قطاع التأمين .. ضعف الأداء وتنوع الفرص
د.صلاح بن فهد الشلهوب

في الندوة الخامسة للتأمين التي انعقدت في الفترة بين 27 و28 آذار (مارس) 2019 في مدينة الرياض تحدث محافظ مؤسسة النقد عن قطاع التأمين والتطور الذي حصل في القطاع وكيف نما بصورة كبيرة وحجم التوظيف في هذا القطاع الذي يتنامى إلا أن المحافظ تحدث في الوقت نفسه عن التحديات التي تواجه هذا القطاع بسبب فقد الثقة لممارسات سابقة كما أن قطاع التأمين يركز حاليا على قطاعي المركبات والتأمين الصحي الذي تمثل حصتهما تقريبا 85 في المائة من مجمل حجم الاشتراكات في قطاع التأمين، رغم أهمية قطاعات أخرى مثل التأمين على الممتلكات والائتمان وغيرها من الخدمات التي يمكن أن تقدمها شركات التأمين، وواقع شركات التأمين أنها تواجه صعوبات كبيرة بسبب أن شركات محدودة تستحوذ على معظم الاشتراكات الخاصة بقطاع التأمين.

الحقيقة: إن حجم قطاع التأمين وإسهامه في الناتج المحلي لا يزال ضعيفا رغم أهمية قطاع التأمين لأي اقتصاد، إذ إن جميع ما نستخدمه في حياتنا اليومية يمكن أن يمر بالتأمين في أكثر من مرحلة، ما يدل على أن التأمين له أهمية وانتشار أضخم من القطاع المصرفي أو يفترض كذلك إلا أن السوق السعودية لا يزال هذا القطاع فيها ضعيفا ويحتاج إلى كثير، سواء من الشركات والتنوع في الخدمات التأمينية ليصل إلى مستوى الرشد، والاعتماد فقط على قطاع المركبات والقطاع الصحي سيكون له أثر محدود في الاقتصاد الوطني ما قد يؤدي إلى اختيار بدائل من خلال شركات من خارج المملكة لتقديم هذه الخدمات، ومن الممكن أن يكون هناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تعزز من حجم ونمو قطاع التأمين في المملكة وذلك أن يكون على سبيل المثال هناك برامج توعوية تهتم بالتعريف بهذا القطاع وخدماته ويكون من خلال مشاركة شركات التأمين بدعم من مؤسسات النقد والجهات ذات العلاقة بقطاع التأمين وذلك ليس بالضرورة لدعوة الناس للاشتراك في جميع صور التأمين بقدر ما هو تعريف لهم بالخدمات التي تقدمها هذه الشركات وتوفر لكثير من المواطنين مجموعة من المنافع، فعلى سبيل المثال لا الحصر: التأمين على الممتلكات خصوصا المباني يمكن أن يحقق للمستفيد منافع متعددة غير التغطية التي تمنحها الشركة في حال حصول كارثة أو تلف للممتلكات، حيث إنها تقدم خدمة التقدير المناسب للعقار إضافة إلى العناية بجودة البناء، إذ إن شركات التأمين لن تقبل بالتأمين على عقار لم يتخذ الإجراءات المطلوبة للتأكد من جودة البناء في مختلف المراحل كما أنها قبل أن تقبل بالتأمين على العقار لابد أن تتأكد من جودة البناء من خلال جهات مختصة تتولى عملية فحص المباني وهذا من شأنه أن يحسن من جودة المباني لأن أي مبنى لا تقبل شركات التأمين تغطيته فهذا مؤشر على رداءة المبنى ولذلك سيكون هناك حرص من قبل المطورين على تحسين جودة البناء واتخاذ الإجراءات التي تحقق ذلك.

التأمين على الممتلكات سواء من السلع أو المباني وغيرها يجعل المؤمن أكثر اطمئنانا في مواجهة الكوارث المحتملة ما يحسن من القدرة على التخطيط المالي لدى الشركات أو التاجر بصورة عامة.

الاستثمار الأجنبي من الممكن أن يكون له أثر في سوق التأمين في المملكة، حيث إن الخبرات لهذه الشركات يمكن أن تحقق للسوق شيئا من التنوع الذي يدعم توافر منتجات تخدم شريحة أكبر من المستفيدين سواء من السوق المحلية أو من له علاقة تجارية مع الشركات في المملكة.

سوق إعادة التأمين خصوصا التأمين التعاوني ما زالت أقل من المطلوب فحاجة شركات التأمين التعاوني أو التكافل كبيرة إلى شركات إعادة التأمين إلا أن السوق على مستوى المنطقة أو قطاع التمويل الإسلامي بصورة عامة أقل من المطلوب بكثير ولهذا تجد أن بعض شركات التأمين التعاوني تضطر إلى التعامل مع شركات قد لا تقدم لها خدمة مناسبة لحاجاتها، وبناء عليه فإن الفرص جيدة للنمو في هذا القطاع، أي شركات إعادة التأمين التعاوني.

الخلاصة: إن السوق في المملكة بها فرص كبيرة للنمو في قطاع التأمين سواء فيما يتعلق بالتأمين على المركبات أو الصحي رغم أنه يستحوذ على نسبة عالية جدا في السوق أو فيما يتعلق بصور التأمين الأخرى التي ما زال حجم الاشتراكات فيها متدنيا جدا رغم الفائدة التي يجنيها الاقتصاد من وجود التنوع في التأمين بما يسهم في نمو حجمه فيها السوق المحلية ومساهمته بصورة أكبر في الناتج المحلي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت