المستجدات الجمركية في قانون مالية 2018

عبد المغيث تـــابتي*

تحتل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مكانة متميزة ضمن مديريات وزارة الاقتصاد والمالية، ويرجع ذلك أساسا إلى الأدوار المهمة التي تقوم بها ليس فقط في حماية الاقتصاد الوطني بمفهومه الشامل، وإنما أيضا في تصفية وتحصيل الرسوم الجمركية، وعلاوة على ذلك، فإدارة الجمارك تساهم في خلق المناخ الخصب لتأهيل النشاط المقاولاتي وتحفيز الاستثمار، وفي هذا الإطار، فهي تركز جهودها على تبسيط مساطر التعشير ومحاربة التهريب والغش التجاري. وتمارس إدارة الجمارك صلاحياتها القانونية والوظيفية والترابية استنادا إلى مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة ونصوصها التنظيمية من مراسيم وقرارات وزارية، وتعرف مدونة الجمارك تغييرات لبعض موادها من سنة لأخرى، تهم ليس فقط المقاولات، ولكن كل من يتعامل مباشرة أو عن طريق الغير مع إدارة الجمارك، مما يجعل العلم بكل جديد مسألة ضرورية.

وفي هذا الإطار صدر بالعدد 6633 من الجريدة الرسمية قانون المالية رقم 17-68 لسنة 2018 الصادر يوم 25 دجنبر2017 بتغيير وتتميم مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة. وتضمّن هذا القانون مجموعة من التعديلات والإضافات الجمركية الجديدة، المتعلقة بمجموعة من التدابير التي يمكن تجميعها في أربعة عناصر أو مستجدات جمركية:

مستجدات على مستوى الإعفاءات الجمركية:
من ضمن الإجراءات الهامة التي جاء بها هذا القانون، هي إعفاء الملزمين من أداء الزيادات والغرامات وغرامات التأخير، والمتعلقة بالرسوم والمكوس المستحقة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة قبل فاتح يناير2016، وذلك شريطة قيام الملزمين المعنيين بأداء متأخرات الرسوم والمكوس قبل فاتح يناير 2019، ويدخل هذا الإجراء في إطار الإصلاحات الجبائية التي اعتمدتها الحكومة، وكذا الإجراءات المتخذة بغية تحسين علاقة الادارة مع الملزمين، وكذا بهدف تشجيعهم على أداء ما بذمتهم من ديون لفائدة الدولة، حتى تتمكن هذه الأخيرة من تحصيل الموارد الجبائية المستحقة لفائدتها، كما سيساهم في تقليص حجم الباقي استخلاصه.

كما نص هذا القانون على الإعفاء من الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم بالنسبة للطائرات المستخدمة في خدمات منتظمة للنقل الجوي العالمي، وكذا المعدات وقطع الغيار المعدة لإصلاحها، إلى جانب ســفن الــنقل الــبحري للبــضائع والأشخـــاص والمعدات والآلات وأجزاء القطع المنفصلة والتوابع الخاصة بهذه السفن. ثم إعفاء السيارات والكراسي ذات المحرك الكهربائي المعدة خصيصا للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. كما تم إعفاء السلع التجهيزية والمعدات والأدوات المستوردة من قبل أو لفائدة المقاولات التي تلتزم بإنجاز برنامج استثماري يساوي مبلغه أو يفوق مائة مليون درهم في إطار اتفاقيات مبرمة مع الحكومة، واللازمة لإنجاز هذا البرنامج الاستثماري المذكور، إضافة إلى الأجزاء والقطع المنفصلة واللوازم المستوردة عند استيراد السلع التجهيزية والمعدات والأدوات المخصصة لها، وذلك خلال مدة ستة وثلاثين (36) شهرا ابتداء من تاريخ أول عملية استيراد المرتبطة بالاتفاقية السارية المفعول. ويشمل أيضا هذا الإعفاء المعدات والمواد والمنتجات القابلة للاستهلاك المخصصة لاستكشاف الهيدروكربورات والتنقيب عنها واستغلالها وللأنشطة الملحقة بذلك. ثم التجهيزات والمعدات المستخدمة حصريا لتسيير جمعيات السلفات الصغيرة.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم تمديد منح الاستفادة من نظام التصدير المؤقت، لأجل تحسين الصنع السلبي للبضائع المستوردة تحت نظام القبول المؤقت، والتي تم استعمالها إما لإنتاج سلع موجهة للتصدير في حدود 75 بالمائة على الأقـــل، وإما لإنجاز مشاريع موضوع اتفاقيات استثمار مبرمة مع الحكومة، أو ممولة بواسطة مساعدات مالية غير قابلة للإرجاع. أما بخصوص واجبات التمبر، فقد تم إعفاء العربات المستوردة والخاضعة للضريبة الخصوصية السنوية وعند تسجيلها الأول، العربات ذات محرك کهربائي والعربات ذات محرك مزدوج (کهربائي وحراری)، والعربات التي يفوق مجموع وزنها مع الحمولة أو الحد الأقصى لوزنها مع الحمولة المجرورة 3000 کيلوغرام، باستثناء العربات رباعية الدفع التي تبقى خاضعة للنسب المعمول بها.

مستجدات على مستوى فرض رسم الاستيراد الأدنى 2,5 بالمائة:
ستستفيد من رسم الاستيراد المخفض الذي يبلغ 2,5 بالمائة، كل من السلع المستوردة من طرف التعاون الوطني، والهلال الأحمر المغربي، وأيضا، كل من المعدات والمواد المخصصة للسقي، ومعدات الحفر المخصصة للبحث عن المياه الجوفية واستغلالها، إلى جانب المواد والمعدات والسلع المستوردة من طرف العصبة الوطنية لمحاربة أمراض القلب والشرايين، ومؤسسة الحسن الثاني لمحاربة أمراض داء السرطان، ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، ومؤسسة الشيخ زايد بن سلطان، ومؤسسة الشيخ خليفة بن زايد، وجامعة الأخوين بإفران. ولم يستثن هذا الإجراء استيراد الزبدة، والذي سيصبح خاضعا لرسوم الاستيراد بنسبة 2.5 بالمائة، ابتدءا من فاتح يناير 2018. كما تم تمديد تطبيق هذا الرسم لفائدة أغذية الأسماك لمدة ست سنوات إضافية ابتداء من فاتح يناير2018 إلى 31 دجنبر2023، وفي حدود حصة قدرها 15.000 طن سنويا.

مستجدات على مستوى منع الأداء نقدا في المعاملات التجارية:
ستصبح إلزامية أداء الرسوم الجمركية والمكوس وغيرها من الضرائب، وكذا أداء الغرامات عند الاستيراد أو التصدير، المستحقة لفائدة إدارة الجمارك بكل وسيلة منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، بما في ذلك الطريقة الاليكترونية، ووضع حد لإمكانية الأداء نقدا بالنسبة للعمليات ذات الطابع التجاري باستثناء العمليات الطارئة التي لا تكتسي طابعا تجاريا، وقد تم إرساء هذا التدبير الجديد من أجل التخفيف من المخاطر المرتبطة بالمناولة اليدوية للأموال مع تشجيع الأداء بالوسائل الالكترونية نظرا للمزايا التي توفرها هذه الوسائل من حيث السرعة والمصداقية وإمكانية تتبع العمليات المالية.

4- مستجدات على مستوى تصنيف المخالفات والعقوبات الجمركية:

أما بخصوص الجانب المتعلق بالمخالفات والجنح الجمركية، فقد تم إدراج مخالفة رفض سائقي كل وسيلة من وسائل النقل الامتثال لأوامر أعوان الجمارك من المخالفات الطبقة الأولى عوض المخالفات الطبقة الثانية، مع رفع قيمة الغرامة إلى ما بين 80 ألف و100 ألف درهم، بعدما كانت تتراوح بين 3 آلاف و30 ألف درهم. كما ستطبق غرامة تعادل مجموع قيمة البضائع موضوع العمليات الجمركية، على الملزمين اللذين لم يحتفظوا بجميع السجلات والمستندات والوثائق المتعلقة بعمليات استيراد وتصدير البضائع، أو بأنشطة في المغرب، والتي تخضع للمكوس الداخلية على الاستهلاك وذلك طيلة خمس سنوات.

* بــاحث في سلك الدكتوراه بكلية الحقوق سطات.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت