ملامح من خصوصية المرأة في نظام الإجراءات الجزائية السعودي
تبرز أهمية الموضوع من حساسيته ، ذلك أن الشرع الإسلامي حرص على مقصد تحقيق العدل ونشر الأمن وحفظ الحقوق وذلك عن طريق القيام بأعمال الاستدلال والتحقيق والمحاكمة التي تؤدي في الغالب لكشف الجريمة وتحديد المجرم ليتم معاقبته، فكذلك حرص على مقصد عظيم من الضروريات الخمس وهو مقصد حفظ العرض وذلك بصيانة المرأة وحفظ كرامتها .وتحقيق المقصدين هو ما تتوخاه الشريعة وما سعى إليه المنظم في المملكة العربية السعودية .

وقد انفرد نظام الإجراءات الجزائية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م /2 وتاريخ 22 / 1 /1435هـ بتقرير كرامة المرأة ، وحفظ حقوقها المادية والمعنوية ؛ حيث خصّ المرأة التي يشتبه أو تُتهم أو ترتكب جريمة بمعاملة راقية تليق بوضعها وتركيبتها النفسية والبيولوجية ، وذلك لما يتسم به الوضع في المملكة العربية السعودية من خصوصية انفرد بها عن سائر دول العالم .

يتضح ذلك جليّاً في التأمل في كثير من نصوص نظام الإجراءات الجزائية التي نصت على تقرير وحفظ كيان المرأة المقيمة على أرض المملكة العربية السعودية سواءً كانت تحمل الجنسية السعودية أو غيرها ، مسلمة كانت أم غير مسلمة .فللمرأة حقوقٌ كثيرة كفلت صيانة حقوقها المادية والمعنوية ، وقررت كرامتها ، وحفظت خصوصيتها المستمدة من خصوصية هذه البلاد المباركة ، التي انفردت بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية السمحة عن باقي دول العالم .

ويقصد بالضمانات الخاصة بالمرأة في الإجراءات الجزائية : الإجراءات والحقوق التي تكفل بها النظام وألزم بالعمل بها أثناء القيام بالإجراءات تجاه المرأة المشتبه فيها أو المتهمة ، أو المحكوم عليها لتحفظ للمرأة كرامتها وحرمتها .وتعود مشروعية التحقيق مع المرأة لنصوص الشريعة الإسلامية ومنها ما ورد في حديث العسيف وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ” واغد يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ” ففي الحديث نص صريح على أمر النبي لأُنيس بأن يذهب إلى المرأة يسألها وسؤال أنيس للمرأة هو التحقيق عينه وفي هذا دليل على مشروعية التحقيق مع المرأة .

والمتأمل لنظام الإجراءات الجزائية يجد أنه خص المرأة بعدد من الأحكام في عدد من المواد من أهمها : ( 12 ، 36 ، 43 ، 53 ، 54 ) .كما قرر ضمانة هامة تتعلق بسماع أقوال المرأة واستجوابها والتحقيق معها فنص في الفقرة 3 من م 36 بقوله : ( يكون سماع أقوال المرأة واستجوابها والتحقيق معها بحضور أحد محارمها ، فإن تعذر ذلك فبما يمنع الخلوة ) ولا شك أن هذا النص يتفق مع القواعد الشرعية التي تحفظ للمرأة عفتها وتصونها عن أن تنتهك ، ومن القواعد المنصوص عليها أيضاً عدم جواز تفتيش الأنثى إلا بواسطة أنثى صيانة للأعراض والكرامة وإعمالاً للنصوص الشرعية في المحافظة على العورات . وهذا ما نص عليه نظام الإجراءات الجزائية ويترتب على مخالفته بطلان التفتيش وما يترتب عليه . إذ جاء في عجز المادة ( ٤٢ ) : ( وإذا كان المتهم امرأة وجب أن يكون التفتيش من قبل امرأة يندبها رجل الضبط الجنائي ) .

ختاماً فهذه لمحة وإطلالة توضح التزام نظام الإجراءات الجزائية بما ورد في الشريعة الإسلامية وهو أمر غير مستغرب من دولة قامت على الشريعة الإسلامية ونص نظامها الأساسي للحكم في المادة السابعة على أنه ( يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة )

الدكتور / فيصل بن عبد العزيز اليوسف ، إدارة التطوير والتدريب ، برنامج الأمان الأسري الوطني

إعادة نشر بواسطة محاماة نت