بحث قانوني حول
توقيع المحامي على صحف الدعاوى والطعون

عند الاطلاع على نصوص قانون المحاماة اليمني رقم(31) لسنة 1999م ودراسة موادهِ للمحاولةً منا معرفة مدى الشروط التي اشترطها القانون لتقديم العرائض والطعون ، ورأي القانون في حالة لم توقع العريضة أو الطعن من قبل المحامي الموكل من قبل موكله لتقديمهِ للمحكمة “دعوى كانت أو طعن” وهل تضمنت نصوص القانون جزاءً معيناً أم إجراءاً تأديبياً حيال قصور هو نتاج لاستكمال إجراءات تقديم (دعوى/طعن) ، أضف إلى ارتباط هذه الأوراق القضائية بالكاتب المختص المسئول عن استلام (دعوى/طعن) من المدعي أو وكيله موقعاً عليها بطبيعة الحال وما الشروط الواجبة عليه حيال ذلك ، وهل هناك ارتباط جامع بين هذا الكاتب المختص والمدعي عند ظهور نقص في إجراءات تقديم (الدعوى/الطعن).
وهنا نورد وجدناه مزبوراً في نصوص قانون المحاماة رقم(31) لسنة 1999م وكذا قانون المرافعات والتنفيذ المدني والذين توسعنا في الاستيضاح من نصوصهما القانونية على النحو الآتي :-
ورد في قانون المحاماة رقم (31) لسنة 1999م أنه أن النظام الأساسي هو المحدد لإجراءات وشروط وواجبات تدريب المحامي تحت التدريب من جنسيةٍ وبلوغ وعقل وحصول على ليسانس شريعة وقانون ،،، الخ من الشروط المعروفة ونصت م(46) منه بأن مدة التدريب هي ثلاثة أعوام فلا يجوز له فتح مكتب باسمهِ الخاص وهو ما يزال في فترة التمرين ومع ذلك يرجع القانون اليمني في م(44/ب) التي نصت بقولها:-
(( ب-يترافع المحامي تحت التمرين أمام المحاكم الابتدائية ويوقع المذكرات القانونية بالإنابة عن المحامي الذي تمرن لديه بعد مضي فترة ستة أشهر من مدة التدريب على الأقل وعلى مسئولية الحامي المعني )).
وكذا جاء في م(45) ما نصهُ (( للمحامي تحت التمرين حضور جلسات التحقيق أمام الجهات المختصة عن المحامي الذي يتدرب بمكتبهِ فيما عدا التحقيقات المتعلقة بالجرائم الجسيمة )).

الأمر الذي يبين لنا مدى توافق نصوص القانون اليمني بالمقارنة مع نصوص قانون المحاماة المصري مع فارق مدة التدريب التي اشترطها قانون المحاماة اليمني بثلاث سنوات وبسنتانِ في القانون المصري إضافة للقصور في التفصيل في بعض نصوص القانون اليمني مقارنةً بالقانون المصري رقم(17) لسنة 1983م وجميع تعديلاتهِ حتى عام 1991م ، فعلى سبيل المثال ذكر المستشار محمد أحمد عابدين في مؤلفهِ (توقيع المحامي على صحف الدعاوى والطعون- ص9) ما نصه:-
( ترد على المحامي تحت التمرين قيود اشد في السنة الأولى عنها في السنة الثانية ففي الأولى ليس للمحامي تحت التمرين في سنتهِ الأولى التوقيع على صحف الدعاوى حتى ولو كانت مرفوعةً أمام محكمة جزئية وهو مستفاد من نص م(25) من قانون المحاماة رقم(17) لسنة 1983م أي ليس له أن يوقع بطبيعة الحال أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية أما المحامي تحت التمرين في سنته الثانية فقد نصت م(26) من نقس القانون على أحقيتهِ في المرافعة باسمهِ أمام المحاكم الجزئية فيما عدا أمن الدولة والمحاكم المستعجلة … تحت إشراف المحامي الذي التحق بمكتبهِ )
وهو ما وجدناه نصاً مفتوحاً غير محسوم في نص م(44/ب)من قانون المحاماة اليمني بقولها:-
((يترافع المحامي تحت التمرين أمام المحاكم الابتدائية ويوقع المذكرات القانونية بالإنابة عن المحامي الذي يتمرن لديه بعد مضي فترة ستة أشهر من مدة التدريب على الأقل وعلى مسئولية المحامي المعني)).
ويستفاد هنا أنه لا يجوز على المحامي تحت التمرين أن يوقع على عريضة مقدمةٍ أمام المحاكم الابتدائية ما لم يكون قد أمضى مدة ستة أشهر على الأقل من فترة التمرين أي أن كتابة العريضة وإعدادها غير التوقيع عليها ، لأنه في حال قام محامِ تحت التمرين بالتوقيع على عريضة أمام المحاكم الابتدائية ولم يكن القانون قد أجاز له التوقيع عليها يكون بذلك قد قدم للطرف الآخر سبباً قانونياً يستوجب رفضه من قبلهِ وهذا قد يفوت عليه أمراً في إهمالهِ ضرراً لموكله وهو ما لم يغب عن المشرع إذ أعطى الحق للمتضرر (الموكل) المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهُ جراء تجاوز المحامي تحت التمرين لإجراء شكلي نبه لهُ القانون بعدم تجاوزه حيث قالت م(108) من قانون المحاماة رقم (31) لسنة 1999م:-
((1- مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد منصوص عليها بالقوانين النافذة يعاقب بالحبس مدةً لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة اشهر أو بدفع غرامة لا تقل عن عشرين ألف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال كل شخص قام بانتحال صفة المحامي أو يدعيها بما يخالف أحكام القانون.
2-إذا نتج عن فعلهِ إلحاق الضرر بالغير يعاقب بالحبس مدةً لا تقل عن شهرين ولا تزيد على ستة أشهر أو بغرامةٍ لا تقل عن مائة ألف ريال بالإضافة إلى تعويض المتضرر …)).
وبالاطلاع على قانون المرافعات اليمني نجد أنه قد أورد في م(71) بما نصه:-
(( يشترط لقبول الدعوى شكلاً أن تكون قد رفعت إلى المحكمة بالطريقة والإجراءات الصحيحة والمواعيد المنصوص عليها في القانون وإذا تبينت المحكمة نقصاً أو بطلاناً في الإجراءات أمرت باستكمال الناقص أو تصحيح الباطل )).
وذلك لأن التوقيع يعتبر من أهم شروط صحة الإجراءات الشكلية في القانون اليمني، وكذلك الأمر لما جاء في نفس قانون المرافعات م(72) بقولها:-
(( تقرر المحكمة عدم قبول الدعوى شكلاً إذا عجز الخصم عن استكمال الناقص أو تصحيح الإجراء الباطل في الميعاد الذي قررهُ القانون لإجرائه فيه )).
وكذلك الأمر بالنسبة للمشرع المصري نجدهُ قد شدد على ذلك بل وصل بهِ الأمر لأن جعل موضوع البطلان منوط بالقاضي دون لزوم أن يعترض على بطلان الدعوى شكلاً أيٍ من الخصوم .
وهنا نستأثر بما تعرض له قانون المحاماة المصري رقم (17) لسنة 1983م بأن يوقع على صحيفة الدعوى محامٍ مشتغل تقررت صفتهُ على النحو الذي أوردناهُ تفصيلاً في بداية بحثنا حيث ذكر القانون في مادتهِ رقم (85) ق.م.م. في فقرتها الأخيرة النص على مخالفة أحكامها بقولها :-
(( ويقع باطلاً كلُ إجراء بالمخالفة لأحكام هذه المادة)).
أي البطلان هنا صريح وواضح بضرورة قضاء المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها دون ما تربصٍ لإبدائهِ من أحد الخصوم ، ولا يتوقف الحكم بهِ على إثبات حصول ضرر للخصم ، ومن ثم فهو بطلان كما هو الحال متعلق بالنظام العام حرصاً أيضاً بضرورة قضاء المحكمة المقدم لها الدعوى أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ، مع جواز الدفع به في أية حالةِ تكون عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف . إلا أن القضاء المصري زاد بعدم جواز التمسك لأول مرةٍ أمام محكمة النقض إلا إذا كان قد سبق بسطهِ على محكمة الموضوع.
فجاء في م(25) من قانون المحاماة رقم (96) لسنة 1957 مصري صراحة بالنهي عن تقديم صحف الدعاوى ما لم يوقعها محامٍ ،،.
مقتضى هذا النهي أن عدم توقيع محامٍ على صحيفة الدعوى الابتدائية يترتب عليه حتماً عدم قبولها ولا يقدحُ في ذلك أن الشارع لم يرتب البطلان بلفظهِ جزاءً على المخالفة لأنه أمر متعلق بالنظام العام ، وبالعودة للمشرع نجده أيضاً شدد على كما سبق على ضرورة استيفاء الدعاوى أو الطعون لكافة الشروط الواجب توافرها لضمان صحة تقديمها شكلاً ومضموناً فأورد في م(186) من قانون المرافعات تأكيداً للسياق على :-
((يعتبر من النظام العام الدفوع التالية :-
1/ ………….
2/ الدفع بعدم صحة الدعوى لفقدان شرطٍ من شروطها)).
كما جاء أيضاً من نفس القانون في م(104) مرافعات في فقرتها السابعة بوجوب توقيع المدعي أو وكيلهِ عند رفع الدعوى …..
وكذلك كان تشديد المشرع اليمني على ضرورة استيفاء شروط صحة تقديم الدعاوى أو الطعون كان الحال كذلك بالنسبة لكاتب المحكمة المختص في التشديد عليه من قبل المشرع اليمني ورأفة في جانب الخصوم من تآمر هذا الكاتب أو استغلالاً لعملهِ للعب بالقضية فذكر ذلك بقانون المرافعات في م(104) سالفة الذكر في جزئها الأخير من البند السابع بقولها :-
((…………وعلى الكاتب المختص مراجعة الأوراق للتأكد من استيفائها للبيانات المطلوبة والعددِ المطلوب ثم يضع لها رقماً بترتيب ورودها ويقيدها في سجل المحكمة ………)).
وهنا يتبين أن النص لم يغفل هذا الجانب لأهميتهِ فيما يتعلق بضمان صحة الإجراءات الشكلية المتعلقة بتقديم (دعاوى/طعون) سلامة بقدرٍ الإمكان لضبط العمل الإجرائي لسير القضايا أثناء نظرها في القضاء وقطعاً لكلِ من تسول لهُ نفسهُ التلاعب أو اللعب بالأوراق القضائية لأيٍ من الخصوم ،،،.

وعليه ولكل ما أوردناهُ في البحث المتواضع يتضح أن تقديم أي مدعي كان أو طرفِ في خصومةٍ أمام القضاء لدعواه أو طعنهِ أو دفعهِ ، لا بد وأن يكون محامٍ من ضمن المحامين المدرجة أسمائهم في جداول قيد المحامين بنقابة المحامين حاصلاً على بطاقة مزاولة المهنة كلٍ بحسب الدرجة التي حصل عليها وخولت له الترافع أو التقاضي أمام أي درجة من درجات التقاضي وبشرط عدم تجاوزه لغيرها بمرتبةٍ أعلى ، وأن المحامي تحت التمرين ” التدريب” لا يحق له التوقيع في أي عريضة كنتاج لما سبق تقدم أمام محاكم من الدرجة الأولى إلا إذا كان قد مضى على فترة تدريبه في مكتب المحامي المعني سنةً بموجب قانون المحاماة المصري رقم (17) لسنة 1983م أو أن يكون قد مضى على فترة تدريبه أو تمرينه ستة أشهر على الأقل بالنسبة لقانون المحاماة اليمني رقم (31) لسنة 1999م ، وأن من خالف ذلك وقام بانتحال صفة المحامي بتوقيعه على الدعاوى حتى وإن كانت أمام محكمة من الدرجة الأولى لم يكن القانون قد أجاز له ذلك فأنه يعرض نفسه للمسألة والعقاب بنص القانون ، ويحدث ضرراً بالموكل بطبيعة الحال يعطيه القانون حيال ذلك حق التقدم للقضاء بالتعويض جراء الضرر الناتج عن التعدي ويفتح بنفس الوقت باباً قد يستغله الخصم للدفع بإبطال الإجراء محل البحث.

هذا ما خلصنا إليه من خلال اطلاعنا لليسير من الكتب أو المراجع المتوفرة والذي نقدمهُ لكم آملين أن نكون قد وفقنا فيه ،،.

المحامي اليمني امين الربيعي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت