متى يجوز لمجلس الوزراء أن يخالف الدستور و يصدر قوانين مؤقتة ؟

لا يجوز لمجلس الوزراء أن يخالف الدستور ويصدر قوانين مؤقتة إلا بشروط حددها الدستور / الباحث القانوني: مؤيد أحمد المجالي

ينعقد الاختصاص أصالةً للسلطة التشريعية (مجلس الأمة والملك) بوضع القوانين (القانون العادي)، بمقتضى المواد (25، 91، 92، 93) من الدستور الأردني، التي لها أن تشرع من القوانين ما تحقق المصلحة العامة، على أن لا تُخالف هذه القوانين أحكام الدستور حسب القواعد والمبادئ القانونية العامة.

ولمجلس الوزراء على سبيل الاستثناء صلاحية وضع قوانين مؤقتة، بمقتضى المادة (94) من الدستور، التي قيدت زمانياً وموضوعياً صلاحية مجلس الوزراء بوضع القوانين المؤقتة بالشروط التالية:
1. أن يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلاً.
2. وجود أمور تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل.
3. أن لا يُخالف القانون المؤقت أحكام الدستور.
4. أن يُعرض القانون المؤقت على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده.

وتدور الصلاحية الزمانية والموضوعية لمجلس الوزراء وجودها وعدمها بتوافر هذه الشروط مجتمعة، فإذا لم تتحقق أو لم يتحقق أحدها, فلا صلاحية لمجلس الوزراء؛ لأن غاية الشارع الدستوري جعل الصلاحية هذه على سبيل الاستثناء – والاستثناء لا يقاس عليه ولا نتوسع في تفسيره ويطبق في أضيق الحدود حسب القاعدة القانونية الأصولية – وذلك تحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات؛ كي لا تتعدى السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية.

ويعرف الفقه الاختصاص: بأنه صلاحية الموظف العام أو السلطة العامة للقيام بما يعهد إليها في الحدود الموضوعية والزمانية التي بينها القانون. {أنظر د.مصطفى أبو زيد فهمي: القضاء الإداري ومجلس الدولة، ط2، سنة 1966، ص177. د.محمد كامل ليلة: الرقابة على أعمال الإدارة، ط 1968،ص151. د.طعيمة الجرف: رقابة القضاء على الأعمال الإدارية، قضاء الإلغاء، القاهرة، ص240}.

يتبين لنا من نص المادة (94) من الدستور والتعريف السابق ذكرهما أن صلاحية مجلس الوزراء بإصدار قوانين مؤقتة مقيدة بشرطين هما:

1. قيد زماني يتمثل في الزمن الذي لا يكون مجلس الأمة منعقداً أو يكون منحلاً.
2. قيد موضوعي يتمثل في المواضيع التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأخير، ومواضيعها غير مخالفة لأحكام الدستور.

وعليه فإن مجلس الوزراء يخرج على قيد الاختصاص الموضوعي عندما يصدر قانوناً مؤقتاً في موضوع لا يستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو لا يستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأخير، وإلا يكون مجلس الوزراء، قد خالف الدستور بممارسته عملاً خارج دائرة صلاحيته الاستثنائية المقيدة موضوعياً.

وأما حالة الضرورة المشار إليها في المادة (94) من الدستور فقد فسرتها وبينتها ووضحتها بجلاء محكمة العدل العليا الموقرة حيث جاء في قرارها في الدعوى رقم (226/97) في حالة الضرورة ما يلي:

” .. .. .. وإن حالة الضرورة المشار إليها في المادة أعلاه تتمثل في نشوء خطر جسيم يتعذر مواجهته بالطرق القانونية العادية كالحرب والكوارث والفتن الداخلية التي لم تكن متوفرة لأن معالجة أوضاع الصحافة ووضع شروط لتنظيم أوضاع الصحافة ليس خطراً داهماً ولا وضعاً طارئاً ملحاً شأنها شأن الكوارث أو الحروب التي تنشأ فجأة أو الفتنة التي تستوجب مجابهة سريعة لئلا ينتشر خطرها فتهدم كيان الدولة. ذلك أن حالة الضرورة تقاس بوجود أحداث مفاجئة تشكل خطراً جسيماً.. .. ..
2- .. .. .. وبما أن سلطة إصدار القوانين المؤقتة قد شرعت لمجابهة ظرف طارئ، فلا يجوز استعمالها لتنظيم موضوعات يختص بها التشريع العادي، وعليه لا يرد القول بأنه لا رقابة لمحكمة العدل العليا على حالة الضرورة والاستعجال بداعي أن تقدير حالة الضرورة والاستعجال الداعية لإصدار القانون المؤقت يعود للسلطة التنفيذية “.

تتعسف الإدارة وتسيء استخدام السلطة الممنوحة لها بموجب الدستور والقوانين عندما تنحرف بالسلطة عن الهدف الذي وجدت من أجله وهو تحقيق المصلحة العامة أو عندما تحيد عن الهدف الذي خصصه المشرع، ومن أشد وأبشع صور الانحراف بالسلطة، التعدي على أعمال السلطات الأخرى، خلافاً لمبدأ الفصل بين السلطات.

ولأن اختصاص تشريع القوانين مثبت أصالةً للسلطة التشريعية بمقتضى المواد (25، 91، 92، 93) من الدستور، فإن حل مجلس النواب قبل انتهاء مدتـه القانونيـة، ومـن ثـم يعمـد مجـلس الـوزراء إلى وضع قوانين مؤقتة، في الوقت الذي يكون ممكناً لمجلس النواب صاحب الاختصاص الأصيل أن ينجز هذه القوانين خلال مدته القانونية، أو في الوقت الذي يكون ممكناً دعوة مجلس النواب المنحل صاحب الاختصاص الأصيل في دورة استثنائية لإنجاز هذه القوانين، فيعتبر إصدار مجلس الوزراء للقوانين المؤقتة في هذه الحالة تعديا من قبل السلطة التنفيذية على إختصاصات السلطة التشريعية الدستورية، وقد إعتبر القضاء والفقهاء القانونيين هذا العمل من أبشع صور التعسف في استخدام السلطة.

إذا ما أردنا الاصلاح السياسي والقانوني في بلدنا الغالي، فلا بد لنا من إتباع الوسائل القانونية المشروعة، ولا بد لنا من الإتفاق أو في الحد الادنى التوافق على المبادئ والوسائل، وإلا سنبقى كل فترة نعيد خلط الاوراق بعد بعثرتها بدلاً من أن نرتبها الترتيب السليم، فنهدر بذلك الوقت والجهد والمال.

فهل نعتبر من تجاربنا السابقة؟؟؟؟؟؟