الطلاق والتطليق والخلع

تمهيد :

الطلاق هو ما يوقعه الزوج بعيدا عن مجلس القضاء ، والتطليق هو ما يصدر من القاضى فى المواضع التى حددها القانون – بنصه أو بإحالته – والخلع هو أيضا طلاق أو تطليق ولكن بشروط خاصة .
ومن الخطأ أن يظن أنه كلما تلفظ الرجل بطلاق وقع ، والخطأ الأكبر ما نسمعه من العامة من قولهم فلان ذهب إلى الشيخ الفلانى فرد له اليمين فالواقع من الطلاق لا يرد ، واللغو منه لا يقع ، والناس يحتاجون فى الفتوى قبل القضاء لمعرفة متى يقع القضاء ومتى لا يقع .
وحاجتهم إلى ما يحتمل أن تقضى به المحاكم فى دعاويهم – أو دعاويهن – بالطلاق أو بآثاره لا تقل عن ذلك أهمية ، ففاعلية التشريع فى العلم به .
وأخيرا فكثيرا ما نشعر أن أحاديث الناس عن الخلع أقرب إلى الحكايات الشعبية منها إلى الأحكام الشرعية ، والنظم القانونية المرعية ، لذا سنحاول أن نأخذ بأيديهم الحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .
ولم يفتنا – بحمد الله – أن الناس يتشاءمون من ذكر الطلاق ، ومن ثم فغرضهم من المعرفة إدراك آثاره إن وقع أو أريد الحصول عليه ، وتطويق هذه الآثار لمن يتضرر منها ، وكيفية الانتفاع منها لمن هى فى صالحه ، راعينا هذا فعنينا بالمقدمات كلما كانت حائلا دون الخطر ، وبالآثار والنتائج كلما كانت نافعة ، أو لم يكن من الفرار منها بد ليقدر القراء موقفهم ، وليحزموا أمرهم ، ونرجوا الله العلى القدير أن يشرح صدورهم وصدورهن إلى ما هو خير لهم ولهن فى الدين ، والدنيا وعاقبة أمرهم ، وأمرهن .

– 1- الكلام عن ما ليس منه بد :

لم يغب ولا ينبغى أن يغيب عن بالنا أننا نتغيا بعملنا هذا فى الأساس أن نقدم دليلا إرشاديا لكل امرأة ( مقدمة على الزواج – زوجة ، أم ، حاضنة ، مطلقة- أرملة ) تريد أن تعرف ما لها وما عليها من حقوق والتزامات خاصة بالمشكلات محل المعالجة ، وفى نفس الوقت نحرص على أن يفيد هذا العمل الطرف الآخر – نعنى الرجل- لمعرفة ما له من حقوق وما عليه من واجبات ،حتى لا يطغى أحد الطرفين على الآخر فيظلمه ، إيمانا بقاعدة ” للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ” وانطلاقا من قاعدة ” هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ” وقاعدة ” ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ” ومن هنا فإننا نسعى بقلب نأمل أن يكون سليما أن نصل بالأطراف عند الخــلاف إلـــــى الحـــــــرص على قـاعـــدة ” وأتمروا بينكم بمعروف ” أو على الأقل نذكرهم بقاعدة ” ولا تنسوا الفضل بينكم ” .
وحرصا على ما تقدم فإننا نثق أنه لابد من أن نكون حريصين على إزكاء قناعة أطراف المشكلة الأسرية بنجاعة الحل الإسلامى لهذه المشكلات ، وسلامته مما يتهمه به بعض المتجنين والمتجنيات على عقائد الشرق وثقافاته ،رغبة منهم فى إخضاعه لثقافة الغرب وتطلعاته ، وإن تدثروا بعباءة حقوق المرأة وحريتها كجزء من أسطورة الحرص العام على حماية حقوق الإنسان وحريته ، وكأن حقوق الإنسان لن تحرز ، وحريته لن تصان إلا على حساب عقائد وثقافات وقيم الشرق ، لا سيما الإسلامى منها ،لهذا لم نجد بدا من أن نقص على قرائنا شيئا من الماضى ، وأن نعلل تعليلا علميا لما نقدمه من حلول للحاضر ، لا لنقنع محبى الحقيقة فحسب ، ولكن لنقطع أيضا على المتجنين عذرهم ” ليحيى من حى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ” .

أولاً : افتراق الزوجين قد يكون ضرورة :
اخترنا التعبير بلفظة ” افتراق ” ليعلم الناس أن الطلاق واحدا من مظاهر إنهاء الزوجية أما صور انتهاء العلاقة فهى أعم من ذلك ،ويتضح لنا ذلك مما يلى :
1- فرق النكاح : والفرق جمع فرقة ، والفرقة فى اللغة : الفصل والمباعدة مأخوذة من الافتراق الذى هو ضد الاجتماع .
وفرق – بفتح الفاء وسكون الراء – النكاح : انحلال عقده وانقطاع العلاقة الناشئة عنه بين الزوجين ، بسبب يقتضى ذلك
والفرقة جنس يضم أكثر من نوع ، فإن كانت بإرادة الزوج ولو بنائبه أو بإرادة الزوجة أو بقضاء القاضى ووردت على نكاح صحيح سميت طلاقا أو تطليقا ، وإن كانت الفرقة لعارض يمنع بقاء النكاح ، أو تداركا لأمر اقترن بالإنشاء جعل العقد غير لازم سميت فسخا . وهذا القدر متفق عليه فى الجملة بين جمهور الفقهاء .
ولم يتفق فقهاء المذاهب على ما ينتظمه كل نوع من نوعى الفرقة من أفراد ، فبعض ما اعتبره بعضهم طلاقا ، اعتبره الآخر ، أو الآخرون فسخا ، من ذلك مثلا : الفرقة بسبب ردة الزوج اعتبرها الجمهور فسخا ، وقال محمد بن الحسن : هى طلاق ، والفرقة بسبب امتناع الزوج عن الإسلام اعتبرها الجمهور فسخا ، وقال أبو حنيفة ومحمد : طلاق .

2- الفرقة فى التنظيم القانونى المصرى :
وقد أغنانا المقنن المصرى عن تقصى اتجاهات المذاهب فى هذا الشأن ، حيث عول على رأى الحنفية فى تصنيف الفرق ، كما يظهر من عبارة المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 25 لسنة 1929 حيث تقول ” ومما تحسن الإشارة إليه هنا أن التفريق بالطلاق بسبب اللعان والعنة أو إباء الزوج الإسلام عند إسلام زوجته يبقى الحكم فيه على مذهب الإمام أبى حنيفة” .و من هنا فقد أخذ القانون برأى المالكية – وجماعة من الفقهاء – فى قلة من صور الفرقة ، وترك الكثرة منها إلى المقرر عند الحنفية ، وما أخذ فيه برأى المالكية- ومن معهم – هو :
1- التفريق لعدم الإنفاق ، واعتبره القانون طلاقا رجعيا .
2- التفريق بسبب عيب فى الزوج ، واعتبره طلاقا بائنا ، والأحناف يوافقون المالكية فى ذلك
3- التفريق بسبب غيبة الزوج أو حبسه ، واعتبره طلاقا بائنا .
4- التفريق بسبب الشقاق أ والمضارة بين الزوجين ، واعتبره طلاقا بائنا .
5- ويلتقى المالكية مع الأحناف فى اعتبار الفرقة بالخلع طلاقا بائنا .

والصور الباقية من الفرقة على وفق مذهب الحنفية هى :
أ*- الصور المعتبرة طلاقا وهى :
*تطليق الزوج .
*الإيلاء .
*اللعان .
*التفريق لإباء الزوج الإسلام بعد أن عرض عليه الإسلام عرضا صحيحا ، متى أسلمت زوجته دونه .

ب*- صور الفرقة المعتبرة فسخا
كمبدأ عام فإن الأحناف يعتبرون كل فرقة من جانب الزوجة وبسبب من قبلها لا مثيل له ( أى السبب ) من جانب الزوج تعتبر فسخا ، كما يعتبر فسخا الفرقة التى تقع بناء على سبب يمكن صدوره من كليهما ، كالردة ، فإن وقعت من الزوجة فهى فسخ اتفاقا ، وإن وقعت من قبل الزوج فهى محل اختلاف ، وباختصار فالمعتبر فسخا من الفرقة – عند الحنفية – هو :
* كل فرقة مرجعها خلل فى عقد الزواج عند إنشائه ، كالعقد بلا شهود ، أو العقد مع قيام مانع من موانع الحل ، كما لو كانت المرأة محرمة على الرجل لسبب من الأسباب التى بيناها فيما سبق – فى الزواج – .
*كل فرقة مرجعها سبب طارىء يمنع بقاء العقد كتمكين الزوجة ابن زوجها من نفسها .
*التفريق لعدم الكفاءة لابتناء العقد على خلل يرجع إلى عدم توافر الرضا .
*التفريق لردة الزوجة أو إبائها الإسلام – متى أسلم الزوج وكانت المرأة لا تدين بدين سماوى – ومن المعلوم أن زواج المشركة لا يحل .
*التفريق لردة الزوج على رأى أبى حنيفة وأبى يوسف .
*التفريق بخيار البلوغ ( إذا حصل التزويج فى الصغر ، وهى فرضية تبدو اليوم نادرة الوقوع ) وبخيار الإفاقة ( وذلك متى زوج فاقد الأهلية كالمجنون والمعتوه وليه الشرعى ، فمن حقه بعد أن يشفى أن يختار إما البقاء على الزواج أو الفسخ )

ما يحتاج إلى حكم المحكمة من صور الفرقة السابقة :
1- اللعان
2- إباء الزوج الإسلام الذى عرض عليه الإسلام عرضا معتبرا بعد إسلام زوجته .
3- الفرقة بسبب خيار البلوغ ، أو الإفاقة .
4- الفرقة بسبب عدم كفاءة الزوج .
5- التفريق بسبب الغبن فى المهر .
6- التفريق بسبب إباء الزوجة الإسلام بعد عرضه عليها عرضا معتبرا .
7- يضاف إلى ذلك التطليق بمعرفة القضاء للأسباب المنصوص عليها فى القانون .

أبرز أوجه الفرق بين الطلاق والفسخ :
1- ما يعد طلاقا يتنوع إلى بائن تنحل به عقدة النكاح فى الحال ، وإلى رجعى يستبقى معه بعض أحكام النكاح ، أما الفسخ فهو صورة واحدة .
2- ما يعد طلاقا ينقص به عدد ما يملكه الزوج من الطلقات ، وما يعد فسخا لا ينتقص به عدد الطلقات ، فيبقى للزوج على زوجته ما ملكه الشارع منها .
3- الفرقة التى تعد طلاقا لا تكون إلا فى زواج صحيح ، أما فرقة الفسخ فتكون من الصحيح وغيره .

3- عبثية إغلاق باب الطلاق :
نقل الأستاذ قاسم أمين ، فى كتابه تحرير المرأة ، عن الأديب الفرنسى فولتير قوله ” إن الطلاق قد وجد فى العالم مع الزواج فى زمن واحد تقريبا ، غير أنى أظن أن الزواج أقدم ببضعة أسابيع ، بمعنى أن الرجل ناقش زوجته بعد أسبوعين من زواجه ، ثم ضربها بعد ثلاثة، ثم فارقها بعد ستة أسابيع ” ثم يقول – الأستاذ قاسم – الطلاق قديم فى العالم ، وأنه يكاد أن يكون من الأعراض الملازمة للزواج ، فلا ينبغى أن يرتاب فيه ، فقد دل تاريخ الأمم على أن الطلاق كان مشروعا عند اليهود والفرس واليونان والرومان ، وأنه لم يمنع إلا فى الديانة المسيحية بعد مضى زمن من نشأتها ( ) .
وهذا حق ، فالطلاق كما يقولون ” مشكلة متأصلة فى الزواج نفسه الذى يتعين فيه على ذكر وأنثى ، لكل منهما قيمه الخاصة ، وحاجاته ، وأماله أن يعيشا معا بأقل قدر من التوتر والقلق”( ) ومن هنا كان من الحتم اعتماد الطلاق حلا أخيرا ، باعتباره أكثر البدائل عدلا لوضع حد للنزاعات الزوجية ، وكان فطريا أيضا أن يخرج أتباع الكنائس المتشددة عليها ، وتضطر الكنيسة على إقرارهم على ذلك رغبا أو رهبا ( ) بل إن الحكومات التى تدين لبعض هذه الكنائس بالولاء اضطرت تحت ضغوط شعوبها إلى التدخل فى مشكلة كانت تخص الكنيسة وحدها ، وهى مشكلة الطلاق ، فأصدرت القوانين بإباحة الطلاق .

ففى 1/11/1970 أقر البرلمان الإيطالى – معقل البابوية الكاثوليكية – قانونا بإباحة الطلاق فى حالات منها ، الإصابة بالجنون ، والحكم بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات ، والسجن بسبب ارتكاب جريمة جنسية ، والهجر لمدة خمس سنوات ، ” ولم تعبأ الدوائر الإيطالية بحالات الحــــزن الشديد التى انتابت البابا بولـــس السادس ، وغيره من الكاردينالات “( )
وفى أسبانيا عددت المادة الثالثة من القانون الصادر فى 2 مارس 1932 ثلاثة عشر سببا لانحلال رابطة الزوجية بالحكم النهائى القاضى بالطلاق بين الزوجين مهما كانت الجهة المدنية أو الدينية التى عقدته .
وفى ألمانيا يجيز القانون رقم 16 لسنة 1946 فى مواده 42-48 الطلاق لستة أسباب ، وتوقعه المحكمة بناء على طلب أحد الزوجين متى رفعت دعوى التطليق فى الميعاد ، ويجب أن تتخذ إجراءات للسعى فى الصلح بين الزوجين قبل توقيع الطلاق .
وفى بريطانيا أجيز الطلاق بمقتضى قانون صدر سنة 1937 فأدخل تعديلات جوهرية على الأنظمة السابقة ، وأباح صورا كانت محرمة من قبل كطلب الطلاق للهجر ، والإساءة والمرض العقلى والعيب التناسلى الخطير .
وفى بلجيكا يجيز القانون الطلاق لأسباب عدة منها : إذا اتفق الزوجان على الطلاق وصمما على طلبه ، فى حدود أحكام القانون ، اعتبر تراضيهما دليلا كافيا على تعذر استمرار الحياة بينهما مما يبرر الحكم بالطلاق .

وفى حكم قديم لمحكمة بروكسل – 3 يناير 1923 – قضت بأن :
” الشريعة الصينية التى لا تعطى حق الطلاق إلا للزوج فقط يعتبر حكمها مخالفا للنظام العام فللبلجيكية التى تتزوج من صينى أن تطلب تطليقها من زوجها أمام المحكمة البلجيكية ، التى يجب عليها فى هذه الحالة أن تطبق القانون البلجيكى “.
وفى بولندا يجيز قانون الزواج الصادر فى 25 سبتمبر 1945 الطلاق لأسباب كثيرة منها إذا زاول أحد الزوجين مهنة غير شريفة أو انتفع منها ، وكذلك إذا اعتاد تعاطى المشروبات الروحية أو المخدرات .
كما يجيز القانون التشيكى الطلاق لجميع المواطنين دون تمييز ، ولأسباب متعددة ، ومثله القانون الرومانى ، وينص على أن اتفاق الزوجين على الطلاق دليل كاف على أن المعيشة بينهما أصبحت لا تطاق .
ويتوسع القانون السويسرى فى الأسباب التى تبيح طلب الطلاق ومن ذلك إساءة أحد الزوجين معاملة الآخر ، وعلى غراره القانون المجرى .
وفى فرنسا يجيز القانون المدنى الفرنسى الطلاق للزنا ، ولسبب صدور حكم بعقوبة بدنية أو شائنة ضد أحد الزوجين ، وكذا لاعتداء أحد الزوجين على الآخر ، أو إساءة معاملته ، أو إهانته ، ويتوسع القضاء الفرنسى فى تفسير الإساءة مما يؤدى إلى ارتفاع نسبة الطلاق بما يناهز 40% من عدد الزيجات كل عام ويقولون : الطلاق ناجم عن الحرية الشخصية ، والعقد الذى لا يمكن تلاشيه يكون مضيعا لهذه الحرية ، أو حاجزا لها .
ويأتى القانون اليوغسلافى على القمة من حيث التسامح فى أسباب الطلاق ، فيبيحه لاختلاف الطباع ، وسوء التفاهم المستمر ، وغير ذلك من الأسباب التى تؤدى إلى اضطراب فى العلاقات الزوجية بحيث يستعصى معه دوام المعاشرة بين الزوجين ، ويقاربه القانون اليونانى .
وفى أمريكا يحكم بالطلاق فى كثير من الحالات لأتفه الأسباب ، بل إن من لا يجاب طلبه فى ولايته انتقل إلى ولاية أخرى أكثر تساهلا فى إجابة طلب الطلاق ، مما عرف بالطلاق المتنقل ، والنتيجة أن معدل الطلاق فى أمريكا أعلى منه فى أى مجتمع آخر .
والأمريكيون أنفسهم يمتدحون ذلك ، ففى رأيهم ” لا يعكس الطلاق أى احتقار لمؤسسة الزوجية ، وفى الواقــع يكون الناس الذين يمنحون طلاقا أكثر أفراد المجتمع حماسة لدعم تلك المؤسسة ومعظم المطلقين فى الولايات المتحدة يعودون فيتزوجون ثانية ، ويتم ذلك بسرعة ” ( ) .

وحاصل كل ما تقدم أننا قل أن نجد دولة من تلك التى تدين بالمسيحية لم تبح الطلاق لأسباب متعددة ، بعضــها لا يرقى إلى درجة الأمر الذى تستحيل معه الحياة أو تستعصى فعلا ، غاية الأمر أنها جعلت قرار التفريق بيد القاضى .
وقد آثرنا الإسهاب فى واقع العالم المسيحى ( ) ليعلم القارئ مدى الفرية التى يطلقها الأوربيون وببغاواتهم على نظام الطلاق فى الإسلام ، والذى نعنى بالكلام عنه قصدا فى هذا العرض، حيث يمكننا القول أنه لم يبق من أثر القانون الكنسى إلا استلزام صدور حكم بالطلاق( ) وإن تبدلت الهيئة الكنسية بهيئة قضائية مدنية .

4- محاولات تقييد إيقاع الطلاق الإرادى بعيدا عن مجلس القضاء :
ما انتهى إليه الغرب المسيحى من تقييد إيقاع الطلاق بحكم القاضى هو ما تسعى إلى تعميمه مؤتمرات السكان والتنمية ، وقد أدخل على بعض المستغربين فتحمسوا لهذه الدعوة وما زالوا ، وللأسف فإن مسعاهم وجد طريقه إلى بعض التقنينات العربية ، ولم يزلوا ويزلن فى ممارسة كل أشكال الضغط ، بما فى ذلك استعداء الدول ، والهيئات الدولية على دولهم وأوطانهم بغرض فرضه فى كافة التشريعات العربية ، ومن بينها القانون المصرى ،- والذى يؤسف له أن أزمة الدنمارك مع أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كشفت عن أن قلب هؤلاء هناك ، فى كوبنهاجن ، حيث الأبقار والعجول – ومن ألاعيبهم المكشوفة فى هذا المضمار مطالبتهم المتكررة إلى إنفاذ الاتفاقات الدولية ، وتوصيات المؤتمرات المتعلقة بالمرأة – وإن تحت مسميات مختلفة – دون أية تحفظات على ما تقره من بنود وتوصيات ، ومن ذلك مثلا توصية المجلس الاجتماعى لهيئة الأمم المتحدة أصدرها فى عام 1965 ، ولم تزل الهيئة تنوه بذلك كلما تعرضت لموضوع يتعلق بالمرأة .
وتنص التوصية على :
1 – عدم جواز إيقاع الطلاق أو التفريق القضائى إلا بواسطة سلطة قضائية مختصة مع وجوب تسجيله قانونا .
2 – وجوب تمتع الزوجين بذات الحقوق ، وتوافر ذات الأسس القانوينة فى إجراءات الطلاق أو فسخ الزواج أو التفريق القضائى .
3 – وجوب توفير الضمان القانونى لكل من الزوجين بالموافقة الحرة الكاملة فى حالة الطلاق الرضائى .
واليوم تتبنى المؤتمرات النسوية الدعوة الملحة لإجبار الحكومات العربية على رفع تحفظاتها على بعض مواد اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، كما هو وارد فى كلمة المحامية السيدة منى ذو الفقار ،التالية ، بصفتها المعلنة فى هذا المقتطف من ورقتها المؤرخة 6/3/2005 و المعنونة ” رؤية إستراتيجية ” ،وفيها ما نصه :

تقوم إستراتيجية اللجنة التشريعية – للمجلس القومى للمرأة فى مصر – خلال المدة 2005 -2010 على أساس محاور خمســـة:
المحور الأول: التدخل التشريعى لإزالة التمييز ضد المرأة .
المحور الخامس: رفع التحفظات على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة . ومما ورد تحت هذا العنوان نصا :
استمرار الدعوة لرفع التحفظات على المادة 2 ، و9/2 ،وقصر التحفظات على المادة 16، الفقرتين (ج) و (و) وفقا لما قرره المجلس القومى للمرأة.
منى ذو الفقـــار/ مقرر مناوب اللجنة التشريعبة

والمادة الثانية من الاتفاقية المذكورة المطلوب من الدول الأطراف أن تتعهد بالقيام بها للقضاء على التمييز ضد المرأة، تشمل سبعة بنود منها : إبطال كل الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها، واستبدالها بقوانين تؤكد القضاء على التمييز ضد المرأة.
وأبرز القوانين المستهدفة فى دائرة الأحوال الشخصية هى تلك التى تتناول الطلاق ، وحق الرجل فى إيقاعه بعيدا عن مجلس القضاء ، وتلك التى تتناول موضوعات النسب ، والوصاية والولاية والقوامة ونحوها ، وأخيرا قوانين الإرث ، لاسيما النص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين .

وهذه المادة بوجه خاص تخالف الشريعة الإسلامية بمحاولتها القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والشريعة تؤيد التمييز الإيجابي للمرأة الذي يكون لها وليس ضدها، وسنرد على ذلك فى قضايا الطلاق والنسب والحضانة وغيرها مما نتناوله هنا ، أما الميراث فلا ظلم يقع على المرأة في التشريع الإسلامي؛ فقد ترث قدر إرث الرجل ، وأحيانا تفضله ، والمفاجأة التى يؤكدها الإحصاء للنسبة المئوية للحالات التي تأخذ فيها الأنثى نصف نصيب الذكر كشف أنها تساوي 13.33% فقط، والباقي 86.67% إما أن ترث مثلما يرث الذكر أو أكثر، فضلاً عن أن إرث الرجل في أغلب الأحوال يكون- حسب مذاهب أهل السنة ، وهم أكثرية المسلمين فى العالم – عاصباً منتظراً لما يفضل من أصحاب الفروض ، والأنثى في أغلب أحوالها ـ90% ـ تأخذ نصيبها فرضــــاً ، ويمكننا أن نصنف الإرث بالفريضة فى إطار ” قليل دائم خير من كثير منقطع ” أما الإرث بالتعصيب فنخشى أن يكون موضعه الذى يقربه إلى الأذهان ما يشبه حالة المخاطر أو المقامر – ونعتذر عن التشبيه فقط أردنا التقريب – لأن العاصب دائما ما ينتظر ما تنجلى عنه حالات أصحاب الفروض ، ولربما يرث القليل الباقى ، وإن كانت قرابته بعيدة نسبيا – كالأخ وابن الأخ .. ومن بعدهما – فكثيرا مالا يرث شيء حيث يستبد أصحاب الفروض بالتركة فلا يبقى له شىء ، وللناس أن يعرفوا أن أصحاب الفروض المقدمين فى الإرث اثنا عشر رجلا وامرأة ‘ فيهم فقط أربعة رجال هم الأب والجد والزوج والأخ من جهة الأم – أخ المتوفى من أمه – والثمان الباقيات نساء ، هن البنت وبنت الابن ، والأم ، والجدة- واحدة أو أكثر- ، والزوجة – واحدة أو أكثر – والأخت الشقيقة والأخت لأب ، والأخت لأم .

هذا و لا يعْزُبَنَّ عن البال أن الأنثى مصونة مكرمة في الشريعة الإسلامية، وأن وليها (الأب وأحيانا الابن ، أو الأخ ) ملزم بسكناها ونفقتها ونفقة أولادها ، و لا تلزم بالعمل لتنفق على نفسها ومن تعول ، وإن كانت زوجة فإنها لا تكلف بأن تنفق جنيهاً واحداً ـ إلا عن طيب خاطر ـ مهما كانت غنية، وأنها في أهليتها المالية مثل الرجل ، ليس لأحد عليها ولاية سواء كان أباً أو زوجاً، وللمرأة حق التصرف بالبيع والإقالة والخيار والسَلَم والصرف والشُّفْعة والإجارة والرهن والقسمة والإقرار والكفالة والصلح وغيرها من سائر العقود والالتزامات .

وتتضمن المادة التاسعة التزامين أساسيين :
أولاً: تطالَب الدول الأطراف بأن تمنح المرأة حقاً مساوياً لحقِّ الرجل في اكتساب الجنسية أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، حيث لا تطالَب بتغيير جنسيتها بسبب الزواج من أجنبي أو تُفرَض عليها جنسية الزوج.
ثانياً: إعطاء المرأة نفس حقوق الرجل فيما يتعلق بجنسية أولادهما

وتطالب المادة السادسة عشر الدول الأطراف باتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، حيث يكون لها نفس الحق في عقد الزواج، ونفس الحق في حرية اختيار الزوج، ونفس الحقوق والمسؤوليات في أثناء الزواج وعند فسخه، ونفس الحقوق فيما يتعلق بالأطفال، من حيث الإنجاب والولاية والقوامة والوصاية والحضانة. وتعطى النساء حقوقا كما لأزواجهن في اختيار اللقب العائلي والمهنة والوظيفة، وفي الملكية وإدارة الممتلكات والتصرف بها. كما تُلزَم الدول بتحديد سِنٍّ أدنى للزواج وتسجيل الزواج في سجل رسمي. والمادة تخالف – فى بعض ما تدعو إليه – الشريعة الإسلامية التي قسمت الأدوار في الأسرة بين الرجل والمرأة، ولم تجعلها متساوية متطابقة فلكل حقوق وعليه واجبات.
ومما يستوقف الناظر، ولينتبه المسلمون ، أن يعقد فى مصر – فى بدايات أكتوبر 2004 – مؤتمر [العائلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا] الذي نظمه مجلس البابا للعائلة بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية المصرية في دار [القديس إستيفانوس] في ضاحية المعادي بالقاهرة.
وتركزت – كما تقول الأخبار – الجلسات الختامية للمؤتمر حول قوانين الأسرة والأحوال الشخصية في دول الشرق الأوسط وشمال القارة الأفريقية.
وعلى الصعيد ذاته أعلن المؤتمرون توصياتهم النهائية بقرار عمل لجان للأسرة في كافــة الدول المشاركة .
وصرح مراسل شبكة الفاتيكان في القاهرة أن التوصيات التي اعتمدها المؤتمرون تركزت في سبع نقاط:
أولها: التركيز على قوانين الأسرة والأحوال الشخصية التي تناقش في برلمانات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر عقد في الذكرى العاشرة لانعقاد مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994، والذي أثار جدلا واسعًا لدى علماء المسلمين الذين أكدوا مخالفة قراراته لثوابت الشريعة الإسلامية المتعلقة بالأسرة .

ومن البدهى ،والحال كما رأينا، أن ترصد مؤسسة هيومان رايتس الأمريكية قصور القوانين المصرية عن تحقيق وحماية حقوق المرأة ، كما هو منقول نصا من تقريرها ، لاسيما البند الخامس منه ، والمعنون (العواقب التمييزية للطلاق غير المتكافئ ) ومن نصه : “يؤدي نظام الطلاق الذي يتسم بالتمييز المجحف في مصر إلى الإضرار بالمرأة في كل مرحلة من مراحل عملية التطليق؛ ونظرا للآلام والمخاطر التي تحف طلب الطلاق في المحاكم المصرية المثقلة بالقضايا المتأخرة، والتي تفتقر إلى الكفاءة، تضطر الكثيرات من النساء المصريات إلى دفع أزواجهن إلى تطليقهن، وذلك أمر هين عليهم؛ وفي المقابل، توافق المرأة عادة على التضحية بحقوقها المالية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القوانين التمييزية التي تجعل حق المرأة في المسكن مشروطاً بحضانتها الفعلية للأطفال تمنع المرأة من طلب الطلاق خوفا من أن تصبح بلا مأوى. كما أن انتهاء الحضانة الفعلية للأطفال، بانتقالها إلى الأب عندما يبلغ الأطفال سنا معينة أو بانتقالها إليه بصورة تلقائية في حالة زواج المرأة مرة أخرى، يمثل نتيجة تمييزية أخرى لنظام الطلاق المعمول به في مصر.

أما إذا وجدت المرأة في نفسها الشجاعة الكافية لمحاولة إنهاء زواجها عن طريق المحاكم المصرية – وهي عملية قد تستغرق عدة سنوات – فمن المرجح أن تجد المرأة نفسها وقد وقعت في براثن العوز والفاقة أثناءها؛ حيث لا يحق لها وهي لا زالت متزوجة الانتفاع بأي صورة من صور الإعانات الاجتماعية التي تقدمها الدولة. وهذه العواقب المؤسفة للطلاق في مصر تؤدي إلى إحجام المرأة عن طلب الطلاق من الزوج أصلا، أو تقودها إلى حياة بائسة بعد طلاقها.”
وكما هو واضح للعيان فإن حملة الانقضاض على قوانين الشرع كلما أفلحت فى النيل من قانـــون ارتقت إلى ما بعده ، ولن تسكت حتى تسقطها كلها جملة ، إن استطاعت ،كما لا يخفى أنها لا ترعى حرمات الأوطان كما لم ترع حرمات الأديان ، بل كثيرا ما يظن أنها تعمل لصالح المحتل الغاصب ضد أهداف الأمة ، ومن ذلك توطين وتجنيس فلسطيني الشتات حيث هم ، جاء فى رؤية اللجنة التشريعية الاستراتيجية للمجلس القومى للمرأة – المنوه عنها قبل قليل ما نصه ” -5- إزالة التمييز فى قانون الجنسية : صدر القانون رقم 154 لسنة 2004 بتعديل قانون الجنسية لرفع التمييز ضد المرأة المصرية محققا المساواة المطلقة بين الأب والأم المصرية فى حق منح الجنسية لأبنائهم. إلا أن أبناء الأم المصرية المتزوجة من فلسطينى ما زالوا يعانون من صعوبات فى تنفيذ القانون والحصول على الجنسية المصرية” .

5- الهدف هو الطلاق الذى يوقعه الزوج :
وقضيتنا هنا هى الطلاق ، وكما هو واضح من الاحتجاجات فإن المستهدف منه هو ذلك الذى يوقعه الرجل بعيدا عن مجلس القضاء ودون توقف على حكم ، ولا على رضا المطلقة ، وذلك – فى رأيهم – لأسباب عدة منها :-
1- أن هذه الصورة من صور الفرقة تتنافى – كما يقولون – وحكم لزوم العقد ، وتخل بالمساواة بين الزوجين فى الحقوق والواجبات .
2- أنها تعرض رابطة الزوجية لخطر الانفراط ، و تعرض الأسرة لمضار التشتت والضياع .
3- أنها لا تتناسب ومقتضى الحال من ضعف الوازع الدينى وتعقد الظروف الحياتية وتحدياتها .
ومع إيماننا بأن السكن المنشود شرعا وغرضا لا يتحقق إلا إذا روعيت آداب الشرع فى الزواج ابتداء وبقاء ، لكننا لا نجد بدا من الرد

أولاً: الطلاق عن طريق الرجل قديم ومعتبر عند كثيرين :

1- الطلاق فى مصر الفرعونية :
” لقد هجرتك ولم تعد لى حقوق عليك كزوج ، ابحثى عن زوج غيرى ، لأننى لا أستطيع الوقوف إلى جانبك فى أى منزل تذهبين إليه ، ولا حق لى عليك من اليوم فصاعدا باعتبارك زوجة لى ، تنسب إلى وشريكة لحياتى ، اذهبى فى الحــــــــــــال بلا إبطاء أو تأخير ” . ( )
هذا نص وثيقة طلاق اكتشفها البروفسيور ” فيتشر ” بين لفائف برديات حفريات طيبة ، ويرجع تاريخها إلى الأسرة الرابعة ( )، وهى كما يظهر منها تفيد أن الطلاق بيد الرجل ، وهو ما نصت عليه قوانين ” أحمس ” حيث جعلت للرجل أن يطلق زوجته الحالية ، ولا يعنى هذا أنهم كانوا يمنعون التعدد ، فقد عرف عنهم العكس من ذلك . ( )
وحسبما يذكر المؤرخون فإن من الجماعات من كان يقرر حق الطلاق للرجل وحده، وبعضها الآخر من كان يقرره لكلا الزوجين ( ) .
ويبدو أن ملكية المرأة للطلاق كان أساسه ما للمرأة من حق اشتراط أن تكون العصمة بيدها ( ) ، فضلا عن أنهم عـــــرفوا نظاما شبيها بنظام الخلع المعروف فى الإسلام ( ) .

2- الطلاق فى بابل وآشور :
أشهر ما وصلنا عن حضارة الرافدين ، قانون حامورابى والذى حكم هذه البلاد فى الفترة ما بين 1728 ، 1686 قبل الميلاد .
ومما تضمنه هذا القانون الشهير نظام الطلاق ، وقد نظمه على النحو التالى ( ) .
1- الطلاق مسموح به للرجل والمرأة ، غير أن للرجل ” الزوج ” أن يطلق دون التقيد بأسباب الطلاق ، أما المرأة فعلى العكس من ذلك ، فلابد أن تبرر أسباب طلاقها للرجل( ) مع حق القضاء المحتم فى التدخل فى هذا الطلاق
2- يحرم الطلاق إذا كانت الزوجة مريضة ، بل يكلف الرجل برعايتها وهى عنده ، وله أن يتزوج عليها ، ولها أن تغادر بيته إذا لم ترض بزواجه عليها .
3- للطلاق تبعات ، فعلى المطلق أن يدفع للمطلقة مبلغا يتفاوت بمقدار ما لها من أبناء ، وإن لم يكن أبناء أعطاها مثل ما دفعه صداقا لها ، وإن لم يكن قد دفع صداقا فلها ما يناسب مكانته الاجتماعية .
4- على المطلق أن يرد للمطلقة بائنتها ، وهى المال والمتاع وكل ما يكون مع المرأة عند ذهابها إلى بيت زوجها ، فهو ملك لها .
وفى قانون البابليين فى القرن الثالث قبل الميلاد ، يحكم على المرأة بالموت غرقا إذا هى قاومت الطلاق وثبت عليها أمام القضاء أنها مشاكسة مهملة. ( ) .

3- وعند البوذيين : الطلاق بيد الرجل ، أو باتفاق الطرفين ، ويكفى الرجل فى طلاق زوجته أن يقول لها :” إنها اتصفت بصفة سيئة يقدرها هو ، كأن تملأ البيت دخانا ، أو تكثر الكلام ، أو تزعج الكلاب بصوتها ” . ( )

4- وفى سيام :لا يباح الطلاق إلا مرة واحدة ، فإذا أراد الرجل بعد ذلك أن يتخلص من امرأة أخرى تزوجها فعليه أن يبيعها إذا وجد من يشتريها .

5- الطلاق فى بلاد الغرب القديمة :
أولا : الطلاق عند اليونانيين ( ) .
عرف اليونانيون القدماء الطلاق ، وكان عندهم بيد الزوج يوقعه لأى سبب ، دون إجراءات ، أما المرأة فلم يكن لها حق طلب الطلاق من القاضى إلا فى العصر الكلاسيكى .
ويؤكد حق الزوج فى طلاق زوجته عاملان :
أولهما : العقم لأن قصد الزواج هو النسل ، ويقول الأستاذ محمد فريد وجدى : إذا لم تلد المرأة بعد الزواج لمدة عشر سنين انفسخ العقد وحصل الطلاق من تلقاء نفسه . ( )
ثانيهما : الزنا ، بل إنه إذا شاع فسق الزوجات ، وتغاضى عنه الأزواج، فإن الزواج ينفسخ بقوة القانون .

6- الطلاق عند الرومان :
قبل صدور قانون الألواح الاثنى عشر سنة ( 451 ) قبل الميلاد ( ) كان الطلاق مكروها عند الرومان ، فكانوا يحاربونه ، إن لم يدع إليه داع من زنا المرأة ، أو شروعها فى سم الرجل ، أو تزييفها مفاتيح داره ، أو ادعاءها الولاية كذبا .
وقد كان الطلاق بيد الرجل يوقعه بالطريقة التى تزوج بها المرأة ، فلما صدر قانون الألواح الاثنى عشر أباح حرية الطلاق بدون قيد أو شرط ، فكثر الطلاق كثرة هائلة ، حتى كان النساء يعددن أعمارهن بعدد مرات طلاقهن ، وقد بلغ من تساهلهم فى شأن الطلاق أن أجاب أحد النبلاء ويدعى ” إميليوس ” لما سئل عن طلاق زوجته مشيرا إلى حذائه قائلا “أليس هذا الحذاء جميلا ، أليس جديدا ؟ ولكن لا يعرف أحد منكم أين يؤلمنى ” .