نظام الإفلاس الجديد يعطي القضاء أحقية إجبار الدائنين على التسوية المقترحة من المدين

 وزارة التجارة والصناعة في المراحل الأخيرة في إعداد مشروع نظام الإفلاس، الذي سيحل محل الجزء الخاص بالإفلاس في نظام المحكمة التجارية، وكذلك نظام التسوية الواقية من الإفلاس، وذلك بعد صدور هذا المشروع بمرسوم ملكي ونفاذه، وتعمل الوزارة على وضع اللمسات على هذا المشروع بما يحقق توازنا عادلا ومنطقيا ما بين حقوق الدائنين والمدينين. وسيتضمن هذا المشروع أحكاما تفصيلية ودقيقة تعكس السياسات والأطر العامة المقترحة لمشروع نظام الإفلاس، التي سبق أن أعلنت عنها الوزارة، ووفقا لهذه السياسات والأطر سيعمل مشروع النظام على إنشاء بيئة نظامية تسهم في توسعة قاعدة المشروعات الاستثمارية الخاصة، من حيث العدد والحجم، من خلال الحفاظ على القيمة الاقتصادية التي تضيفها على الاقتصاد الكلي، ولتحقيق ذلك سيعطي مشروع النظام أولوية لإجراءات توفيق أوضاع المدين الذي تضطرب أوضاعه المالية، وكذلك إجراءات إعادة تنظيم أعماله.

وسيتبنى المشروع في سبيل ذلك عددا من الآليات لرفع فرص نجاح هذه الإجراءات، ومن ذلك مبدأ تعليق الطلبات، الذي يتم بموجبه منع أي دائن من اتخاذ أي إجراء ضد المدين خارج إطار الإجراءات التي سينص عليها مشروع النظام، بما في ذلك طلبات التنفيذ على الضمانات (الرهون)، ويهدف هذا المبدأ إلى منع أي شخص من تعطيل فرصة توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه. كما سيتضمن مشروع النظام، إعطاء القضاء إمكانية إجبار الدائنين على الخطط التي يقترحها المدين (المضطربة أوضاعه)، لمعالجة ديونه، وذلك إضافة إلى منع المتعاقدين مع المدين من استخدام “خيار فسخ العقد”، متى ما كان سندهم الوحيد اضطراب أوضاع المدين أو دخوله في مرحلة الإفلاس. ومن منطلق الإيمان بأهمية الحفاظ على حقوق الدائنين والمتعاقدين لما لهم من دور كبير في الإسهام في توسعة قاعدة المشروعات الاستثمارية، سيفرق مشروع النظام ما بين المدينين ممن تكون هناك فرصة حقيقية وواقعية لعودة نشاطهم وتحقيق قيم مضافة إلى الاقتصاد، بما يساعدهم على سداد التزاماتهم تجاه دائنيهم وما بين المدينين الذين لا يُرجى عودة نشاطهم إلى مستوى يحقق تطلعات الدائنين في سداد التزاماتهم.

وفي الحالة الأخيرة، سيعطي مشروع النظام أولوية لإجراءات التصفية على الإجراءات الأخرى، وذلك لوضع أصول المدين الذي لا يرجى عودة نشاطه إلى المستوى المأمول في يد من يحسن إدارتها، ولتحقيق هذا، سيتبنى مشروع النظام آليات تضمن إنهاء التصفية بشكل منتظم وسريع. ونظراً لتمتع المدينين الذين يرجى عودة نشاطهم إلى المستوى الطبيعي بعدد من الحقوق، أهمها تعليق الطلبات وإمكانية القضاء على إجبار الدائنين على خطط معالجة الديون ومنع المتعاقدين معهم من استخدام “خيار فسخ العقد”، فإن ذلك قد يعد مثبطاً لمشاركة الدائنين في تحقيق ما يسعى إليه مشروع النظام، لذا سيتبنى عدد من الآليات التي تضمن تحقيق توازن ما بين حقوق الدائنين وحقوق المدينين في هذا الشأن، ومن ذلك وضع قيود واستثناءات على مبدأ تعليق الطلبات وفقاً للتفصيل الذي سيرد في النظام، إضافة إلى اشتراط موافقة أغلبية الدائنين على الخطط المقترحة حتى يتمكن القضاء من إجبار الدائنين المعترضين، إضافة إلى اشتراط عدالة خطط معالجة الديون ومعقوليتها، وكذلك احترام ترتيب أولوية الديون وإعطاء أولوية قصوى لحقوق المتعاقدين الذين منعوا من استخدام حقهم في فسخ العقد نتيجة لاضطراب أوضاع المدين أو إفلاسه. وينتظر أن يتضمن النظام الجديد للإفلاس عددا من الأحكام التي تراعي طبيعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي ستسهم في تحفيز رواد الأعمال على البدء في أعمالهم، وتشمل هذه الأحكام، إجراءات مبسطة لمعالجة أوضاع هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تضطرب أوضاعها المالية، إضافة إلى بعض الأحكام التفصيلية التي تساعد على تحفيز القطاع الخاص على تمويل هذه المنشآت. ويتوافق مشروع النظام الجديد مع ما صدر عن البنك الدولي في تقريره لنشاطات الأعمال الدولية لعام 2015، الذي أفاد بأن أغلب أنظمة الإفلاس المتطورة تنطوي على حزمة من الأحكام تهدف إلى الحفاظ على استمرارية المشروعات المتعثرة ماليا، التي لديها القدرة على البقاء وتتمتع في الوقت ذاته بالكفاءة التشغيلية. والأمر على خلاف ذلك بالنسبة للمشروعات المتعثرة ماليا وتفتقر إلى الكفاءة التشغيلية وقدرتها على الاستمرارية، فإن أنظمة الإفلاس تعمد إلى تصفيتها ووضع أصولها في يد من يحسن إدارتها.

ووفقا لتقرير البنك الدولي فإن أنظمة الإفلاس تكون قدحققت الغاية المرجوة منها، لا سيما دعم الاقتصاد الوطني وحصول المشروعات الاستثمارية الخاصة على التمويل، إذا حققت أيا من أمرين: عودة نشاط المدين إلى مستواه الطبيعي في أسرع وقت ممكن، ورفع نسبة سداد الديون. وبحسب وزارة التجارة سيحرص مشروع النظام على حماية حقوق الدائنين في مرحلتي التوفيق وإعادة التنظيم، وذلك بحماية حقهم في الموافقة على القرارات الرئيسة في إجراءات التسوية الودية وإجراءات إعادة التنظيم، وحقهم في أن يكون للقضاء صلاحية الإشراف العام على الإجراءات بحسب طبيعة الإجراء ووفقاً للتفصيل الذي سيرد في مشروع النظام. وحيث إن هناك دورة لازمة لتحول مشروع النظام إلى نظام نافذ، قامت وزارة التجارة والصناعة بعدد من الإجراءات المتاحة بموجب نظام التسوية الواقية من الإفلاس، وذلك إلى حين الرفع بمشروع النظام الجديد وصدوره، منها تفعيل لجان الصلح الودي، التي تتيح للمدين الذي اضطربت أوضاعه التوصل إلى صلح مع دائنيه للجان، وذلك وفقا للقواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لنظام التسوية الواقية من الإفلاس.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت