ولذلك فأغلب الكتابات الفقهية لا تنفي قانونية هذه الإمكانية، كما أن المحاكم الفرنسية وقفت نفس الموقف حتى قبل الأخذ بقانون جنيف الموحد..

. د. الحسن رحو- مرجع سابق – ص : 20
154 تنص المادة 241 من مدونة التجارة على ما يلي:
” لا يجوز سحب شيك إلا على مؤسسة بنكية يكون لديها وقت إنشاء السند نقود للساحب حق التصرف فيها بموجب شيك طبقا لاتفاق صريح أو
ضمني.

يقصد ب “المؤسسة البنكية” في مفهوم هذا القانون كل مؤسسة قرض و كل هيئة يخول لها القانون صلاحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها
الشيكات.

لا تعتبر شيكات صحيحة، السندات المسحوبة في المغرب على شكل شيكات و المستحقة الوفاء فيه، إذا سحبت على غير مؤسسة بنكية.”
155 فضلا عن فسح المجال لبعض الباعثين في التحايل على الأشخاص حسني النية، ومن ذلك مثال طريف عرض في القضاء الأردني، نظرته
1996 ).

وتتلخص وقائعه بان المشتكي المستفيد المباشر من الشيك، وهو صاحب /12/ 96 وتاريخ 23 / محكمة بداية جزاء الكرك (رقم الدعوى 698
مستودع أدوية بيطرية، كان يطلب من زبائنه التوقيع على فاتورة الشراء، والمتضمنة في اخرها على صيغة شيك، ثم يقوم بقص هذا الجزء من
الفاتورة المزعومة، ليقدمه بعد ذلك على أساس شيك بدون رصيد، وقد قضت بأنه ” تبين بأن الظنين لم يوقع على شيك اطلاقا، وانما وقع على
فاتورة”. د.حسن طالب موسى – مرجع سابق- ص: 8
156 د. الحسن رحو- مرجع سابق – ص : 24.

ولمزيد من التفصيل تراجع الصفحات من 20 إلى 26
كما أنه تجدر الإشارة على أن حالة سحب شيك في ورق عادي تبقى متصورة الحدوث، غير أنه في هذه الحالة لا يمكن الحديث عن شيك بمفهومه
الصرفي والتجاري بل فقط سند عادي لإثبات الدين ومستحق الأداء طبقا للقواعد العامة للالتزامات. وهو ما عبر عنه المشرع صراحة في المادة
240 من مدونة التجارة بقوله: ” يعتبر الشيك المخالف للنماذج المسلمة من المؤسسة البنكية …غير صحيح، و لكنه قد يعتبر سندا عاديا لإثبات
الدين، إذا توفرت شروط هذا السند”.

58
ناهيك عن أن الكتابة التي اشترطها المشرع في الشيك تستجيب لخاصية الشكلية ومبدأ الكفاية
الذاتية 157 اللتين تميزان الالتزام الصرفي باعتبارهما من مقوماته، إذ يترتب عن ذلك أن الشيك ذا الأسلوب
يغني الحامل عن البحث في مدى سلامة العلاقات الأصلية السابقة التي أدت إلى سحب السند أو تظهيره
لفائدته، وتعفيه بالتالي من ال بحث في مشروعية سبب هذا الأخير وسلامة رضا الساحب والمظهرين
السابقين، كما أن الحق الصرفي وهو المبلغ المالي المعين في الشيك لا ينشأ إلا بنشأة هذا الأخير وإصداره،
وينتج عن ذلك التزام شخص آخر وهو المسحوب عليه بأدائه للمستفيد منه المؤونة عند التقديم للوفاء،.

ويندمج بالمحرر وينتقل معه من حامل إلى آخر لينتهي بالأداء 158
طرحت مسألة وجود المؤونة في الشيك، وما إذا كان يمكن اعتبارها إلى جانب البيانات الإلزامية
شرطا من شروط صحة الشيك يستتبع تخلفها وانعدامها بطلان الشيك من الناحية التجارية (الصرفية) جدلا
فقهيا مهما، انعكست آثاره على العمل القضائي.
ذهب اتجا ه 160 إلى اعتبار وجود المؤونة شرط انعقاد لازم لصحة الشيك يترتب عن انعدامها أو
عدم كفايتها بطلان الشيك، هذا ا لاتجاه الذي تجسد في عدد من الأحكام القديمة والقليلة في فرنسا (حكم
محكمة النقض الفرنسية في 19 دجنبر 1877 ، و 24 مارس 1890 ) ومصر، منها على وجه الخصوص..

: قضت به في هذا الشأن محكمة الاسكندرية بتاريخ 2نونبر 1946
” وحيث إن الشيك ليس له مقابل وفاء يعتبر باطلا كشيك ، ولكن ليس معنى ذلك أنه يتجرد من
. كل قيمة قانونية، بل يعتبر كمبيالة إذا كان مستوفيا لشروطها القانونية” 161
157 لمزيد من التفصيل حول الكفاية الذاتية يراجع في هذا الصدد: د. عبد الفتاح مراد – موسوعة شرح الشيك في مصر والدول العربية- مرجع
سابق. ص: 103
158 . د.عبد الإله مزوزي- مرجع سابق – 53
159 سيتم التطرق إلى أحكام المؤونة بتفصيل في الفصل الأول من الباب الثاني من هذا القسم.

160 من ذلك الدكتور ثروت حبيب في مؤلفه القانون التجاري (طبعة 1985 ) والدكتور أمين بدر (معنى الشيك في خصوص المادة 337 عقوبات)

اللذين اعتبرا أن المحرر يعد باطلا كشيك متى سحب دون ان يقابله مقابل الوفاء كلية أو بين عدم كفايته، وغاية ما هنالك أن المحرر الباطل كشيك
قد يتحول إلى محرر من نوع آخر إذا استوفى الشروط المطلوبة قانونا لهذا النوع من المحررات.
د.عبد الغفار ابراهيم موسى – المشاكل القانونية للشيكات وكيفية معالجتها من الناحية المدنية والجنائية والمصرفية- مرجع سابق. ص: 68

161 د.أحمد شكري السباعي- الاشكاليات القانونية والقضائية والفقهية المرتبطة بطبيعة الشيك ووظيفته وإصدار شيك بدون رصيد- مجلة القضاء
. 141 ، السنة 27 نونبر 1989 ، مطبعة دار النشر المغربية. ص: 120 و 121 / والقانون، عدد 140

59
وفي هذا أكد الدكتور أمين بدر في “مؤلفه الأوراق التجارية/ص 473 ” ما يلي:
“نعتقد ان التفسير القانوني السليم – يقصد في ظل غياب تنصيص صريح من المشرع حول أثر
تخلف المؤونة على صحة الشي ك- يحتم اعتبار المحرر باطلا كشيك، متى سحب دون ان يقابله مقابل وفاء
بالمعنى الصحيح، لا فرق في ذلك بين انعدام مقابل الوفاء كلية وبين عدم كفايت ه..ونحن لا ننكر أن هذا
الحل من الناحية العملية حل غير موفق، إذ انه يرهق الحامل حسن النية الذ ي لا يملك عند سحب الشيك
وسيلة للتحقق من توافر مقابل الوفاء، ويؤدي إلى عرقلة تداول الشيك، ويحول دون قيامه بالوظائف
الاقتصادية التي وجد من اجله ا. ونعتقد أن المسؤول عن هذه النتائج هو قصور التشريع القائم.

” علاج لهذه النتائج يجب أن يأتي من جانب الشارع نفسه 162
في حين ذهب اتجاه آخر عن حق، إلى القول بأن المؤونة لا يمكن اعتبارها شرطا موضوعيا يترتب
على تخلفه أو عدم كفايته البطلا ن 163 لأن من شأن هذا الإضرار بحقوق الحامل دون مبرر، خاصة وأن هذا
الأخير ليس في وسعه التحقق من وجود المؤونة عند تسلمه الشيك، وفي هذه الحالة يهدر حق الحامل في.

الرجوع على الساحب ويهدر الثقة في التعامل بالشيك 164
ولعل تبرير ذلك منطقي كما أشار إليه أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد شكري السباعي في مؤلفه
القيم – الشيك ووسائل الأداء الأخرى- كون المؤونة ليست شرطا أو بيانا إلزاميا في الشيك، وإنما هي دين
نقدي للساحب لدى المسحوب عليه، يعرض الساحب عند تخلفه أو عدم كفايته للحظر البنكي والحظر
القضائي، والعقاب الجنائي، ما لم يقع الوفاء أو يدرك الشيك التقادم، زد على كل ذلك فلا بطلان بدون
نص قانوني صريح أو ضمني (لا تشير إليه المادة 240 من مدونة التجارة لا من قريب ولا من بعي د)

162 ورد عند: ذ.محمد محمود المصري – أحكام الشيك مدنيا وجنائيا في ضوء قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 ، وأحكام محكمة النقض-
طبعة 2000 ، المكتب العربي الحديث، طبع دار الجامعيين. ص: 50

163 Encyclopédie Dalloz / commercial// c.com Répertoire de droit commercial – op.cit. Page : 8
Voir aussi : Michel cabrillac – le chéque et le virement – op.cit. Page :36
Dominique legais – Droit commercial/ cours élémentaire, droit économie,10 éme édition 1995, sirey édition, imp.

S.A. normandie roto. Page : 274
Aide memoire technique et réglementaire sur le chéque et la lettre de change- collection guides alphabetiques,
édition c.l.e 1997. impemerie principale. (tunis). Page : 111
164 د. رحو الحسن- مرجع سابق – ص: 111
Voir aussi : YOUSSSEF KANANI – les effets de commmerce- le chéque-le virement et la carte de paiment- op.cit.
page : 275 et 288

أن البطلان يضر بالحامل أو المستفيد أكثر من الإضرار بالساحب المسؤول الأول عن وجود المؤونة
. وكفايتها، هذا الحامل الذي يروم التشريع حماية حقوقه في الوفاء والضمان 165
وهكذا فإن وجود المؤونة ليس شرطا لصحة الشيك بالذات، فالشيك على غرار سائر الاوراق
التجارية هو صك مستقل بذاته ومكتف ببياناته، فلا يحتاج لصحته أي شرط أو واقعة خارجية عنه، فمتى
توافرت فيه البيانات الالزامية المعينة في القانون يكون مستوفيا لشروط وجوده وصحته، بصرف النظر عن.

وجود مقابل الوفاء من عدمه 166
إذا كان المشرع قد اشترط لصحة الشيك من الناحية الصرفية تضمنه موعة من البيانات الإلزامية،
، فإنه بالمقابل ترك لأطراف الشيك حرية إدراج بعض البيانات الاختيارية وفقا لما يخدم مصالحه م 167
وتستنتج هذه الإمك انية الممنوحة لأطراف الشيك عن طريق مفهوم المخالفة، لما تدخل المشرع لمنع إدراج
بعض البيانات لكوا تتنافى وطبيعة الشيك كوضع تاريخ للاستحقاق أو اشتراط الفوائد أو اشتراط القبول

أو اشتراط عدم الضمان من طرف الساحب 168 ، دون أن يقرر منعا عاما صريحا بذلك.
وبعبارة أخر ى يمكن القول أن المشرع لما مكن أطراف الشيك من إدراج البيانات الاختيارية التي
تخدم مصالحهم، اشترط عليهم عدم تأثير هذه البيانات على طبيعة الشيك وفلسفته وفي حدود ما يمليه النظام
العام.

غير أن تجاوز هذا المنع القانوني يؤثر على الشرط أو البيان الاختياري وحده دو ن الشيك، وبعبارة

165 د.أحمد شكري السباعي- مرجع سابق – ص: 171
ويذهب في نفس السياق الدكتور فوزي محمد سامي، إلى القول بأن الرصيد (المؤونة) تعد أهم ضمانة يعتمد عليها الحامل لقبض قيمة الشيك، ويجب
القول بأن وجوده ليس شرطا لصحة الشيك، فهذا الاخير يعتبر صحيحا، كلما تضمن البيانات التي يتطلبها القانون وقت إنشائه، وكذلك عندما يصدر

من شخص له الاهلية للقيام بمثل ذلك التصرف.
د.فوزي محمد سامي – شرح القانون التجاري الأردني – الجزء الثاني (الأوراق التجارية)، طبعة 1994 ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان.

ص: 317
166 د.عبد المعطي محمد حشاد – مرجع سابق- الجزء الثاني، ص: 206
انظر أيضا: د. علي جمال الدين عوض – الشيك في قانون التجارة وتشريعات البلاد العربية- مرجع سابق، ص: 205

167 يستعمل بعض الباحثين للدلالة على البيان الاختياري مصطلح “التحفظ”، ويتعلق الأمر بالباحث الدكتور طالب حسن موسى، الذي ذهب إلى أن
التحفظ لا يعني شرطا ، فقد يكون مجرد ملاحظة يكتبها الساحب في الشيك، وتدخل في نطاق البيانات الاختيارية. فإن كانت لا تتعارض وطبيعته،
فإنها لا تخرجه عن وظيفته النقدية، كما لو كتب السبب فيه، فيمكن القول بأن الشيك تضمن ملاحظة تعد من البيانات الاختيارية، ومن بينها جواز

كتابة وصول القيمة، وان المستفيد اراد أن يحتفظ مقدما ليتجنب النزاعات التي قد تنشأ في المستقبل بأن الشيك تم انشاؤه من دون سبب أو لسبب
اخر، ولكن ليس دائما يكون سهلا تكييف طبيعة مثل هذه التحفظات، فقد يدل ظاهرها على انها شرط، كما لو وردت عبارة (وذلك عن قيمة

الكمبيالة) فظاهرها يعني أن الشيك تم تحريره تأمينا لسداد الكمبيالة، وبذلك تخرجه عن وظيفته النقدية، ولكن محكمة التمييز فسرتها على أن الشيك
قد اعط  ي لتسديد الدين المتمثل في الكمبيالة، أي أن هذه العبارة تفسر على انها وصول القيمة، والذي يمثل في نفس الوقت احد الأركان الموضوعية
لإنشائه.

د. طالب حسن موسى- مرجع سابق – ص: 6
168 المواد 267 و 242 و 245 و 250 من مدونة التجارة.
61
ثانية أنه إذا أدرج الأطراف شرطا اختياريا يحرم القانون إدراجه كان الشرط باطلا وكأن لم يكن، أما
. الشيك فيبقى صحيحا 169

وهكذا يمكن تقسيم البيانات الاختيارية كما درج على ذلك الفقه 170 إلى نوعين:
أولا بيانات اختيارية غير جائز ذكرها في الشيك كوضع تار يخ للاستحقا ق 171 أو اشتراط.

الفوائد 172 أو اشتراط القبول 173 أو اشتراط عدم الضمان من طرف الساحب 174
وثانيا بيانات اختيارية جائز ذكرها في الشيك كشرط وصول القيمة ومنها ما يقصد به تقوية
ضمانات الحامل كشرط الرجوع بلا مصاريف أو بلا احتجاج، وشرط الضمان الاحتياطي، وشرط الوفا ء.

في محل مختار، وشرط الاعتماد أو التسطير والشيك المقيد في الحساب 175
تشمل هذه البيانات على وجه الخصوص “شرط وصول القيم ة” و”الشيك المقيد في الحسا ب”.

“شرط الوفاء في محل مختار” 176
وصول القيمة هو سبب التزام الساحب قبل المستفيد، أو هو العلاقة القانونية بين الساحب
والمستفيد التي تجعل الأول مدينا للثاني وتبرر تحرير الشيك لمصلحة المستفيد، كأن يشتري الساحب بضاعة
من المستفيد ويحرر له شيك وفاء بالثمن، أو أن يقترض الساحب من المستفيد فيحرر الشيك وفاء بمبلغ
169 د.أحمد شكري السباعي- مرجع سابق – ص: 89 و 90
170 د.زهير عباس كريم – مرجع سابق – ص: 106 وما يليها

171 وفي هذا تنص المادة 267 من مدونة التجارة على ما يلي :
” الشيك مستحق الوفاء بمجرد الإطلاع.
ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كأن لم يكن.” وتبرير ذلك منطقي كون الشيك على خلاف الكمبيالة التي تعد أداة ائتمان يعد وسيلة أداء فوري بمجرد
الاطلاع وتقديم الشيك للمسحوب إليه قصد الوفاء ولو في يوم سحبه.
يتبع