ما هو المقصود بالقانون ؟

القانون في اللغة كما في [لسان العرب] تعني: الأصل وقانون كل شيء طريقه ومقياسه. وفي [المعجم الوجيز]: القانون في الاصطلاح أمرٌ كلّي ينطبق على جميع جزئياته التي تتعرف أحكامه منه. فالقانون في اللغة يحمل معنى عام يطلق على «كل قاعدة أو قواعد مطردة حمل اطرادها معنى الاستمرار والاستقرار والنظام»(8).

ولا شك فإن معرفة معنى القانون يغنينا كثيراً في فهم أبعاد القانون من ناحية الخصائص والضيق والتوسّع. فقد اختلف الباحثون في معنى هذه الكلمة حيث يرى الأكاديميون أن القانون مصطلح يحمل معنىً ضيقاً، فالقانون عندهم: «هو مجموعة القواعد العامة الجبرية التي تصدر عن إرادة الدولة وتنظم سلوك الاشخاص الخاضعين لهذه الدولة»(9). أي أن «اللغة القانونية رصدته بوجه عام للدلالة على مجموع قواعد السلوك الملزمة للأفراد في المجتمع»(10). ويرى ترمان آرنولد: «إن هناك في كل مجتمع من المجتمعات عدد لا يحصى من القواعد والعادات والإجراءات والتدابير التي لها صفة الإجبار وكل هذا ما يطلق عليه في العادة صفة القانون»(11).

ويُفهم من كلمات المراجع القانونية أن كلمة القانون في المصطلح الحديث تحمل معنى الإجبار والقسر والإلزام بالقوة لأنها «قواعد ملزمة تنظم سلوك الاشخاص في المجتمـــع على أنـــه يُفهم مــن معنى الإلـــزام بأن له جزاءً مادياً توقعه السلطة العليا في الجماعة»(12).

ولكن ماذا نستكشف من قراءة كتاب [الفقه القانون] في تعريف القانون وماذا يرى الإمام الشيرازي في معناه..؟

يرى سماحته أن كلمة القانون ليس بالمعنى الضيق الذي فسّره الأديميون بل القانون كلمة تحمل في طياتها معاني أوسع من المعنى الإصطلاحي حيث أن «القانون قد يطلق بالمعنى العام مثل إطلاق الإنسان على الكلي الشامل للأفراد الخارجية، وقد يطلق على المصاديق الخارجية لهذا الكلي العام مثل القانون التجاري والقانون الدولي والقانون المدني..». وكذلك فإن القانون عند سماحته لا يحمل معنى الإلزام والقسر الذي تفرضه السلطة على الفرد كواجب مكره عليه في الإلتزام بمسؤولياته الاجتماعية، بل إن القانون عند الإمام الشيرازي هو مسؤولية ذاتية يتحمّلها الإنسان باقتناع ووعي وإيمان حيث يقول سماحته: «وربما عُرف القانون بأنه معرفة كل ما يلزم على الإنسان أن يعمله تجاه نفسه وربه وتجاه أسرته وتجاه محيطه وتجاه الطبيعة حيواناً أو نباتاً أو جماداً، فقد قال علي (ع): إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم». لذلك فان القانون يحمل معنى جامعاً كلياً لا يقتصر على معنى (جزاء الرادع) إذ أن «القانون بهذا المعنى يشمل الشريعة بمختلف فروعها الفقهية والأخلاقية والتربوية مما يعمّ قانون الفرد والحكومة في مختلف مجالات الحياة»(13). وهذا الرأي يعبر عن نظرة شمولية لمسألة القانون، لأن القانون ليس مجرّد آلية تحتوي على مجموعة قواعد جامدة تأمر وتنهى بل القانون السليم هو الذي ينبعث من كافة المستويات ويندمج مع مختلف الجوانب الثقافية والأخلاقية والتربوية بحيث يتكامل مع العناصر الأخرى لتحقيق المثل الإنسانية والإلهية العليا.