الجرائم المعاقب علیھا بعقوبة الإعدام في التشریع الیمني :

لم یضع المشرع الیمني تعریفا معینا لعقوبة الإعدام سواء في قانون الجرائم و العقوبات أو الإجراءات الجزائیة بینما أرجع قانون الإجراءات الجزائیة ما لم یرد فیه نص إلى الشریعة الإسلامیة بتعریفه لعقوبة الإعدام في المادة ( 564 ) ” إزھاق ربح المحكوم علیھ جزاء محظور معاقب علیھ بالقتل أو الإعدام ، أو ھي ” إزھاق روح المجني علیه تنفیذا للحكم الصادر بذلك من المحكمة الجزائیة المختصة في مواجھته ” . (1)، فیما أشار قانون الإجراءات الجزائیة” الكتاب الخامس الباب الثاني ” إلى كیفیة تنفیذ عقوبات الإعدام ففي نص المادة ” 485 ” بین القانون أن ھناك ثلاثة أنواع لتنفیذ عقوبة الإعدام بقولھ :” تنفذ عقوبة الإعدام بقطع رقبة المحكوم علیھ بالسیف ، أو رمیا بالرصاص حتى الموت دون تمثیل أو تعذیب ، وفي حدود الحرابة (2) یعاقب قانون الجرائم والعقوبات لعام 1994 على عقوبة الإعدام في مجموعة من الجرائم منھا المعاقب علیھا بالإعدام قصاصا ومنھا المعاقب علیھا بالإعدام تعزیرا ، فقد نص المشرع على عقوبة الإعدام قصاصا في المادة 234 عقوبات والتي نصت على ” من قتل مسلم معصوما یعاقب بالإعدام ما لم یعف ولي الدم عفو مطلقا أو شرط الدیة أو مات الجاني قبل الحكم ، ولا اعتبار لرضا المجني علیه قبل وقوع الفعل .” كما نصت المادة 111 عقوبات على عقوبة الإعدام في حال نتج عن الأفعال الآتیة موت إنسان ، وھي الحریق والتفجیر تعریض وسائل النقل والموصلات للخطر ، إحداث الغرق و التلویث بالمواد السامة (3) لقد شمل قانون العقوبات الیمني فئتین من الجرائم التي شملتھم عقوبة الإعدام تغریرا ، بالنسبة للفئة الأولى فھي تشمل الجرائم المرتكبة من الأشخاص العادیین ولقد خصتھا المواد ( 234 ) و المادة ( 249 ) والمادة ( 280 ) والتي قررت عقوبة الإعدام في حال ارتكابھم الجرائم التالیة :

من سبق أن قتل عمدا وسقط عنه القصاص ، من تواطأ مع الغیر على ارتكاب جریمة أخرى غیر القتل ، من أخفى جریمة قتل عمدي ، أو قتل امرأة حاملا ، أو موظفا أثناء عمله أو بسبب عمله أو بمناسبة عمله ، من قتل شخصا مكلفا بخدمته عامة أثناء أداء خدمته أو بسبب أداء خدمته أو بمناسبة أدائھا ، أیضا تكون العقوبة الإعدام إذا صاحب الخطف أو تلاه قتل أو زنا أو لواط ، أیضا ینص القانون نفسه على عقوبة الإعدام تغریرا على الدیون إذا تكررت من الفاعل أكثر من مرة أو إذ رضي لزوجتھ بالفاحشة أو لمحرمة الأنثى أو لمن ھي تحت ولایته أو لمن یتولى ترتیبھا (4) أما فیما یخص الفئة الثانیة فقد خصتھا المواد ( 226 ) ،(227) (228) وقد شملت الجرائم التالیة رفض حمل السلاح أمام العدو وعدم استعمال السلاح الاختفاء عند مواجھة العدو أو الھرب أمامه ، ترك الموقع القتالي دون إذن والاستسلام للأسر ، بالإضافة إلى تحریض الغیر على رفض حمل السلاح أو على عدم استعماله ، أو التحریض على الاختفاء أو على الھرب أو على ترك الموقع أو على الاستسلام للأسر، كما تشیر ھذه المواد إلى توقیع عقوبة الإعدام على من قاوم رئیسه ونتج عن المقاومة موت رئیسه أو أي شخص أثناء تأدیة وظیفته ، وكل قائد في الشؤون العسكریة أو البحریة سلم للعدو قبل استفاء وسائل الدفاع المتوفرة أو أمر یوقف القتال أو إنزال العلم أو ترك أو سلم للعدو السفینة أو الطائرة أو أسلحة أو ذخائر أو حصنا أو موقعا أو میناء أو مطار أو غیر ذلك مما أعد للدفاع (5)

أما الجرائم المعاقب علیھا حدا فھي تشمل جریمة الزنا ، وتشمل زنا المحصن و زنا المحصنة ، اللواط من اللائط المحصن واللواط من الملوط بھ (6) . وجریمة الردة. إلى ما سبق ھناك الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام بغیا وھي الجرائم الماسة بأمن الدولة وعرفتھا المادة 124 ” بأنھا الخروج على الدولة مكابرة ” وتمكن ارتكابھا من العسكریین وغیر العسكریین ، أما المادة 128 فقد حددت بعض الأفعال العمدیة التي تكون عقوبتھا الإعدام والتي تتمثل في الخیانة والتجسس (7) بالإضافة إلى (المادة 127 ) وھي تعاقب بالإعدام على الأفعال التالیة : الالتحاق بالقوات المسلحة لدولة في حالة حرب مع الیمن إرشاد العدو ، ( وھنا لم تحدد على أي شيء یعد الإرشاد إلیه جریمة ) والمادة 129 تقرر عقوبة الإعدام في حالة الاشتراك مع الغیر في ارتكاب أي من الجرائم السابقة ، أو تحریض الغیر على ارتكاب . لقد وردت عقوبة الإعدام في مجموعة من المواد والتي تتمثل في : المادة ( 14 ) و ( 15 ) ، المادة 24 و 27 بالنسبة للمادة 14 فھي تقرر عقوبة الإعدام إذا كان الفاعل عدوا حربیا وحاول الدخول متنكرا بھدف التخریب أو التجسس إلى قاعدة عسكریة أو موقع حربي ، أو إلى مركز أو مؤسسة أو ورشة عسكریة أو إلى أي محل تابع للأمن أو للقوات المسلحة أو للشرطة .، مع ملاحظة أن عبارة أي محل تجعل الباب مفتوحا لعدد لا حصر له من عقوبات الإعدام (8). أما المادة ( 15 ) ، فھي تقرر عقوبة الإعدام بشأن العسكریین في عدة حالات من بینھا : تسلیم حامیة أو موقع أو مركز للعدو ، إلقاء أسلحة أو ذخیرة أمام العدو ، تسھیل دخوله إلى إقلیم الجمھوریة ، إفشاء أسرار الدولة لمصلحة العدو ، كل من قام بفعل الخیانة ، وكل من عرض الاستسلام أو الھدنة للعدو . تطرقت ھذه المادة للعدید من النقاط والأمور وفصلت المحالات التي تقررت فیھا عقوبة الإعدام ، فلقد قررت عقوبة الإعدام على كل من یقوم بإذاعة أخبار أو شائعات تثیر الرعب والفشل بین القوات ، وعلى كل من قام بعرقلة تقدم القوات المسلحة ، أو عرقلة نصرھا ، أو الإضرار بالعملیات القتالیة ، كما تطرقت المادة (24) والمادة (27) إلى مجموعة من الأعمال التي تلحق بفاعلھا عقوبة الإعدام كإحداث فتنة بین أفراد القوات المسلحة ینجم عنھا إزھاق نفس ، أما المادة ( 27 ) فھي أقرت عقوبة الإعدام على الأفعال الآتیة إذا حدثت عمدا ،إتلاف أو تعییب أسلحة أو سفن حربیة أو طائرات عسكریة أو منشآت أو وسائل مواصلات أو مرافق عامة (9) ولقد نص على عقوبة الإعدام في قانون مكافحة الإیجار والاستعمال غیر المشروعین للمخدرات والمؤثرات العقلیة القانون رقم 3 لعام 1993 حیث أقرت المواد ( 33 ،34، 41 ، 35 ،42 ) عقوبة الإعدام على مجموعة من الأفعال ، فالنسبة للمادة ( 33 ) فقد أقرت عقوبة الإعدام في حالة تصدیر مواد مخدرة بقصد الإیجار أو القیام بإنتاجھا لأغراض تجاریة أو استیراد أو في حالة صنع أو استخراج مادة مخدرة بقصد الإیجار، كما تقضي المادة ( 34 ) بعقوبة الإعدام على من امتلك أو حاز أو اشترى أو سلم للغیر مادة مخدرة بقصد الإیجار وأیضا من باع أو نقل مواد مخدرة للغرض نفسه ، كما تقرر عقوبة الإعدام على من زرع أو صدر أو استورد نباتا من النباتات الممنوع زراعتھا أو تصرف في مادة مخدرة مرخصة لغیر الأغراض المرخص بھا ، وكل من أدار مكان لتعاطي المخدرات أو قام بتھیئته أو إعداده تكون عقوبته المذكور والقتل العمد لأحد المستخدمین في تنفیذ القانون . (10) الإعدام ، أما فیما یخص المواد ( 35) ،(41) ،(42) فھي تعاقب بالإعدام على الأفعال التالیة على التوالي :

تقدیم مواد مخدرة لیتعاطاھا الغیر دون ترخیص ، أو تسھیل تعاطیھا ،الضرب المفضي للموت لأحد الموظفین العمومیین المكلف بتنفیذ قانون المخدرات ،القتل العمدي لأحد المواطنین القائمین على تنفیذ القانون. وأخیرا نص قانون مكافحة جرائم الاختطاف والتقطع لعام 1998 على مجموعة من الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام حیث تعاقب المادة الأولى بالإعدام على من تزعم عصابة للاختطاف أو للتقطع أو لنھب الممتلكات العامة أو الخاصة ، كما تعاقب بالإعدام على كل من اشترك في عصابة للقیام بالأعمال السابقة كما توقع الإعدام في حالة اختطاف وسیلة نقل ( جوي ، بحري ، بري ) ، نتج عنھ موت شخص سواء خارج الوسیلة أو داخلھا وھذا ما نصت علیه المادة ( 4) من نفس القانون ، كما تقتضي المواد ( 5،6، 7 ، 8) بتوقیع عقوبة الإعدام في حالة احتجاز رھینة نتج عنه موت شخص ،اختطاف احد الأفراد المكلفین بمكافحة جرائم الاختطاف ، النھب والتقطع ، ونجم عن ذلك وفاة المخطوف أو أحد أصوله ، أو احد فروعه ، أو زوجته . (11).

_______________

1- انظر:المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، عقوبة الإعدام في الوطن العربي، مؤلف جماعي ،تحت إشراف زارع (محمد) ،عمان ، المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، 2007 ، ص . 236

2- انظر: الإعدام بالحرابة : ھو تنفیذ عقوبة الصلب بربط المحكوم علیه بعد إعدامه في مكان ظاھر بحیث یراه الناس .

3- انظر: المقرن ( سمر) ، ص . 5 .

4- انظر: المنظمة العربية للإصلاح الجنائي ، المرجع السابق ،ص . 242 .

5- انظر: المرجع السابق ،ص . 244

6- انظر : المقرن ر(سمر) ، المرجع السابق ، ص . 5.

7- انظر: عبد الخالق حجر ( أمین) ، عقوبة الإعدام في الیمن ، مقال مأخوذ من موقع المرصد العربي لمناھضة عقوبة الإعدام ، متوفر على www.achrs.org

8- انظر: المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، المرجع السابق ، ص 250.

9- انظر: المرجع نفسه ، ص . 237 .

10- انظر: الشھارى ( ھیفاء) ، عقوبة الإعدام في الیمن ، المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، 2007 ،ص . 258 .

11- انظر: المرجع السابق ، ص. 259.

ضمانات عقوبة الإعدام في القانون الیمني :

تضمن القانون الیمني عقوبة الإعدام كجزاء على مجموعة من الجرائم ، فھل اتبعھا بمجموعة من الضمانات إن كان كذلك ففیما تمثلت ھذه الضمانات ؟ أورد القانون الیمني ضمانات أثناء سیر المحاكمة وأخرى قبل التنفیذ وضمانات بعد التنفیذ حیث نص قانون العقوبات الیمني على عدم تنفیذ عقوبة الإعدام للأشخاص ما دون سن الثامنة عشرة . ولقد نص قانون الإجراءات الجزائیة على وجوب الطعن في الجرائم التي یعاقب علیھا بالإعدام ، مع وقف التنفیذ في الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام أثناء الطعن من قبل الأولیاء أو النیابة حیث یترتب على الطعن بالنقض وقف تنفیذ الحكم إلا إذا كان في القصاص أو الحد كما یجوز للمحكمة أن توقف الحكم إذا رأت مبررا لذلك. (1) وھناك إجراءات تكون بعد صدور الحكم البات بالإعدام وقبل تنفیذ الحكم وھي تتمثل في أن المحكمة العلیا إذا حكمت بالإعدام فعلیھا إرسال صورة من الحكم للنائب العام لیتولى إرساله إلى رئیس الجمھوریة مع تقریر شامل عن القضیة خلال عشرة أیام من تاریخ استلام الحكم من المحكمة العلیا لاستدار القرار بالمصادقة ، حیث لا تنفذ الأحكام الصادرة بالإعدام إلا بعد مصادقة رئیس الجمھوریة على الحكم وإعلان ورثة المجني علیه أو المدعي بالحق الشخص لحضور التنفیذ ،كما یجوز لأقارب المحكوم علیه بالقتل مقابلة المحكوم علیه بالإعدام في الیوم الذي یعین لتنفیذ الحكم على أن یكون ذلك بعیدا عن محل التنفیذ. وفي حالة المرأة الحامل یؤجل حتى تضع حملھا ، و المرضع إلى أن تتم رضاعة ولیدھا في عامین(2) . ما یلاحظ على ھذه الإجراءات التي سماھا القانون الیمني ضمانات ما ھي إلا بعض الإجراءات الشكلیة التي لا تصنف للمحكوم علیه بالإعدام إلا الكیفیة التي یتم إعدامه بھا وفق إجراءات رسمیة وھي :

یجب صدورا لقرار النھائي من النائب العام حیث یتم التنفیذ بحضور احد أعضاء النیابة العامة وكاتب التحقیق واحد ضباط الشرطة والطبیب المختص ویجوز حضور ورثة المجني علیه أو المدعي بالحق الشخصي وممثل الدفاع عن المحكوم علیه كما یجب أن یتلى منطوق الحكم الصادر بالعقوبة والتھمة في مكان التنفیذ بمسمع من الحاضرین ویحرر محضرا بأقوال المحكوم علیه .أما عن طریقة التنفیذ فتكون بالسیف أو رمیا بالرصاص حتى الموت دون تعذیب وإذا كانت عقوبة الإعدام صلبا تكون بربط المحكوم علیه بعد إعدامه في مكان ظاھر بحیث یراه الناس المدة التي یقررھا الحكم على ألا تزید على ثلاثة أیام ، أما إذا كانت بالرجم فتكون بالحجارة حتى الموت ویحضر الشھود لحضور التنفیذ ویساھمون في التنفیذ . وكغیره من التشریعات فالقانون الیمني یحظرتنفید عقوبة الإعدام في أیام الأعیاد الرسمیة أو الخاصة بدین المحكوم علیه ، وتتاح فرص العفو في جرائم القصاص بدفع الدیة حتى صباح یوم التنفیذ ، ما یتاح حضور فاعلي الحیز والمتبرعین لإقناع أولیاء الدم بالعفو أخیرا تدفن الحكومة جثة المحكوم علیه في حالة عدم وجود أقارب (3)

___________________

1- انظر: الشھارى ( ھیفاء) ، عقوبة الإعدام في الیمن ، المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، 2007 ، ص . 261 .

2- انظر: القدسي ( بارعة ) ، عقوبة الإعدام في القوانین الوضعیة والشرائع السماویة ، مجلة دمشق ، المجلد 19 ، العدد الثاني ، 2003 ، ص 22.

3- انظر: المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، عقوبة الإعدام في الوطن العربي ، دراسة حول عقوبة الإعدام في بعض . الدول العربیة ، 20 ، ص 270

المؤلف : جودي زينب
الكتاب أو المصدر : عقوبة الاعدام بين التشريعات الوطنية والقانون الدولي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .