عقوبات لوقف الإرهاب والخراب

إنها أشد العقوبات قسوة، تلك التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام الإرهابي الإيراني. هكذا وصفها دونالد ترمب، الرئيس الأمريكي. وهي كذلك بالفعل، كما أنها بداية لسلسلة جديدة من العقوبات ستنفذها واشنطن اعتبارا من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. والهدف يعرفه الجميع، وهو وقف استراتيجية الإرهاب التي يطبقها نظام الملالي على شعبه وعلى محيطه الإقليمي. وإجبار هذا النظام على أن يكون جزءا من النسيج العالمي، لا طرفا مخربا له.

والتأكيد على أن المستهدف هنا هو النظام وليس الشعب الإيراني. لماذا؟ لأن هذا الشعب أول ضحاياه. وهو شعب “كغيره من الشعوب”، يستحق العيش الكريم بسلام وأمن وعلاقات طبيعية مع بقية شعوب العالم، الدفعة الجديدة من العقوبات انطلقت، وانطلقت معها تحولات كبيرة على الساحتين المحلية الإيرانية والدولية أيضا.

لنترك الأوروبيين الذين لا يزالون يحاولون جعل المستحيل ممكنا، عبر سعيهم للالتفاف على العقوبات الأمريكية. فهم في النهاية سيرضخون، وللتأكيد على ذلك، أعلنت أكثر من 100 مؤسسة وشركة عالمية أنها وافقت على مغادرة السوق الإيرانية تجاوبا مع بدء سريان العقوبات المشار إليها. أجج بدء العقوبات الاحتجاجات والمظاهرات والانتفاضات الشعبية الإيرانية ضد نظام علي خامنئي، وعصاباته التي تحكم البلاد، فالشعارات واضحة “الموت لخامنئي” و”يسقط حكم المرشد”، وهذه التحركات الشعبية تهز بقوة نظاما لا بد أن يرحل في النهاية، لأنه لا يستحق أن يحكم، وليس مؤهلا لأن يكون جزءا طبيعيا من السياسة الإقليمية والعالمية. الإيرانيون الغاضبون ضاقوا ذرعا به قبل العقوبات، واشتد غضبهم بعدها لأنه هو المسؤول عن الكوارث الاقتصادية والمعيشية التي يعيشون في كنفها.

ممنوع “وفق العقوبات” على حكومة خامنئي شراء الدولار الأمريكي، وحظر عليها تجارة المعادن والذهب والنقل المباشر أو غير المباشر، بل منعت حتى من تصدير السجاد، ومن استيراد البرمجيات المستخدمة في العمليات الصناعية، وكذلك السيارات. نقاط عديدة قاصمة للاقتصاد الإيراني المتهاوي أصلا، بما في ذلك منع أي نشاطات مالية لجمع تمويلات تختص بالدين السيادي الإيراني. إنها المرحلة التي تخشى منها أي حكومة عاقلة في العالم، فكيف الحال وهذه العقوبات هي الجزء الأول من معاقبة نظام إرهابي تخريبي لا يستحق أقل من ذلك بأي معايير كانت؟ فالجزء الثاني قادم في غضون ثلاثة أشهر فقط، وسيرى العالم كيف أنه تأخر فعلا في محاصرة نظام الملالي، وكان من الأفضل أن يعاقب منذ زمن.

لم يعد أمام الشعب الإيراني من خيارات سوى التحرك للتخلص من نظام جلب الويلات له منذ أكثر من أربعة عقود. فحتى قبل هذه العقوبات والتي سبقتها، كان نظام الملالي ينفق على الخراب ولا يجد المال للإنفاق على شعبه!! أي أن العقوبات لن تزيد من هموم الإيرانيين المعيشية، لأنها موجودة وبصورة فادحة قبلها ومنذ سنوات أيضا. عليك أن تنظر فقط إلى المشهد العام الداخلي، بطالة تاريخية مرتفعة، فقر منتشر بين كل طبقات المجتمع. سكان بلا منازل يعيشون في الكهوف، مشاريع حكومية متوقفة من شح التمويل، نقص في الدواء والمعدات الطبية في المستشفيات الحكومية، إلى جانب أشكال معيشية بائسة أخرى لا تخطئها العين.

العقوبات الأمريكية الجديدة هي البداية. وربما تكون بداية نهاية نظام أصر على تنفيذ أوهام طائفية بغيضة، وإرهابية دنيئة. وعلى العالم أن يسهم في خنقه من أجل السلام والأمن والاستقرار ومن أجل الحرية لشعب يستحقها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت