بحث التعويض المدني وكيف يتم تقديره في القانون اليمني

بسم الله الرحمن الرحيم

التعويض المدني وكيف يتم تقديريه

 

تمهيد:
نزع الملكية الخاصة في الفقه الإسلامي:
تعد حماية وصيانة الأموال الخاصة، وعدم الاعتداء عليها من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة وحماية الأموال هو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة الضرورية وترتيباً على ذلك يلتزم الكافة، باحترام حق الملكية الخاصة وعدم المساس بها سواء كان بين الأفراد أو في علاقتهم بالدولة وأحكام حماية الأموال والمعاملات فهيا شرعت لتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم سواء كانت هذه المصالح فردية أم عامة، فالغاية من أحكام الشريعة الإسلامية المحافظة على كيان المجتمع وتحقيق مصالح الناس بجلب النفع لهم أو دفع المضار عنهم ولفهم هذه الأحكام سعى الفقهاء جاهدين لوضع قواعد فقهية تسهل الوصول لمعرفة أحكام الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات ومن أبرز هذه القواعد ما سنورده لاحقاً.
1- لا ضرر ولا ضرار:
بالإضافة للعديد من القواعد الأخرى، التي استنبطها الفقهاء المسلمون لمواجهة ومشاكل ومتطلبات المجتمعات الإسلامية في العصور الحديثة.

ومن هذه القواعد وغيرها بين حقوق الأفراد وواجباتهم وبين مصالح الناس جميعاً في حالة التعارض وعند استحالة التوفيق بين مصالح الخاصة والعامة لتعارضهما لذلك أجاز الفقهاء نزع الملكية الخاصة للضرورة والحاجة لتوسعه المسجد أو الطريق مقابل تعويض عادل يقدره ذوى الخبرة.

أما في غير ذلك فيعتبر اعتداء واغتصابا للملكية الفردية فرعاية المصلحة العامة في الشريعة الإسلامية وتعليها على المصلحة الفردية، لا يعني إهمال الأخيرة أو ضياعها نهائياً فذلك لا يقره الشرع أو العقل الإسلامي “فلا يؤخذ من أحد مال إلا بحقه” كما هي القاعدة مهما كانت الضرورة أو الحاجة التي استدعت لذلك.

ومن ثم فإن نزع الملكية الخاصة لا يكون إلا للضرورة، أو الحاجة التي تنزل منزلتها على أن تقدر هذه الضرورة بقدرها، ومقابل تعويض عادل لما تم استملاكه من العقارات الخاصة لصاحبها.

وعلى مثل هذه الأحكام جاء القرار الرابع لمجمع الفقه الإسلامي مؤكد على شروط يجب توافرها لجواز نزع الملكية، أهمها التعويض العادل والفوري وأن تكون المصلحة العامة ضرورية وإلا تكون مصلحة استثمارية فإذا لم تتوفر هذه الشروط اعتبرت السلطة التي قامت بها غاضبة للعقار المنزوع ملكيته ظلماً صـ150.
كتاب المستمر الأجنبي في القانون المصري واليمني للدكتور/ عبد العزيز النعماني
وبالتالي فإن موضع بحثنا هو التعويض المادي أو النقدي وكيف يتم تقريره بالإضافة إلى ذكر بعض الجوانب المتعلقة بذلك كالأطراف والمدة والعناصر….
جاء في كتاب شرح قانون الإجراءات الجزائية القسم الأول الدعاوى الناشئة عن الجريمة لدكتور مطهر صالح أنقع صـ201 مايلي:
التعويض: نصت المادة(304) من القانون المدني على أنه “كل فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئا عن عمد أو شبه عمد أو خطأ إذا سبب للغير ضرراًُ، يلزم من ارتكبه بتعويض الغير عن الضرر الذي أصابه ولا يخل ذلك بالعقوبات المقررة للجرائم طبقاً للقوانين النافذة، ووفقاً لهذا النص فإن التعويض إنما يكون عبارة عن مبلغ من المال النقدي مقابل الضرر الناجم عند الجريمة أي ما أصاب المجني عليه من خسارة فعلية وما فاته من كسب بسبب الجريمة صـ201

وقد صرح المشرع المدني بوجوب التعويض عن الضرر بنوعيه في المادة(352) من القانون المدني حيث نصت في فقرتها الأولى على أنه يشمل التعويض الضرر المادي والضرر الأدبي أيضاً والضرر المادي يتمثل في خسارة مالية تحل بصاحب الحق أو المصلحة نتيجة العدوان على حقه أو على مصلحة المشروعة وقد يقع العدوان على حق مالي فيؤدي به كله أو ينقص منه، وقد يقع العدوان على غير ذلك …كالعدوان على حرية الشخص فيخول بينه وبين القيام بعمل يدر عليه ربحاً او يدرأ عنه خسارة مالية. صـ206
وجاء في القانون المدني اليمني في المادة(350) لا يصح الاتفاق على الإعفاء من المسئولية المترتبة على العمل غير المشروع ويضمن المباشر.
وكذا المادة(351) إذا لم يكن متفقاً على مقدار التعويض في العقد او بنص قانوني فالقاضي هو الذي يقدره ويكون التقدير على أساس ما لحق صاحب الحق من ضرر محقق بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالحق او للتأخر في الوفاء به ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعه صاحب الحق أن يتوقاه ببذل جهد معقول وإذا كان الحق ناشئاً عن عقد فلا يحكم على الملتزم الذي لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت العقد.

(352) (يشمل التعويض الضرر المادي والضرر الأدبي أيضاً ولكن لا يجوز أن ينتقل الحق في تعويض الضرر الأدبي إلى الغير إلا إذا اتفق على ذلك وكان صاحب الحق قد طالب به أمام القضاء)
(253، 254)
(256) (كل اتفاق على فائدة ربوية باطل ولا يعمل به، وكل اتفاق تبين أنه يشيد فائدة ربوية غير صحيح كذلك لا يعمل به ، ومع ذلك يجوز لصاحب الحق أن يتفق على عموله في مقابل أي عمل يقوم به المنفعة المدين بالوفاء ولا يجوز أن تزيد نسبة النسبة المتفق عليها في مقابل الأمور المنصوص عليها في الفقرة السابقة عن(5%) من قيمة الحق ويجوز للقاضي أن يرفض الحكم بالمقابل المتفق عليه إذ إذا ما تبين أنه نقص من الاتفاق الحقيقي عن النسبة المتفق عليها مع مراعاة العرف التجاري فيما لا يخالف شرعاً.
مادة(257) يتبع ما هو منصوص عليه في القانون التجاري بالنسبة للمسائل التجارية فيما يتفق مع الشرع ولا يخالفه.
الفانون المدني (114) لسنة2002م بشأن:ـــ
تعريف التعويض بشكل عام: يقصد بالتعويض إصلاح الضرر وجبر أثار الفعل ويصح التعويض عن الضرر المادي والضرر الأدبي ويشترط بالحكم في التعويض عن الضرر المادي أن يكون هناك إخلال بمصلحة مادية للمضرور أما التعويض عن الضرر الأدبي يكون مقابل لما أصاب المضرورة من الآلام في الأحاسيس والمشاعر أو الشرف أو الاعتبار ويتعين للحكم بالتعويض أن يكون الضرر محققاًفلا يكن مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل للحكم في التعويض وعلى العكس من ذلك يكفي أن يكون الضرر محققاً حتى يقضي بالتعويض ولو كان مقدار جسامته لم تتحدد بعد.
“كتاب شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني تأليف: محمد بن محمد سيف شجاع صـ198”
وللتعويض ثلاث صور وهي كالتالي: 1- التعويض النقدي. 2- الرد. 3- المصاريف القضائية.

1- التعويض النقدي:
وموضوعنا في هذا البحث هي الصورة الأولى الخاصة بالتعويض النقدي
أولاً: التعويض النقدي: وهو التعويض بمعناه الخاص ويتمثل في مبلغ من النقود يعادل الضرر الذي أصاب المضرور من الجريمة ويجرى تقديره على أساس ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ويصح أن يكون التعويض مبلغاً يدفع فوراً أو على أقساط أو دورياً وتقدير مبلغ التعويض من الأمور الموضوعية التي يستغل بتقديرها قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض، إنما يلزم أن يكون المدعي قد طالب به فلا يجوز القضاء بالتعويض إلا إذا طالب به المدعي بالحقوق المدنية كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي بأكثر مما طلبه المدعي كتعويض ولو تبين للمحكمة جسامه الضرر عن تقدير المدعي.
“كتاب شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني تأليف: محمد بن محمد سيف شجاع صـ199”
وجاء في كتاب النظرية العامة لالتزامات في القانون المدني اليمني الجزء الثاني/ الدكتور محمد بن حسين الشامي صـ71
بعنوان التعويض القانونية الفوائد:
76- القوانين التي تكلفت بتحديد مقدار التعويض تكفل القانون المدني المصري والسوري والعراقي والليبي واللبناني ،بتحديد مقدار التعويض المتمثل في فوائد النقود.
ومقتضي ذلك أن هذه القوانين أجازت للدائن بمبلغ من النقود أن يتقاضي من المدين فوائد عن هذا المبلغ، أما مقابل تأخير السداد عن موعده، وإما مقابل انتفاع المدين بهذا المبلغ مده معينة.
واستحقاق الدائن لهذه الفوائد لا يخلو إما أن يكون باتفاق المتعاقدين على ألا تزيد عن حدها الأقصى في القانون المدني المصري عن 7% وإما أن تكون بنص القانون ومقدارها فيه 4% عن المسائل المدنية و5% عن المسائل التجارية، أما فوائد الاستثمار فلها تقدير واحد وهو 7%.
إلا أن هذه القوانين كراهية منها لهذا التعامل الربوي قد حاولت التضييق من نطاقة فقررت أن الدائن لا يستحق هذه من وقت الاعذار وإنما من وقت المطالبة القضائية وأن المدين لو دفع فائدة زائدة على السعر القانوني فله استردادها وأنه لا يجوز أن تزيد الفوائد على مقدار رأس المال على ألا يستحق الدائن هذه الفوائد إلا إذا توافرت الشروط الآتية:
1- الشرط الأول: أن يكون موضوع الالتزام دفع مبلغ من النقود.
2- الشرط الثاني:أن يكون هذا المبلغ معلوم المقدار وقت الطلب.
3- الشرط الثالث: أن يتأخر المدين عن الوفاء بدفع المبلغ عن الموعد المتفق عليه.
4- الشرط الرابع: أن يطالب الدائن بهذه الفوائد.
78- النصوص القانونية صـ74 نصت المادة(356) مدني يمني على أن (كل اتفاق على فائدة ربوية باطل ولا يعمل به….ومع ذلك يجوز لصاحب الحق أن يتفق على عمولة في مقابل أي عمل يقوم به لمنفعة المدين أو أي نفقه ينفقها في سبيل تنفيذ العقد…الخ)
والمستفاد من النص أنه قد ميز بين أمرين
الأمر الأول: أنه حرم الاتفاق على فائدة ربوية مقدره …الخ
الأمر الثاني: أن النص أجاز للدائن والمدين أن يتفقا على عمولة لا تتجاوز 5% من قيمة الحق نظير عمل يقوم به الدائن لمنفعة المدين أو أي نفقه ينفقها من تنفيذ العقد ومطالبة المدين بالوفاء وتحرزاً من الربا أجاز النص للقاضي أن يرفض الحكم بالمقابل المتفق عليه أن ينقصه تبعاً لما يظهر من أن المبلغ المتفق عليه لا يمثل اتفاقاً حقيقاً أو أنه مبالغ فيه وجعلت للقاضي أن يستأنس في ذلك بالعرف التجاري وكل ذلك يشرط أن لا ترتبط هذه العمولة بمدة محدودة ولا تجدد كل سنة).

وحينئذ فلا يعد في نظرنا أن تكون هذه العملة التي يشترطها الدائن سلفا- فائدة ربوية مستترة لا نرى جواز الحكم بها ولا أنها تحل للدائن شرعا(1) جاء في أدنى الصفحة 76 من ذلك أي في الهامش: وذلك لإمكان كسب الربح المشروع والنافع عن طريق مشاركه الدائن للمدين في رأس المال والعمل وفقاًَ لنظام المضاربة والربح حسب الاتفاق أو يتفقا على تقديم المال قراضا والاتفاق على نوع العمل وطبيعة أيا كان وتوزيع الأرباح حسب الاتفاق مع حفظ رأس مال الدائن ونحو ذلك من صنوف أنواع المشاركات الفعلية في مختلف ميادين الأعمال الوطنية، بناء، صناعة، وغير ذلك فإذا ما اقتحمت بيوت الأموال العمل بهذا النظام فإنها ستخفف عن الدولة بعض الأعباء المتعلقة بهذا النشاط وستمتص جميع الأيادي العاطلة وفي ذلك جانب الربح الوفير أجر عظيم.
“من كتاب التعويض المدني المسئولية المدنية التعاقدية والتقصيرية في ضوء الفقة وأحكام محكمة النقض للمستشار الدكتور عبد الحكيم فودة الباب الثاني أحكام المسئولية المدني الفصل الأول:الأحكام العامة في الالتزام بالتعويض صـ159”

201- تعريف المقصود بالالتزام بالتعويض: يقصد بالالتزام بالتعويض ذلك الجزاء المدني الذي يفرضه القانون على كل مخطئ سبب ضرراً لغيره وذلك لجبر الضرر سواء كان مادياً أو أدبياً فقد قلنا أن الخطأ انحراف بالسلوك يؤدي إلى الإخلال بواجب قانوني كما قلنا أن الضرر نتيجة مباشرة للخطأ يجب أن ترتبط به الرابطة السببية المباشرة سواء كان هذا الضرر عن خسارة لحقت المضرور بالفعل أو كسب فائت وسواء كان هذا الخطأ مصدره القانون أو المصادر الاخرى للالتزام.
* طرف التعويض:
يقصد بطرفا التعويض الدائن والمضرور الذي لحق به الضرر من خطأ المدين ونستلخص من ذلك إلى أنه يجوز أن يكون الشخص المعنوي دائنا، سواء كان في صورة جمعية أو مؤسسة كمعهد او مستشفي أو شركة تجارية أو مدنية أو الدولة او….الخ كما يجوز لمن تضرر شخصياً أن ينصب نفسه مدعيا بالتعويض.

204- المدين بالتعويض: هو مرتكب الفعل الضار إذ هو الملتزم في دعوى التعويض سواء كان شخصاً طبيعا، أو معنوياً هو الذي ارتكب الفعل الخطأ بشخصه أو عن طريق مسئولية كمتبوع عن أحد تابعية يلتزم بالتضامن مع تابعه عن تعويض الضرر ويقوم هذا الالتزام في الشق السلبي للذمة المالية سواء كانت الذمة لشخص طبيعي أو لشخص معنوي. صـ162
205-تعدد المدينون بتعدد الافعال الضارة :
اذا كان ذلك فلايجوز للمضرور ان يتقاضى كامل تعويضه من احدهم ثم يعود على الاخر بكامل التعويض مره اخرى فلايجوز استيفاء تعويضين عن ضرر واحد .
وقد نصت المادة (169) من القانون المدني على انه اذا تعدد المسئولون عند عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر , فالتضامن مقرر بحكم القانون سواء ورد في الحكم ام لم يرد به وان من يقوم بالسداد عن المدين الاخر فهو ينوب عنه تبادليا في السداد وبقدر ما زاد عن التزامه , فالمسئولين بالتضامن كفلاء بعضهم لبعض ووكلاء بعضهم عن بعض وخلاصة القول ان المسئولين عن الفعل الضار يتضامنون في مواجهة الدائن اذا كان هناك اتفاق على ذلك اولم يكن هناك اتفاق وكان لكل منهم خطاء ساهم في الحادث اولم يكن بينهم اتفاق وكان الخطاء مشتركاً فيما بينهم ولم يتفرد احدهم باحداث الضرر بالكامل وامكن الوقوف على نصيب كل منهم في احداث الضرر , ويوزع التعويض بينهم بحسب جسامة كل خطاء ومقدار ما سهام به في احداث الضرر صـ164,
يستحق التعويض من الوقت الذي وقع فيه الضرر وإذا كان الضرر مستقبلياً مؤكداً فإن التعويض يستحق من التاريخ الذي يقع فيه الضرر مؤكداً فإذا قضى القاضي بالتعويض فحكمة لم ينشئ حقاً جديداً للمضرور بل هو يكشف عن هذا الحق ومداه والملزم بتأديبه صـ 167 المرجع السابق.
والجدير بالذكر أنه إذا وقع الضرر استحق التعويض رضاءاً أو قضاءاً دون ثمة أنذار يوجه إلى المدين فلا عذار غير مطلوب إلا في المسؤلية التعاقدين دون المسؤلية التقصيرية التي تنبئ على فعل غير مشروع ولكن إذا كان العقد يلفي التزاماً سلبياً على عاتق أحد طرفيه كأن تنفق في العقد على التزام معين على المتعاقد بالإمتناع عن عمل معين فإنه لا يلزم ايضا أن يوجه المتعاقد إنذار للمتعاقد الآخر بتنفيذ الألتزام بالإمتناع عن العمل لأن هذا الالتزام قائم فعلاً في ذمة المتعاقد ولا حاجة لتذكيره به فإذا أخل بهذا الإلتزام السلبي استحق عليه التعويض بلا انذار إلا إذا كان الإلتزام العقدي ايجابيا فكما قلنا يتطلب الأمر انذار قبل التعويض صـ 168.
* عناصر التعويض :
يقدر التعويض النقدي بقدر جسامة الضرر على ضوء الظروف الملابسة للحادث حيث يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فات عليه من كسب محقق طالما كان الضرر نتيجة طبيعية للخطأ الواضح ولا يتطلب الأمر أن تحيل المحكمة الدعوى للتحقيق لسماع شهود في شأن تقدير قيمة التعويض كما يجري على ذلك بعض المحاكم بل يكفي ان يقدر القاضي التعويض بنفسه مستهدياً بظروف الواقعة بمدى جسامة الضرر والخطأ صـ 168.

والجدير بالذكر ايضا أنه يجب على قاضي الموضوع أن يبين عناصر الضرر في حكمه ويناقش كل عنصر على حده ويوضح مقدار التعويض الذي يخصصه لكل عنصر.

مرد ذلك أن الزام القاضي بهذا التخصيص يعطي لمحكمة النقض الفرصة لكي تراقب قاضي الموضوع في مقدار التعويض الذي اختص بكل عنصر من عناصر الضرر وأن محكمة الموضوع لم يفت عليها عنصراً إلا وقد أحاطت به وخصصت له تعويضاً كالضرر الأدبي والضرر المادي والضرر المستقبلي والكسب الغائت والضرر المرتد ومن الجائز للمحكمة أن تجمع هذه العناصر في عنصرين اساسين كأن تجميل القول بأنها وقفت على حجم الضرر المادي وخصصت له مبلغاً كذا كما وقفت على الضرر الأدبي وخصصت له مبلغ وكذا .
وبصفة عامة فتقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي تترك لقاضي الموضوع لكن تحديد عناصر الضرر مسألة قانونية كأن تقول المحكمة أنها استشفت من حدوث اصابة للمجني عليه أنه أصيب بأضرار مادية لحقت بجسده وماله فهذا من جانبها تكييف المسألة قانونية إن ما حدث ضرر مادي …. الخ.
*مقدار التعويض :
يجب أن يكون التعويض مساوي للضرر المباشر لكي تكون عادلة في مقدار التعويض يجب أن يتحقق هذا التعادل بلا نقص ولا زيادة بحيث لا يثرى المضرور من التعويض ولا تكون الحادثة مصدر خير له على حساب المدين فيكفي أن يعاد الحال إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر فيجب أن ينضر القاضي إلى شخصية المضرور ووضعه في المجتمع ومدى حجم الضرر وما تكبده المضرور من آلام نفسية ومصاريف لإعادة حالاته إلى ما كانت عليه مع مراعاة الضروف الملابسة عند تقديم التعويض.
213- التعويض يعادل الضرر وقت الحكم :
ويجب أن يكون مقدار التعويض على ضوء حالة القوة الشرائية للنقود وقت الحكم يجب أن يزبد إذا كانت القوة الشرائية قد انخفضت ذلك أن التعويض يكون قليل القيمة إذا قدر على ضوء تاريخ الحدث وهذا ما يعني أن يراعي القاضي ذلك عند أصدار الحكم .
214- الفوائد :
قلنا فيما سبق أن التعويض يكون مستحق للأداء من يوم وقوع الفعل غير المشروع والحكم الذي يتضمن التعويض يعتبر كاشف غير منشئ ويجدر التساؤل هنا هل يستحق المجني عليه فوائد عن المبلغ الذي قضي به فعلاً وإذا كان يستحق ومن أي وقت؟ قضت محكمة استئناف القاهرة القول بأن الفوائد لا يجوز الحكم بها من يوم المطالبة القضائية لأن الدين لم يكن معلوم المقدار عند رفع الدعوى مردود بأن الفوائد يجوز الحكم بها من تاريخ المطالبة القضائية لأن المبلغ المحكوم به عبارة عن مبلغ من المال مستحق في ذمة المسؤل وإن اختلف في تقديره إلا أنه متى كان الحكم قد حدده وحسم الخلاف في شأنه بتقدير مبلغ معين فتعتبر ذمة هذا المسؤل مشغولة به منذ مطالبيه به رسميا لأن الأحكام مقررة للحقوق وليست منشأة لها .
محكمة استئناف القاهرة .
( 13/ديمسبر /1953 في الاستئنافين 127 سنة 72 ق 159 سنة 74 ق).
كما قضت محكمة النقض بأن التعويض عن الفعل الضار يعتبر مستحق الأداء من يوم وقوع العمل غير المشروع ويسقط جميعه بالتقادم بإنقضاء 15 سنة تبدأ من يوم وقوع العمل غير المشروع وفقا للمادة (208) مدني( نقض مدني جلسة 10/5/1962م المكتب الفني لسنة 19 رقم )97 وللرد على التساؤل حول الفوائد فقد نصت المادة (226) من التقنين المدني الحالي على الزام المدين بأن يدفع للدائن فوائد التأخير القانونية إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به ومن ثمة فلا محل لاستحقاق فوائد التأخير إلا إذا كان الدين نقدياً سواء كان ناشئا عن عقد أو فعل نافع ولا يستثنى من ذلك الإلتزام بالتعويض عن عمل غير مشروع حيث يخرج من الديون التي تسري عليها فوائد تأخيريه حيث يشترط أن يكون مبلغ الدين معلوم المقدار وقت الطلب فالتعويض يخضع لتقدير المحكمة وهو غير معروف وقت المطالبة القضائية لكن إذا تحدد التعويض سرت على عدم سداده الفوائد التأخيرية ويكون التعويض محدداً رضائا وقضاءا وقد قضت محكمة النقض بأن المقصود بالإلتزام المعين المقدار أن يكون تحديد مقداره قائما على اسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير .
( نقض مدني 30/12/1976م المكتب الفني 27 رقم 340 حتى 1857 )
المرجع السابق صـ 173.
حيث جاء في كتاب المركز القانوني للمستثمر الأجنبي في اليمن ومصر للدكتور عبدالعزيز سعد يحيى النعماني صـ 295 وما بعدها .

التعويض بالنسبة لقانون الإستثمار المصري والقوانين المقارنة ورد في القانون المصري بشأن نزع الملكية في خصوص مقدار التعويض فقد قضى في مادته السادسة بأن يقدر التعويض طبقا للأسعار السائدة وقت صدور قرار نزع الملكية ويتفق تشريع الإستثمار اليمني مع التشريع المصري في أن المشرعين أخذا بتحديد التعويض العادل على اساس القيمة السوقية للعقار وهو ما تضمنه نص المادة (13/ب) من قانون الإستثمار اليمني رقم (22) لسنة 1991م وما استقرت عليه التعديلات التشريعية الذي خضع لها هذا القانون وكذا مشروع التعديل الأخير المقدم للبرلمان والذي اقترح أن تضاف إلى معيار تقدير التعويض العادل على اساس القيمة السوقية / عبارة للمشروع بدلا من العقار يشمل التعويض المشروع الإستثماري ككل وليس العقار فقط صـ305.

وقد قضت بعض الاتفاقيات بخصوص معاملة المستثمر الأجنبي أن يمنح تعويضات عن الأضرار والخسائر تماثل التي يحصل عليها الوطنيين في الدولة المضيفة وأضافت بعض الاتفاقيات أن تتم التعويضات أو اعادة الحال إلى نصابه وفقا لمبدأ المواطنة تشبيها بالأجانب الوطنيين أو لمبدأ الدولة الأولى بالرعاية ويتضح بجلاء من ذلك الحرص الشديد على أنه لا يستملك مال أحد إلا للضرورة ومقابل تعويض عادل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية دون تمييز وأن يكون النزع للملكية في اضيق الحدود وبالقدر الذي يدفع به الضرر طبقا للقاعدة ( الضرورة تقدر بقدرها ).

بإعتبارها استثناء من الأصل القاضي بإحترام الملكية الخاصة وعدم جبر صاحبها على تصرف لا يرضاه خاصة إذ لم يكن هناك مصلحة أو كانت المصلحة يسيرة حيث يكون نزع الملكية ظلماً على أن مثل هذه القواعد ملزمة لدى المحاكم اليمنية ويجب اعمالها بإعتبار الشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات وفقا للمادة الثالثة من الدستور اليمني صـ 2 المرجع السابق.

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت