للرد في اللغة معان متعددة ، منها الرفض ، والصرف ، ويقال رد الاذى عنه ، أي صرف عنه ، ومنها الرجوع ، فيقال رددت اليه حقه أي اعدته اليه وراجعته له ، ومنها الاعادة ، تقول رددت اليه حقه أي أعدته اليه وراجعته له ، ومنها الاعادة ، نقول رد الشيء عليه ، اذ اعاده اليه ، وهو مصدر رددت الشيء ، وقد ارتد وارتد عنه أي تحول .

اما اصطلاحا : فهو عكس العول ، لأنه في العول تنقص سهام ذوي الفروض ، ويزداد اصل المسألة ، وفي الرد تزداد السهام وينقص اصل المسألة .

وعرفه علماء المواريث بأنه ” صرف الزائد من الفروض الى اصحاب الفروض الموجودين بنسبة فروضهم اذا لم يوجد عاصب ” (1) أي بعبارة اخرى ، هو صرف الباقي من التركة الى اصحاب الفروض الذين يرد عليهم كل بنسبة سهامه ، وذلك عند عدم وجود عاصب او قريب من النسب ، يستحق هذا الباقي (2) . او هو دفع ما بقي من فروض ذوي الفروض اليهم بنسبة فروضهم بشرط عدم استحقاق غيرهم له . وهنا ينبغي وجود ثلاثة شروط ليتحقق الرد هي :

1- وجود صاحب فرض .

2- بقاء فائض ( او زائد) في التركة بعد اعطاء صاحب الفرض فرضه .

3 – عدم وجود العاصب او القريب من الوارثين (3) .

ومن هنا يكون الارث بالرد مختصا بأصحاب الفروض الذين لا يرثون بالتعصب فيخرج ( الاب والجد ) انهما يرثان بالفرض مرة وبالتعصيب مرة اخرى ، فاذا وجد واحد منهما مع اصحاب الفروض فلا رد ، لأنه سيأخذ الباقي بالتعصيب والارث بالتعصيب مقدما على الارث بالرد . وكذلك لا يرد على الزوجين ” الزوج (4) والزوجة ” لأنهما ليسا من اصحاب الفروض النسبية بل هم من اصحاب الفروض النسبية بل هم من اصحاب الفروض السببية وذلك بسبب الزوجية . واختلف الفقهاء وائمة المسلمين في الارث بالرد وذلك لعدم وجود نص صريح في القران الكريم او السنة النبوية . فذهب بعضهم الى منع الارث بالرد ، أي بتعبير اخر ، لا يوجد ردا ابدا ، وانما يأخذ اصحاب الفروض فروضهم وما يبقى بعد ذلك يوضع في بيت المال .

‏اذ قالوا أن تقدير الفروض ثابت بكتاب الله وسنة رسوله ولكل وارث نصيب من التركة ولا يستحق أكثر من هذا النصيب الذي أعطاه الله له ، والرد على الورثة فيه زيادة على الحقوق ومجاوزة للقدر الذي حدده الله سبحانه وتعالى. أما المال الباقي فلا مستحق له فيكون لبيت المال ، وبهذا الرأي أخذ الشافعية والمالكية وابن حزم (5) . ‏وجانب آخر من الفقهاء يقولون بوجوب الرد على جميع الوارثين من أصحاب الفروض ما عدا الزوجين . ودليلهم في هذا قوله تعالى : { وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ومعناه آن الآية الكريمة جعلت الأقارب بعضهم أولى ببعض بسبب صلة الرحم والقرابة. ‏ولما كانت آية المواريث قد دلت على استحقاق كل واحد منهم فرضه المقدر له فقد وجب العمل بالآيتين معا . ويقتضي اعطاء أصحاب الفروض فروضهم ، ورد ما يبقى من السهام لهم أيضا لصلة الرحم بنص الآية الأخرى ، على أن يقسم عليهم بنسبة فروضهم. وعليه وحيث أن أساس الرد هو الرحم والقرابة فلا رد على الزوجين لأن ميراثهما بسبب الزوجية لا القرابة وبهذا الرأي أخذ فقهاء الحنفية وبعض فقهاء الجعفرية وبعض المتقدمين من فقهاء المالكية والشافعية. ‏ومهما يكن من الأمر، يمكن القول ، أن أصحاب الرد من الورثة – عند جمهور الفقهاء – ثمانية أشخاص فقط هم (البنت ، وبنت الابن ، والأخت الشقيقة ، والأخت لأب ، والأخت لأم ، والأم ، والجدة ، والأخ لأم) . ‏هذا وقد جاء قانون الأحوال الشخصية بالتعديل الثاني الصادر في ٢٠/ ٢/ ١٩٧٨ ‏أن البنت أو البنات تستحق في حالة عدم وجود الابن للمتوفى ما تبقى من التركة بعد أخذ الأبوين والزوج الآخر فروضهم منها وتستحق جميع التركة في حالة وجود أي منهم . كما أن القانون المذكور نص في التعديل الثامن الصادر في ١٨ ‏/ ٤ ‏/ ١٩٨٣ ‏على (أن تعتبر الأخت الشقيقة بحكم الأخ الشقيق في الحجب) وعليه فإنه بموجب التعديلين المذكورين أصبح كل من البنت أو البنات والأخت الشقيقة أو الأخوات الشقيقات يرد عليهن ما بقي من السهام ولا يشاركهن العاصب إلا بعد درجة منهن .

____________________

1- انظر د. جمعة محمد محمد براج ، وأحكام الميراث في الشريعة الاسلامية ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، عمان ، ط ١ ‏، ١٩٨١ ، ص 581 – 582 .

2- انظر د. احمد علي الخطيب ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، ص 139.

3- انظر د. احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970 ، ص 266 . أبو اليقظان عطية فرج ، حكم الميراث في الشريعة الاسلامية ، دار الحرية للطباعة ، ط2 ، بغداد ، ١٩٧6 ، ص 161 . محمد زيد الابياني ، شرح الاحكام الشرعية … ، ص 131 .

4- يرى جمهور الفقهاء ان الزوجين لا يرد عليهما وانما يرد الباقي من التركة على غيرهما من اصحاب الفروض ، اما في الفقه الجعفري فالرد يكون على الزوج فقط دون الزوجة . والمعمول به في الوقت الحاضر في المذهب الحنفي هو عدم الرد على احد الزوجين .. وصدر قرار من الهيئة العامة لمحكمة التمييز 396/1982/ هيئة عامة / في 4/2/1982 يتضمن بأنه لا يرد على الزوج في الفقه الجعفري بل يجب تطبيق المادة (91/1) من قانون الاحوال الشخصية التي حددت فرض الزوجين دون التطرق الى الرد عليه ، فإن لم يوجد مستحق للباقي بعد فرض أحد الزوجين فإن الباقي ترثه الدولة ، بينما نجد قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976 يأخذ بالرد على أحد الزوجين وذلك في م 181 / ب (يرد باقي التركة الى أحد الزوجين إذا لم يوجد أحد أصحاب الفروض أو أحد ذوي الأرحام) .

5- انظر بهذا الشأن . د. أحمد الكبيسي ، المرجع السابق ، ص ٢٦٧ ‏. ود. جمعة محمد محمد براج ، وأحكام الميراث في الشريعة الاسلامية ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، عمان ، ط ١ ‏، ١٩٨١ ، ص ٥٨٥ ‏- ٥٨٦ ‏. د. أحمد علي الخطيب ، المرجع السابق . ص ١٤٠ ‏.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .