_ نصت المادة الأولى من العلان العالمي لحقوق الانسان على مبدأ المساواة بين الأفراد حيث قررت بأنهم يولدون أحراراً ويظلون هكذا متساوين قانوناً ، وتطبيق هذا المبدأ يقتضي عدم امكانية أن تختلف العقوبة التي تم توقيعها باختلاف أشخاص ومراكز الجناة اجتماعياً أو طبقياً هذا في المجال الجنائي ، أيضاً في المجال التأديبي حيث يجب عدم التفرقة في العقوبات التأديبية بسبب اختلاف المراكز الوظيفية للعاملين .

_ كما تنص كافة الدساتير المعمول بها في بلدان العالم على مبدأ المساواة أمام القانون والقضاء ، فلا يجوز التفرقة بين أبناء الوطن الواحد أو التمييز بينهم على أساس الجنس أو العنصر أو اللغة أو الدين كما لا يجوز أيضاً التفرقة بين أبناء الوطن استناداً للاختلاف الطبقي أو المالي .

_ وتطبيق مبدأ المساواة على الأفراد يوجب عدم اختلاف العقوبة التأديبية الموقعة باختلاف الأشخاص أو المراكز الاجتماعية ، اذ أنه طالما توافرت لذات الأشخاص ذات الظروف والملابسات التي تتعلق بالجريمة المرتكبة من حيث النوع ودرجة الجسامة .

_ يجدر الاشارة الى اعتداد السلطة التأديبية سواء كانت رئاسية أو قضائية بالظروف الخاصة للمتهم وكذلك الاعتبارات الانسانية والضغوط التي دفعت المخالف لاقتراف الاثم التأديبي وما اذا كان مقترف الاثم بحسن نية من عدمه كل هذه الاعتبارات لا تتنافى البتة مع مبدأ المساواة في العقوبة .

_ ويستخلص مما تقدم عدم جواز المساواة في مجال انزال العقاب الجنائي بين المخالفة التي تقوم على غفلة أو استهتار وتلك القائمة على عمد ، ولا يعد اخلالاً بمبدأ المساواة في العقوبة التأديبية مراعاة الظروف الشخصية الخاصة بكل موظف على حده وهو ما يطلق عليه بعض الفقهاء نظام  تفريد العقاب التأديبي 

_ يذهب بعض الفقهاء الى أن قيام المشرع بالنص على عقوبات محددة ” التنبيه ، اللوم ، الاحالة الى المعاش ، الفصل من الخدمة ” لطائفة الموظفين شاغلي الوظائف العليا دون أن تسري عليهم باقي العقوبات التي تنطبق على سائر الموظفين … يروا أن هذه التفرقة لا يبررها سوء المحاباة لشاغلي الوظائف العليا وان مرد ذلك فلسفة كانت مستحكمة خلال فترة زمنية مضت وهو ما اجتازته الآن التشريعات الوظيفية المعاصرة ، الا أننا لا نستطيع مسايرة هذا الرأي لأن ذلك الأمر لا ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة حيث أن من يشغل وظيفة عادية اليوم سيصل الى مرتبة شاغلي الوظائف العليا مستقبلاً وينطبق عليه ما كان ينطبق على رؤسائه من عقوبات محددة . 

_ بالاضافة الى ماتقدم نرى أن العقوبات المقرر تطبيقها على شاغلي الوظائف العليا والمتمثلة في التنبيه ، اللوم ، الاحالة على المعاش ، الفصل من الخدمة ، وهي عقوبات ليست بالهينة أو اليسيرة وان كانت هذه العقوبات لا تنطبق الا على من يشغلون الوظائف العليا فان ذلك مرده حكمة يبتغيها المشرع لمصلحة العمل في حين يرى البعض أنها اهدار لمبدأ المساواة . 

_ يمكننا التقرير من أنه ضمن أهداف العقوبة التأديبية تحقيق الردع الخاص وكذلك الردع العام من جراء تطبيقها وغني عن البيان أن توقيع العقوبة المالية على القادرين على تحملها من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي لا يترتب عليه تحقيق ثمة ردع خاص أو عام لتطبيق هذه العقوبة ، فضلاً عن أحذنا في الاعتبار ما استوجبه المشرع من عدم جواز أن يخصم من راتب الموظف أكثر من 60 يوماً في السنة مع مراعاة عدم جواز خصم أكثر من ربع المرتب بعد خصم قيمة الربع الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه .