اذا ارتكب الموظف العام مخالفات تأديبية ، سواء عن عمد ام اهمال ، فإنه يعاقب تأديبيا بإحدى العقوبات التأديبية التي يحددها القانون ، و هي وفقا لاخر قانون للخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 الإنذار ، الخصم من الاجر لمدة تجاوز ستين يوم في السنة ، تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين ، الإحالة الى المعاش ، الفصل من الخدمة ، فهل يقتصر العقاب التأديبي على توقيع احدى هذه العقوبات التأديبية فقط ، ام ان هناك عقاب تأديبي اخر يمكن ان يوقع على الموظف

ان العقاب التأديبي لا يقتصر على توقيع احدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في قائمة الجزاءات التأديبية ، و التي تسمي بالعقوبات التأديبية الاصلية ، انما أيضا هناك العقوبات التأديبية التبعية ، و هي تلك التي تترتب وجوبيا بقوة القانون كأثر للعقوية التأديبية الاصلية ، و التي تلتزم السلطة المختصة بتنفيذها تلقائيا بقوة القانون دون الحاجة إلى أن ينص عليها صراحة في الحكم التأديبي ، أو في قرار الجزاء الصادر سواء من النيابة الإدارية ، او من جهة الإدارة او من مجلس التأديب المختص .

و العقوبة التأديبية التبعية التي درجت قوانين الخدمة المدنية سواء في مصر او في القوانين المقارنة على النص عليها هي الحرمان من الترقية مدة زمنية محددة ، أو ما يسمي تأجيل الترقية عند استحقاقها فترة زمنية محددة بسبب توقيع عقوبة تأديبية اصلية على الموظف العام ، و احكامها القانونية كالآتى

أولا .. لا يعد توقيع العقوبة التأديبية التبعية اخلال بمبدأ عدم جواز العقاب على الذنب التأديبي مرتين ، إذ ان مناط ذلك المبدأ هو حظر توقيع عقوبتين تأديبين اصليتين على ذات المخالفة التأديبية التأديبية من بين قائمة العقوبات التأديبية التي حددها القانون على سبيل الحصر ، و إنما تعد العقوبة التبعية اثر مباشر يترتب بقوة القانون على توقيع العقوبة التأديبية الاصلية .

ثانيا .. حدد اخر قانون للخدمة المدنية في مصر رقم 18 لسنة 2015 في المادة 62 العقوبة التبعية ، بأن يتم تأخير الترقية لمدة ستة أشهرً إذا تم توقيع جزاء الخصم من المرتب لمدة من عشرة أيام إلى ثلاثين يوما على الموظف ، و يتم تأخير الترقية لمدة سـنة إذا تم توقيع جزاء الخصم من المرتب لمدة تزيد على ثلاثين يوماً و كان نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 قد نص على تأخير الترقية لمدة ثلاثة أشهر فى حالة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة تزيد على خمسة أيام إلى عشرة، و لمدة ستة أشهر فى حالة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل لمدة 11 يوما إلى15 يوما ، و لمدة تسعة أشهر فى حالة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل مدة تزيد على خمسة عشر يوما وتقل عن ثلاثين يوما ، و لمدة سنة فى حالة الخصم من الأجر أو الوقف عن العمل مدة تزيد على ثلاثين يوما أو فى حالة توقيع جزاء خفض الأجر، و مدة سنة ونصف في حالة توقيع جزاء الخفض إلى وظيفة أدنى ، و لمدة سنتين في حالة توقيع جزاء الخفض إلى وظيفة أدنى مع خفض الأجر.

ثالثا .. في القانون المقارن ، نصت لائحة الترقيات في نظام الخدمة المدنية السعودى على الحرمان من الترقية اذا كان عوقب الموظف بالحرمان من العلاوة أو الخصم من الراتب مدة خمسة عشر يوماً فاكثر متصلة أو متفرقة خلال السنة السابقة لتاريخ النظر في ترقيته . و نصت المادة (68) من نظام الخدمة المدنية الكويتي على عدم جواز النظر في ترقية الموظف لمدة ستة شهور في حالة الخصم من المرتب لمدة تزيد على الأسبوع ، و لمدة سنة في حالة خفض المرتب ، و لمدة سنتان في حالة خفض الدرجة. كما نصت المادة (32) من قانون الخدمة المدنية العماني رقم 120 لسنة 2004 على انه لا يجوز ترقية الموظف لمدة ستة أشــهر فى حالة الخصم من الراتب أكثر من خمسة أيام إلى خمسة عشر يوما ، و لمدة تسعة أشهر فى حالة الخصم من الراتب أكثر من خمسة عشر يوما أو الحرمان من العلاوة الدورية أو خفض الراتب فى حدود علاوة دورية ، و لمدة سنة فى حالة توقيع عقوبة أشد من ذلك .

رابعا .. يبدأ تاريخ الحرمان من الترقية من تاريخ صدور القرار بتوقيع الجزاء .

خامسا .. اذا كان الموظف قد سبق معاقبته بجزاء سابق و تم حرمانه من الترقية ، و اثناء تنفيذ فترة الحرمان من الترقية ، صدر ضده قرار تأديبي جديد لارتكابه مخالفة تأديبية جديدة ، تكون فترة الحرمان من الترقية من تاريخ انتهاء فترة الحرمان من الترقية المترتبة على قرار جزاء سابق أيهما لاحق .

سادسا .. درج المشرع المصري على وقف الترقية اذا كان الموظف مُحال إلى المحاكمة التأديبية ، او إلى المحاكمة الجنائية ، او اذا كان الموظف موقوف عن العمل وقفا احتياطيا على ذمة التحقيق سواء صدر قرار الوقف من رئيس هيئة النيابة الإدارية ام من جهة الإدارة ، و يتم وقف الترقية طوال مدة الإحالة الى المحاكمة أو الوقف عن العمل ، بحد اقصى سنتين ، وفي هذه الحالة يتم حجز الوظيفة المنتظر ترقي الموظف عليها حتى انتظار نتيجة المحاكمة ، فإذا قضى ببراءة الموظف أو اذا قُضي عليه بحكم نهائي بمعاقبته بعقوبه تأديبية لا تتجاوز جزاء الإنذار أو جزاء الخصم من الأجر لمدة لا تزيد علي عشرة أيام وجب ترقيته اعتباراً من التاريخ الذي كانت ستتم فيه الترقية لو لم يُحل إلى المحاكمة ، ويُمنح في هذه الحالة أجر الوظيفة المرقى إليها من هذا التاريخ.

سابعا .. لم ينص المشرع المصري على الحرمان من الترقية اثناء احالة الموظف الى التحقيق الاداري ، على الرغم من ان العديد من التشريعات المنظمة لشئون الخدمة المدنية فى الدول العربية نصت على عدم جواز ترقية الموظف المحال الى التحقيق ، اثناء فترة التحقيق ، مثل المادة (67) من نظام الخدمة المدنية الكويتي ، ، و المادة الأولى من لائحة الترقيات في نظام الخدمة المدنية السعودي الصادرة بتاريخ 15/3/1422 و التي نصت على انه لا يجوز النظر في ترقية الموظف اذا كان محالا للتحقيق في أمور تتعلق بالوظيفة العامة او أمور مخلة بالشرف و الأمانة ، و كذلك المادة 84 من قانون الخدمة المدنية الإمارتى رقم 21 لسنة 2001 بشرط ان يكون موقوفا عن العمل اثناء التحقيق ، و كذلك المادة 31 من قانون الخدمة المدنية العمانى و الذى لجا فيه المشرع الى النص على عدم جواز الترقية اذا كان العامل محالا الى المساءلة الإدارية ، و مصطلح المساءلة يتسع ليشمل مرحلتى التحقيق الادارى و المحاكمة التأديبية ، و المادة 54 من نظام موظفي الإدارات العمومية بالمغرب و الذى حرم الموظف من الترقية اذا كان موقوفا عن العمل ، و أخيرا القانون الاردني رقم 164 لسنة 2003 قبل ان يعدل عن ذلك في المادة 85 من قانون الخدمة المدنية رقم 82 لسنة 2013 .

الدكتور اسلام احسان

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .