هل يمكن للعميل تمييز المحامي الكفؤ من غيره؟
يوماً بعد آخر تزداد أعداد المحامين في المملكة، ومع تعقيدات الحياة والعلاقات والأعمال، تتعاظم الحاجة إلى الاستعانة بالمحامي لتقديم خدمات الاستشارات والترافع للأفراد والشركات والهيئات.

ولعل أصعب وأهم خطوة يخطوها صاحب الحق أو المحتاج للمحامي في سعيه للوصول إلى حاجته؛ هي حسن اختياره للمحامي الكفؤ المؤهل والأكثر قدرة على حفظ حق هذا العميل، أو تقديم الاستشارة الصحيحة له، أو تسريع عملية رفع الضرر عنه إن كان متضرراً. والإخفاق في اختيار المحامي الكفؤ يعتبر من أبرز الأسباب المؤدية لضياع حق صاحب الحق، أو إلحاق الضرر به من خلال استشارة خاطئة، أو اتخاذ إجراءات غير صحيحة.

ولأن عميل المحامي غالباً لا يكون متخصصاً وذا اطلاع على علوم الشريعة والقانون، فإنه قد يتعذر عليه أو يصعب كثيراً إدراك مدى كفاءة المحامي، أو التمييز بين محام وآخر. وفي هذا المقال سأحاول – قدر المستطاع – تقديم بعض الملاحظات أو التوصيات التي قد تخفف من مقدار الحيرة التي تعتري من يبحث عن محام كفؤ، وتعينه على الاقتراب أكثر من اتخاذ القرار الصحيح، وذلك في عدة نقاط هي:

أولاً: لا تنخدع بالمظاهر الدعائية، ولا الشهرة الإعلامية، ولا بفخامة المباني والمكاتب، ولا بدبلوماسية اللقاء الأول مع المحامي قبل التعاقد معه، ومدى وديته ولباقته في لقاء التعارف معه.

ثانياً: احرص على البحث عن ذي الخبرة المناسبة لنوع قضيتك، إذ إن معرفة خبرة وتخصص المحامي في أي نوع من القضايا ليس بالأمر الصعب، سيما حينما يشتهر المحامي عند الناس بكثرة تولي نوعية من القضايا، كالتجارية، أو العقارية، أو الأحوال الشخصية، أو غيرها. وكذلك بالنظر في خبرة المحامي السابقة، في حال كانت تلك الخبرة قضائيةً أو قانونية استشارية في قطاع حكومي أو أهلي، قبل أن يستقل ليكون محامياً.

ثالثاً: احرص على الاطلاع على السيرة الذاتية العلمية والمهنية للمحامي قبل اختياره، واقرأ في هذه السيرة بتمعن؛ لتدرك منها الكثير من الدلالات التي تقربك أو تبعدك عنه.

رابعاً: اسأل قدر المستطاع عن هذا المحامي لتعرف مدى مباشرته بنفسه لأعمال وقضايا عملائه، وإشرافه المباشر واللصيق على ما يسنده من هذه الأعمال لفريق عمله، أو أنه يعتمد بدرجة كبيرة على فريق عمل مكتبه – مهما كان مستوى كفاءتهم وتأهيلهم – وقد لا يكون دوره في قضيتك مباشراً وفاعلاً. واحرص على سؤاله بشكل مباشر عن هذه النقطة، وعمن سيتولى أعمال قضيتك من فريق عمله، وعن جدارتهم وتأهيلهم.

خامساً: عند لقائك أو لقاءاتك الأولية بالمحامي قبل التعاقد، تأكد من خلال عرض موضوعك وقضيتك عليه من مدى إلمامه بمثل هذه الموضوعات واستيعابه لها، من حيث معرفته التامة للجهة أو المحكمة المختصة بنظر الموضوع، وإدراكه لإجراءاتها، واطلاعه على اجتهاداتها، وقدرته قبل ذلك على استيعاب وقائع وتفاصيل موضوعك، ومعرفة نقاط القوة والضعف في قضيتك.

سادساً: ضع في اعتبارك عدم الانخداع سلباً أو إيجاباً، برأي طرف آخر عن هذا المحامي، سواء كان زميلاً له في المهنة، لما بين الزملاء أحياناً من التنافس الذي قد يصل لحدّ التنافر، أو كان عميلاً واحداً لهذا المحامي كانت تجربته معه سيئة، وقد لا يكون الخلل من المحامي نفسه بل من العميل، فلا تعتمد كثيراً على رأي شخص واحد في تزكية أو جرح المحامي، بل اسأل أكثر ودقق أكثر.

سابعاً: إياك أن تكون من نوعية العملاء الذين يختارون المحامي الأكثر تقديماً للوعود، بغض النظر عن مدى واقعيتها أو مصداقيتها، فبعض العملاء يهرب من المحامي الواقعي الصريح، إلى آخر يكيل له الوعود، ويقدم له الضمانات بنجاح قضيته، لتكون مفاجأته لاحقاً بخسارة القضية موجعةً له بقدر ما كان لديه من آمال زائفة.

ثامناً: تأكد أولاً من عدم وجود أي تعارض للمصالح يترتب على تعاقدك مع أي محام، قد يكون مرتبطاً بشكل أو آخر بخصمك، أو أياً من منتسبي مكتبه وفريق عمله.

تاسعاً: تذكر أن من أهم معايير اختيار المحامي مدى سهولة أو صعوبة التواصل معه لاحقاً بعد التعاقد معه؛ لأنه وبكل أسف قد يكون الوصول للبعض سهلاً ميسوراً قبل التعاقد، وما إن يتم التعاقد وتدفع الدفعة المقدمة، وتستمر القضية ويطول الزمن، يصبح الوصول لهذا المحامي أو الحصول على معلومات قضيتك منه شيئاً مكلفاً شاقاً غير متيسر، بل إن من الواجب على أي محام أن يلتزم التزاماً تاماً بإطلاع عميله على كل تفاصيل ومجريات وتطورات القضية أولاً بأول، وذلك بتزويد العميل بتقارير دورية مرفقاً معها صورةً من أي مستندات استجد الحصول عليها في الموضوع، فلا يكون ملف القضية في مكتب المحامي ضخماً، بينما العميل لا يمتلك من قضيته ورقةً واحدة.

وختاماً، فإن هذا الموضوع من الموضوعات الأكثر حيويةً وإشغالاً لأذهان الكثير من الناس، ولا تكفي هذه العجالة لاستيعابه، لكن ما سبق كان موجزاً لأهم النقاط، وقد يتيسر في المستقبل إكمال الموضوع.
الكاتب:
د. محمد بن سعود الجذلاني

إعادة نشر بواسطة محاماة نت