​​ما هي أبرز حقوق المتهم بموجب أنظمة المملكة (العدالة الجنائية)؟​

القضاء في المملكة العربية السعودية يتقيد بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، إذ نصت المادة (38) من النظام الأساسي للحكم على أن: “العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي، أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي”، كما نصت المادة (2) من ذات النظام على أنه “لا ي​جوز القبـض على أيِّ إنسـان أو تفتيشه أو توقيفه أو سِّجنه إلا في الأحوال المنصـوص عليها نِظاماً، ولا يكون التوقيف أو السِّجن إلا في الأماكِن المُخصَّصة لكُلٍ مِنهما، وللمُدة التي تحددها السُلطة المُختصة. ويحظُر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويِّاً، كما يُحْظَر تعريضُه للتعذيب أو المُعاملة المُهينة للكرامة”. وتضمنت المادة (3) من ذات النظام عدم جواز إيقاع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمرٍ محظور، ومعاقب عليه شرعاً أو نظاماً. وتجدر الإشارة إلى أن القضاء في المملكة يأخذ بمبدأ القانون الأصلح للمتهم. كما كفل النظام حق المتهم وقت إيقافه بمعرفة سبب الإيقاف، وحق الاتصال بمن يرى إبلاغه كما ورد في المادة (116) منه، وكذلك تضمن النظام حق المتهم في توكيل محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة كما جاء في المواد (4)، (65)، (70) منه.​

ما هي الإجراءات النظامية للتعامل مع الأحداث الجانحين؟

أخذت المملكة العربية السعودية بنظام القضاء المتعدد في قضايا الأحداث، حيث تتشكل دوائر الأحداث ضمن المحاكم الجزائية من ثلاثة قضاة؛ وتستند الأحكام القضائية في إثبات بلوغ الشخص على توافر إحدى علامات البلوغ الحسية (الفسيولوجية)، التي يعد معها الشخص أهلاً للمساءلة الجنائية، وهذا يأتي متسقاً مع الاستثناء الوارد في تعريف الطفل بحسب المادة (1) من الاتفاقية. وتجدر الإشارة إلى أن إثبات البلوغ من المسائل الفقهية التي يسوغ فيها الاجتهاد لتقدير الأنسب تبعاً للظروف والاعتبارات الناشئة عن المتغيرات العصرية، لذا فقد صدرت العديد من الأنظمة التي تُعنى بحماية الطفل، والتي عرفت الطفل بأنه كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره.

توجب النظم واللوائح التي يخضع لها الأحداث الجانحون تطبيق عدد من الإجراءات النظامية التي تضمن معاملة الحدث معاملة حسنة، منها:

-تسليم الحدث في كل الأحوال إلى دار الملاحظة (دار خاصة بالأحداث) فور القبض عليه وفق المادة (10/أ) من اللائحة الأساسية لدور الملاحظة الاجتماعية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 611 وتاريخ 13/5/1395هـ الموافق 24/5/1975م، ولا يحتجزون بأي حال من الأحوال في غير الدار.
-عدم جواز إيقاف الحدث إلا بأمرٍ من قاضي الأحداث.
-إلزام رجال الشرطة الذين يباشرون القبض على الأحداث بارتداء الزي المدني.
-منع استخدام القيود (الأصفاد) للحدث.
-إجراء الفحوص الطبية والنفسية اللازمة على الحدث فور إيداعه دار الملاحظة وتقديم تقرير عن حالته الصحية والنفسية والاجتماعية لناظر القضية قبل بدء محاكمته.
-إجراء التحقيق مع الحدث داخل دار الملاحظة وبحضور ولي أمره وأحد المختصين.
وقد تم إنشاء دائرة مستقلة للتحقيق في قضايا الأسرة والأحداث في هيئة التحقيق والادعاء العام، باشرت عملها في عام 2010م، تختص بمعالجة القضايا المتعلقة بالأسرة والأحداث، وتهدف إلى متابعة توفير الرعاية والحماية الكاملتين لهم خلال مرحلة التحقيق، وقد تم تزويد تلك الدوائر بالإمكانات المادية والبشرية من المحققين المؤهلين، والمدربين في مجال التحقيق مع الأحداث، وقد أنشئت هذه الدوائر داخل مباني دور رعاية الأحداث.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهات المعنية تدرس – حالياً –مشروع نظامٍ خاص بالأحداث، ينظم جميع المسائل المتعلقة بالأحداث الجانحين، في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة والتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي أصبحت طرفاً فيها، كما يتم الاسترشاد بإعلانات وبرامج واستراتيجيات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وفيما يتعلق بجهود القضاء على العنف ضد الأطفال ومنع جنوحهم، فقد اتخذت المملكة العديد من التدابير الرامية إلى ذلك ومنها، إصدار نظام حماية الطفل بموجب المرسوم الملكي رقم م/14 وتاريخ 3/2/1436هـ الموافق 25/11/2014م، الذي تضمن أحكاماً تحول دون جنوح الأطفال من خلال حظره لإيذاء وإهمال الأطفال. كما صدرت اللائحة التنفيذية لنظام الطفل التي تتضمن أحكاماً تفصيلية للنظام.

كما صدر نظام الحماية من الإيذاء بموجب المرسوم الملكي رقم (م/52) وتاريخ 15/11/1434هـ الموافق 20/9/2013م ليشكل أحد الأطر الوطنية الهامة للتصدي لأشكال الإيذاء المختلفة التي قد تواجه عدداً من فئات المجتمع بمن فيهم الأطفال، ويهدف النظام إلى ضمان توفير الحماية من الإيذاء بمختلف أنواعه، وتقديم المساعدة والمعالجة، والعمل على توفير الإيواء والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لمساءلة المتسبب ومعاقبته، ونشر التوعية بين أفراد المجتمع حول مفهوم الإيذاء والآثار المترتبة عليه.

وفيما يتعلق بالآليات الوطنية المعنية بحقوق الأطفال، فقد تم إنشاء مجلس شؤون الأسرة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 443 وتاريخ20/10/1437هـ، الموافق(27/7/2016م)، وهو مجلس يرأسه وزير العمل والتنمية الاجتماعية. ويتولى المجلس مهمة رعاية شؤون الأسرة داخل المملكة، ويهدف إلى تعزيز مكانة الأسرة ودورها في المجتمع والنهوض بها، والمحافظة على أسرة قوية متماسكة ترعى أبناءها وتلتزم بالقيم الدينية والأخلاقية والمثل العليا. ويتألف المجلس من لجان تعنى بحقوق الأطفال والنساء والمسنين.

كما تقوم هيئة حقوق الإنسان بموجب الفقرة (7) من المادة (5) من تنظيمها الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (207) وتاريخ 8/8/1426ه الموافق (12/9/2005م) والمعدل بقرار مجلس الوزراء رقم (237) وتاريخ 5/6/1437هـ الموافق (14/3/2016م) بتلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان والتحقق من صحتها، واتخاذ الإجراءات النظامية في شأنها، بما فيها الشكاوى المتعلقة بحقوق الأطفال. كما تقوم مؤسسات المجتمع المدني بهذا الدور، حيث تتلقى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ومتابعتها مع الجهات المختصة بموجب نظامها الأساس.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت