– استقلالية المؤسسات العمومية
تميّز النصف الثاني من عشرية الثمانينات بوضعية اقتصادية صعبة، خلالها ظهر تأثير انخفاض أسعار البترول بالإضافة إلى انخفاض القدرة الشرائية للدولار على عملية التنمية، نتج عن هذا ركود في الاقتصاد، كما ظهرت عدة نتائج سلبية كارتفاع الأسعار للموارد الأساسية والاختفاء التام لبعضها من السوق الوطنية، استفحال السوق السوداء، ارتفاع معدل التضخم.

هذه المشاكل أدخلت المجتمع في دوامة عدم الاستقرار، كل هذا دلالة على فشل الإصلاحات الهيكلية التي طبقت على المؤسسات العمومية، هذه الأوضاع جعلت الحكومة تعمل على إعطاء مسيّري المؤسسات حرية اتخاذ القرار والمبادرة وفق ما تمليه قواعد المتاجرة وميكانزمات السوق، وفي إطار توجيهات الميثاق الوطني وقرارات اللّجنة المركزية للحزب في دورتها المنعقدة في28/12/1987 بادرت الحكومة سلسلة من الإصلاحات تتعلق بتنظيم الاقتصاد الوطني.

وموضوع هذه الإصلاحات ينصبّ على المؤسسة العمومية وعليه تشكل نظام جديد تمثل في استقلالية المؤسسات.
يعني استقلال المؤسسة منحها مزيد من الحرية والمبادرة في إطار العمل للتجسيد الفعلي للامركزية[1].

وقد تجسدت مجموعة الأعمال المتعلقة باستقلال المؤسسات في مشاريع قوانين منحها مجلس الوزراء خلال شهر سبتمبر 1987 وصادق عليها المجلس الشعبي الوطني في ديسمبر 1987، وفي 12 جانفي صدر ستة قوانين* وبها بدأت مرحلة التطبيق التي حدّدت الحكومة شروطه ومخططه في مارس 1988 وهو يتضمن ثلاثة مراحل[2]:

– المرحلة الأولى: في السداسي الاول من 1988 وتعلقت بصناديق المساهمة؛

– المرحلة الثانية: تضمنت وضع نظام تشريعي نهائي ونقل المؤسسات إلى نظام الاستقلالية؛
– المرحلة الثالثة: بدأت مع مطلع 1989 وفي هذه الفترة عرف التخطيط نظام جديد يقوم على ثلاثة مستويات. المخطط قصير المدى للمؤسسات، المخطط الفرعي، المخطط الوطني.

وفي هذا الإطار- النظام الجديد- أصبحت المؤسسة العمومية الاقتصادية ذات هيئة مستقلة منقسمة إلى هيئتين هما: الجمعية العامة، مجلس الإدارة، وهكذا تصبح المؤسسة العمومية الاقتصادية هي شخص معنوي وفقا للقانون التجاري وهي شركات ذات مسؤولية محدودة أو شركات المساهمة يكون رأس مالها من رأس مال الدولة أو الجماعات المحلية.

2-4-1- نتائج استقلالية المؤسسات
إنّ إصلاح استقلالية المؤسسات جاءت في فترة المخطط الخماسي الثاني، ولهذا كان الإهتمام منصبّ على تطابق أهداف المؤسسة مع أهداف المخطط.

إذا رجعنا إلى واقع المؤسسة العمومية نجد أنّها تفتقر للطاقات اللازمة لضمان تناسق مخططها مع المخطط الوطني، حيث أنّ مستوى التأهيل بالمؤسسة يميل على العموم إلى مستوى متوسط وأنّ العجز في التأطير يبدو واضحا خصوصا على مستوى المؤسسات المحلية، وجل المؤسسات التي تحوّلت إلى النظام الجديد دون توفير الإجراءات اللازمة والمتمثلة في:

– عدم استكمال العمليات الخاصة بتوزيع ذمم المؤسسات المهيكلة؛
– التأخر في إعداد الإجراءات القانونية المدعمة للاستقلالية؛
– عدم وضوح الآليات الاقتصادية للجهاز المالي للمؤسسات؛
وهكذا لم تتحقق الأهداف المنتظرة من استقلالية المؤسسات بصفة مرضية سواء من ناحية تحسين المردودية والنتائج المالية، أو فيما يخص الطاقات الإنتاجية.

إنّ عدد المؤسسات التي طلبت القروض بدأ يتزايّد من ثلاثي لآخر حيث بلغت 66.5% خلال الثلاثي الأول ثم 80.9% خلال الرابع من سنة 1989، إنّ معدل النمو للناتج الداخلي للسنوات الثلاث 89- 1991 كان بمتوسط 1.4% وهو معدّل نمو ضعيف، هذا دلالة على عجز جهاز الإنتاج والذي يرجع حسب اعتقادنا إلى ضعف وانخفاض استقلال معدّل الطاقة ة الإنتاجية وهو ما أكده برنامج الحكومة لسنة 1992.

3- تطوّر المديونية الخارجية للجزائر 74-1989
الاستدانة هي عملية يلتجأ إليها الشخص عندما يكون عاجزا عن تغطية متطلبات الإنفاق اعتمادا فقط على موارده المالية الخاصة.

نظرا لارتفاع قيمة الواردات الجزائرية بسبب التضخم والنمو السريع للطلب بالإضافة إلى التضخم العالمي الذي مسّ المبادلات الدولية بخسائر كبيرة لبلدان العالم الثالث ومنها الجزائر، الأمر الذي دفع الدولة إلى طلب قروض خارجية لمواجهة نفقات التنمية خلال الفترة 67- 1979.

لقد بلغت المديونية العامة[3] للجزائر خلال سنة 1974، 6 مليار دولار، وقد وصلت سنة 1978 إلى 20 مليار دولار ثمّ 26 مليار دولار سنة1979، بالرغم من أنّ الديون المستحقة تبدو أقل من الديون المتعاقد عليها ، إلاّ أنها أبقيت خلال السبعينات مرتفعة، حيث بلغت الديون الخارجية 3.3% مليار دولار أي ما يعادل 29% من الناتج الداخلي الخام، أين ارتفعت هذه النسبة إلى 56% من الناتج الداخلي الخام سنة 1979 وهذا ما يوضحه الجدول التالي:

جدول رقم 03 : الديون الخارجية الجزائرية للفترة 74- 1979
الوحدة: مليون دولار