أبحاث قانونية ودراسات عن الأراضي السلالية

مقال حول: أبحاث قانونية ودراسات عن الأراضي السلالية

بقلم ذ ابراهيم بيفر

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

منتدب قضائي من الدرجة الثانية بالنيابة العامة لدى المحكمة الإبتدائية تزنيت
تحت عدد: 81
مقدمة
على غرار مخطط المغرب الأزرق في القطاع السياحي و مخطط إقلاع في القطاع الصناعي ثم الإعلان عن مخطط المغرب الأخضر في القطاع الفلاحي الذي يعلق عليه المغرب كل الآمال لجعل الفلاحة رافعة للتنمية الاقتصادية في الخمسة عشر سنة المقبلة.

غير أن مايتطلبه تنفيذ هذا المخطط من رصيد عقاري، الذي حددته الجهات الرسمية في 700 ألف هكتار، يجعلنا نتساءل عن مصدر هذا الوعاء العقاري المراهن عليه .

و باستقصاء ما تملكه الدولة من أراضي صالحة للزراعة فإن واقع الحال قبل تصريحات المسؤولين ينم على المراهنة على الأراضي السلالية، مما يجعلنا نتساءل عن مصيرها و عن مصير ذوي الحقوق عليها ،هل ستتحسن وضعيتهم الاقتصادية و الاجتماعية كما هو مرتقب ؟ أم أن إنزال مخطط المغرب الأخضر على أرض الواقع لن يفضي إلا إلى تكريس الوضع القائم و تعميق الفوارق الطبقية و جعل الفلاح الكبير أكثر غنى و تفقير الفلاح الصغير على غرار المخططات الفلاحية التي كان أصلا ضحية لها ؟

للوقوف على حقيقة الأمر لابد من إعطاء لمحة تاريخية على الأراضي السلالية و إلقاء نظرة على القانون الذي ينظمها (المبحث الأول) و على ضوء ذلك نتساءل عن مصيرها و مصير ذوي الحقوق عليها في ظل مخطط المغرب الأخضر (المبحث الثاني).

المبحث الأول :الأراضي السلالية تاريخ عريق و قانون متجاوز .

إن انتقال الإنسان من عصرالإلتقاط إلى عصرالزراعة واستغلال الأرض وظهور الملكية بسبب أول انسان قال هذا لي …جعل الأرض محط نزاع بين الأفراد و الجماعات.

و نظرا لطبيعة الإنسان الميالة إلى حب السيطرة [1] فقد كان الفرد يضع يده على ما يفوق حاجته من الأرض لتعزيز قوته و جبروته و بعد وفاته يرثها عنه نسله، و كلما ازداد النسل و توسعت العائلة استولوا عل المزيد من الأراضي التي لا يمكن استغلالها بشكل فردي و من ثم ظهر الإستغلال العائلي و الجماعي و القبلي و هذا هو أصل ظهور هذا النوع من الملكية المشاعية للأرض .

و ما يفسر هذا الطرح هو تواجد الأراضي السلالية بجميع أنحاء المعمور فهي متواجدة حاليا بأغلب دول العالم و من ضمنها المغرب .

و كغيره من الدول عرفت الأراضي السلالية تطورا تاريخيا (الفقرة الأولى)انتهى بتأطيرها بقانون يضعها تحت وصاية وزارة الداخلية (الفقرة الثانية).

النقطة ا\لأولى : الأراضي السلالية من الإستقلالية إلى الوصاية .

تعتبر الأراضي السلالية بالمغرب أو أراضي الجموع [2] ملكا لمجموعات من السكان يعودون في أصولهم إلى سلالة[3] واحدة،وقد تكون هذه المجموعات عبارة عن دواوير أو فخدات أو قبائل يتم تسييرها حسب الأعراف و التقاليد السائدة ،غيرأن ما يوحدها أنها لا تباع و لا تحجز ولا ترهن و إنما ينتفع بها ذوي الحقوق عن طريق الرعي أو الزراعة أو تشييد مساكن أو عن طريق كرائها و هو شكل جديد من الإستغلال مثير للجدل .

تنتشر هذه الأراضي عبر ربوع المملكة وتشكل رصيدا عقاريا مهما إذ تبلغ مساحتها ما يناهز 12 مليون هكتار أي ثلث المساحة الصالحة للزراعة و الرعي بالمغرب ،و يوجد أزيد من 4631 جماعة سلالية موزعة على 48 إقليم و عمالة و يبلغ ذوي الحقوق عليها ما يناهز 9 مليون نسمة[4].

و قد كانت هذه الأراضي تستغل من طرف ذوي الحقوق كما أسلفنا تبعا لأعرافهم وتقاليدهم وما تراضوا عليه مع الغير خاصة الأراضي الرعوية المتواجدة في الحدود المشتركة بين مختلف المجموعات [5] .

لكن مع دخول المستعمر و بهدف ضرب التماسك القبلي و الإستحواذ على المزيد من الأراضي سن مجموعة من القوانين المبهمة و الجامدة .

و يعتبر ظهير 26رجب 1337 الموافق 27ابريل 1919 أهم هذه القوانين التي خولت للمستعمر إحكام قبضته على القبائل التي تنازعه السلطة من خلال إشعارها بأن الأراضي السلالية التي تعتبر دعامة الحياة و أساس الإستقلال المالي لهذه المجموعات هي في العمق ملك للدولة و لا مجال لإظهار مقاومة لحمايتهاأو الصراع عليها .

فقد أعتبر الظهير هذه الأراضي ملكا للمجموعات السلالية لكنها لا تتمتع باستغلالها أو الإستفادة من ريعها إلا تحت وصاية وزارة الداخلية فلا يمكن اتخاذ أي قرار إلا بموافقة مجلس الوصاية الذي يتكون من مندوبين عن وزارة الداخلية ومندوبين عن وزارة الفلاحة و مندوبين عن الإدارة المكلفة بالمياه و الغابات . ولذر الرماد في الأعين نص الظهير على ضرورة اختيار نواب عن كل جماعة سلالية يشكلون ما يعرف بجمعية المندوبين أو جماعة النواب يمثلون ذوي الحقوق لدى السلطات المحلية و ينوبون عنهم في اتخاذ القرارات تحت مراقبة مجلس الوصاية و السلطة المحلية المعنية .

و نظرا لأهميتها في تقرير مصير الأراضي السلالية ارتأينا أن نعرج في النقطة الثانية على تشكيل المجالس النيابية و دورها في التدبير و التسيير وإن كان ذلك على المستوى النظري فقط .

النقطة الثانية : المجالس النيابية و دورها في تدبير الأراضي السلالية .

اولا :تشكيل المجالس النيابية.

تتشكل المجالس النيابية عن طريق الإنتخاب أو التعيين ،لمدة محددة ، بعد توفر شروط معينة في المرشح لمنصب النائب.

يشترط في النائب الشروط التالية :

v أن يكون منتسبا للجماعة السلالية .

v أن يكون مسجلا بلائحة ذوي الحقوق بالجماعة السلالية .

v أن يكون مقيما بصفة مستمرة بالجماعة السلالية .

v أن يكون مشهودا له بالقدرة البدنية والفكرية.

v أن يكون مشهودا له بالأخلاق الحميدة و بالشرف والنزاهة و الإستقامة.

v أن لا يكون أميا و يحسن القراءة و الكتابة باللغة العربية.

v أن يكون ملما بممتلكات الجماعة السلالية و بأعرافها و تقاليدها .

v أن لايقل سنه عن 30سنة و لا يتجاوز 70سنة .

v أن يكون منعدم السوابق العدلية و غير محكوم عليه من أجل جرائم عمدية .

v أن لا تكون له منازعات قضائية مع أعضاء الجماعة السلالية بخصوص الممتلكات الجماعية وتدبيرها .

و بعد استكمال النائب لكل هذه الشروط يتم تنصيبه بعد تعيينه أو إنتخابه .

ففي الحالة الأولى يتم تعيين النائب من طرف ذوي الحقوق المسجلين باللائحة في حالة ما إذا كانت موجودة و ذلك طبقا لما جاءت به الدورية 51 بتاريخ 14 ماي 2007 و في حالة عدم وجودها يتم تعيينه من طرف 12 عشر فردا من الأعيان الذين يفترض أنهم من ذوي الحقوق .

أما في الحالة الثانية فإن انتخاب النائب يتم بناءا على الإقتراع السري المباشر في دورة واحدة من طرف هيئة ناخبة مكونة من ذوي الحقوق المسجلين باللائحة وفقا للدورية أعلاه تحت إشراف السلطة المحلية التي تسهر على مرور العملية الإنتخابية في ظروف جيدة من إعداد محلات للتصويت إلى الإعلان على الشخص الفائز.

أما الطعون الانتخابية فتقدم لممثل السلطة المحلية الذي يجب أن يبت داخل أجل شهر حيث يمكن تقديم طعن إداري في مواجهة القرار الصادر عنه وذلك أمام السلطة المحلية الإقليمية التي يتوجب عليها كذلك البث في الطعن الإداري المقدم إليها في ظرف شهر و قرارها ليس نهائي حيث يمكن للمعني بالأمر تقديم طعن إداري في مواجهته لدى مجلس الوصاية [6].

وقد حددت مدة الولاية في ستة سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ،وفي حالة وفاة النائب أو عزله أو استقالته يتم اختيار من يحل محله لإستكمال المدة المتبقية من الولاية طبقا لنفس الشروط التي تم بها اختيار النائب السابق.

وبعد استكمال انتخاب النواب تتشكل الهيئة النيابية من عدد الأعضاء الذي يوافق عدد الدواويير أو الفخدات أو العائلات التي تتكون منها الجماعة السلالية على أن يكون عددها فردي (7.5.3…)

ويبقى النائب المنتخب تحت مراقبة سلطة الوصاية إذ يمكن عزله لمجموعة من الأسباب ولكثرتها و عدم وضوحها نستغني عن ذكرها و بكلمة واحدة نقول أن سلطة الوصاية يمكنها في كل وقت و حين عزل النائب .

وتلعب المجالس النيابية أدوارا مختلفة في تسيير الأراضي السلالية وهو ما سنعرض له في النقطة الموالية.

ثانيا : دور المجالس النيابية في تدبير الأراضي السلالية .

تلعب المجالس النيابية على المستوى النظري، طبقا للقانون الجاري به العمل، دورا مهما في تدبير الأراضي السلالية من إعداد لوائح ذوي الحقوق و فض النزاعات و توزيع الانتفاع كما تلعب أدوارا مهمة في عمليات كراء الأراضي و تفويتها و إنجاز مشاريع تنموية لفائدة الجماعات السلالية .

إعداد اللوائح:

يتعين على المجالس النيابية التقيد بمقتصيات الدورية 51 المشار إليها اعلاه أثناء وضع اللوائح، حيث تجتمع أولا لتحديد المعايير المعتمدة لتقييد ذوي الحقوق كما يتم تحديد مدة صلاحية اللوائح و الغاية من وضعها .

وبعد التوصل إلى صيغتها النهائية تبلغ إلى السلطة المحلية بعد توقيع كل صفحة من صفحاتها ليتم المصادقة عليها كما توضع رهن إشارة ذوي الحقوق قصد الإطلاع عليها حيث يمكن لمن له مصلحة التقدم بطعن لدى المجلس النيابي الذي يجب عليه البت فيه خلال 30 ثلاثين يوما من تاريخ التوصل بالطعن.

فض النزاعات:

نظرا لهشاشة الوضع القانوني، كما سنرى فيما بعد، تكون الأراضي السلالية في غالب الأحيان محط نزاع بين الأفراد و تطاحنات بين القبائل و للحد منها أصدرت سلطات الوصاية دورية رقم 23 بتاريخ 8 مارس 2007 أوكلت من خلالها للهيئات النيابية مهمة فض النزاعات القبلية و النزاعات التي تنشب بين ذوي الحقوق داخل نفس الجماعة السلالية.

فالمتضرر يتقدم بالشكاية إلى ممثل السلطة المحلية هذا الأخير الذي يحيلها على المجلس النيابي قصد استدعاء المتنازعين و محاولة إيجاد حلول مرضية للأطراف المتنازعة، و في حالة تسوية النزاع يحررر محضرا بذلك يوقع من طرف الأطراف المتنازعة ومن قبل النائب أو المجلس النيابي و تحال نسخة من الإتفاق على السلطة المحلية قصد الإخبار.

في حالة تعذر ذلك يحدد النائب أو المجلس النيابي حسب الأحوال جلسة يستدعى لها الأطراف المتنازعة للبت في النزاع في ظرف 60 يوما من التوصل بالشكاية بقرار معلل .

توزيع الانتفاع:

بناءا على الفقرة الثانية والثالثة من الفصل الرابع من ظهير 27 أبريل 1919 كما تم تتميمه و تعديله بظهير 19 أكتوبر 1937 و ظهير 6 فبراير 1963يضطلع نواب الأراضي السلالية بمهمة توزيع الإنتفاع بين ذوي الحقوق بصفة مؤقتة أو بصفة دائمة، حيث يمكن تقسيم الأراضي المخصصة للبناء أو الزراعة فيعطى لكل رب عائلة حق دائم في الإنتفاع غير قابل للتقادم أو التفويت أو الحجز إلا لفائدة الجماعة السلالية، غير أنه يجوز تبادل القطع الأرضية المجزأة بين المستفيدين .

كراء الأراضي:

إن كراء الأراضي السلالية يجد أساسه القانوني في الفصل السادس من ظهير 1919 الذي تم تتميمه و تعديله بالظهائر المشار إليها سابقا حيث يلعب نواب الجماعات السلالية أدوارا في إبرام عقود للإشتراك الفلاحي و عقود الأكرية التي لا تتجاوز مدتها ثلاث سنوات .

و نظرا لأهمية و تقنية الموضوع أصدرت الوزارة الوصية دليلا أسمته بدليل كراء الأراضي الجماعية و الذي فصل دور النائب في كل عملية على حدى .

ففي الأكرية الجديدة يتعين أخد موافقته المبدئية على كراء العقار الذي تحدد مساحته و معالمه من قبل ويدلي بموافقته كتابة بمحضر معد لذلك .

و كذلك الأمر فيما يخص الإدلاء بالموافقة على تجديد عقد الإيجار، فعلى النائب الإدلاء بموافقته كتابة بمحضر معد لذلك سلفا اللهم إذا كانت طبيعة المشروع تستدعي التجديد التلقائي للعقد.

وتختلف أساليب كراء الأراضي الجماعية ففي حالة الكراء عن طريق طلب عروض يستلزم حضور النائب في لجنة فتح الأظرفة و التوقيع على محضر اللجنة .

أما في حالة الكراء بالتراضي يحضر النائب أشغال اللجنة الإقليمية المكلفة بدراسة ملفات الكراء و التوقيع على محضرها .

وقد يكون الكراء عن طريق السمسرة العمومية حيث يحضر النائب كعضو في اللجنة التي تشرف على عملية السمسرة العمومية و التوقيع على محضر لجنة السمسرة العمومية.

و أخيرا للنائب الحق في المراقبة و التتبع وذلك من خلال الحضور و المشاركة في أعمال اللجان المركزية و الإقليمية المكلفة بالتتبع للإستغلالات موضوع الكراء و التوقيع على المحاضر التي تنجزها .

التفويتات :

استثناء مما جاء به ظهير 1919 في الفصل الرابع من عدم قابلية الأراضي السلاية للتفويت،فإن الفصل الحادي عشر من نفس الظهير أجاز تفويت الأراضي السلالية لفائدة الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية و للجماعات السلالية لإنجاز مشاريع تكتسي طابع النفع العام (بناء مدارس .دور خيرية .مساجد…..)

وفي هذا الإطار جاءت الدورية عدد 4474المؤرخة في 13 يونيو 2004 لتنظيم مسطرة التفويت و توضيح دور النائب في العملية.

فإذا تعلق الأمر بالتفويت في إطار شراكة لابد من تحيين لوائح ذوي الحقوق .

و في جميع الأحوال لابد من الإدلاء بالموفقة المبدئية في وثيقة مكتوبة مصادق عليها من طرف سلطات الوصاية ، و بعد ذلك يتعين على النائب حضور الإجتماعات التي تتعلق بمسطرة التفويت .

انجاز مشاريع تنموية لفائدة الجماعة السلالية :

يمكن للجماعة النيابية التداول في شأن إنجاز مشاريع تنموية مذرة للدخل لفائدة ذوي الحقوق على الأراضي السلالية سواء بتعاون مع سلطات الوصاية أو بشراكة مع القطاع الخاص.

ففي جميع الأحوال يجب على النائب إعطاء موافقته المبدئية التي تدون في محضر معد لدلك و الحضور في لجنة فتح الأظرفة تبعا للقانون المعمول به في مجال الصفقات العمومية و التوقيع على محضر هذه اللجنة و كذا المشاركة في أعمال اللجان المكلفة بتسليم المشاريع و اللجان المكلفة بالتتبع و الإنجاز و التوقيع في محاضر هذه اللجن.

هذه هي خلاصة أهم القوانين المعمول بها في مجال تدبير الأراضي السلالية فما هو واقعها ؟و ماهي آفاقها في ظل مخطط المغرب الأخضر ؟

المبحث الثاني : واقع الأراضي السلالية و آفاقها في ظل مخطط المغرب الأخضر.

ما يبدو للوهلة الأولى من خلال إلقاء نظرة على القانون المنظم للوصاية على الأراضي السلالية هو أنه قانون متجاوز ، جامد لا يتحرك لا وجود له على أرض الواقع و يعد ذلك السبب الأساس فيما تتخبط فيه الأراضي السلالية من مشاكل .(النقطة الأولى).

كما أن استقراء سياسات الإصلاح الزراعي التي نهجتها الحكومات المتعاقبة بعد الإستقلال يفضي إلى استنتاج مفاده أن الأراضي السلالية ظلت مهمشة لأسباب أو لأخرى ولم يكن ذوي الحقوق عليها محط إهتمام وبقي الوعاء العقاري الذي تحتضنه محط إهمال إلى أن تم الإعلان عن مخطط المغرب الأخضر .

وبقدرما يعتبر مخطط المغرب الأخطر محطة مهمة سيكون لها وقع على القطاع الفلاحي وعلى الأجيال القادمة بقدرما سيكون له تأثير على وضعية الأراضي السلالية ومستقبل ذوي الحقوق عليها(النقطة الثانية).

النقطة الأولى: الأراضي السلالية بين غياب القانون و سيادة الفوضى.

إن ما ثم عرضه في الفقرة الثانية من المبحث الأول من طرق انتخاب النواب و تشكيل المجالس النيابة و اختصاصاتها في تدبير الأراضي السلالية يعتبر ضربا من ضروب الخيال لا وجود له في الواقع العملي.

فناهيك عن العيوب التي تحملها القوانين الجاري بها العمل فإن الوزارة الوصية لا تحمل نفسها عناء الالتزام حتى بتطبيق ما هو مسطر بها.

فأول مل يعاب على القوانين التي تنظم هذا المجال هو غياب قانون إطار موحد وواضح المعالم و الأهداف فالباحث في هذا المجال يقف حائرا أمام الزخم الهائل من النصوص القانونية المتنوعة ما بين الظهائر و المراسيم و القرارات و المذكرات و الدوريات والمناشير و الضوابط و الرسائل بشكل يصعب معه الإلمام بها من طرف المهتمين و هو ما يفسر قلة الأبحاث في هذا المجال و جهل ذوي الحقوق حتى بوجودها أصلا.

كما أن هذه القوانين في مجملها قوانين متجاوزة ما زالت تتحدث عن دور الأعيان في تقرير مصير ذوي الحقوق فمن هم الأعيان يا ترى في أغلبهم إلا أناس أميين إقطاعيين لا تهمهم مصالح ذوي الحقوق في شيء ويظهر دورهم السلبي في تفريغ ما تتبجح بها هذه القوانين من ديموقراطية في تمثيل ذوي الحقوق من خلا ل الإستثناء الذي جاءت به الدورية 51 الذي أصبح قاعدة في تنصيب النواب من طرف 12 فردا من الأعيان في انتظار تهيئ لوائح ذوي الحقوق هذه اللوائح التي لا يتم تهييئها في أغلب الأحيان .

كما أن من النواب من ضل نائبا لأراضي الجموع رغم انتهاء ولايته دون تجديد و دون احترام شرط الولايتين، ومنهم من تجاوز سنهم السبعين سنة حتى أصبحت القاعدة أن نائب أراضي الجموع لا تنتهي ولايته إلا بالوفاة.

و في ظل هذه القوانين يستحيل على النائب النزيه و لو افترضنا جدلا أنه حصل على تزكية من سلطات الوصاية بعد انتخابات نزيهة أن يقوم بمهامه باستقلالية فكل ما تتخذه المجالس النيابية من قرارات رهين بمصادقة سلطات الوصاية و محاولة معاكسة آرائها و أوامرها أو عدم تنفيذ قراراتها يواجه بالعزل فأين هي إرادة من يمثلهم من ذوي الحقوق؟

خلاصة القول أن المجالس النيابية تفتقد الشخصية المعنوية أو القانونية ليست لها أهلية الوجوب و لا أهلية الأداء فهي تحتاج لموافقة الوصي في كل شيء.[7]

إن ضعف اختصاصات المجالس النيابية و قصورها في نظر القانون هو السبب الرئيسي في النهب الذي تتعرض له الأراضي السلالية يوما بعد يوم من طرف لوبيات العقار .كما أن عدم رسم الحدود بين مختلف الجماعات السلالية و عدم تحديد لوائح ذوي الحقوق عليها تجعلها محط صراعات و تطاحنات قبلية أحيانا و شخصية داخل نفس الجماعة أحيانا أخرى .

فالمتتبع لما يحدث بالواقع وما تنشره الجرائد الوطنية و أنشطة الجمعيات الحقوقية سيجد أمثلة شتى لتعرض الأراضي السلالية للنهب عبر أنحاء المملكة سواء عن طريق إنتزاع الحيازة العقارية بدون سند أو عن طريق ابرم عقود بيع بناءا على شواهد إدارية مشبوهة .كما سيسجل شطط بعض الإدارات في استعمال سلطاتها و وضمها للأراضي السلالية .

و فيما يلي سنعرض لبعض الأمثلة الحديثة العهد التي تمثل غيضا من فيض كانت مادة دسمة لنشاط و تقارير بعض المنظمات الحقوقية و الصحافة الوطنية وأسئلة بعض الفرق البرلمانية في إطار مراقبتها للحكومة …

فنجد على سبيل المثل لا الحصر .

ü مشكل الأراضي السلالية بتازناخت القصبة (إقليم ورززات) حيث نسجل التطاحن الذي حصل سنة 2008 بين أفراد من دوار تازناخت القصبة و أفراد من دوار أيت داود المجاورة حول حدود بينهما .

ü مشكل الأراضي السلالية بقرية كفايت بإقليم جرادة التي شهدت بروز صراعات ذات طابع قبلي حول الأراضي السلالية ..

ü المسيرة الاحتجاجية التي نظمها مئات من مواطني دوار “بكارة” الواقع بضاحية مدينة العرائش غشت 2005، وذلك احتجاجا على سطو أحد “المنعشين العقاريين” على حوالي 1000هكتار من الأراضي السلالية التابعة لهم .

ü مشكل الأراضي السلالية بقرية أكوراي_أسول إقليم الراشدية إثر ترامي أحد السكان على طريق و ضمه لأرضه . و دائما بإقليم الراشدية، في 2008، وقع صراع بين سكان قصر سيدي أبي عبد الله مع أحد المترامين على مساحة تقدر بـ 6 آلاف متر مربع تعود إلى الجماعة السلالية، حاول بناءها مدعيا أن الأرض ملكا لأبيه امتلكها بلفيف عدلي سابقا.

ü في شهر ماي 2009، احتج قصر أمزوج بالراشدية ضد إقامة مركب رياضي بأراضيه و طالب السلطات بإقامة تجزئة سكنية[8].

ü مشكل الأراضي السلالية أهل إكلي ميسور إثر سطو بعض السكان على الأراضي السلالية بناءا على شهادة ملكية مزورة و هو ما شكل موضوع احتجاجات السكان التي انطلقت قبل 5 أشهر قبل ان يحال الملف على العدالة لتقول كلمتها و قد تم متابعة المتهمين و شهود الزور من طرف قاضي التحقيق باستئنافية فاس وحددت المحكمة يوم 4 اكتوبر المقبل تاريخ الجلسة الأولى .[9]

ü وبإقليم طاطا نسجل نزع ملكية الأراضي السلالية التابع- لقبيلة الكرازية أولاد يحيا ” الترارزة ” من أجل بناء مطار دون تعويض ذوي الحقوق عليها الذين اعتصمولمدة 6 أشهر سنة 2008. و كذا استنكار سكان أقايكرن و إميتك و أوجو و تغرمت و أقا إزنكاض ما أسموه بمحاولة إدارة المياه و الغابات بإقليم طاطا إجراء عمليات تحديد أراضي الجموع بإعتبارها ملكا غابويا . كما لم تسلم الأراضي السلالية بفم لحسن من أطماع المضاربين العقاريين حيث كانت مسرحا لمحطات نضالية راقية انتهى البعض منها باعتقالات في صفوف ذوي الحقوق .

ü و مؤخرا سنة 2010 شهدت الأراضي السلالية المسمات أزغار نتكموت بقرية تكموت إقليم طاطا محاولات السطو على الأراضي السلالية بدعوى إكترائها لأحد المنعشين العقاريين و لا يدري السكان من يكري لمن في ظل غياب لوائح ذوي الحقوق وافتقاد ممثلي أراضي الجموع لشرعيتهم فبعضهم تجاوز الولايتين وبعضهم فاق سنه السبعين سنة وما تبقى لا علم للسكان كيف أصبح ممثلا لهم في إبرام عقود الكراء الطويلة الأمد .

ü و أثناء كتابة هذه السطور نسجل المواجهات الدموية التي وقعت بتاريخ 24/06/ 2010 بين قبيلتي أيت داوود أعلي التابعة لإقليم أزيلال و أيت عبدي التابعة لإقليم ميدا لت حول الأراضي السلالية المشتركة بين القبيلتين المخصصة للرعي بناءا على عرف “أكدال”هذا النزاع الذي وصل حد المواجهة بالسلاح التقليدي و التي أسفرت المواجهات عن مقتل أحد الأشخاص و إصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة[10].

و لم تكن هذه الأحداث غائبة في نقاشات مجلس النواب حيث يتم إثارتها من طرف بعض الفرق البرلمانية لكن تبقى دون جدوى امام سياسة صم الآدان التي تواجه بها من طرف الحكومة .

ومن أمثلة ذلك مذكرة الفريق الإشتراكي ذات المرجع338/09و تاريخ 15/09/2009حيث جاء فيها (من بين الأنظمة العقارية الأكثر إثارة بالمغرب النظام العقاري الخاص بأراضي الجماعات السلالية و الذي يجعل هده الأراضي في وضعية استباحة تارة ووضعية تنازع ثارة أخرى ومصدر إثراء غير مشروع في أحيان أخرى ….و في المجمل فإن الأراضي السلالية تعتبر مصدر نزاعات و قلالقل نائمة تتطلب الجرأة في اعتماد قرارات و سن تشريعات تضمن حقوق جميع الأطراف و تخرج هذه الأراضي من وضعية التجميد و حالات النهب …)

وفي مذكرة أخرى لنفس الفريق بتاريخ 14/11/2002 جاء فيها (فمن المعروف أن الأراضي السلالية شكلت مند مدة إحدى عراقيل التنمية الفلاحية بالعالم القروي نظرا لشساعتها و نظرا للوضعية القانونية و طريقة استغلالها و قسمتها .فقد خلفت طبيعة أراضي الجموع مشاكل عديدة كالترامي و الكراء الغير القانوني ..وعوض أن تكون هذه الأراضي مصدر رزق أصبحت هاجسا أمنيا نظرا للنزاعات الجماعية….)

هكذا إذن ظلت الأراضي السلالية خارج الإصلاحات الزراعية التي تهم تدبير العقار الفلاحي و التي تنهجها الحكومات المتعاقبة منذ فجر الإستقلال إلى أن تم الإعلان عن مخطط المغرب الأخضر .

النقطة الثانية:آفاق الأراضي السلالية في ظل مخطط المغرب الأخضر.

إن المتتبع لتاريخ تدبير العقار الفلاحي بالمغرب سيلاحظ أنه مر بمرحلتين فبعد حصول المغرب على الإستقلال و خروج المستعمر خلف وراءه مليون هكتار من الأراضي ضمت شركتي صوديا و صوجيتا 180 ألف هكتار ووزع البعض منها في إطار الإصلاح الزراعي وما تبقى من المليون هكتار لا يعرف المهتمون لحد الآن مصيره في ظروف تميزت بالغموض و المحسوبية .

و في المرحلة الثانية التي بدأت سنة 2003 تميزت بإطلاق شراكة بين القطاعين العام و الخاص وذلك بفتح باب الإستثمار في أراضي صوديا و صوجيتا عن طريق عقود طويلة الأمد في إطار مشاريع كبرى.

و باستقراء هذه المراحل يتضح أن الأراضي السلالية ثم تهميشها و بقيت خارج أي إصلاح زراعي باستثناء الأراضي الواقعة داخل دوائر الري التي ثم توزيعها عل الفلاحين بمقتضى الظهير الشريف 30-69-1 بتاريخ 25/07/1969 . إلى أن تم الإعلان عن مخطط المغرب الأخضر.

و ما يجعل الإرتباط وثيقا بين مخطط المغرب الأخضر و الأراضي السلالية هو قلة ما تملكه الدولة من أراضي فلاحية بالنظر إلى 700 ألف هكتار كرصيد عقاري مراهن عليه لنجاحه فحسب الإحصاء الفلاحي العام لسنة 1996 كان مجموع ما تملكه الدولة يقل عن 570ألف هكتار موزعة على الشكل التالي :

§ اراضي الكيش: 240441 هكتار.

§ اراضي الحبوس: 58824 هكتار.

§ أراضي الأملاك المخزنية :270153 هكتار[11].

وهو ما يوضح بجلاء أنها في صلب اهتمام القائمين على تنفيذه.

وجميل جدا أن تحضى الأراضي السلالية باهتمام الحكومة و إقحامها في مخطط الإصلاحات و برامج التنمية نظرا لمساحتها الشاسعة و نسبة ذوي الحقوق عليها ونظرا كذلك للمشاكل التي تتخبط فيها و التي تجعلها في محل استباحة و نهب وسبب لقلاقل اجتماعية نحن في غنى عنها .

لكن السؤال المحوري الذي نحن بصدد الإجابة عنه هو ما مدى استفادة ذوي الحقوق من هذا المخطط

الطموح ؟ و لما لا يكون تنفيذه بداية لنهاية ما يسمى بالأراضي السلالية ؟

إن مخطط المغرب الأخضر بالنظر إلى مبادئه و أهدافه ينطوي على نظرتين :

نظرة رأسمالية محضة ترمي إلى اعتماد الفلاحة العصرية بكل مقوماتها ، و نظرة اجتماعية تضامنية ترمي إلى إنجاز مشاريع تنموية لدعم صغار الفلاحين .

فمن بين أهداف النظرة الأولى تجميع الأراضي الفلاحية في إطار مشاريع كبرى ذات مرد ودية عالية تهم بالأساس الفلاحة الموجهة للتصدير وكذا فك القطيعة مع النظرة التقليدية التي تقسم الفلاحة إلى فلاحة عصرية و أخرى اجتماعية كما أن من بين مرتكزاتها ما خلصت إليه المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها لسنة 2003 من اعتبار أن من معوقات التنمية الفلاحية الملكية الجماعية للأراضي التي تحد من الإستثمار.

فانطلاقا من هذه المبادئ و الأهداف يتبين أن ذوي الحقوق على الأراضي السلالية غير معنيين بهدا الشق و ما يتضمنه من مخططات الإصلاح و التنمية ما دام أن المشاريع الكبرى ذات المردودية العالية تتطلب ضخ المليارات من الدراهم التي لا يتوفرون عليها و لا يتوفرون حتى على الضمانات الكافية لإقتراضها من البنوك ، ومن ثم يتبين أن المعول عليه في حالة استهداف هذه النظرة لأراضيهم هو كراء أو تفويت هذه الأراضي للمستثمرين الكبار من وطنيين و اجانب مقابل اثمنة زهيدة تحت يافطة تشجيع الإستثمار و الدفع بعجلة التنمية المحلية.

فأي تنمية محلية في ظل هذه الظروف التي سيصبح فيها ذوي الحقوق مجرد يد عاملة في ظل الأجر الهزيل بالقطاع الفلاحي هذا إذا افترضنا ان هذه المشاريع ستخلق فعلا مناصب شغل مباشرة و هو أمر مستبعد ما دام أن المطلوب هو المشاريع الكبرى ذات المردودية العالية التي تصل فيها المكننة إلى نسب عالية .

كما أن هذه المشاريع المنتظرة تتجه في مجملها إلى التصدير و بالتالي فإن الفلاحة المعيشية التي تهم هذه الطبقات ستتراجع باستمرار مما يعني ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي سيتراجع عرضها بالأسواق و بالتالي تأزم الوضعية المعيشية لها.

إن اعتبار الأراضي السلالية على ماهي عليه اليوم معرقلة للتنمية أمر واقع واضح و جلي لا يختلف عليه إثنان غير أن معالجتها من هذا المنظور بعيد كل البعد عن العدالة الاجتماعية و لن تكون نتائجها في الواقع العملي إلا هضم لحقوق ذوي الحقوق على الأراضي السلالية ، كما أن أي تفويت أو كراء في الظروف و القوانين الراهنة سيكون إجحافا في حقهم.

و يبقى الحل الناجع هو اعتماد المنظور الإجتماعي و التضامني في تدبير الوعاء العقاري الدي تختزنه هذه الأراضي الذي يرمي إلى تطوير مقاربة جديدة لمحاربة الفقر المستشري في صفوف الفلاحين الصغار،عبر الرفع من مدخولهم الفلاحي ، بإنجاز 300 إلى 400 مشروع اجتماعي، في إطار16 مخططا جهويا.

ولن يتاتى ذلك في الواقع إلا بعد تمليك الأراضي السلالية لذويها بشكل قانوني و بعد ذلك إشراكهم في إنجاح مخططات بلدهم التي تتناسب و الواقع الاجتماعي المحلي.

ولم يكن مطاب التمليك وليد الساعة فقد نادت به العديد من الفرق البرلمانية و نخص بالذكر :

· مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الإستقلالي للوحدة و التعادلية رقم 98-23-5 و تاريخ 24/07/1998 الذي يرمي إلى قسمة الأراضي الجماعية الحراثية و تمليكها .

· مقترح قانون الذي تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار رقم 98/19/5 و تاريخ 3 يونيو 1998 و الذي يرمي إلى تفويت أراضي الجموع لذوي الحقوق .

· مقترح قانون لنفس الفريق رقم 04-06-05-بتاريخ 31/03/2004 الذي يرمي إلى تفيت أراضي الجموع المخصصة للزراعة و الري لذوي الحقوق.

فما دمنا في دولة الحق بالقانون فحري بنا وضع قطيعة مع القوانين المتجاوزة و سن قوانين عصرية تعتمد على مبدأ الديمقراطية و رفع الإدارة يدها على حقوق و ممتلكات الأفراد و ذلك في أفق انتخاب نواب عن ذوي الحقوق و تحديد اللوائح لتمليكها بشكل نهائي مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل مكونات الرصيد العقاري من أراضي فلاحية وغابوية ورعوية ومقالع، لأن وضعها لا يتناسب فعلا و المجتمع الحداثي الذي نحن بصدد بنائه.

أما أعتماد النظرة الأولى فهو يعني تكريس للوضع القائم و ترك الأراضي السلالية عرضة للمضاربات العقارية و لن يكون ذلك إلا تعبير عن تراجع سلطة الدولة و عجزها عن ضمان حقوق المستضعفين الذين لا يملكون في ظل القانون الجاري به العمل حتى حق اللجوء إلى القضاء دفاعا على مصالحهم ما داموا هم في حاجة إلى الإذن بالترافع الذي تسلمه الوزارة الوصية بناءا على سلطتها التقديرية و غالبا ما تكون هي أو من يمثلها طرفا في النزاع فهي الخصم و الحكم في آن واحد.

ولبلوغ هذا الحل الجذري لهذه القنابل الموقوتة التي تقض مضاجع المغاربة سلطات و أفراد لابد من تظافر جهود فعاليات المجتمع المدني من جمعيات و أحزاب و منظمات حقوقية قصد العمل على التعجيل بإخرج القانون المشار إليه أعلاه كما أن تكتل ذوي الحقوق في تنظيمات محلية وجهوية ووطنية كفيل بتوحيد صفوفهم.

كما يجب عليهم ان يعو بأهمية الاستحقاقات الإنتخابية التي لا تفرز بالعالم القروي – موطن تواجد أغلبية الأراضي السلالية – في أغلب المناطق إلا نخبة من تجار الذمم تجدهم في طليعة لوبيات العقار لا يكلفون نفسهم عناء حتى كتابة سؤال شفوي لمساءلة الحكومة على ما آلت إليه وضعية الأراضي السلالية . هؤلائي الذين يجب أن يعلمو أن كل صوت انتخابي يباع بثمن زهيد يقايض بالهكتارات من أراضيهم .

خاتمة :

إن مخطط المغرب الأخضر لا سيما في شقه التضامني و الاجتماعي و بالمنهجية المشار إليها أعلاه كفيل بوضع حد للوضعية الشاذة التي تعيشها الأراضي السلالية و التي تعتبر معرقلا لجميع الأوراش الإقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة ومن أجل ذلك يجب على الجميع سلطات و أفراد العمل من اجل مغرب اخضر كما ارده جلالة الملك في خطاب العرش الأخير 2010 حيث قال جلالته :

(ففيما يخص الفلاحة فإننا إذ نحمد الله تعالى على ما من به على بلادنا من أمطار الخير ،جعلتنا نحقق موسما فلاحيا جيدا ،نؤكد عنايتنا بالعالم القروي ،بدعم مواصلة إنجاز مخطط المغرب الأخضر ضمن منظورنا التضامني و البيئي و المجالي ،هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل ، و المحافظة على رصيدنا النباتي و الغابوي ، ولا سيما شجرة الأركان ،باعتبارها ثروة فلاحية مغربية أصلية ، ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية.)

كما يجب على الحكومة باعتبارها الجهاز التنفيدي القائم على تنفيد مخطط المغرب الأخضر -الذي يجب فعلا أن يشمل الأراضي السلالية لا سيما في منظوره الإجتماعي والتضامني- أن تضع نصب أعينها ليس فقط تحفيز الإستثمار و المبادرة الحرة و إنما مراعات الجوانب الإجتماعية لتنفيده و هو ما جاء في الخطاب الملكي لعيد العرش المجيد حيث قال جلالته 🙁 وتظل غايتنا المثلى من الأوراش التنموية ليس فقط تحفيز الإستثمار و المبادرة الحرة ،و إنما بالأساس تأثيرها الإيجابي عل تحسين ظروف العيش لمواطنينا خاصة المعوزين منهم و توفير فرص الشغل للشباب.) .

[1] .طوماس هوبز نقلا عن جان جاك شوفاليه .تاريخ الفكر السياسي ترجمة محمد عرب صاصيلا المؤسسة الجامعة للدراسات و النشر .بيروت .لبنان 1985 ص 325.324

[2] نظرا للخلط الذي يقع بين الأراضي الجماعية التابعة للجماعات المحلية و أراضي الجموع أو ألأراضي السلالية التابعة للجماعات السلالية أصدرت وزارة الداخلية دورية رقم 248بتاريخ 31غشت 1978بشأن ضرورة التمييز بين مؤسستي الجماعات الأصلية و الجماعات السلالية.

[3] السلالة في اللغة مأخوذة من (السَّلّ) وهو: استخراج الشيء من الشيء كاستخراج الشعر من العجين ونحوه. وفي المعنى قولهم: انسلَّ وتسلَّلَ أي: انطلق في استخفاء، وفي المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت. والسلالة ما انسل من الشيء. فيقال: سللتُ السيف من غمده فهو مسلول. وسلالة الشيء ما استل منه. والسليل: الولد؛ سمي سليلاً لأنه خلق من السلالة وهي النطفة.
وهذه المعاني كلها تدور حول: خروج الشيء من شيء آخر وانسلاله منه؛ فالسلالة هي الذرية، كالأولاد وأولادهم (الأحفاد) وإن نزلوا، سموا بذلك لانسلالهم من آبائهم. وسميت هذه الأراضي بالسلالية نسبة إلى ذوي الحقوق عليها الذين ينحذرون من سلالة واحدة.

[4] – أشغال المنظرة الوطنية لأراضي الجموع 5و6 دجنبر 1995 كتيب من نشر مديرية الشؤون القروية وزارة الداخلية.

[5] -للتوسع أكثر في موضوع التطور التاريخي للأراضي السلالية بالمغرب أنظر” التطور التاريخي لأراضي الجموع حمايتها .التحديد الإداري و التحفيظ العقاري ” ذ محمد الصغير مجلة الحقوق المغربية العدد 1 يناير 2010 ص 25 .

[6] – اعتبر الفصل 12 من ظهير 27/04/1919المعدل بظهير 06/02/1967 ان قرارات مجلس الوصاية لا تقبل أي طعن و هو ما نتج عنه جدل فقهي و تدبدب في الإجتهاد القضائي, للتوسع أكثر في هذا الموضوع أنظر “تطبيق مقتضيات ظهير 27 ابريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية .ضبط تدبير الملاك الجماعية و تفويتها ” ذ .محمد المزوغي مجلة الحقوق المغربية م.س ص 17.

[7] – للتوسع أكثر في موضوع الإنتقادات الموجهة للقوانين التي تؤطر ألأراضي السلالية أنظر : -إشكالات تطبيق الظهير المنظم لأراضي الجموع- محمد قصري ، مجلة الحقوق المغربية م.س ص 75.

[8] أمثلة من عرض الباحث بلحلومي عبد الغاني في مقاله (إحداث وكالة الأراضي السلالية)

[9] جريدة الصباح العدد 3206 ص 10.

[10] . جريدة أحداث أزيلال العدد6 يوليوز 2010 ص2.

[11] -للتمييز بين الأراضي السلالية و غيرها من الأراضي أنظر : د.محمد خيري ” أراضي الجموع بين البقاء و الزوال ” مجلة الحقوق المغربية م.س ص 61.

بقلم ذ ابراهيم بيفر
منتدب قضائي من الدرجة الثانية بالنيابة العامة لدى المحكمة الإبتدائية تزنيت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.