جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 8 لسنة 1997 وتقرير اللجنة المشتركة، أن دول العالم كافة فى العصر الذى نعيش فيه تتسابق لجذب أعظم كم من الاستثمارات فى عالم التكتلات الكبرى التى لا تدع مجالا للعيش لأية دولة تتخلف عن المشاركة فى هذا السباق المحموم، وفى إطار سياسة الانفتاح الاقتصادى التى انتهجتها مصر منذ منتصف السبعينات، قامت الحكومة باتخاذ مجموعة من الاجراءات الكفيلة بخلق المناخ المناسب لدفع عجلة الاستثمار الخاص.

لقد بدأت الدولة فى منتصف 1987 فى تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي، وكان من أدوات هذا الاصلاح المؤثرة والحاسمة ” الأداة التشريعية ” من أجل تنظيم سلوك ونشاطات الأفراد والهيئات، وتوجيهها لما تسعى الحكومة إلى تحقيقه من غايات لصالح المجتمع ورفاهيته، كما جاء بتقرير اللجنة المشتركة أن الهدف من اصدار هذا القانون تشجيع تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية إلى مصر، فضلا عن تشجيع المصريين والشركات المصرية على المشاركة فى دفع عجلة التنمية والدخول فى هذه الاستثمارات، من أجل ذلك فقد حددت نصوص والقانون ولائحته التنفيذية حدود ومجالات الاستثمار فى أنشطة متعددة كاستصلاح واستزراع الأراضى والانتاج الحيوانى والداجنى والسمكى …. إلخ ، كما حددت أنواع الشركات التى تشارك فى إقامة الأنشطة سالفة الذكر والمنشآت الفردية والاجراءات اللازمة للاستثمار والترخيص، ومنحت هذه الشركات الكثير من حوافز الاستثمار المتمثلة فى الاعفاءات الضريبية عن الأنشطة التجارية والصناعية أو أرباح شركات الأموال، لمدد متفاوتة من خمس سنوات إلى عشرة أو عشرين عاما بحسب الأنشطة والأماكن التى تقام فيها تلك المشروعات، كما اشتملت هذه الحوافز على تمليك الأراضى المملوكة للدولة أوالأشخاص الاعتبارية العامة للأجانب والمصريين على السواء أيا كانت جنسية الأجنبى لإنشاء تلك المشروعات، وأنشأت المناطق الحرة التى يرخص فيها بإقامة المشروعات داخل البلاد فى ضوء ضوابط واردة باللائحة التنفيذية.

الإفراط فى الحوافز

وبقدر ما أفرط المشرع ــ ضمن هذا القانون ــ فى الحوافز للمستثمرين ومنحهم العديد من الضمانات القضائية، إذا ما نشأت نزاعات بينهم وبين الدولة تمثلت فى اللجوء إلى التحكيم أو إجازة الاتفاق على اللجوء إلى قانون المستثمر فى بلده، فقد خلا القانون من آية ضمانات حقيقية للدولة وشخصياتها الاعتبارية، أثناء التعامل مع المستثمرين ومحاسبتهم فى حال المخالفة، مما أفضى فى النهاية إلى عدم بلوغ الغاية المبتغاة من الاستثمار والمنصوص عليها فى مقدمات تقرير اللجنة المشتركة والمذكرة الايضاحية، بل وأدى ذلك إلى تعدد المخالفات من المستثمرين وترتب عليها ضياع الكثير من الأراضى وأموال الضرائب المفترضة على الدولة لغياب الجزاء التشريعى المناسب والرادع فى هذا القانون، لكل مستثمر مخالف فأفرغ القانون الاستثمار من مضمونه.

إن قانون حوافز الاستثمار شأن أى قانون ينظم علاقة بين طرفين لابد وأن يحقق التوازن بين حقوق والتزامات الطرفين، حتى لايجور طرف على آخر مهما بلغت الغايات المبتغاه من هذا القانون، خاصة أن المستثمر حينما يتجه إلى إقامة مشروع استثمارى فى بلد ما سواء كان وطنيا أو أجنبيا هو فى النهاية يقيمه بدافع الربح ويعلم مسبقا أن المشروع قابل للربح أو الخسارة، وإن رغب فى الربح وتجنب الخسارة، ومما يحقق له هذا الجانب هو سهولة اتخاذ الاجراءات وتمكينه من إقامة مشروعه فى يسر وسهولة وأمان كاف، ولايعنى ذلك التفريط فى أراضى الدولة وممتلكات الشعب بتمليكها خاصة للأجانب، ولكن يمكن تعديل النص الخاص بتخصيص الأرض بالنسبة للأجنبى بالاقتصار على حق الانتفاع لمدة من الزمن طالت أم قصرت بحسب الغرض من المشروع وإمكان استمراره، والفائدة التى تعود على البلد من هذا المشروع.

أما الإفراط فى منحه العديد من الميزات بإعفاءات ضريبية فذلك أمر لاتتحقق به مصلحة البلاد، وفى قانون الضرائب على الدخل السارى فى مصر من الاعفاءات والاجراءات ما يحقق المصلحة والعدالة الضريبية لكل من يقيم مشروعا تجاريا أو صناعيا يدر ربح على أرض مصر سواء كان مصريا أو أجنبيا.

اقترح تعديل القانون

ونقترح أن يتم تعديل نصوص قانون حوافز وضمانات الاستثمار بإلغاء الاعفاءات الضريبية الواردة به والاقتصار على انطباق الضرائب المفروضة على الدخل فى القانون 91 لسنة 2005 وما قد يحدث بها من تعديلات اتفاقا مع الدستور القائم، كما أقترح تعديل النص الخاص بتخصيص الأراضى التى يرخص بها لإقامة المشروعات ليقتصر على حق انتفاع للاجانب تتحدد له ضوابط وفقا لنوعية المشروع واستمراره، كما اقترح أن تتضمن نصوص قانون حوافز الاستثمار النص على العقوبات المدنية التى تطبق عند مخالفة المستثمر لشروط الترخيص الممنوح له، والتى تتمثل فى سحب أراضى المشروع من المستثمر سواءا كان وطنيا أو اجنبيا، وفى حالة كونه أجنبيا وضعه على قائمة الممنوعين من دخول البلاد أو ممارسة أى نشاط تجارى أو صناعى فيها، والنص على خضوع العلاقة القانونية بين الدولة والأجنبى الذى يباشر نشاطا استثماريا على أرض مصر للقانون المصرى فى كل ما يتعلق بهذا النشاط أو الأموال الناشئة عنه وجواز مصادرتها فى حال ثبوت المخالفة .

للمستشار مدحت سعد الدين

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .