عدم مشروعية قرار نزع الملكية لعدم إيداعه منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة

القضية رقم 14 لسنة 4 ق ” تنازع ” جلسة 19 / 5 / 1984

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 19 مايو سنة 1984 م الموافق 18 شعبان سنة 1404 هـ.
برئاسة السيد المستشار / الدكتور فتحى عبد الصبور رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعه ومحمد كمال محفوظ. أعضاء
وحضور السيد المستشار / السيد عبد الحميد عمارة . المفوض
وحضور السيد/ أحمد على فضل الله . أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 4 القضائية ” تنازع “
المقامة من
الشركة المصرية العامه للسياحه و الفنادق ” ايجوت ” و يمثلها رئيس مجلس ادارتها
ضد
1 -السيدة / منيرة محمد رفعت
2 -السيدة / سميحة حسين شريف
3 – السيدة / قدرية محمد رفعت
” الإجراءات “
بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1982 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم بتعيين جهة القضاء الإداري جهة مختصة بنظر النزاع القائم بينها وبين المدعى عليهن دون جهة القضاء العادي .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
” المحكمة “
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها القانونية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1963 صدر قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 2223 لسنة 1963 بتقرير المنفعة العامة والاستيلاء المباشر على الحديقة والأرض المقامة عليها سراى السيدة عزيزة فهمى بالإسكندرية وذلك لإقامة فندق سياحى ، وقد نازعت السيدة المذكورة في هذا القرار بطلب وقف تنفيذه وإلغائه في الدعوى رقم 1828 لسنة 25 ق قضاء إدارى وقضى فيها بالرفض وتأيد ذلك بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 30 لسنة 19 ق بتاريخ 19 فبراير سنة 1973. وإذ تصرفت السيدة عزيزة فهمى ببيع العقار المشار إليه إلى المدعى عليهن بموجب عقد البيع المسجل برقم 2672 لسنة 1977 بالشهر العقارى بالاسكندرية ، فقد أقمن الدعوى رقم 1524 لسنة 1981 مدنى كلى أمام محكمة اسكندرية الابتدائية قبل الشركة المدعية ومندوبها بطلب الحكم بثبوت ملكيتهن للعقار محل البيع المسجل وببطلان ومحو العقد المشهر لصالح الشركة المدعية تحت رقم 4676 لسنة 1979 شهر عقارى اسكندرية ، وبتسليمهن العقار المذكور، وقضت المحكمة لهن بالطلبات بتاريخ 27 يولية سنة 1981، فطعنت الشركة المدعية ومندوبها في هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 1028 ، 1035 لسنة 77 ق . وبتاريخ 20 ديسمبر سنة 1981 أصدر وزير السياحة والطيران المدنى القرار رقم 287 لسنة 1981 بنزع ملكية أرض ومبانى العقار سالف الذكر وتم نشره في الوقائع المصرية بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1981، فطعن المدعى عليهن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإدارى بالدعوى رقم 1709 لسنة 36 ق، حيث طلبن – قبل الشركة المدعية وآخرين – وقف تنفيذ القرار المذكور وإلغاءه لمخالفته القانون من أوجه متعددة منها أن قرار تقرير المنفعة العامة قد أصبح كأن لم يكن لعدم إيداع قرار نزع الملكية المطعون فيه خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الأول والذى يمثل ركن السبب في قرار نزع الملكية . وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تنازعاً إيجابياً بين جهتى القضاء العادى والإدارى ، فقد أقامت الدعوى الماثلة طالبة الحكم بتعيين جهة القضاء الإدارى مختصة بنظر النزاع القائم بينها وبين المدعى عليهن دون جهة القضاء العادى .
وحيث إن الاستئنافين رقمى 1028 و 1035 لسنة 37 ق المطروحين أمام محكمة استئناف اسكندرية ينصبان على الحكم الابتدائى الصادر لمصلحة المدعى عليهن في الدعوى رقم 1524 لسنة 1981 مدنى كلى اسكندرية بثبوت ملكيتهن لعقار النزاع وببطلان ومحو العقد المشهر لصالح الشركة المدعية وتسليمهن العقار المذكور مع رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وذلك تأسيساً على أن قرار تقرير المنفعة العامة رقم 2223 لسنة 1963 لم يعقبه إيداع نماذج نقل الملكية موقعاً عليها من أصحاب الشأن أو قرار نزع الملكية للمنفعة العامة خلال سنتين من تاريخ نشر قرار تقرير المنفعة العامة ، ومن ثم يصبح هذا القرار معدوماً وساقط المفعول وفقاً للمادتين 9 و 10 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، ولما تبين لمحكمة الاستئناف صدور قرار وزير السياحة رقم 287 لسنة 1981 بنزع ملكية العقار محل التداعى في الدعوى رقم 1709 لسنة 36 ق المرفوعة أمام محكمة القضاء الإدارى قبل الشركة المدعية ، فقضت بجلسة 27 مارس سنة 1983 بوقف الاستئنافين حتى يفصل في دعوى التنازع الماثلة ، مقررة أن الحكم في الدعوى المطروحة على القضاء الإدارى من شأنه أن يؤثر على الحكم في الدعوى المدنية . ومن جهة أخرى قضت محكمة القضاء الإدارى في الدعوى رقم 1709 لسنة 36 ق المشار إليها بجلسة 4 أغسطس سنة 1983 بوقف تنفيذ قرار نزع الملكية المطعون فيه ووقف الدعوى الموضوعية بطلب إلغائه حتى يفصل في الدعوى الحالية .
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الدعويين – محل التنازع – المطروحتين على جهتى القضاء العادى والإدارى لم يصدر في أى منهما حكم نهائى يحسم النزاع الذى يدور فيهما – بين المدعى عليهن والشركة المدعية – حول موضوع واحد هو مدى مشروعية قرار نزع الملكية للمنفعة العامة الصادر من وزير السياحة برقم 287 لسنة 1981 لفقدانه ركن السبب بسقوط مفعول قرار تقرير المنفعة العامة رقم 2223 لسنة 1963، وذلك لعدم إيداع قرار نزع الملكية خلال سنتين من تاريخ نشر قرار تقرير المنفعة العامة ، وإذ كان هذا النزاع هو أساس الدعوى المطروحة أمام القضاء الإدارى في حين أنه يمثل مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في الدعوى المطروحة على القضاء العادى ، سواء بالنسبة لطلب محو العقد المشهر تحت رقم 4676 لسنة 1979 شهر عقارى اسكندرية لصالح الشركة المدعية على أساس سقوط مفعول قرار تقرير المنفعة العامة ، أو بالنسبة لطلب تثبيت ملكية المدعى عليهن تأسيساً على أنهن اشترين العقار بعقد بيع مسجل من المالكة الأصلية السيدة عزيزة فهمى ، وأن الملكية لم تكن قد انتقلت إلى الشركة المدعية وفقاً لقانون نزع الملكية العامة . لما كان ذلك، فإن النزاع حول هذه المسألة الأولية يكون واحداً في الدعويين القائمتين بين نفس الخصوم أمام جهتى القضاء العادى والإدارى في وقت واحد دون أن تتخلى أى منهما عن نظره على ما سلف بيانه، الأمر الذى يتحقق معه مناط قبول طلب الفصل في التنازع الإيجابى بشأن هذا النزاع وفقاً لنص المادة 25 بند ثانياً من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إنه لا مراء في أن كلاً من قرار تقرير المنفعة العامة وقرار نزع الملكية للمنفعة العامة يعد قراراً إدارياً تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد أحداث مركز قانونى معين كان ممكناً وجائزاً قانوناً، وهذان القراران يندمجان في تكوين عملية قانونية مركبة تتم على مرحلتين هى إجراءات نزع ملكية العقارات اللازمة للمنفعة العامة التى تتخذها جهة الإدارة وفقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين والتى تبدأ – وفقاً لنصوص المواد 2 ، 3، 4، 5، 6 من القانون المذكور – بصدور قرار تقرير المنفعة العامة ونشره في الجريدة الرسمية وما يترتب على ذلك من حق مندوبى المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية في دخول العقارات التى تقرر لزومها لإعمال المنفعة العامة وإجراء العمليات الفنية والمساحية والحصول على البيانات اللازمة بشأن هذه العقارات وحصرها وأعداد كشوف تبين فيها أسماء ملاكها وأصحاب الحقوق فيها والتعويضات التى تقدرها لهم، وعلى أن يوقع أصحاب الحقوق التى لم تقدم في شأنها معارضات على نماذج خاصة بنقل ملكية العقارات للمنفعة العامة ، فإن تعذر الحصول على توقيع أصحاب الشأن لأى سبب كان على هذه النماذج، فقد قضت الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم 577 لسنة 1954 سالف الذكر بأن يصدر الوزير المختص قراراً بنزع ملكية هذه العقارات، وعلى أن يودع هذا القرار أو تلك النماذج مكتب الشهر العقارى ، ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة للعقارات الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع، وإذ نصت المادة العاشرة من ذات القانون على أنه ” إذا لم تودع النماذج أو القرار الوزارى طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة السابقة خلال سنتين من تاريخ نشر القرار المقرر للمنفعة العامة في الجريدة الرسمية سقط مفعول هذا القرار بالنسبة للعقارات التى لم تودع النماذج أو القرار الخاص بها ” ، فإن مؤدى ذلك أن قرار تقرير المنفعة العامة … إنما يمثل ركن السبب في القرار الوزاري بنزع الملكية للمنفعة العامة ، بحيث إذا لم يودع قرار نزع الملكية خلال سنتين من تاريخ نشر قرار تقرير المنفعة العامة ، وكان من شأن عدم الإيداع – وفقاً للمادة 10 والمادة 29 مكرراً من القانون رقم 577 لسنة 1954 المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1962 – سقوط مفعول قرار تقرير المنفعة العامة ، فإن قرار نزع الملكية يكون مشوباً بعيب مخالفة القانون لفقدانه ركن السبب الذى يقوم عليه.
لما كان ما تقدم، وكان النزاع الذى يدور بين الطرفين أمام جهتي القضاء العادي والإداري – على ما سلف بيانه – إنما يشكل منازعة إدارية تتعلق بالنعي بعدم المشروعية على قرار نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 287 لسنة 1981 الصادر من وزير السياحة – وهو قرار إدارى لفقدانه ركن السبب، وهو سقوط قرار تقرير المنفعة العامة لعدم إيداع قرار نزع الملكية خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الأول، مما يدخل في صميم اختصاص جهة القضاء الإداري وفقاً للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، ويخرج عن اختصاص محاكم جهة القضاء العادي التي لا يدخل في ولايتها نظر المنازعات الإدارية والتي ليس لها أن تتعرض للأمر الإداري بالتأويل أو بوقف التنفيذ طبقاً للمادتين 15 و 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 ، لما كان ذلك، فإنه يتعين تحديد جهة القضاء الإداري ، جهة مختصة بنظر النزاع الدائر بين الطرفين في هذا الخصوص، الأمر الذى ينبني عليه أن توقف جهة القضاء العادي الاستئنافين المطروحين أمامها في الدعوى المدنية حتى يفصل القضاء الإداري في النزاع حول مدى مشروعية قرار نزع الملكية للمنفعة العامة استناداً إلى فقدانه ركن السبب على ما تقدم، باعتبار أن هذا النزاع المطروح أيضاً في الدعوى المدنية أمام جهة القضاء العادي ، يمثل مسألة أولية تخرج عن ولاية هذه الجهة ويتوقف عليها الفصل في الطلبات المرفوعة بها الدعوى المدنية ، وذلك بالتطبيق لحكم المادة السادسة عشرة من قانون السلطة القضائية سالف الذكر.
” لهذه الأسباب “
حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء الإداري بنظر النزاع.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .