1.تحقيق العدالة:-

الجريمة عدوان على العدالة فيه معنى التحدي للشعور الاجتماعي لما تنطوي عليه من ظلم باعتبارها حرمانا للمجني عليه من حق له. فالعقوبة تهدف الى محو هذا العدوان من خلال الالم الذي يصيب المحكوم عليه في شخصه او ماله او حريته بالقدر الذي يقر المجتمع انه يقابل الاخلال الذي حدث فيه نتيجة لتصرف الجاني فهي تعيد التوازن القانوني الذي اختل نتيجة لارتكاب الجريمة وتشعر الجاني بانها ضرورية لسلوكه غير الاجتماعي وتكفل ارضاء الشعور الاجتماعي العام الذي تأذى بارتكاب الجريمة، وبذلك تتحقق عدالتها، وهذا يقتضي بداهة ان يكون الجاني مسئولا عن أعماله التي يقوم بها وان تكون العقوبة متناسبة مع درجة مسؤوليته. بحيث لا تكون مبالغا في شدتها ولا متساهلاً فيها (1).

2.المنع العام :-

ويقصد بالمنع العام اشعار الناس كافة عن طريق التهديد بالعقاب – بالألم الذي قد يلحق بهم اذا اقدموا على ارتكاب الجريمة. وتقوم فكر ة الردع العام على مواجهة الدوافع الاجرامية باخرى مضادة للاجرام حتى تتوازن معها او ترجح عليها فلا تتولد الجريمة، حيث ان الدوافع الاجرامية تتوافر لدى أغلب الناس وهي بقايا نوازع تتبع من الطبقة البدائية للإنسان فهي تخلق في المجتمع (إجراما كامناً) قد يتحول الى (اجرام فعلي) والعقوبة هي الحائل دون هذا التحول (2) بسبب الخشية من الالم. والاحساس بهذا الالم يتم من الاطلاع على العقوبة المجردة المنصوص عليها في القانون وثانيا من تطبيقا بواسطة القاضي وثالثا من تنفيذها بواسطة الإدارة العقابية (3).

3.المنع الخاص :

ويراد به اصلاح وتقويم اعوجاج الجاني عن طريق إزالة الخلل – الجسمي او النفسي او الاجتماعي – الذي افضى به الى ارتكاب الجريمة لمنعه من الاقدام على ارتكاب جريمة تالية مستقبلا، أي علاج الخطورة الاجرامية الكامنة في شخص المجرم. والمنع الخاص فيه خصوصية معينة هي انه منصب على شخص معين بذاته هو شخص المجرم ليغير من معالم شخصيته، و يكون لديه اعتياد سلوك الطريق المطابق للقانون أي يحقق التآلف بين شخصيته وبين المجتمع.

هدف العقوبة في قانون العقوبات العراقي :

يمكن القول بصفة عامة بان العقوبة في قانون العقوبات العراقي تقوم على حد كبير على أساس التوفيق بين فكرتي العدالة والمنفعة (المنع العام والمنع الخاص) في المعنى الذي صاغه انصار المدرسة التقليدية الجديدة. فالعقوبة كما جاءت في قانون العقوبات العراقي تسعى الى تحقيق العدالة بإنزال الم بالجاني يكفر به عن اثم ويهدأ به شعور السخط الذي تحدثه الجريمة في الجماعة. وهي تسعى كذلك سواء بتنفير غير الجاني من الجريمة، وصرفه عن التفكير في تقليده ووسيلتها في ذلك التخويف والارهاب (المنع العام) أو بإصلاحه بحيث لا يجد لديه الوازع على ارتكاب الجريمة او حتى بإقصائه عن المجتمع ان كان غير قابل للإصلاح (المنع الخاص)(4).

تهدف العقوبة في القانون الجنائي الاشتراكي الى حماية النظام الاجتماعي، نظام الدولة والملكية الشعبية العامة، وشخصية وحقوق المواطنين، وكل النظام الحقوقي الاشتراكي من الأفعال الاجرامية، ويتحقق هذا الهدف عن طريق تلافي ارتكاب جرائم جديدة سواء من قبل المجرم نفسه (المنع الخاص) او من قبل غيره (المنع العام). ان غاية العقوبة هي رفع الإنسان الى مستوى المسئولية الاجتماعية، وعليه يجب التركيز على قدرة الإنسان في توجيه ذاته وتربية نفسه، ولا تأتي الغاية المنشودة من مجرد العمل ضد المجرم، بل يتعين العمل مع المجرم، فلا جدوى من إذكاء الرهبة الحيوانية من العقوبة، بل لابد من حمل المجرم على تفهم خطته وضبط سلوكه وقد ظهر هذا المعنى واضحا في نصوص قوانين العقوبات الاشتراكية ومثال ذلك قانون العقوبات السوفيتي (1958) في المادة (20)، وقانون العقوبات اليوغسلافي (1951) في المادة (3)، – وقانون عقوبات ألمانيا الشرقية 1968، في المادة (23). انظر زاغورود نيكوف، سموليا رتشوك، بروفيكوف، المرجع السابق، 189. وانظر كذلك احمد فتحي سرور، أصول السياسة الجنائية ص129 – 130، دار النهضة العربية، 1972.

_______________________________

1-انظر محمود نجيب حسني، علم العقاب، دار النهضة العربية، 1967، ص98.انظر كذلك حسن صادق المرصفاوي، المرجع السابق، ص248.

2-انظر محمود نجيب حسني، المرجع السابق، ص100-101.

3-انظر احمد فتحي سرور، المرجع السابق، ص107 – 108.

4-انظر علي احمد راشد، موجز العقوبات ومظاهر تقرير العقاب، 1949، ص5 وانظر كذلك محمد الفاضل، المبادئ العامة في التشريع الجنائي، 1977، ص377.

المؤلف : علي حسين خلف – سلطان عبد القادر الشاوي
الكتاب أو المصدر : المبادئ العامة في قانون العقوبات

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .