جريمة انتهاك حرمة الموتى ‏
القاضي ‏كاظم عبد جاسم الزيدي ‏
آثار مقطع نشر مؤخرا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأشخاص وهو ‏يلتقط صورة لجثة ميت الاستنكار والإدانة من الناس لأنه ينتهك حرمة الميت و‏إن المشرع قد أراد إن يحفظ حرمة الميت وعدم اهانته بعد وفاته وقد أحاط ذلك ‏بسياج من الحماية القانونية بنصوص وردت في قانون العقوبات وبعض القوانين ‏الخاصة.

وإن جريمة انتهاك حرمة الميت من الجرائم الاجتماعية المنصوص عليها ‏في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل حيث نصت المادة ‏‏(374) على ان ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة أو بإحدى هاتين ‏العقوبتين من انتهك عمدا حرمة جثة أو جزءا منها أو رفات أدمية وحسر عنها الكفن ‏و اذا وقع الفعل انتقاما من الميت أو تشهيرا به فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ‏ثلاث سنوات ) كما نصت المادة (373) منه على ان يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ‏سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي إلف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من انتهك أو ‏دنس حرمة قبر أو مقبرة أو نصب لميت أو شوه عمدا شيئا من ذلك.

وإن الإنسان ‏بعد وفاته يصبح جسدا بلا روح فإذا كان يستطيع رد الاعتداء الحاصل عليه في حياته ‏فلا يستطيع ذلك بعد وفاته وإن جريمة انتهاك حرمة الموتى من الجرائم المهمة ‏لكونها تخالف الشرع والقانون حيث أكدت الشرائع السماوية على ضرورة حمايتها من ‏الاعتداء فهي مساكن خصصت لهم لكي يرقدوا بها بسلام ولذلك حرص المشرع ‏حمايتها ولم يجز القانون فتح القبر إلا بأمر القاضي في حالة الاشتباه بحادث جنائي.

‏وإن المشرع العراقي أراد أن يحفظ للميت حرمته وعدم إهانته بعد وفاته ولذلك نظم ‏المشرع العراقي ذلك في العديد من التشريعات ومنها قانون العقوبات العراقي رقم ‏‏111 لسنة 1969 وقانون حماية المقابر الجماعية رقم (5) لسنة 2006 ونظام ‏المقابر رقم (18) لسنة 1935.

إن المشرع العراقي قد راعى وجوب احترام حرمة ‏الموتى من خلال عدم المساس بجثته أو قبره أو النصب المقامة له وهي جنحة ‏معاقب عليها بالحبس وان الاعتداء على حرمة الجثة يتمثل بانتهاك حرمة الجثة ‏كتصوير الجثة وعرضها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ونشر صور تلك الجثة ‏وحسر الكفن عنها أو الاعتداء على القبر بالتهديم. وقد عرف المشرع العراقي المقبرة ‏في نظام المقابر العراقي رقم (18) لسنة 1935 بأنها الأرض المخصصة لدفن ‏الموتى كما عرف المقبرة الجماعية في قانون المقابر الجماعية رقم (5) لسنة 2006 ‏بأنها الأرض أو المكان الذي يضم رفات اكثر من شهيد تم دفنهم أو إخفائهم على نحو ‏ثابت دون إتباع الأحكام الشرعية والقيم الإنسانية الواجب مراعاتها عند دفن الموتى ‏و بطريقة يقصد منها إخفاء معالم جريمة إبادة جماعية ونجد إن العقوبة التي وضعها ‏المشرع العراقي لهذه الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة الموتى والمقابر عقوبة بسيطة و‏لا تتناسب مع خطورة هذه الجريمة ونقترح تشديد العقوبة فيما يتعلق بالمادة 374 ‏لاسيما اذا القصد من انتهك حرمة الميت هو بث الخوف والفزع من قبل التنظيمات ‏الإرهابية اذا ارتكبت الجريمة لسبب طائفي وتوحيد التشريعات الخاصة التي تنظم ‏المقابر ومنها نظام المقابر رقم (18) لسنة 1935 وقانون المقابر الجماعية والتشديد ‏فيما يتعلق بإعمال السحر والشعوذة والتي أدت إلى انتشار الهدم والتدنيس للمقابر ، ‏إن حماية جثة الميت وقبر الإنسان بعد وفاته يمثل قيمة قانونية وحق من حقوق ‏الإنسان الأخرى فلم تعد النصوص القانونية التي وضعها المشرع العراقي كافية لردع ‏الجناة لذا توجب تدخل المشرع العراقي ليتخذ الإجراءات التي يضمن من خلالها ردع ‏هذه الظاهرة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت