرجع نفسه، ص 711.

[76] – راجع الفقرة الرابعة عشر من القرار 1718 (2006) المؤرخ في 14 أكتوبر 2006.

[77] – راجع الفقرة الثامنة، البند إلف من القرار السالف ذكره.

[78] – راجع الفقرة الثامنة، البند واو من القرار نفسه.

[79] – شانون.ن. كايل، المرجع السابق، ص 713، أنظر أيضا:

– Anne-Sophie Millet Devalle, « Non-prolifération nucléaire : le régime de non prolifération, mouvement d’ensemble et mouvements partiels », R.G.D.I.P, 2007/2, p 444.

[80]- راجع الفقرة الثانية البند دال من القرار 1718 لعام 2006.

[81] – شانون.ن. كايل، المرجع السابق، ص 713.

[82] – للاطلاع على القدرات النووية لكوريا الشمالية، راجع:

– شانون.ن.كايل و هانس م كريستين،” القوى النووية في العالم 2007″، في( كتاب التسلح ونزع السلاح لعام2007)، المرجع السابق، ص ص 806- 809.

[83] -انظر: اسامة ابو رشيد، خلفيات التصعيد الامريكي الكوري شمالي و افاقه، المركز العربي للابحاث و الدراسات، اكتوبر 2017 ص 3

[84]- Phillipe Errera, « La crise nucléaire iranienne », A.F.R.I, 2005 , p 697.

[85] – تجدر الإشارة إلى أن هذه الحرب دامت ثمان سنوات أحست خلالها إيران بالخطر الذي يتهددها من جانب العراق وتنامي القوى النووية الإسرائيلية من جهة أخرى.

[86] – ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 52.

[87] – كانت باكستان في حاجة ماسة للمساعدة المالية في هذه الفترة وكان الإقتراح الإيراني فرصة لا تعوض لها.

[88] – ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 53.

[89] – أما عقب وقف إطلاق النار مع العراق فقد رأت القيادة الإيرانية أن كسب رادع نووي يقوي مركزها التفاوضي مع العراق وهذا إضافة إلى المكاسب التي يمكن أن يحققه هذا الرادع على المستوى الإقليميي.

[90] – ممدوح حامد عطية، المرجع السابق، ص 54.

[91] – يجب التذكير أن إيران انضمت إلى معاهدة حظر الانتشار لعام 1968 في 02/02/1968 ودخل اتفاقها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشان الضمانات INFcir/214 حيز التنفيذ في 15 ماي 1974.

[92]- تم الكشف عن وثيقة في سنة 2003 تبين أن إيران اقتنت تكنولوجيا ومعدات نووية من خلال شبكة العالم الباكستاني عبد القدير خان الرئيس السابق لبرنامج السلاح النووي الباكستاني، أنظر:

– Thérése Delpch, « Les désarrois de la lute contre la prolifération nucléaire »,Critique Internationale, 2004, N° 23, p 47.

[93] – Paul Dahan, « Désarmement: préserver l’héritage relancer l’entreprise», op.cit, p 753.

[94]- تعلق الأمر أساسا بكشوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموقعين سريين الأول لتخصيب اليورانيوم في ” ناتانز ” والأخر لإنتاج الماء الثقيل في “أراك”. .

1-philippe weckel, op.cit, pp188-189

[96] – تضمن الاقتراح الإيراني في مجمله استئناف عمل مفاعل أصفهان وناتنز مقابل التعهد بضمانات وفق البروتوكول الإضافي وتحويل اليورانيوم إلى قضبان وقود والسماح لمفتشي الوكالة بالدخول إلى المواقع النووية الإيرانية، بينما ذهبت E 3 إلى التزام إيران بالشفافية مع الوكالة والتعهد بعدم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار والتصديق الفوري على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

[97] – تقرير الوكالة منشور على موقعها عبر الانترنيت: www.iaea.org/publications/documents/boord/2006

[98] – فيما يتعلق بهذا البروتوكول انظر:

– ثقل سعد العجمي، المرجع السابق، ص 177.

[99] -الإغراءات تتعلق بالطاقة النووية والتعاون التكنولوجي والمسائل الأخرى السياسية والأمنية، انظر:

-شانون.ن.كايل، المرجع السابق، ص 721.

[100] – راجع البند 2 من القرار 1696 ( 2006).

[101] – البند 3 من نفس القرار.

[102] – البند 8 من نفس القرار.

[103] – شانون.ن. كايل، المرجع السابق، ص 724.

[104] – كان يبدو أن إيران تسعى لكسب الوقت من أجل الوصول إلى تخصيب أكبر لليورانيوم من خلال الدخول في مفاوضات بعد الأخرى محاولة في نفس الوقت مواجهة المجموعة الدولية والقرارات الصارمة لمجلس الأمن قدر المستطاع.

Voir: Anne-Sophie Millet-Devalle, op.cit, p 446.

[105] – على الرغم من وجود اتفاق على وجوب اتخاذ إجراءات من قبل مجلس الأمن ضد إيران فقد استمرت الخلافات حول نوع الإجراءات التي يجب أن يتضمنها القرارات، فالولايات المتحدة دعت إلى فرض عقوبات تجارية واقتصادية شاملة لعزل إيران، وفي المقابل فضلت الصين وروسيا ومعها E 3 بالدرجة الأولى إجراءات منخفضة المستوى كخطوة أولى على الأقل لتعزيز سلطة مجلس الأمن.

[106] – راجع القرار 1737 ( 2006) المؤرخ في 23/12/2006.

[107] – أشار القرار أيضا إلى إنشاء لجنة تابعة لمجلس الأمن تتألف من كافة الأعضاء الدائمين تكون مسؤولة عن الإشراف على تنفيذ العقوبات التي يقررها القرار 1737، راجع : البند 18 من نفس القرار.

[108] – شانون.ن.كايل، المرجع السابق، ص 726.

[109] – راجع البند 3 من القرار 1835 (2008) المؤرخ في 27/09/2008.

[110] – راجع البند 4 و 5 من نفس القرار.

[111] – Anne-Sophie Millet-Devalle, op.cit, p 448.

[112] – voir: Régis Chemain, « le contrôle des actes de l’organisation » in )la charte des Nations Unies constitution mondiale(, Paris, Pédone, 2006, pp 45-63.

[113] – راجع القرار 1172 (1998) الصادر في 06/06/1998.

[114]- Abdelwahab Biad,” Les arrangement internationaux pour garantir les états non dotés d’armes nucléaires contre l’emploi ou la menace de ces armes”, A.F.D.I, 1997, pp 227- 252.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت